لهذه الأسباب تعاطى الفقهاء المعاصرون إيجابيا مع الإعلان العالمي لحقوق الإنسان
يحتفي العالم غدا باليوم العالمي لحقوق الإنسان بالتزامن مع الذكرى الخامسة والسبعين لصدور الإعلان العالمي لحقوق الإنسان عن هيئة الأمم المتحدة، كأول وثيقة معاصرة حاولت أن تستدرك الأمور بعد مخاضات عسيرة ومعاناة للبشرية وتجعل من هذه الحقوق قواعد آمرة لازمة، بعد أن أكدت أنها شاملة لكل جوانب الحياة المادية و الأدبية، الفكرية والسياسية والاجتماعية والصحية و غيرها؛ كما عزز هذا الإعلان صدور العهد الدولي للحقوق السياسية والمدنية والعهد الدولي للحقوق الاجتماعية والثقافية والاقتصادية بعد ذلك بقرابة عقدين، وما انبثق عنه من اتفاقيات دولية و إقليمية، وقد رأى المسلمون في الكثير من الحقوق الواردة في هذه الوثائق انعكاسا طبيعيا لما ورد في النصوص التأسيسية الأولى للإسلام، وما تركه المسلمون في تاريخهم من وثائق و تراث فقهي و سياسي زاخر بالحقوق والحريات والقيم الإنسانية السامية؛ لذلك تعاطوا معها إيجابيا وسعوا على مدى هذه العقود لتأصيلها وتوطينها وإصدار إعلانات تحاكي الإعلان العالمي لتعبر عن موقف المسلمين من شرعة حقوق الإنسان الكونية.
فقد رأى الفقهاء المسلمون المعاصرون أن منظومة حقوق الإنسان في مواثيقها المعاصرة تتماهى وما تلقاه المسلمون في نصوص شريعتهم أو تراثهم الفقهي، لاسيما ما تعلق: بالحق في الحياة والصحة و الأمن، والحق في الكرامة و المساواة، والحق في الفكر وحرية الدين والضمير و الوجدان، والحق في حرية الرأي و التعبير، والحق في التعليم، والحق في الثقافة و الفنون، والحق في العمل والضمان الاجتماعي والأجر العادل، والحق في الملكية والتنقل والحق في بناء أسرة والحق في المشاركة السياسية، والحق في الخصوصية وغيرها من الحقوق والحريات التي تؤكد عليها منظومة الشريعة الإسلامية ومختلف مصادرها واجتهادات فقهائها.
وقد رأى بعض الفقهاء المسلمين المعاصرين أن حقوق الإنسان في الإسلام تمتاز بكونها ضروريات وواجبات و ليست مجرد حقوق يمكن التنازل عنها، كما أنها أصيلة وتمتاز بالشمول لكل الإنسانية، ثابتة للإنسان بمجرد مولده، لاسيما ما تعلق منها بالحقوق الطبيعية على غرار الحق في الحياة والحق في الملكية والحق في الكرامة والحق في الحرية، فهذه الحقوق أسس لها التشريع الإسلامي وأعطاها لكل البشر بغض النظر عن دينهم وألوانهم، و أجناسهم، ووضع لها ضمانات وآليات لحمايتها.
ففي حق الكرامة أكد القرآن الكريم أنها لكل البشر وليست لبعضهم فقال الله تعالى:" وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ "الإسراء 70]، فعبارة ‘بني آدم’ تشير لجميع البشر، وحق الحياة ضمنه القرآن بآيات كثيرة منها قوله تعالى: "وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ" [الإسراء 33]، والحق في الحرية بمختلف أنواعها ورد في آيات كثيرة حسب كل نوع، منها قوله تعالى: "لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّين" [البقرة 256]، وكذا الحق في الملكية أكدته آيات كثيرة بصيغة العموم منها قوله تعالى: "هُوَ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا"[ هود (61) ]، وهكذا جميع الحقوق والحريات حيث تظهر لها أصالة وشمول في نصوص الشريعة فلا تختص بالمسلمين مثلا دون سائر البشر،
فقد أكد الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الصادر يوم 10 ديسمبر 1948 على أن هذه الحقوق تمارس ويحق لجميع البشر الاستفادة منها على قدم المساواة، فلكل إنسان حق التمتع بجميع الحقوق و الحرِّيات المذكورة في الإعلان، دونما تمييز من أيِّ نوع، ولا سيما التمييز بسبب العنصر، أو اللون، أو الجنس، أو اللغة، أو الدِّين، أو الرأي سياسيًّا وغير سياسي، أو الأصل الوطني أو الاجتماعي، أو الثروة، أو المولد، أو أيِّ وضع آخر. وفضلاً عن ذلك لا يجوز التمييزُ علي أساس الوضع السياسي أو القانوني أو الدولي للبلد أو الإقليم الذي ينتمي إليه الشخص، سواء أكان مستقلاًّ أو موضوعًا تحت الوصاية أو غير متمتِّع بالحكم الذاتي أم خاضعًا لأيِّ قيد آخر على سيادته؛ و هذا هو جوهر الإشكال الذي حال دون تعميم حقوق الإنسان وتمتع البشر بها، وتجليها على مستوى الأفراد و الأمم، فرغم مرور ثلاثة أرباع القرن، و رغم تأسيس مجالس ومنظمات ومحاكم تعنى بشؤون حقوق الإنسان عالميا وإقليميا إلا أن ازدواجية المعايير ما تزال تلقي بظلالها على هذه المؤسسات الحقوقية، فما يزال هناك أكثر من عالم في هذا الكون، عالم غربي يسوق ظاهريا على الأقل أن أبناءه يحظون بحقوق الإنسان ويتمتعون بحرياتهم، وعالم آخر تنتهك فيه الكثير من تلكم الحقوق والحريات، من قبل هيمنة عالمية غربية تريد فرض ثقافتها على الشعوب و استغلال خيراته و معاملتها كمستعمرات سابقة، و ربما تستبطن فلسفة قديمة تجعل من غير المجتمع الغربي مجتمعا أقل إنسانية، ولهذا يتم السكوت عما يتعرض له غيرهم من انتهاكات حقوقية تمس أحيانا الحق في الحياة والكرامة الإنسانية، بينما تقيم بعض المؤسسات و الدول الدنيا ولا تقعدها إذا تعلق الأمر بانتهاك حقوق الإنسان الغربي؛ فما تزال الأيديولوجية أقوى من القيم والقوة فوق القانون الدولي.
و لعل ما يقع اليوم في غزة أكبر دليل على ذلك، فالحق في الحياة يسلب علنا من شعب محتل يقتّل ويشرد ويعذب أهله و يمنع عنهم الماء و الغذاء و الأمن و الدواء و يحال بينهم وبين الإغاثة و حرية التنقل، على مرأى مجالس و مؤسسات حقوق الإنسان، و لم يكتف الكثيرون بالصمت حيال هذه الانتهاكات بل بروها، و أعطوا مشروعية لمرتكبيها، ضاربين عرض الحائط بكل القوانين والالتزامات الدولية، بل والفطرة الإنسانية.
ع/خ
هذا ما كتبه الإمام ابن باديس عن علاقة الحقوق بتطور المجتمع
رغم وفاة الإمام عبد الحميد ابن باديس قبل صدور الإعلان العالمي لحقوق الإنسان بسنوات إلا أنه انخرط بالكتابة في موضوعات حقوق الإنسان، ما يدل على أن منطلق إيمانه بها ليس الواقع بل الشرع الإسلامي الذي تشرب منه فكره وعاش له وبه؛ فيقول في مقال له حاثا على أداء الحقوق: (الإنسان مدني بالطبع الناس كلهم في حاجة مشتركة إلى بعضهم. وما من أحد إلاّ وله حقوق على غيره، ولغيره حقوق عليه ولهذه الحاجة المشتركة والحقوق الممتزجة كان الاجتماع والتعاون ضروريين لحياة المجتمع البشري واطراد نظامه. وقيام كل واحد من أفراد المجتمع بما عليه من حقوق نحو غيره هو الذي يسد تلك الحاجة المشتركة بين الناس. وعندما يؤدي كل واحد حق غيره فليست خدمته له وحده، بل هي خدمة للمجتمع كله. وبالآخرة هي خدمة له هو في نفسه لأنه جزء من المجتمع وما يصيب الكل يعود على جزئه. فاذا تواردت أفراد المجتمع على هذه التأدية سعدت وسعد مجتمعنا بنيله حاجيات الحياة ولوازم البقاء والتقدم في العمران. أما إذا توانى الأفراد في القيام بالحقوق وقصروا في تأديتها إلى بعضهم فإن الحاجة المشتركة من العلم والثقافة وحفظ الصحة والأخلاق وأنواع الصناعة-تتعطل، وبتعطلها يختل نظام الاجتماع ويعود إلى الانحلال والتقهقر، وينحط بأفراده إلى أسفل الدركات، فلهذا بعد ما أمر الله تعالى بإيتاء حقه-وهو توحيده في عبادته-أمر بإيتاء حقوق العباد، القريب منهم والبعيد.)
الاحتلال يواصل منع المقدسيين من أداء صلاة الجمعة بالأقصى
يواصل الاحتلال الإسرائيلي منذ بدء عدوانه على قطاع غزة منع المقدسيين من أداء صلاة الجمعة بالمسجد الأقصى المبارك؛ حيث لا يسمح بدخول إلا من تجاوز أعمارهم 65 سنة، وهو ما قلص عدد رواد هذا المسجد إلى أقل من العشر المعتاد في هذه المناسبة، كما دفع بعض مرتاديه إلى الصلاة بالأماكن القريبة منه على غرار باب العمود وباب السامرة حيث يؤدونها وسط حواجز أمنية لشرطة الاحتلال، كما حاول أمس الأول مستوطنون اقتحام المسجد الأقصى وطالبوا بسحب الأوقاف الإسلامية من أهلها وإلحاقها بمؤسسات الاحتلال حسبما تناقلته وسائل إعلام.
ع/خ
ستخصص للحملة دروسا وتوجيهات ميدانية
المساجد للتحسيس حول مخاطر غاز أحادي أكسيد الكربون
أعلن وزير الشؤون الدينية والأوقاف الدكتور يوسف بلمهدي أمس الأول الخميس عن انطلاق حملة وطنية تحسيسية حول مخاطر غاز أحادي أكسيد الكربون عبر كل مساجد الوطن والمؤسسات التابعة لقطاع الشؤون الدينية والأوقاف، بمشاركة مختلف الفاعلين، وذلك بهدف المساهمة في تقليص عدد الوفيات جراء الاختناق بهذا الغاز، بالتوازي مع إشرافه في دار الإمام بالمحمدية على يوم إعلامي تحسيسي حول الوقاية من مخاطر الاختناق بالغاز، بعنوان: «الاختناق بالغاز، أسبابه وطرق الوقاية منه»، تحت شعار «معا.. من أجل شتاء دافئ وآمن»، تنظمه وزارة الشؤون الدينية والأوقاف بالتعاون مع المديرية العامة للحماية المدنية، والمديرية العامة لمؤسسة الكهرباء والغاز، ووزارة التجارة وترقية الصادرات، والكشافة الإسلامية الجزائرية.
وقد تناول اليوم الإعلامي التحسيسي بمخاطر الاختناق بالغاز بتقديم محاضرات قيمة تناولت الموضوعات التالية: وعي المواطن ودوره في الحد من حوادث الاختناق بالغاز، من تقديم الرائد نسيم برناوي من المديرية العامة لحماية المدنية، والإرشادات الأساسية لطرق استعمال وسائل التدفئة ومسخنات المياه، من تقديم السيدة آيت سليمان فريدة رئيسة قسم تقنيات الغاز. بمؤسسة الكهرباء والغاز. والضوابط التشريعية والقانونية في اقتناء وسائل التدفئة ومسخنات المياه. من تقديم السيد بوخداش كمال نائب مدير التحقيقات الخصوصية بوزارة التجارة وترقية الصادرات. ودور الخطاب الديني في الحفاظ على النفس، معالجة ظاهرة الاختناق بالغاز نموذجا من تقديم الشيخ الدكتور رضا قارة إمام أستاذ رئيسي بمديرية الشؤون الدينية والأوقاف لولاية الجزائر. حسبما أفاد به موقع الوزارة. وينتظر أن تعرف مختلف مساجد الجزائر دروسا وتوجيهات من قبل الأئمة ومختلف القطاعات الفاعلة لاسيما الحماية المدنية حول هذا الموضوع تعزيزا لإجراءات الوقاية عشية فصل الشتاء الذي يعرف عادة استعمالا واسعا لمختلف أجهزة التدفئة لاسيما الغازية منها. واستنادا لموقع الوزارة فقد كشف وزير الشؤون الدينية والأوقاف الدكتور يوسف بلمهدي في تصريح صحفي الحملة أن هذه الحملة ستتم بالشراكة مع كل من وزارة التجارة وترقية الصادرات، والمديرية العامة للحماية المدنية، ومجمع سونلغاز، وكذا الكشافة الإسلامية الجزائرية. ونوه بالدور المحوري الذي يلعبه الإمام في المسجد لتذكير وتحسيس المواطن بمخاطر الاستعمال السيء للغاز، مضيفا أن دوره يتمثل في «إسداء نصائح للمصلين في مجال الوقاية من مخاطر غاز أحادي أكسيد الكربون». كما دعا السيد الوزير مصالح الحماية المدنية ومجمع سونلغاز، إلى «تكليف ممثلات عنهما لتوعية النساء داخل المساجد بهذه المخاطر وكذا حول طريقة استعمال مختلف الأجهزة المنتجة للحرارة»، مشيرا أيضا إلى دور وسائل الإعلام في مرافقة هذه الحملة التوعوية، من أجل الحد من انتشار هذه الظاهرة. ع/خ
لجنة الفتوى الجزائرية تعلن دعمها لفلسطين
أعلنت اللجنة الوزارية للفتوى بالجزائر دعمها الدائم و اللامحدود للقضية الفلسطـينية جوهر قضايا أمتنا الإسلامية واصطفافها خلف قرارات رئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون الداعمة للقضايا العادلة في العالم وعلى رأسها قضية فلسـطين. وذلك في بيان توج جلسة دور فقهية عقدت منذ أيام في إطار اللقاءات الدورية، موسومة بـ: «فقه النوازل ... قواعد و ضوابط»، خصصت لمناقشة المسائل المستجدة لا سيما الواردة من الجالية الجزائرية المقيمة بالخارج، وتنتظم في محاور أربعة هي: الأول: المعاملات المالية والعلاقات الاجتماعية، والثاني: علاقات العمل والوظائف. والثالث: العلاقات الأسرية. والرابع: أحكام الهجرة والإقامة. وبعد مناقشة مستفيضة من قبل العلماء والمختصين، خلصت اللجنة إلى ضرورة الاهتمام بالبحث في النوازل المعاصرة التي تتطلب ملكة فقهية راسخة، وإلماما بالعلوم العصرية وحسن تصورها وتكييفها وتنزيلها على الواقع وفق ضوابط وقواعد شرعية في إطار الاجتهاد الجماعي بما يحفظ تحقيق المصلحة العامة ورفع الحرج في ضوء مراعاة المآلات.