السبت 21 ديسمبر 2024 الموافق لـ 19 جمادى الثانية 1446
Accueil Top Pub

كاتبٌ جزائري

لم ينل كاتبٌ جزائريٌّ الحظّ الذي ناله كاتب ياسين من الاهتمام والدراسة وحتى الجدل الذي لا زال يشتعلُ بين الحين والحين بشأن مواقفه، رغم مرور سنواتٍ طويلة على رحيله. وقد مكّن بذلك الكتّاب الجزائريين من سلطة رمزيّة عكسها حضوره في الحياة العامّة، لكنّ ذلك لا يعني الانتشار الجماهيري لأدبه، وهو ما أدركه صديقه محمد ديب الذي دعا إلى الفصل بين أقوال كاتب وكتاباته، لأنّ ياسين الإنسان جمع في شخصه بين صفتي الملاك والصّعلوك، و نظرًا لسوء تلقي ما يصدر عن الفنان حين تطغى صفتُه الثانيّة، يستحسنُ وضع فاصلٍ بين النتاج الأدبي والمواقف، وربما التقت دعوة ديب مع نصيحة قيل أن بومدين أسداها لياسين في رسالة فحواها: اكتب واسكت!
و رغم العواصف التي أثارتها تصريحاته بشأن الهوية وبعض الخيارات السياسيّة يُحسبُ له أنّه ظل متمسكا بجزائريته وغير قابل للاستقطاب أو الإغراء  كما يُحسب له  أنّه لم يهادن المؤسّسة الكولونيالية قبل الاستقلال وبعده، رغم أنّه كتب بالفرنسيّة، وقد امتلك الشجاعة مبكرًا ليُعرّف الفرنسيين بالكاتب الجزائري، بإسقاط الصّفة عن المنتمين إلى "مدرسة الجزائر" وعلى رأسهم ألبير كامي، الذي عقد ياسين مقارنة مُذهلة بينه وبين وليام فولكنر الذي نجح في كتابة ملحمة الجنوب الأمريكي وهو ابن " كولون" في حين محا كامي الجزائريين من أدبه ولم يمنحهم الكلمة في نصوصه، بل وانحاز إلى السّلطة الاستعمارية حين جدّ الجد.
وكان يمكنُ أن ينبّه هذا الموقف بعض الكتّاب المتأخرين الذين كتبوا بالفرنسيّة وحاولوا خطب ودّ المؤسسة النيوكولونيالية، في ثورة مضادة منحتهم البريق لبعض الوقت وحوّلتهم إلى منتجي خطاب "عدائي"  لا يمكن تبريره بعدم التأقلم مع المحيط الاجتماعي و مُعارضة النظام السياسي والتطلّع إلى الحرية، لأن بيع القلم واعتناق خطّ مانحي الجوائز والأمجاد السريعة، يتعارض مع مفهوم الحريّة ويتحوّل إلى "ولاء" بكلّ ما يظهره ويضمره  من وجوهٍ قبيحة.
و الاعتراض على توجهات لن يكون، على الإطلاق، دافعًا لهجاء الاستقلال وتمجيد الاستعمار والتغني بفضله،  كما يفعل "متأخرون" بلغ الأمر ببعضهم حدّ  الانتصار لكيان عنصري وديني محتل في صورة الكيان الصهيوني الذي يستعمل أذرعه الناعمة في فرنسا، تحديدًا، لاستقطاب كتّابٍ وفنانين، في محاولة للتغطيّة على مأزقه الأخلاقي.
لقد بقيّ ياسين مشتعلًا، بإنتاجه القليل وصوته المرتفع، وانطفأ الطارئون بمجرّد ما رغب المخرج في تغيير ممثلي المسرحيّة.
سليم بوفنداسة

المزيد من الأعمدة

أبوابٌ ونوافذٌ

بيّنت الأحداث الأخيرة، التي استخدم فيها طرفٌ أجنبيٌّ، كاتبين جزائريين ضدّ بلدهم الأم، في حرب...

  • 09 ديسمبر 2024
صوتُ الحياة

شاخ الوقتُ حولها لكنّها ظلّت في مقتبل الصّبا تسقي الدهشة وتشيعها، لأنّ المنادي الذي نادى النّاس...

  • 25 نوفمبر 2024
المُنمركون !

يصعبُ توقّع ما ستكون عليه الحياة بعد سنوات قليلة، نتيجة التدخّل المفرط للتكنولوجيا فيها، الذي لا...

  • 18 نوفمبر 2024
لا تلوموا أسامة!

يطرحُ الإقبال "غير المتوقّع" على الكاتب السعودي أسامة المسلم في صالون الجزائر الدولي للكتاب،...

  • 11 نوفمبر 2024
«لأسبابٍ سياسيّة» !

قبل سويعات من الكشف عن الفائز بجائزة الغونكور، أمس، نقلت وكالة الأنباء الفرنسية عن ناشرٍ قوله، إن...

  • 04 نوفمبر 2024
الصّورة و النّص

عاش كاتب ياسين حياةً قليلة وبسيطة، عانى فيها من "سوء الفهم" و الأسطرة، فضلا عن الجدل الذي لم يفتر...

  • 28 أكتوير 2024
المُستريحون

تُخفي الفرحةُ بموت أحدٍ، حالة قهرٍ عاشها الفَرِحُ في وجود الرّاحل الذي حقّقت ميتتُه زوال غمٍّ،...

  • 21 أكتوير 2024
طفولــة

سليم بوفنداسة ينشغلُ عددٌ غير قليل من الجزائريين بنظرة الآخر التي تتحوّل إلى مصدر فخرٍ أو سبب...

  • 15 أكتوير 2024
ضرورة الفرز

سليم بوفنداسة لا يواجه الأدب الجزائري مشاكل في التلقي فحسب بل يواجه أيضًا مشاكل في الكتابة...

  • 01 أكتوير 2024
سُقــــوط

سليم بوفنداسة فرضت ثقافة السّوق التي تهيمن على عالمنا المعاصر نمطًا جديدًا من النّخب، تنتجه...

  • 24 سبتمبر 2024
حارةُ المُؤثرين

هل تستطيعُ وسائطُ التّواصل الاجتماعيّ حمل الخِطاب الثقافيّ، وهل يسلمُ، في حال استخدامها من الخِفّة التي تفرضها...

  • 17 سبتمبر 2024
المهيمنُ لا يتحرّج

لا يستريحُ القتلةُ في الصيّفِ، فكلّ الفصول مُناسبة لإراقة الدم، ولعلّهم نجحوا في تحويل المقتلة...

  • 29 جويلية 2024
كرمٌ مُعلن

يمكن اعتبار الاحتفاء بالناجحين علامة صحيّة، لما في ذلك من تقديرٍ للعلم ومُحصّليه، شرط أن يكون...

  • 22 جويلية 2024
محنة الرواية!

تعرّضت الكاتبة إنعام بيّوض إلى حملة تشهير بالغة السوء على مواقع التواصل الاجتماعي، بعد نشر صوّر...

  • 15 جويلية 2024
محاذير الفرح!

أثار الفرح "المبالغ فيه" بالنّجاح في مختلف امتحانات نهاية السنة، الجدل بين مناصرين للحقّ في...

  • 01 جويلية 2024
«ترندينغ»

تكفّلت مواقع التواصل الاجتماعي بترتيب اهتمامات "الرأي العام"، مُنهية بذلك احتكار وسائل الإعلام...

  • 24 جوان 2024
سِرُّ مالك!

بقدر الدهشة التي تخلّفها جُملته، بقدر الحسرة التي ينتهي إليها قارئه، حسرة على عدم اكتمال قصّة وعلى الصّمت...

  • 03 جوان 2024
«الطريق»

توفر الوسائط التكنولوجيّة "حياةً جديدةً" للإبداع، من خلال القنوات التي تفتحها مع المتلقّي، مختصرةً الجهد والوقت...

  • 27 ماي 2024
الفيلسوف متوحشا

أصاب الحراك الطلّابي في الغرب، الفيلسوف الفرنسي الصهيوني الهوى ألان فينكلكروت بالرّعب، إلى درجة...

  • 20 ماي 2024
الخروج من حُجرة الكتابة

خرج بول أوستر من "حجرة الكتابة" تاركًا أبطاله لمصائرهم الغامضة وشعبًا يتيمًا في مختلف اللّغات، هو...

  • 06 ماي 2024
Articles Side Pub
Articles Bottom Pub
جريدة النصر الإلكترونية

تأسست جريدة "النصر" في 27 نوفمبر 1908م ، وأممت في 18 سبتمبر 1963م. 
عربت جزئيا في 5 يوليو 1971م (صفحتان)، ثم تعربت كليًا في 1 يناير 1972م. كانت النصر تمتلك مطبعة منذ 1928م حتى 1990م. أصبحت جريدة يومية توزع وتطبع في جميع أنحاء الوطن، من الشرق إلى الغرب ومن الشمال إلى الجنوب.

عن النصر  اتصل بنا 

 

اتصل بنا

المنطقة الصناعية "بالما" 24 فيفري 1956
قسنطينة - الجزائر
قسم التحرير
قسم الإشهار
(+213) (0) 31 60 70 78 (+213) (0) 31 60 70 82
(+213) (0) 31 60 70 77 (+213) (0) 6 60 37 60 00
annasr.journal@gmail.com pub@annasronline.com