السبت 8 مارس 2025 الموافق لـ 8 رمضان 1446
Accueil Top Pub

لغة بيضاء

أغفل «الخبراء» لغة  أخرى تفيد في التعلّم لأنها أسبق و أعمق من لغة الأم، لغة اهتدى إليها الكائن في عمائه  الأول، قبل أن يتعلّم الأسماء كلّها، وهي قبل ذلك معفاة من الرسوم الايديولوجية ومن النوايا السياسية السيئة وبالتالي تبدو مفيدة في مجتمع “متوجّس” كالمجتمع الجزائري.
هذه اللغة قد تحمي ساسة المستقبل والمطربين ولاعبي كرة القدم من التلعثم  أمام الميكروفونات والكاميرات وتجنبهم تلك التصريحات البغيضة التي يسمعها الناس ولا يعرفون ماذا تعني، تلك التصريحات التي تثير السخرية من الإنسان الجزائري الذي لا يقول شيئا حين يتكلم أو يقول شيئا  وهو يعني غيره.
ومن شأن تعليم هذه  اللغة لشعب المستقبل تجنيبه الاضطراب اللغوي الذي عرفه الأسلاف والذي يحيل إلى اضطرابات أخرى عميقة ليست اللغة سوى إحدى مظاهرها. لأن اللغة المقترحة هنا تستبدل منظومة النطق برمتها وتعفي مواطن المستقبل من إصدار الصوت وكل ما يسبق العملية من مجهود عصبي.
نعم، ثمة معركة قديمة تتجدد في الجزائر حول اللغة تكشف عن عدم حسم في الهوية . المعركة تثيرها في كل مرة  نخب مؤثرة  لا تتقن سوى لغة وحيدة تنظر بها إلى العالم  هي اللغة الفرنسية، تعتقد هذه النخب أن العربية هي لغة التخلف والدين وأن الإرهاب والتطرف خرجا من رحمها وفي الجهة المقابلة تنتفض قوى محافظة لا تنظر إلى العربية كلغة بل كإرث رباني وجبت حمايته من العدوان. وخلف غبار هذه المعركة يضيع الإنسان الجزائري بين عباءات كثيرة  قد لا تكون بينها عباءته الحقيقية.
الطرف الأول يسيطر على مقاليد الإدارة  وفيه من المتعصبين والأصوليين الذين لا يقبلون لغة أخرى إلى جانب “لغتهم الأم” بما في ذلك الانجليزية التي هي لغة العالم ويمارس نوعا من المكارتية على الكوادر “المعربة” حتى ولو كانت تتقن خمسين لغة أخرى والمحمود في الرجال هنا هو من يتقن الفرنسية ولا يعرف العربية. والطرف الثاني يعتقد أنه مستهدف في وجوده من طرف لغة يحاول  المستعمر الاستمرار من خلالها في الجزائر. والمعركة في الأساس معركة سياسية ومعركة مصالح ومواقع ولا علاقة لها بالنقاش حول مستقبل الإنسان الجزائري  الذي خرّبه أصحاب قرار تعوزهم العلوم والمعارف.
ملاحظة
أغفل «الخبراء» لغة الإشارة التي قد تكون الأنسب للجزائريين، لأنها لا شرقية ولا غربية  أي بدون خلفيات وبدون ايديولوجيات.

سليم بوفنداسة

 

المزيد من الأعمدة

هوس فرنسي

تحوّلت الجزائر، هذه الأيام، إلى «لازمة» على ألسنة السّاسة والنّخب في فرنسا، وإلى موضوع أثيرٍ على...

  • 24 فبراير 2025
«واقعيّة قذرة»

لن تهنأ الإنسانيّة بعائدات التطوّر العلمي الذي يفترض أن يساعد في حلّ المشكلات ويجعل الحياة أيسر...

  • 17 فبراير 2025
العالمُ برواية «ماسك»!

تحوّل الملياردير الأمريكي إيلون ماسك إلى كابوسٍ حقيقيٍّ يُؤرّق ساسةً وصنّاعَ قرارٍ في أوروبا، وفق...

  • 20 جانفي 2025
سوارٌ إلكتروني

ظلّت الثقافة على الدوام من أدوات الهيمنة التي تستخدمها قوى استعمارية، في آلية فكّكها إدوارد سعيد...

  • 13 جانفي 2025
حياة في الثقافة

غادر بوداود عميّر فجأة، بعد أن لمّح إلى غيّابٍ مُؤقّت اتقاء شرّ مُنتحلٍ سرق هويّته، قبل أن ينجح...

  • 23 ديسمبر 2024
أبوابٌ ونوافذٌ

بيّنت الأحداث الأخيرة، التي استخدم فيها طرفٌ أجنبيٌّ، كاتبين جزائريين ضدّ بلدهم الأم، في حرب...

  • 09 ديسمبر 2024
صوتُ الحياة

شاخ الوقتُ حولها لكنّها ظلّت في مقتبل الصّبا تسقي الدهشة وتشيعها، لأنّ المنادي الذي نادى النّاس...

  • 25 نوفمبر 2024
المُنمركون !

يصعبُ توقّع ما ستكون عليه الحياة بعد سنوات قليلة، نتيجة التدخّل المفرط للتكنولوجيا فيها، الذي لا...

  • 18 نوفمبر 2024
لا تلوموا أسامة!

يطرحُ الإقبال "غير المتوقّع" على الكاتب السعودي أسامة المسلم في صالون الجزائر الدولي للكتاب،...

  • 11 نوفمبر 2024
«لأسبابٍ سياسيّة» !

قبل سويعات من الكشف عن الفائز بجائزة الغونكور، أمس، نقلت وكالة الأنباء الفرنسية عن ناشرٍ قوله، إن...

  • 04 نوفمبر 2024
الصّورة و النّص

عاش كاتب ياسين حياةً قليلة وبسيطة، عانى فيها من "سوء الفهم" و الأسطرة، فضلا عن الجدل الذي لم يفتر...

  • 28 أكتوير 2024
المُستريحون

تُخفي الفرحةُ بموت أحدٍ، حالة قهرٍ عاشها الفَرِحُ في وجود الرّاحل الذي حقّقت ميتتُه زوال غمٍّ،...

  • 21 أكتوير 2024
طفولــة

سليم بوفنداسة ينشغلُ عددٌ غير قليل من الجزائريين بنظرة الآخر التي تتحوّل إلى مصدر فخرٍ أو سبب...

  • 15 أكتوير 2024
ضرورة الفرز

سليم بوفنداسة لا يواجه الأدب الجزائري مشاكل في التلقي فحسب بل يواجه أيضًا مشاكل في الكتابة...

  • 01 أكتوير 2024
سُقــــوط

سليم بوفنداسة فرضت ثقافة السّوق التي تهيمن على عالمنا المعاصر نمطًا جديدًا من النّخب، تنتجه...

  • 24 سبتمبر 2024
حارةُ المُؤثرين

هل تستطيعُ وسائطُ التّواصل الاجتماعيّ حمل الخِطاب الثقافيّ، وهل يسلمُ، في حال استخدامها من الخِفّة التي تفرضها...

  • 17 سبتمبر 2024
المهيمنُ لا يتحرّج

لا يستريحُ القتلةُ في الصيّفِ، فكلّ الفصول مُناسبة لإراقة الدم، ولعلّهم نجحوا في تحويل المقتلة...

  • 29 جويلية 2024
كرمٌ مُعلن

يمكن اعتبار الاحتفاء بالناجحين علامة صحيّة، لما في ذلك من تقديرٍ للعلم ومُحصّليه، شرط أن يكون...

  • 22 جويلية 2024
محنة الرواية!

تعرّضت الكاتبة إنعام بيّوض إلى حملة تشهير بالغة السوء على مواقع التواصل الاجتماعي، بعد نشر صوّر...

  • 15 جويلية 2024
محاذير الفرح!

أثار الفرح "المبالغ فيه" بالنّجاح في مختلف امتحانات نهاية السنة، الجدل بين مناصرين للحقّ في...

  • 01 جويلية 2024
Articles Side Pub
Articles Bottom Pub
جريدة النصر الإلكترونية

تأسست جريدة "النصر" في 27 نوفمبر 1908م ، وأممت في 18 سبتمبر 1963م. 
عربت جزئيا في 5 يوليو 1971م (صفحتان)، ثم تعربت كليًا في 1 يناير 1972م. كانت النصر تمتلك مطبعة منذ 1928م حتى 1990م. أصبحت جريدة يومية توزع وتطبع في جميع أنحاء الوطن، من الشرق إلى الغرب ومن الشمال إلى الجنوب.

عن النصر  اتصل بنا 

 

اتصل بنا

المنطقة الصناعية "بالما" 24 فيفري 1956
قسنطينة - الجزائر
قسم التحرير
قسم الإشهار
(+213) (0) 31 60 70 78 (+213) (0) 31 60 70 82
(+213) (0) 31 60 70 77 (+213) (0) 6 60 37 60 00
annasr.journal@gmail.com pub@annasronline.com