الاثنين 16 سبتمبر 2024 الموافق لـ 12 ربيع الأول 1446
Accueil Top Pub

كاتبٌ جزائري

لم ينل كاتبٌ جزائريٌّ الحظّ الذي ناله كاتب ياسين من الاهتمام والدراسة وحتى الجدل الذي لا زال يشتعلُ بين الحين والحين بشأن مواقفه، رغم مرور سنواتٍ طويلة على رحيله. وقد مكّن بذلك الكتّاب الجزائريين من سلطة رمزيّة عكسها حضوره في الحياة العامّة، لكنّ ذلك لا يعني الانتشار الجماهيري لأدبه، وهو ما أدركه صديقه محمد ديب الذي دعا إلى الفصل بين أقوال كاتب وكتاباته، لأنّ ياسين الإنسان جمع في شخصه بين صفتي الملاك والصّعلوك، و نظرًا لسوء تلقي ما يصدر عن الفنان حين تطغى صفتُه الثانيّة، يستحسنُ وضع فاصلٍ بين النتاج الأدبي والمواقف، وربما التقت دعوة ديب مع نصيحة قيل أن بومدين أسداها لياسين في رسالة فحواها: اكتب واسكت!
و رغم العواصف التي أثارتها تصريحاته بشأن الهوية وبعض الخيارات السياسيّة يُحسبُ له أنّه ظل متمسكا بجزائريته وغير قابل للاستقطاب أو الإغراء  كما يُحسب له  أنّه لم يهادن المؤسّسة الكولونيالية قبل الاستقلال وبعده، رغم أنّه كتب بالفرنسيّة، وقد امتلك الشجاعة مبكرًا ليُعرّف الفرنسيين بالكاتب الجزائري، بإسقاط الصّفة عن المنتمين إلى "مدرسة الجزائر" وعلى رأسهم ألبير كامي، الذي عقد ياسين مقارنة مُذهلة بينه وبين وليام فولكنر الذي نجح في كتابة ملحمة الجنوب الأمريكي وهو ابن " كولون" في حين محا كامي الجزائريين من أدبه ولم يمنحهم الكلمة في نصوصه، بل وانحاز إلى السّلطة الاستعمارية حين جدّ الجد.
وكان يمكنُ أن ينبّه هذا الموقف بعض الكتّاب المتأخرين الذين كتبوا بالفرنسيّة وحاولوا خطب ودّ المؤسسة النيوكولونيالية، في ثورة مضادة منحتهم البريق لبعض الوقت وحوّلتهم إلى منتجي خطاب "عدائي"  لا يمكن تبريره بعدم التأقلم مع المحيط الاجتماعي و مُعارضة النظام السياسي والتطلّع إلى الحرية، لأن بيع القلم واعتناق خطّ مانحي الجوائز والأمجاد السريعة، يتعارض مع مفهوم الحريّة ويتحوّل إلى "ولاء" بكلّ ما يظهره ويضمره  من وجوهٍ قبيحة.
و الاعتراض على توجهات لن يكون، على الإطلاق، دافعًا لهجاء الاستقلال وتمجيد الاستعمار والتغني بفضله،  كما يفعل "متأخرون" بلغ الأمر ببعضهم حدّ  الانتصار لكيان عنصري وديني محتل في صورة الكيان الصهيوني الذي يستعمل أذرعه الناعمة في فرنسا، تحديدًا، لاستقطاب كتّابٍ وفنانين، في محاولة للتغطيّة على مأزقه الأخلاقي.
لقد بقيّ ياسين مشتعلًا، بإنتاجه القليل وصوته المرتفع، وانطفأ الطارئون بمجرّد ما رغب المخرج في تغيير ممثلي المسرحيّة.
سليم بوفنداسة

المزيد من الأعمدة

المهيمنُ لا يتحرّج

لا يستريحُ القتلةُ في الصيّفِ، فكلّ الفصول مُناسبة لإراقة الدم، ولعلّهم نجحوا في تحويل المقتلة...

  • 29 جويلية 2024
كرمٌ مُعلن

يمكن اعتبار الاحتفاء بالناجحين علامة صحيّة، لما في ذلك من تقديرٍ للعلم ومُحصّليه، شرط أن يكون...

  • 22 جويلية 2024
محنة الرواية!

تعرّضت الكاتبة إنعام بيّوض إلى حملة تشهير بالغة السوء على مواقع التواصل الاجتماعي، بعد نشر صوّر...

  • 15 جويلية 2024
محاذير الفرح!

أثار الفرح "المبالغ فيه" بالنّجاح في مختلف امتحانات نهاية السنة، الجدل بين مناصرين للحقّ في...

  • 01 جويلية 2024
«ترندينغ»

تكفّلت مواقع التواصل الاجتماعي بترتيب اهتمامات "الرأي العام"، مُنهية بذلك احتكار وسائل الإعلام...

  • 24 جوان 2024
سِرُّ مالك!

بقدر الدهشة التي تخلّفها جُملته، بقدر الحسرة التي ينتهي إليها قارئه، حسرة على عدم اكتمال قصّة وعلى الصّمت...

  • 03 جوان 2024
«الطريق»

توفر الوسائط التكنولوجيّة "حياةً جديدةً" للإبداع، من خلال القنوات التي تفتحها مع المتلقّي، مختصرةً الجهد والوقت...

  • 27 ماي 2024
الفيلسوف متوحشا

أصاب الحراك الطلّابي في الغرب، الفيلسوف الفرنسي الصهيوني الهوى ألان فينكلكروت بالرّعب، إلى درجة...

  • 20 ماي 2024
الخروج من حُجرة الكتابة

خرج بول أوستر من "حجرة الكتابة" تاركًا أبطاله لمصائرهم الغامضة وشعبًا يتيمًا في مختلف اللّغات، هو...

  • 06 ماي 2024
قطارُ الباطل

سلّطت الاحتجاجاتُ الطلابيّة في الولايات المتحدة الأمريكيّة الضوء على هيمنة اللّوبي الصهيوني على...

  • 29 أفريل 2024
صعلكة

  أصبح "خطاب الحق" عنوان ضعفٍ في عالم اليوم الذي باتت تتحكّم في مفاصله قوى ولوبيات لا تبالي...

  • 23 أفريل 2024
ضرورة التفكير في المجتمع

  سليم بوفنداسة انتفض المجتمع المدني في ولاية خنشلة ضدّ "الراقي الزائر"، الذي أثار الجدل على مواقع التواصل، ودعا...

  • 16 أفريل 2024
المخفيّ

حين مات محمد ديب لم تجد وسائل الإعلام الوطنيّة، مادة سمعية بصريّة عن الكاتب تقدّمها للجمهور، كان...

  • 26 فبراير 2024
اختراق

شهدت الفترة التي تلت اندلاع الحرب المدمرة على غزة، تسخير ذباب إلكتروني لتسفيه الخطابات المؤيدة...

  • 19 فبراير 2024
خِفّـــة

يبحثُ المتحدّثُ عن العبارة التي ستبقى  في أثير الله الأزرق بعد أن يفنى الكلام، عبارةٌ واحدةٌ تكفي كي...

  • 12 فبراير 2024
وصفُ السّعادة!

تجري الحياة في فضاءات أخرى وليس على المُستطيل الأخضر، رغم المُتعة التي توفرها كرة القدم، باعتبارها مسرح فرجةٍ في...

  • 05 فبراير 2024
القيمة والشّعار

يخترقُ المنتوج الثقافيّ الحدود واللّغات، بجودته أولًا وأخيرًا، وقد يفوق تأثيره التوقّعات، لذلك...

  • 01 جانفي 2024
كبارُ "الباعة"!

سخر كمال داود من الصّفة التي يطلقها العرب والمسلمون على ضحايا العدوان الهمجي على غزّة، ووجد الوقت...

  • 18 ديسمبر 2023
مقبرةُ جماعيّة للإنسانيّة

في هذه الأرض المزدحمة، حيث يتعايش الأحياءُ والموتى، تُحفر القبور على عجلٍ في الأسواق السّابقة...

  • 11 ديسمبر 2023
في وصف الشّر

تدفعُ المقتلةُ الجاريّة هذه الأيّام ومحاولات تأويلها وتغطيّتها نحو التفكير في "الشّر"، ليس كمصطلح...

  • 04 ديسمبر 2023
Articles Side Pub
Articles Bottom Pub
جريدة النصر الإلكترونية

تأسست جريدة "النصر" في 27 نوفمبر 1908م ، وأممت في 18 سبتمبر 1963م. 
عربت جزئيا في 5 يوليو 1971م (صفحتان)، ثم تعربت كليًا في 1 يناير 1972م. كانت النصر تمتلك مطبعة منذ 1928م حتى 1990م. أصبحت جريدة يومية توزع وتطبع في جميع أنحاء الوطن، من الشرق إلى الغرب ومن الشمال إلى الجنوب.

عن النصر  اتصل بنا 

 

اتصل بنا

المنطقة الصناعية "بالما" 24 فيفري 1956
قسنطينة - الجزائر
قسم التحرير
قسم الإشهار
(+213) (0) 31 60 70 78 (+213) (0) 31 60 70 82
(+213) (0) 31 60 70 77 (+213) (0) 6 60 37 60 00
annasr.journal@gmail.com pub@annasronline.com