يعد العمل الخيري الإنساني مطلبا شرعيا وخلقا إنسانيا نبيلا دعا إليه الإسلام ورغب فيه، ولم يقصره على المسلمين بل أجاز تعديه إلى غيرهم من أبناء الإنسانية جمعاء المحتاجين للدعم والإسناد والمساعدات الغذائية والصحية والسكنية وغيرها، لاسيما في وقت الأزمات حيث تشتد الحاجة وتتفاقم ويكثر المحتاجون؛ على غرار أوقات الحروب والكوارث، على غرار ما يحدث في غزة وغيرها من بؤر التوتر في العالم، تلك الحروب التي خلّفت مشردين في حاجة إلى مسكن ومأوى وملبس، ومصابين وجرحى في حاجة إلى تكفل صحي، وجوعى في حاجة إلى طعام وزاد، وطلبة وتلاميذ في حاجة إلى مدارس ومعاهد للدراسة والتعلم، فكل هؤلاء محتاجون لعمل إنساني ميداني مساعد من قبل أفراد ومؤسسات دفعا للضرر وحفظا للحياة وتحقيقا للأمن.
وقد حثّت آيات قرآنية كثيرة على فعل الخير بألفاظ عامة لم تخصص المسلمين دون غيرهم، منها قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) [الحج: 77]، وقوله تعالى: ( لَّيْسَ الْبِرَّ أَن تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا ۖ وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ أُولَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا ۖ وَأُولئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ) [ البقرة177] وقال الله تعالى: (وَلَا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ) ]البقرة 237].
ويعد فعل الخير والعمل الإنساني مسلكا شرعيا يتناغم ومتطلبات الفطرة ومقتضيات العقل، ويتدرج حكمه بين العدل والإحسان، فيكون واجبا في حق كل قادر لمن هو في حالة الضرورة أو الحاجة الملحة، كمن يحتاج مساعدة لإنقاذ حياته أو رفع الضرر الواقع عنه حالا، كحالة الأسير أو المحاصر أو المهدد بالقتل أو الجائع أو الملهوف، أو المصاب الذي يخشى وفاته أو استدامة إصابته، أو غيره، ويكون من باب الإحسان في الأحوال العادية، وقد بين القرآن الكريم أن الإحسان للغير لا يقتصر على المسلم بل يتعداه لغيره فقال الله تعالى: (لَّا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ [سورة الممتحنة: 8]، فكل إنسان محتاج جاز دعمه شرعا ولو لم يكن مؤمنا، ولذلك أدخل غير المسلم في مصارف الزكاة، فقال الله تعالى: ( إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ ). [السورة ورقم الآية: التوبة (60)] كما أفتى الفقهاء المسلمون المعاصرون بمشروعية إخراج أموال الزكاة من المكان الذي وجبت فيه وإرساله لغيره لضرورة والحاجة؛ على غرار غزة حاليا، بل أفتوا بمشروعية إخراج الزكاة قبل موعدها للضرورة والحاجة، وتعد الزكاة مظهرا جليا من مظاهر فعل الخير والعمل الإنساني الواجب.
كما حث الرسول صلى الله عليه وسلم على إغاثة الملهوف روى البخاري ومسلم ما يدل على معناه، عن أبي موسى الأشعري أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلى الله عَليه وسَلم قَال: "عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ صَدَقَةٌ، قَالَ: أَفَرَأَيْتَ إِنْ لَمْ يَجِدْ؟ قَالَ: يَعْمَلُ بِيَدِهِ فَيَنْفَعُ نَفْسَهُ وَيَتَصَدَّقُ، قَالَ: أَفَرَأَيْتَ إِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ أَنْ يَفْعَلَ؟ قَالَ: يُعِينُ ذَا الْحَاجَةِ الْمَلْهُوفَ، قَالَ: أَرَأَيْتَ إِنْ لَمْ يَفْعَلْ؟ قَالَ: يَأْمُرُ بِالْخَيْرِ، أَوْ بِالْعَدْلِ، قَالَ: أَفَرَأَيْتَ إِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ أَنْ يَفْعَلَ؟ قَالَ: يُمْسِكُ عَنِ الشَّرِّ، فَإِنَّهُ لَهُ صَدَقَةٌ".، وفي الحديث: “وَاللَّهُ في عَوْنِ العَبْدِ ما كانَ العَبْدُ في عَوْنِ أَخِيهِ” رواه مسلم. وفي حديث النهي عن الجلوس في الطرقات: (..إن كنتم لابد فاعلين فاهدوا السبيل، وردوا السلام، وأغيثوا المظلوم)، وإغاثة الملهوف من أبرز صور العمل الإنساني.
وعن عَبْد الرَّحْمَنِ بْن قَيْسٍ الضَّبِّيُّ قَالَ: حدثنا سُكَيْنُ بْنُ سِرَاجٍ قَالَ: حدثنا عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ: "أَنَّ رَجُلًا جَاءَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيُّ النَّاسِ أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ؟ وَأَيُّ الْأَعْمَالِ أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَحَبُّ النَّاسِ إِلَى اللَّهِ أَنْفَعَهُمْ لِلنَّاسِ، وَأَحَبُّ الْأَعْمَالِ إِلَى اللَّهِ سُرُورٍ تُدْخِلُهُ عَلَى مُسْلِمٍ، أَوْ تَكْشِفُ عَنْهُ كُرْبَةً، أَوْ تَقْضِي عَنْهُ دِينًا، أَوْ تَطْرَدُ عَنْهُ جُوعًا، وَلِأَنْ أَمْشِيَ مَعَ أَخٍ لِي فِي حَاجَةٍ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَعْتَكِفَ فِي هَذَا الْمَسْجِدِ، يَعْنِي مَسْجِدَ الْمَدِينَةِ، شَهْرًا، وَمَنْ كَفَّ غَضَبَهُ سَتَرَ اللَّهُ عَوْرَتَهُ، وَمَنْ كَظَمَ غَيْظَهُ، وَلَوْ شَاءَ أَنْ يُمْضِيَهُ أَمْضَاهُ، مَلَأَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ قَلْبَهُ أَمْنًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَمَنْ مَشَى مَعَ أَخِيهِ فِي حَاجَةٍ حَتَّى أَثْبَتَهَا لَهُ ، أَثْبَتَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ قَدَمَهُ عَلَى الصِّرَاطِ يَوْمَ تَزِلُّ فِيهِ الْأَقْدَامُ) رواه الطبراني ومختلف في درجته بين الضعف والحسن.
والعمل الخيري الإنساني لا ينحصر في نوع واحد ولا يتخذ حكما واحدا لكل عمل، لأن ذاك تقدره ظروف الحال والمكان والزمان، فهو يشمل توريد مستلزمات الحياة لمناطق الأزمات والحروب وبؤر التوتر والفاقة، من قبل المتطوعين والجمعيات والدول، وإرسال الأطقم الطبية والصحية من أطباء وممرضين ومسعفين وسيارات ومستشفيات ميدانية وغيرها، وإرسال كل من يعمل في الإغاثة لتوفير كل الخدمات التي يحتاجها الواقعون في تلك الأماكن المتضررة، من أكل وماء وآبار وعلاج وكهرباء وخدمات اتصال وتعليم ومأوى ولباس إعادة تشغيل مؤسسات الإنتاج ووسائل نقل وغير ذلك، ولا يتوقف وجوب العمل الإنساني على الأفراد والمؤسسات التي تتكفل بذلك ميدانيا بل يتعدى إلى كل مؤسسة أو فرد قادر على تقديم دعم مادي ولوجيستي لهم؛ لأن أولئك لا يمكن أن يؤدوا دورهم دون خلفية إسناد، ويشتد الوجوب على المسلمين إذا تعلق الأمر بفئة مؤمنة في حاجة لدعم والإسناد، على غرار أهل غزة حاليا
وقد قدرت الهيئات الأممية أن أزيد من 200 مليون شخص في حاجة إلى مساعدة عبر العالم، وأن النظرة العامة العالمية للعمل الإنساني لعام 2024 تتطلب مبلغ 48.65 مليار دولار لمساعدة 186.5 مليون شخص في الحاجة. إذ بلغ تمويل النظرة العامة العالمية للعمل الإنساني إلى غاية نهاية يوليو/تموز 2024م 12.26 مليار دولار أي 11 % أقل من العام الماضي في نفس الوقت.
ع/خ
منظمة التعاون الإسلامي تدين اقتحام المسجد الأقصى
أدانت منظمة التعاون الإسلامي اقتحام وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير رفقة مئات المستوطنين لباحات المسجد الأقصى، وتدنيسها ومنع المصلين من الوصول إليه.
واعتبرت المنظمة في بيان رسمي هذا الاقتحام استفزازا لمشاعر المسلمين في العالم بأسره، وانتهاكا صارخا للقانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة. واستنادا لوسائط إعلامية فقد حذرت المنظمة في بيانها من خطورة استمرار سياسات إسرائيل الرامية لتغيير الهوية العربية والإسلامية لمدينة القدس، مؤكدة أنه لا سيادة لإسرائيل "قوة الاحتلال" على مدينة القدس ومقدساتها، وأن المسجد الأقصى والحرم القدسي الشريف بكامل مساحته هو مكان عبادة خالص للمسلمين فقط. كما دعت المنظمة المجتمع الدولي، وخصوصا مجلس الأمن الدولي إلى تحمل مسؤولياته لوضع حد لهذه الانتهاكات الخطيرة والمتكررة لحرمة الأماكن المقدسة وحرية العبادة، مطالبة بضرورة وقف العدوان الإسرائيلي بشكل كامل وفوري وبتوفير الحماية الدولية للشعب الفلسطيني.
فتاوى
تسببت أوضاع الأسرة المزرية في طلاق والدي لعدة مرات، وهو في حالة غضب، وقد أخبره الأئمة أنه لا يجوز له مراجعتها بعد الطلقة الثالثة حتى تنكح زوجا غيره، إلا أنه عاود تطليقها مرة أخرى مما جعل والدتي تنتقل إلى بيتي وبقي والدي مع بعض إخوتي، فهل من حل لهذه المشكلة؟
إذا تكرر الطلاق ثلاث مرات، بحيث وقع الطلاق مرة وتراجع الزوجان، ثم وقع مرة ثانية وتراجع الزوجان، ثم وقع للمرة الثالثة، فإنه يقع ما يسمى الطلاق البائن بينونة كبرى بحيث يفرق بين الزوجين ولا تحل لهما المراجعة حتى تتزوج تلك المرأة برجل آخر ويطلقها. وهذا أمر متفق عليه بين العلماء. أما إذا صدر الطلاق في حالة الغضب، فقد فصل أهل العلم بأن طلاق الغضبان يقع ويحسب، إلا إذا وصل به الغضب إلى درجة الإغلاق التي تشبه حالة الجنون وغياب الوعي، فحينئذ لا تحسب تلك الطلقة.
هل يحتاج الطلاق إلى إشهاد؟
الطلاق مثل اليمين بالله وصفاته وكتبه في لزوم الحنث به، فما تلفظه اللسان مترجما عن الجنان وقع ولا يحتاج إلى إشهاد، إذ الإشهاد مختص بما هو مستور عن الغير ولا يظهر إلا بواسطة شهود، وهو يكون بين اثنين أحدهما مُدّعٍ والآخر مدَّعًى عليه. والأمر في الطلاق غير هذا، لأن عقدة النكاح المعبر عنها بالعصمة هي بيد الزوج لا غير، فإذا أراد حلها كان له ذلك بدون إشهاد. اللهم إلا إذا وقع شجار بين الزوجين وانفصلا عن قول الزوج أنه نطق بالطلاق وخالفته الزوجة بقولها: إنها لم تسمع منه ذلك، فيحتاج الحال إلى بينة إن أنكر قولها، وما عليه في ذلك إلا أن يعيد ما كان تلفظ به لا غير. ثم إن لفظ الطلاق يقع إن قصده بقلبه، ولم يكن مكرها، ولم يكن غائب العقل بمغيب لم يتعمده أو يجهله، وشرطه من بالغ لقوله عليه الصلاة والسلام:" رفع القلم عن الصبي حتى يبلغ، وعن المجنون حتى يفيق، وعن النائم حتى يستيقظ"(1)، ولقوله صلى الله عليه وسلم: "رفع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه"(2)، ولقوله صلى الله عليه وسلم: "رفع عن أمتي ما حدثت به أنفسها ما لم تتلفظ به"(3)، وهي كلها أحاديث صحيحة واردة في السنن. بقي من أمر الطلاق شيء، وهو الطلاق في حالة الغضب، هل ينفذ أم لا؟ فالجمهور على نفوذه، لأن فيه التلفظ باللسان والقصد بالقلب، اللهم إلا إذا اشتدّ الغضب فوصل إلى درجة ذهاب العقل، بحيث عندما هدأ سئل ماذا قلت؟ أو ماذا فعلت؟ فأجاب بما يدل على أنه كان فاقد العقل، فهذا لا يقع.
موقع وزارة الشؤون الدينية والأوقاف
اختتام موسم المدرسة القرآنية الصيفية
اختتم الموسم الدراسي للمدرسة القرآنية الصيفية بمختلف مساجد الجزائر، حيث أقيمت بهذه المناسبة حفلات مختلفة كرم خلالها بعض مرتادي المدارس لاسيما ممن أتم حفظ كتاب الله تعالى وختمه، وحسبما نشرته مختلف مديريات الشؤون الدينية والمساجد فقد تم حفل الاختام ومختلف التكريمات بحضور المعنيين من الجنسين وأوليائهم ومشايخهم، كما عمدت بعض المدارس إلى تنظيم مسابقة بين الأقسام بعثا للتنافس، وتحفيزا على مواصلة الحفظ
ندوات مخلّدة ليوم المجاهد
انخرطت مختلف مساجد الجزائر في نشاطات دينية وتاريخية تحسبا للاحتفال بذكرى يوم المجاهد المتزامن مع إحياء الذكرى المزدوجة 20أوت1955/1956م حيث بادرت مديريات الشؤون الدينية إلى تسطير برامج شرع في تنفيذها عمليا من خلال تنظيم ندوات لأبناء القطاع وأخرى للعموم أبرزت بعض الأبعاد الدينية والوطنية للحدثين، وكذا التضحيات الجسام التي قدمها الشعب الجزائري بكل فئاته من أجل استرجاع السيادة الوطنية.
رعية فرنسية تعتنق الإسلام بتيزي وزو
أشهرت مساء الإثنين إلى الثلاثاء الماضيين الرعية الفرنسية
LOTOI Sabine الإسلام بمقر مديرية الشؤون الدينية والأوقاف لولاية تيزي وزو وتحت إشراف السيد المدير الاستاذ لحسن حافضي وبحضور الأستاذ رشيد صدوق إمام مسجد ارزقي الشرفاوي والتي اختارت لنفسها اسما جديدا هو صبرينة، حسبما كشفت عنه المديرية.