الإســـلام حافــظ على اللغات الأم للشعوب والأمم
احتفى العالم في غضون الأسبوع باليوم العالمي للغة الأم بعد أن شرع في ذلك منذ سنة 2000م، باعتماد من اليونيسكو التي تبرر ذلك بأنها تؤمن بأهمية التنوع الثقافي واللغوي لبناء مجتمعات مستدامة. وتحقيق السلام والحفاظ على الاختلافات في الثقافات واللغات بغية تعزيز التسامح واحترام الآخرين، فإنّ اللغات تمثّل أساس وجود المجتمعات متعددة اللغات والثقافات، فهي الوسيلة التي تتيح صون الثقافات والمعارف التقليدية ونشرها على نحو مستدام؛ وهو ما يتناغم وأحكام الإسلام الذي حافظ للشعوب والأمم على لغاتها الأم، رغم كون القرآن الكريم نزل باللغة العربية وارتبطت العبادات بها.
وذلك لأن اختلاف الألسن واللغات واللهجات أمر جبلي اجتماعي تاريخي لا يمكن تجاوزه، وهو لصيق بعادات الشعوب والأمم، ويعكس بعض عناصر هويتها؛ ولذلك فقد حرص الفاتحون على عدم طمس لغات الشعوب التي فتحوها بل تركوا لهم لغاتهم ولهجاتهم؛ ثم ترجموا إليها ومنها، وقرأوا بها، وهو ما يفسر بقاء وصمود مئات اللغات واللهجات في أسيا وإفريقيا وأوروبا في المجتمعات التي فتحها المسلمون إلى اليوم؛ سواء اللغات العالمة التي لها منتوج علمي وأدبي وفلسفي مكتوب أو اللغات واللهجات الشفهية، على غرار اللغة الفارسية والتركية والأمازيغية والأردية وغيرها؛ فكل هذه اللغات هي لغات أم بالنسبة للساكنة؛ من أولئك الذين احتضنوا إلى جانبها اللغة العربية، بحكم دخولهم في الإسلام أو معاشرتهم لأتباعه فاثروا بها لغاتهم ونقلوها إلى علمية أكثر كما فعل الإسبان والمالطيون والكثير من الأوربيين وكذا ما فعله الفرس والترك والأمازيغ واليهود العبرانيون، ولم يكتب التاريخ أن الفاتحين طمسوا معالم أي لغة بخلاف ما فعله الاستعمار لاسيما الاستعمار الفرنسي من طمس لهذه اللغات لترسيخ لغته على أنقاضها.
وقد وردت روايات تاريخية كثيرة في كتب الحديث والسير والمغازي أن الرسول صلى الله عليه وسلم أمر بتعلم بعض اللغات غير العربية، ومن ذلك ما روي أنه صلى الله عليه وسلم أمر زيد بن ثابت الأنصاري أن يتعلم السريانية والعبرانية فتعلمها رضي الله عنه حتى استطاع أن يكتب بها إلى أصحابها، وأن يترجم مراسلاتهم، وفي روايات أنه تعلم الفارسية، والرومية، والحبشية، والقبطية بالمدينة المنورة من أصحاب هذه اللغات، ـ بل إن السيوطي يقول أن في القرآن ألفاظ من خمسين لغة؛ من العربية وغير العربية كالفارسية والرومية، والقبطية، والحبشية، والبربرية، والسريانية، والعبرانية.
وحرص الإسلام على احترام لغات الشعوب جعله مبشرا لا منفرا، فرغبت فيه الشعوب والأمم وترجت القرآن للغاتها، وطبقت أحكامه و ألفت بلغاتها في تفسيره وأحكامه؛ لأن اللغات من العادات اللصيقة بالاجتماع الإنساني، وبقدر احترامها بقدر كسب ود أهلها؛ على غرار ما فعله الإسلام بباقي عادات الشعوب من لباس ومسكن وأكل وفنون وثقافات وغيرها، فلم يفرض عليهم نمطا معينا في الحياة؛ بل ترك لكل قوم عاداتهم، التي ورثتها مما لا يخالف أحكام الإسلام القطعية؛ لأن رسالة الإسلام عالمية لكل الشعوب والأمم على اختلاف لغتهم الأم.
وعلى الرغم من أن اليونيسكو تخشى أن يتعرض التنوّع اللغوي إلى تهديد متزايد في ظل اندثار عدد أكبر من اللّغات. ولا يحصل 40% من سكان العالم على التعليم بلغة يتحدثون بها أو يفهمونها. ولكن، ثمّة تقدّم ملموس في إطار التعليم المتعدد اللغات القائم على اللغة الأم، وما يقترن به من فهم متزايد لما يمثله من أهمية، ولا سيما في مرحلة التعليم قبل المدرسة، فضلاً عن تزايد الالتزام بتطويره في الحياة العامة.؛ لأن الحرص على تعلم اللغة الأم ينبغي ألا يكون عائقا أمام الانفتاح على غيرها من اللغات، لاسيما اللغات العالمة؛ لأنها تشكل إضافات لصالح البشرية في التعارف والسلام والتنمية.
ع/خ
العزلة ارتقاء نفسي وتأمل عقلي!
لقد قدمت عزلة العظماء والمفكرين للعالم عبر التاريخ؛ روائع دينية وفلسفية وأدبية فريدة حفظتها الأجيال وتناقلتها؛ بعد أن رأت فيها تجليات الوحي الخالص من إضافات البشر، ومشاهد العقل المحض المتأمل بعيدا عن إكراهات الواقع، أو ثمار الامتزاج بينهما، كامتزاج (حي بن يقظان) !
وفي تاريخنا الإسلامي نماذج كثيرة لعلماء ومؤرخين وفلاسفة وفقهاء ممن التزموا العزلة في مغارات وبيوت وسجون، وقدموا فيها للبشرية رائع من روائعهم؛ يقودهم في ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فقد كانت خلوته صل الله عليه وسلم في غار حراء بعيدا عن كفار قومه وأذاهم له حتى صفت روحه مما علق بها من شوائب جهلهم واعتراضهم وقبح أفعالهم وأقوالهم، سكنا لروحه ونورا لقلبه حتى تهيأ برقابة الله تعالى، وعلى أعينه، لتلقي الوحي الخاتم وحمل لواء رسالة الإسلام.
وفي مغارة جزائرية تقع في مدينة فرندة غربي العاصمة ولدت مقدمة ابن خلدون، ومن دمشق أرسل الإمام ابن تيمية رسائله، من عزلته بجانب أسوار المسجد الأموي، وأملى صاحب كتاب المبسوط نحو خمسة عشر مجلداً من جب وضع فيه محبوسا، وغيرهم. و لربما ستكون العزلة التي عاشها العالم بسبب جائحة كورونا والتي بات يواجهها المبدعون بنصوصهم من داخل معتزلهم، إنها بداية الحكمة إذن ورأس الإبداع وبوتقة الجنون التي تمخضت عنها روائع الأعمال والأفكار والإنجازات.
غير أننا اليوم أصبحت الحاجة إلى العزلة مطلبا شرعيا ومكسبا نفسيا وروحيا ضروريا ولابد منه لأجل التخلص من أذى بعض البشر لكن بشرط أن تكون هذه العزلة جزئية مؤقتة لا إفراط فيها ولا تفريط وهذا بناء على الإنسان كائن اجتماعي بطبعه كما ذكر ذلك ابن خلدون في مقدمته،فالعزلة المطلوبة هنا هي تلك التي تجعلك في حالة صفاء مع ذهنك تماما كجو الأمواج وهي هادئة في البحار في ليلة شتوية فتتشكل لنا سحب السماء وهي صافية نقية وكأنها بساط مخملي مرصع بحبات الجوهر واللؤلؤ،نجوم تزين ذلك البساط وترصعه بأبهى حلة في نقاء وبهاء واتساق بديع،إن هذا ما يظهر جليا مفهومه عند حسن البنا في مقولته(الصمت أصله الإعراض عن اللغو والجوع أصله التطوع بالصوم والسهر أصله قيام الليل والعزلة أصلها كف الأذى عن النفس ووجوب العناية به)؛ لكننا لسبب مجهول وجدنا أنفسنا فجأة وسط عقليات لا يهدأ لها بال حتى تكون إمعة مثلها تسير مع أي قافلة...لأن تلك الشخصية المتميزة تنبههم إلى نقائصهم وتذكرهم بعيوبهم، والإصرار الذي يرونه منك يدق باب ذاكرتهم ليذكرهم باليوم الذي استسلموا فيه لواقعهم تماما كإخوة يوسف عليه السلام خطأه الوحيد أنه كان متميزا فكان مصيره الجب في قاع بئر عميق.
الشهيد فضله الله تعالى وخصه بأحكام دون غيره
الشهيد مصطلح إسلامي خالص نجده في القرآن ونجده في السنة، ولا تجده في الأديان الأخرى، خصه الله تعالى بأحكام وفضائل لا تتوفر لغيره، ويشترك شهيد الدنيا مع شهيد المعركة في ثواب الآخرة ويختلف في ترك الغسل والصلاة، والشهداء بذلك عندنا أصناف، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما تعدّون الشهيد فيكم (أي من تحسبونه شهيدا؟)، قالوا: يا رسول الله، من قتل في سبيل الله فهو شهيد، قال: إن شهداء أمتي إذاً لقليل، قالوا: فمن هم يا رسول الله؟ قال: من قتل في سبيل الله فهو شهيد، ومن مات في سبيل الله فهو شهيد، ومن مات في الطاعون فهو شهيد، ومن مات في البطن فهو شهيد، وفي رواية أخرى الغريق والحريق(مسلم)، وفي حديث آخر: مَنْ قُتِلَ دُونَ مالِهِ فهوَ شَهيدٌ. ومَنْ قُتِلَ دُونَ دِينِهِ فهوَ شَهيدٌ . ومَنْ قُتِلَ دُونَ دَمِهِ فهوَ شَهيدٌ ، ومَنْ قُتِلَ دُونَ أهلِهِ فهوَ شَهيدٌ(الترمذي).
وقد سمي ذلك شهيدًا؛ لأن الله تعالى ورسوله - صلى الله عليه وسلم - وملائكته يشهدون له بالجنة، والمغفرة بإذنه، ولِأَنَّ رُوحَهُ شَهِدَتْ دَارَ السَّلَامِ وهي الجَنَّة؛ فإنَّهُ يَدخلُهَا قبل الْقِيَامَةِ
بِخِلَافِ رُوحِ غَيْرِهِ؛ فإنها لَا تَدْخُلُ الْجَنَّةَ إلَّا بَعْدَ دُخُولِ صَاحِبِهَا، ولا يكون هذا إلا بَعْدَ الْقِيَامَةِ.
وقد تساهل الناس في إطلاق الشهيد حتى على غير المسلمين كما حدث في مصر عندما أفتى بعض المشايخ أن الجنود غير المسلمين الذين قتلوا في معارك شهداء من أهل الجنة، وهو لغو ظاهر كما ترى لأن الله تعالى قال: (ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين)، ولذلك فإن الشهادة في سبيل الله فضيلة إسلامية خالصة.
والمتتبع لشهدائنا طيلة وجود الاستعمار الفرنسي يجد أنهم مسلمون، وفي ثورة التحرير كانوا يستعملون مصطلحات إسلامية معروفة فكانت كلمة السر خالد وعقبة، وكان أول نوفمبر يوافق يوم ميلاد النبي صلى الله عليه وسلم، وهم بين مستشهد من أجل إعلاء كلمة الله، ومستشهد دون ماله أو نفسه، وهم بذلك شهداء وهم أحياء عند ربهم يرزقون.
سقط الشهيد مضمخا بدمائـه === ولسانه بالذكـر كان يكبـّــــــر
ومراده نيل الجنــان وطيبهـا === متمنيا أن الجــــــزائر تزهــــر
واليوم صوته من جنانه نازل === متكلم عن حالـــــــه ومعبــــر
أنا إن قتلت كما رأيتمُ لم أمُت === بل إني حي في الجنــــان معمّـر
في جنة طابت وطاب نعيمها === في كل شبر من ترابهــا مــنظــر
فيها النعيم وليس شيء غيره === فيها لربي كل يــــوم أنظـــــر.
نحو منع «غير المتخصص» من الحديث في الدين إعلاميا
اتفقت لجنة الشؤون الدينية والأوقاف بالبرلمان المصري، في غضون الأسبوع المنصرم، مع نواب وممثلي الأزهر ومؤسسات إعلام على منع «غير المتخصص» من الحديث في الدين، بعد أن تقدم نواب بمشروع قانون بشأن تنظيم ممارسة الخطابة والدروس الدينية في المساجد وما في حكمها.
واستنادا لوسائط إعلامية فقد أفاد رئيس اللجنة بأن مشروع القانون يستهدف ضبط وتقنين مسألة الحديث في الشأن الديني وممارسة الخطابة الدينية، لافتا إلى أن مشروع القانون لا علاقة له بوزارة الأوقاف ولا يعترض على أداء الوزارة، لكنه يتناول مسألة ضبط هذا الأمر وتقنينه.
وقال النائب طارق رضوان، مقدم مشروع القانون، «طالما تطالعنا القنوات الفضائية بتقديم شخص يدعي أنه على علم وثقافة دينية ويتسبب في إثارة الفتن والبلبلة، لذلك يجب أن يكون الأمر بضوابط وإصدار ترخيص من الجهات المعنية لإعطاء الرخصة للحديث». وأبدى ممثل الأزهر، الموافقة من حيث المبدأ على مشروع القانون، مؤكدا ضرورة ضبط وتقنين موضوع الحديث في الشأن الديني عبر وسائل الإعلام.
لكن هذا القانون وإن سعى لضبط العملية ووقف الانفلات المشهود حاليا؛ إلا أنه يخشى أن يكون هذا الحظر حائلا دون الحق في التعبير والحق في النقد والاجتهاد والتجديد؛ ويسهم في تمرير خطاب ديني نمطي قد لا يكون صحيحا بالضرورة؛ لأن كتاب الله تعالى مفتوح على القراءة ولا يوجد في الإسلام كهنوت يتكلمون باسمهم وحدهم فقط.
مسابقة لأحسن خطبة جمعة خلال رمضان
في مبادرة استحسنها الكثيرون؛ لأن من شأنها الإسهام في ترقية الخطاب المسجدي بادرت مديرية الشؤون الدينية والأوقاف لولاية سطيف إلى تنظيم مسابقة لأحسن خطبة جمعة بمناسبة شهر رمضان القادم إن شاء الله؛ وهي مسابقة مفتوحة لكل خطباء المساجد الموظفين من أبناء القطاع أو المتعاونين معهم ويخصص موضوعها لـ(الآثار الاجتماعية لعبادة الصيام على الفرد والمجتمع)؛ وتقدم مكتوبة ومشافهة أمام لجنة تقييم من المجلس العلمي وفق معايير انتقاء وتقييم محددة تضعها اللجنة، على أن توزع جوائزها للفائزين الثلاثة الأوائل ليلة القدر إن شاء الله.