يحتفي العالم غدا باليوم الدولي للأرملة في مناسبة سنوية للتذكير بحقوق هذه الفئة من الفئات الاجتماعية التي فقدت عائلها وتعاني عادة من ضغوطات نفسية واجتماعية ومادية وأسرية، ولفت نظر المحيط الاجتماعي لضرورة الاهتمام بها والسعي الدائم لتوفير احتياجاتها؛ لأن الأصل أن تعيش المرأة في المجتمع، ومنه المجتمع المسلم بين إخوانها آمنة على دينها ونفسها، لها ما تسترزق به من وظيفة أو كفالة أو تضامن، سواء كان لها أبناء أو لم يكن لها، وكل هذا يحول دون دفعها لأي طريق آخر غير مشروع قد تضطر لسلكه بحثا عن لقمة عيش أو مأوى؛ سواء بالتسول أو الانحراف الخلقي، أو التخلي عن أبنائها لعجزها عن إطعامهم وإيوائهم، وهو ما سيؤثر بعدئذ على المجتمع كله بظهور مثل هكذا ظواهر مسيئة.
ولذلك حرص الإسلام من خلال نصوصه على الدعوة للاهتمام بالأرملة والترغيب في ذلك، وأعطى لها جملة من الحقوق المادية والأدبية الضرورية لاستمرار حياتها بشكل طبيعي بعد وفاة زوجها، وكفل حمايتها من كل أذى حسي أو معنوي.
فبعد أن أوجب الله تعالى على الأرملة العدة في قوله تعال: ((وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجاً يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْراً)) [البقرة:234]. أثبت لها نصيبا في ميراث زوجها، فقال الله تعالى: ((وَلَهُنَّ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْتُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَكُمْ وَلَدٌ فَإِنْ كَانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ مِمَّا تَرَكْتُمْ)) [النساء:12]، والتركة هنا لا تقتصر على النقود بل تشمل كل ما تركه الزوج من مال منقولا كان أو عقارا، فلها الحق في ميراث نصيب من النقود ونصيب من المسكن ونصيب من أي عقار آخر أو منقول بعد أن يقيّم، وهذا الميراث إن وجد يوفر لها ضمانا ماليا لاستمرار حياتها والعيش في حالة الكفاف ولو إلى حين.
وبعد أخذ الميراث وانتهاء العدة أباح الإسلام للأرملة الزواج لتعف نفسها وتجد لها كفيلا جديدا في الحياة، فلا يجوز حرمانها من هذا الحق من أي كان إن رغبت فيه، سواء كان لها أبناء او لم يكن لها أبناء، فإن لم يكن للأرملة مال أو زوج فالأصل أن يتكفل بها نفقة وإيواء أبناؤها الذكور أو الإناث، لأن نفقة الأم واجبة عليهم؛ لقوله تعالى: ((وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا))[الإسراء/23]، والنفقة من الإحسان –كما قرر الفقهاء- وقد أجمع العلماء على هذا وفي الحديث وسأل رجل النبي صلى الله عليه وسلم : (مَنْ أَحَقُّ النَّاسِ بِحُسْنِ صَحَابَتِي؟ قَالَ: أُمُّكَ. قَالَ: ثُمَّ مَنْ؟ قَالَ: ثُمَّ أُمُّكَ. قَالَ: ثُمَّ مَنْ؟ قَالَ: ثُمَّ أُمُّكَ. قَالَ: ثُمَّ مَن؟ قَالَ: ثُمَّ أَبُوكَ) رواه البخاري ومسلم، وعن عائشة رَضِيَ اللهُ عنها، أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: (إنَّ أطيَبَ ما أكَلَ الرَّجُلُ: مِن كَسْبِه، وإنَّ وَلَدَه مِن كَسْبِه)، وقد أجمع الفقهاء على وجوب نفقة الأم في مال الأولاد، والنفقة هنا تشمل الإطعام والكسوة والمسكن وكل ما يعده العرف نفقة.
فإن لم يكن للأرملة ابن ينفق عليها وجبت نفقتها في بيت مال المسلمين حفظا لنفسها؛ كما تجب نفقتها على المجتمع المسلم الأقرب فالأقرب رحما ونسبا ومسكنا، وهذا الإحسان الاجتماعي يشمله الترغيب النبوي في السعي على الأرامل فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (الساعي على الأرملة والمسكين كالمجاهد في سبيل الله، أو: كالذي يصوم النهار ويقوم الليل). [رواه البخاري] وفي لفظ من رواية مسلم عن أبي هريرة أيضا: (الساعي على الأرملة والمسكين، كالمجاهد في سبيل الله -وأحسبه قال-وكالقائم لا يفتر؛ وكالصائم لا يفطر).
فقد ارتقى بالسعي على الأرملة إلى مرتبة الصيام والقيام بما لهما من فضل، وإلى مرتبة الجهاد في سبيل الله تعالى، ومعلوم ما للجهاد من فضل كبير لاسيما إن توج صاحبه بالشهادة في سبيل الله تعالى، وهي بهذا تعد درجة عالية تتوق إليها النفس، فيمكن بها للمحسن بلوغ أعلى المراتب دون أن يخوض معارك أو يعرض نفسه للقتال.
وإن كان للأرملة مسكين يتيم فأحسن إليه المحسن وسعى في الإنفاق عليه ظفر بالحسنيين، حسنى كفالة الأرملة وحسنى كفالة اليتيم، ومعلوم أن كفالة اليتيم ثوابها الجنة كما جاء في الحديث: (أنا وكافل اليتيم في الجنة هكذا)، وأشار بالسبَّابة والوسطى، وفرَّج بينهما. رواه البخاري.
ففي هذه النصوص والتشريعات الإسلامية ما يضمن حقوق الأرملة ويبقيها آمنة مطمئنة في المجتمع المسلم تعيش بين إخوانها دون حرمان أو فاقة بل في كنف التكافل والتضامن، فقد ضمن لها كل الحقوق الأدبية والمادية وبين بالتدريج الجهات التي يجب عليها القيام بها، وكل مسؤول عن تقصيره ومثاب على وفائه.
ع/خ
في دراسة أكاديمية نوقشت مؤخرا بجامعة الأمير بقسنطينة
دعوةلاكتساب البنوك الإسلامية للتكنولوجيات المالية
دعت دراسة أكاديمية حديثة إلى تأسيس هيئات تضم علماء ومختصين في التكنولوجيا المالية ومالية البنوك الإسلامية وفقه المعاملات المالية بهدف تبني البنوك الإسلامية للتكنولوجيا المالية بما يتوافق مع أحكام ومبادئ الشريعة الإسلامية، والتعاون بين الدول الإسلامية لتحقيق تطوير الصناعة المالية الإسلامية وتبنيها لدى البنوك الإسلامية من خلال تبادل الخبرات والتجارب الناجحة بينها ولدفع البنوك الإسلامية في مختلف الدول على تبني التكنولوجيا المالية. بالتوازي مع تطوير المهارات والكفاءات الرقمية للموظفين من خلال التحفيز والتدريب لتحقيق للأغراض الاستراتيجية للبنوك الإسلامية ولتحقيق التحول الرقمي.
ففي مذكرة ماستر مكملة لنيل شهادة الماستر في الاقتصاد الإسلامي نوقشت مؤخرا بجامعة الأمير عبد القادر بقسنطينة، معنونة ب ‹دور الكفاءة الرقمية لدى موظفي البنوك الإسلامية في الاعتماد على التكنولوجيات المالية› للطالبة مريم سعداوي، وإشراف الأستاذة ثنيو كنزة، انطلقت الباحثة من تساؤل جوهري فحواه: ما هو دور الكفاءة الرقمية لدى موظفي البنوك الإسلامية في الاعتماد على التكنولوجيا المالية؟ مستهدفة بيان مدى الدور الذي تلعبه الكفاءة الرقمية لدى موظفي البنوك الإسلامية في الاعتماد على التكنولوجيا المالية في الجزائر من خلال توفير الخدمات المالية الرقمية لأكبر شريحة من العملاء، والتعرف على العلاقة بين الكفاءة الرقمية وتحقيق التحول الرقمي. والتعرف على واقع التكنولوجيا المالية الإسلامية ومجالاتها. وإبراز العلاقة بين الكفاءة الرقمية والتكنولوجيا المالية، وتسليط الضوء على دور الكفاءة الرقمية لدى موظفي البنوك الإسلامية في الاعتماد على التكنولوجيا المالية في الجزائر. لاسيما وأن العالم –كما تقول-يشهد تطورات تكنولوجية مستمرة تنعكس على المجتمعات والأفراد والمؤسسات على حد سواء، حيث شهدت الصناعة المصرفية تحولا جوهريا تزامنا مع ظهور التكنولوجيا المالية (fintech) التي أتاحت للبنوك الإسلامية آفاقا جديدة من خلال تقديم خدمات مالية رقمية مبتكرة،
وقد عالجت موضوعها عبر ثلاثة فصول خصصت الفصل الأول منها للكفاءة الرقمية كأساس لتحقيق التحول الرقمي، هذا التحول الذي يتطلب التركيز على أبعاده الأساس: الأسس الرقمية، والابتكار الرقمي، والحوكمة الرقمية، والأعمال الرقمية والمواطن الرقمي، وتشمل مجالات الكفاءة الرقمية حسب تصنيف الاتحاد الأوروبي، محو أمية البيانات والمعلومات، التواصل والتعاون، إنشاء المحتوى الرقمي، الحماية والأمان، حل المشكلات، وخصصت الفصل الثاني: لمتطلبات تبني التكنولوجيات المالية لدى البنوك الإسلامية، التي تتمثل في مختلف الابتكارات المالية القائمة على استعمال التكنولوجيا وفق ما تتطلبه خصوصية العمل المالي والمصرفي الإسلامي. وتتمثل ضوابطها في: معيار الأهلية، الواقعية والاستقلالية، الحوكمة، الكفاءة، العدل، وقد بلغت حجم سوق التكنولوجيات الإسلامية 138 مليار دولار خلال 2022/2023، ومن المتوقع أن يصل إلى 306 مليار دولار في آفاق 2027م، وخصصت الفصل الثالث لدور الكفاءة الرقمية لدى موظفي البنوك الإسلامية في الاعتماد على التكنولوجيا المالية في الجزائر، حيث عرضت فيه بالأرقام تطور حظيرة الهاتف الثابت والمحمول بالجزائر، والربط بالانترنت منذ سنة 2020م ورأت أن نجاح التحول الرقمي في الجزائر مرتبط بإصلاح الوضع الحالي الذي يفيد وجود إشكال حقيقي يعيق تحقيق التحول الرقمي سببه الأمية الرقمية، وتعد الأمية الرقمية من بين العقبات التي تواجه الحكومات والأفراد، وتسهم في التأخر بركب التطور والتقدم العلمي والتكنولوجي، مما جعل أغلب الدول تعمل على إزاحة كل العقبات التي تساهم في انتشار الأمية الرقمية، وذلك بالاعتماد على أدوات فعالة لمحو الأمية الرقمية، نذكر منها التدريب، والبحث والاكتشاف، والوعي من التهديد المعلوماتي، قبل أن تعرض بالأرقام واقع التكنولوجيا المالية بالجزائر خلال سنوات 2016-2023م، حيث قدمت أرقاما عن عدد أجهزة الصراف الآلي بالجزائر التي وصلت إلى 3783 سنة 2023م، في حين بلغ عدد البطاقات المصرفية بالجزائر إلى 2021م، 11692298 بطاقة، لتختم المذكرة بدراسة ميدانية استبيانية للتكنولوجيا المالية في عينة من البنوك الإسلامية بقسنطينة.وقد رأت في الدراسة الميدانية فقد بينت الدراسة وجود أثر بين الكفاءة الرقمية وتبني التكنولوجيا المالية لدى البنوك الاسلامية في الجزائر حيث أن زيادة الكفاءة الرقمية من المستوى الأساسي إلى المتقدم يؤدي إلى ارتفاع مستوى تبني التكنولوجيا المالية لدى البنوك الاسلامية في الجزائر.
وتوصلت إلى جملة نتائج منها: أن الكفاءة الرقمية تسهم في تحقيق التحول الرقمي، وذلك من خلال استخدام التكنولوجيا المتقدمة، وهذا يشمل تبني تقنيات رقمية حديثة مثل الذكاء الاصطناعي، الحوسبة السحابية، البلوك تشين.وتظهر أهمية التكنولوجيا المالية بالنسبة للبنك في تعزيز رأس المال الفكري وتخفيض العبء على العاملين بالبنك، وبالنسبة للعملاء تحقق الشمول المالي من خلال توفير خدمات مالية عبر الانترنت والهواتف الذكية، وبالنسبة للاقتصاد فهي ترفع من الكفاءة والانتاجية. وتؤثر الكفاءة الرقمية على تبني التكنولوجيا المالية لدى البنوك الإسلامية من خلال تحسين العمليات المصرفية وتقديم خدمات مالية تتوافق مع مبادئ الشريعة بفاعلية وكفاءة أكبر، كما تمكن من تطوير منتجات مالية مبتكرة تلبي متطلبات العملاء.
ربع مليار أرملة في العالم والمسلمون مطالبون بالتكفل بأرامــــــــــــل غــــــــــزة
كشفت الأمم المتحدة عن وجود 258 مليون أرملة، وقالت عبر موقعها إن من أسباب هذه الظاهرة النزاعات المسلحة والنزوح والهجرة ومخلفات كوفيد وغيرها من العوامل، وأن عشرهن يعشن في ربقة فقر مدقع. والأكيد أن حرب غزة الحالية التي أسهمت في قتل آلاف النساء تسببت أيضا في ترميل الكثيرات، ولئن لم يصدر تقرير رسمي بعد عن عددهن لأن آخر إحصاء صدر في 21 أكتوبر 2023 وقد عددهن بقرابة ألف أرملة فإن هذا العدد ارتفع كثيرا جراء ارتفاع عدد القتلى، ولذلك فهن في حاجة إلى تضامن وكفالة وإحسان المسلمين شعوبا وحكومات قبل غيرهم من المؤسسات الدولية.
رحيل أستاذ الفقه الإسلامي نجيب بوحنيك
توفي يوم الأربعاء الأستاذ الدكتور نجيب بوحنيك، أستاذ الفقه الإسلامي بكلية العلوم الإسلامية بجامعة باتنة1عن عمر ناهز 56 سنة، وقد شيعت جنازته أمس الأول الخميس بالمقبرة المركزية – قسنطينة- بحضور كوكبة من زملائه الأساتذة ولاسيما من جامعتي باتنة والأمير عبد القادر بقسنطينة، وكذا كوكبة من تلاميذه وأقاربه وعموم المواطنين، ويعد الأستاذ الراحل من أكفأ الأساتذة علما ومن أنبلهم خلقا وقد انضم للتعليم الجامعي بجامعة باتنة منذ قرابة 22 سنة، وظل خلال هذه السنوات أستاذا لمواد كثيرة ومحاضرا في الندوات والملتقيات الدولية والوطنية ولعل آخرها ملتقى بالكويت حيث قدم مداخلة حول حكم التشريع لمسائل الميراث، كما نشر العديد من المقالات في مجلات محكمة وألف بعض المطبوعات البيداغوجية رحمه الله، وقد ترك رحيله أثرا عميقا عند من عرفه حيث غصت مواقع التواصل الاجتماعي بالتعازي ومنشورات الرثاء والشهادات الطيبة في حقه، ومن مقالاته المنشورة: الذمة المالية للزوجة، رؤى من القرآن مبشرة بمستقبل الإسلام، محاضرات في تاريخ المذاهب، وغيرها.