الخميس 19 سبتمبر 2024 الموافق لـ 15 ربيع الأول 1446
Accueil Top Pub

في كتاب نقدي جديد للدكتورة راوية يحياوي

حول أهمية - الإنصــات إلى مختلــف الخطابــــات -
صدر للكاتبة والناقدة والباحثة الأكاديمية الدكتورة راوية يحياوي، كتابها الجديد المعنون بــ»الإنصات إلى مختلف الخطابات: رؤى نقدية»، عن منشورات «ميم» للنشر والتوزيع بالجزائر، وهو عبارة عن أفكار ورؤى نقدية تحتوي على مضامين معرفية مهمة، تقدم خدمات كبيرة للباحث الجامعي والناقد معًا. وفيه تطرقت الدكتورة يحياوي، إلى التحوّلات التي عرفها النقد في نهاية الألفية الثانية وبداية الألفية الثالثة، حيث تسير نحو المعرفة المركبة التي تشمل التخصصات البينية، فظهر النقد المعرفي، والنقد الثقافي  الّذي لا يمكنه أن يعول على مهام «الناقد» المحدودة وقد مر النقد  على حقب مفصلية، من مرحلة الحداثة إلى مرحلة ما بعد الحداثة التي زحزحت المركزيات، وعولت على التفكيك والتقويض، فلا يعقل أن يبقى مفهوم «الناقد» مع كلّ هذه الرهانات معولا عليه. وقد أشارت الدكتورة يحياوي في كتابها إلى ما ذهب إليه الناقد البريطاني رونان ماكدونالد في كتابه «موت الناقد» وهو موت مجازي. ولم يعد النقد من مهام  المتخصصين الأكاديميين فحسب. كما أنّ اِنصراف النقد إلى التخصصات البينية جدير بالاِنتباه إليه -حسب الكاتبة- وخاصة أنّ الخطاب توسع ليشمل الخطابات اليوميّة كذلك. مؤكدةً في هذا المعطى أنّه «لكي أخرج من مأزق موت المفهوم، يمكنني تجديده، لهذا حددتُ له وظيفةً جديدة من خلال العنوان الأساس (الإنصات إلى مختلف الخطابات)». موضحةً في هذا السياق أهمية الإنصات في أوانه وعليه فإنّ الناقد لم يعُد يملك رؤية محدّدة، بل رؤى متعدّدة ومتنوعة، تمليها عليه مختلف الخطابات. وهنا يمكن –حسب المؤلفة- التحدث عن ديناميكية الناقد، بمشروعه المتكامل. فكيف له أن ينخرط في الخطاب؟ ولا شيء غير الخطاب؟ وكيف يحاول أن ينصت إليه من جهةٍ ما أو من جهاتٍ كثيرة يمليها عليه هذا الخطاب بالذات؟ وكلّ جهة بالنسبة إليه تمثّل رؤية ما، ومفاهيم تمليها عليه تلك الرؤية، فيتبنى طرحاً متوائماً معها.
وهذا ما كان واضحًا من خلال المقدمة التي اِستهلت بها الدكتورة يحياوي، كتابها، وحملت عنوان «بيان الإنصات»، ونقرأ منها ما يشبه الجواب: «أكثر من ثلاثين سنة، وأنا أنصت إلى مختلف الخطابات الأدبية في ممكناتها الإبداعية، وفي تحوّلاتها، وأنصت إلى الخطاب النقدي في طاقاته العارفة، ورهاناته المغامرة في التحوّل، وهي تمرّ من تصحيح المسار إلى اِقتراح البدائل. ولم يكن هذا الإنصات خارج الشمولية المعرفية، والكلّيات النسقية التي تشكلت، لتستوقفني المفاهيم التي هي معالم بحسب محمّد مفتاح، إلاّ أنّ بعضها أُفرغ من حمولاته، لكثرة استعماله. ويمكنني أن أصفها بالمفاهيم الميّتة الأشبه بالأطراس الممسوحة؛ كمفهوم (الناقد) الّذي كان شاملاً ومتجاوزاً الزمان والمكان، فقد كان في التراث العربي، وبقي مستقراً إلى الآن، كما كان في التراث العالمي، واختزل فيما بعد كلّ جهود المدارس النقدية. وظل هذا المفهوم يُصاحب كلّ الأنساق التي تشكلت في التاريخ التكويني للخطاب النقدي، في تحوّلاته من مركزية السياق إلى مركزية النسق، ثمّ مركزية النسق المفتوح والمتعدّد، وظهور مفهوم (القارئ) الّذي لا يمكنه أن يكون شاملاً، لأنّه يُحيلني على مرحلة نظريات القراءة والتأويل فقط.
مضيفةً في هذا السياق: «حاولتُ -وأنا أنجز هذا الكتاب- أن أحوّل الإنصات إلى فاعلية إنتاجية خارج صرامة المناهج، وأن أُصاحِب الخطابات مصاحبة تفاعل، لا مصاحبة اِستنطاق، فتخلصتُ من سلطتي، وتحوّلتُ إلى طرفٍ فاعل، لأنّي آمنتُ بما قاله عبد الفتاح كيليطو: «من أجل أن تكون قارئاً، عليك في لحظة ما أن تتخلص من الأستاذ، وقبل الأستاذ، عليك أن تتخلص من المعلّم، صورة المعلّم كما نفهمها بالمعنى الرمزي الفرويدي». وما هذا التخلص من نخبوية المنصِت إلاّ إعادة الاِعتبار لفنّ التذوّق، والمصاحبة العارفة بالخطابات، لأنّ سلطة المنصِت لا بدّ أن تتحوّل إلى فاعلية ذكاء المصاحبة، لا القسرية، وتطبيق المناهج كمتعاليات تعنّف الخطابات أكثر ممّا تسعى إلى الإنصات إليها، وهذا ما أَدْخلَ النقدَ مأزقَ الإفلاس.
للإشارة، راوية يحياوي، شاعرة، وناقدة وباحثة أكاديمية، لها عدة إصدارات في مجال الأدب والشّعر على المستويين الجزائري والعربي، وهي خريجة معهد الآداب واللّغة بجامعة تيزي وزو، تحصلت على شهادة الماجستير عن بحث «حول بنية القصيدة في شِعر أدونيس» سنة 2000، وشهادة الدكتوراه عن بحث حول «شعر أدونيس من القصيدة إلى الكتابة» في سنة 2010، وتشتغل حاليًا أستاذة جامعية بقسم الأدب العربي، كلّية الآداب واللّغات، جامعة مولود معمري بتيزي وزو. من بين مؤلفاتها: «البنية والدّلالة في شعر أدونيس». «من القصيدة إلى الكتابة، دراسة في تحوّلات النص الشعري». «من قضايا الأدب الجزائري المعاصر: قراءات في مختلف الخطابات»، وغيرها من الكتب النقدية والدواوين الشّعرية.
نوّارة لحرش

آخر الأخبار

Articles Side Pub
Articles Bottom Pub
جريدة النصر الإلكترونية

تأسست جريدة "النصر" في 27 نوفمبر 1908م ، وأممت في 18 سبتمبر 1963م. 
عربت جزئيا في 5 يوليو 1971م (صفحتان)، ثم تعربت كليًا في 1 يناير 1972م. كانت النصر تمتلك مطبعة منذ 1928م حتى 1990م. أصبحت جريدة يومية توزع وتطبع في جميع أنحاء الوطن، من الشرق إلى الغرب ومن الشمال إلى الجنوب.

عن النصر  اتصل بنا 

 

اتصل بنا

المنطقة الصناعية "بالما" 24 فيفري 1956
قسنطينة - الجزائر
قسم التحرير
قسم الإشهار
(+213) (0) 31 60 70 78 (+213) (0) 31 60 70 82
(+213) (0) 31 60 70 77 (+213) (0) 6 60 37 60 00
annasr.journal@gmail.com pub@annasronline.com