الخميس 19 سبتمبر 2024 الموافق لـ 15 ربيع الأول 1446
Accueil Top Pub

صنع إنسان الخلافة والعمارة والعبادة: الرسول الأعظم قدم بديلا للحضارة الإنسانية

تحتفي الأمة الإسلامية في كل عام بميلاد رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث تقام الأسابيع العلمية وتعقد الندوات وتلقى المحاضرات وتجرى المسابقات وتنشد الأشعار بمدح خير البرية وذكر شمائل المصطفى وسيرته العطرة من الميلاد إلى الوفاة، والسر العجيب أن كل ذلك يتم منذ أمد بعيد ويعاد في كل عام، ولكن لا تمل الآذان من السماع ولا تكل الهمم ولا تسأم النفوس من السيرة والمسيرة المباركة لخير البرية، بل وفي كل يوم تُكتشف جوانب من عظمة شخص رسول الله في مجالات عدّة من نواحي الحياة، فلم كل هذا الاحتفاء بسيرة رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ وماذا قدّم رسول الله صلى الله عليه وسلم للبشرية حتى تحظى سيرته وشمائله وخصائصه، بل والشريعة التي بُعث بها بكل هذه العناية والرعاية والحفظ والدراية من المحبين والمنصفين من المخالفين.
إن الجواب على هذه الأسئلة وإن كان يتطلب أسفارا ومجلدات تتكلم عن سماحة الإسلام وعظمة رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا أننا سنقتصر هنا على الخطوط العريضة والعناوين الكبرى لأثر رسول الله صلى الله عليه وسلم على الحضارة الإنسانية وهذا الأثر دائم مستمر إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها.

ومن هنا وجب علينا أن نسلط الضوء على حالة العالم قبل البعثة النبوية الشريفة وكيف كانت البشرية تعيش جاهلية أفلت خلالها شمس الحضارة وذبلت زهور قيم الخير والفضيلة،و اندرست معالم الحق، وأطبق الباطل وعم ّالكفر بمختلف صوره من عبادة الأوثان إلى عبادة الظواهر الطبيعية والكائنات، حتى تلكم الحضارات التي ادعت بهتانا وزورا تبني ديانات توحيدية كالنصرانية أو يهودية أدخلت عليها وثنيتها وانحرفت عن جادة الصواب وحُرفت كتبها السماوية، ومن بقي منهم على منهج الحق ودعوة التوحيد هام على وجهه في الفيافي والقفار، واعتزل الناس في الديرة والصوامع، وأما الحنفاء وهم قلة قليلة من الموحدين والبقية الباقية من ملة إبراهيم والحنفية السمحة ورغم أنهم لم يكونوا سوى في شبه الجزيرة العربية ولم يكن لهم أثر يُذكر. فضلا عن استقواء أهل الباطل وانتشار الحروب في الشرق والغرب من المعمورة أدت إلى هلاك الحرث والنسل واندثار حضارات.
كما كان للرذيلة والفساد القدح المعلى في حياة الأمم والشعوب حتى غدت الفضيلة والعفة كشعرة بيضاء في ثوب أسود ونجم ضوؤه باهت في غمرة ظلام دامس ولم يبق للبشرية من ملجأ إلا أولئك الدجاجلة من الكهنة من مختلف الحضارات أدعياء الاتصال بعالم الجن الذين يوهمون الناس بعلاقاتهم بعالم الغيب، أما العرب فلم يكونوا سوى أمة أمية لا يطمع فيها طامع ولا يحسب لها حساب ضمن معادلة الصراع الكوني، وما كان من كيانات لعرب في الشام أو الحيرة بالعراق فهي كيانات هزيلة تابعة للروم أو الفرس كشأن الغساسنة والمناذرة.
وما إن بعُث رسول الهدى صلى الله عليه وسلم وبعد سنوات من الدعوة السرية وبناء القاعدة الصلبة وصناعة جيل التمكين حتى تمكن رسول الله صلى الله عليه وسلم من صناعة الإنسان الخليفة إنسان الفطرة السليمة الحامل لرسالة الله الخالدة بأبعادها الثلاثية الخلاقة والعمارة والعبادة مصداقا لقوله تعالى:{ثم جعلناكم خلائف في الأرض من بعدهم لننظر كيف تعملون} وقوله تعالى :{ وهو أنشأكم من الأرض واستعمركم فيها } وأما العبادة فلقوله تعالى: {وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون}.
هذا الإنسان الذي صنعه رسول الله صلى الله عليه وسلم صناعة فريدة وفي فترة وجيزة، حرّر فيها النفوس من الهوى والعقول من الخرافة والدجل، والأخلاق من الفجور والسقوط حتى قال أحد الصحابة {كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يفرغنا ثم يملؤنا}.يفرغ العقول من الخرافة والتصورات المنحرفة عن عالمي الغيب والشهادة، ثم يملؤها بالإيمان الحق والتصورات السليمة عن الغيبيات وفق قاعدة التسليم بها وفق ماجاء به الوحي المسطور، ويفرغ النفوس من الهوى والحيرة والاضطراب ويملؤها بالرضا والطمأنينة والتقوى والربانية، ويفرغ الأخلاق من الانحطاط والرذيلة والفضاضة والغلظة،ويملؤها بالفضيلة والبر والإحسان والرحمة والرقة.
هذا هو الإنسان الذي صنعه رسول الله صلى الله عليه وقدّمه نموذجا راقيا لأمم عربها وعجمها نموذج جمع بين الربانية والبشرية يستجيب لنداء الغرائز التي يستجيب لها كل البشر ولكن وفق منهج سوي منضبط بضوابط الشرع وطهرت نفوسها من كل حظوظ النفس ولم يبق لها من حظ سوى أن ترى منهج الله مقاما على الأرض.
هذه الصناعة لإنسان الخليفة ظلت وستظل مستمرة ما دامت السموات والأرض ولم تنقطع بموت رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا زال أحباب رسول الله موجودين عاملين مجاهدين لتمكين دين الله وخاصة وقد عادت الجاهلية في أبشع صورها جسدتها الحضارة الغربية وطغيان المادة وانتشار الإلحاد وسيادة الظلم والطغيان، وقد أخبرنا رسول الله عن الإنسان الخليفة المقتفي لأثر الصحابة الكرام حينما قال وددت لو أرى إخواني قال الصحابة أو لسنا إخوانك،قال (بل أنتم أصحابي، إخواني قوم أمنوا بي ولم يروني أجر الواحد منهم كأجر الخمسين، قالوا منا أم منهم ،قال بل منكم). خلاصة هذا الإنسان الخليفة الذي قدمه رسول الله للبشرية صانعا فاعلا في الحضارة الإنسانية عبد لله سيد في الكون، مسلم متبع للغيب مبدع في عالم الشهادة مفجر لمكنونات الكون وطاقاته وإمكاناته، وهذا ما جعله يؤسس حضارة راقية بُنيت على أساس العدل والحق والتعاون والتحاور والتشاور والتجاور، حضارة تقوم على الربانية لا الرهبانية، تقوم على العدل لا الظلم، وتقوم على العزة بدون غطرسة وتسامح بدون مذلة وهوان، وقوة بدون طغيان وتعد، وتعاون بدون ذوبان.
قدّم رسول الله للحضارة الإنسانية بديلا متكاملا يقوم على العقيدة الصافية والعبادة السليمة والفكر المستنير ونظم تشريعية متكاملة تجمع بين الواقعية والمثالية في نسق متكامل في حدود الفطرة البشرية .

ملتقى وطني بمناسبة يوم الإمام
ستنظم وزارة الشؤون الدينية والأوقاف ملتقى وطنيا بولاية سطيف في ذكرى اليوم الوطني للإمام وذكرى المولد النبوي الشريف، حول موضوع دور الأئمة ومعلمي القرآن الكريم في دعم الثورة التحررية، سيشارك فيه كوكبة من الأساتذة والأئمة والمشايخ والمديرين المركزيين بالوزارة، وينتظر أن يحضر وزير الشؤون الدينية والأوقاف يوسف بلمهدي أشغال الملتقى ويعطي إشارة انطلاقه .
وحسب برنامج الملتقى الذي تحصلت النصر على نسخة منه فإن أشغاله تتوزع على خمس جلسات علمية إضافة إلى الجلسة الافتتاحية والجلسة الاختتامية، حيث تخصص الجلسة العلمية الأولى لمحور الخطاب الديني ودوره في التعبئة للثورة، والجلسة الثانية لنماذج من أدوار الأئمة في الثورة التحريرية، والجلسة الثالثة للتعليم القرآني خلال الثورة التحريرية، والجلسة الرابعة لنماذج من مشاركة معلمي القرآن في ثورة التحرير، والجلسة الخامسة للأسرة المسجدية ومواصلة رسالة الشهداء.

علماء الجزائر يحيون ذكرى المولد النبوي

الإمام ابن باديس
فلنجعل يوم ولادته من كل عام يوما نعزم فيه على تجديدنا تجديدا روحيا وعقليا وأخلاقيا وعمليا وتاريخيا تجديدا إسلاميا محمديا في جميع ذلك. لنولد في عامنا الجديد ولادة جديدة وهكذا نجدد ونتجدد في كل ذكرى مولد.
علينا أن نتفقد عقائدنا وأخلاقنا وأعمالنا ونعزم فيما اندثر منها على التجديد، ولنعين بعضها ولنجعله على الخصوص محل العناية الكبرى بالتجديد منا حتى نحاسب أنفسنا عليه في الذكرى الآتية.
وقال في قصيدة تحية المولد:
أحـيـيـت مـولـد من بـه    حـييَ الأنـام على الحِـقَـبْ
أحـيـيـت مـولـوده بـما     يُبرى النـفـوسَ مـن الوصبْ
بالـعـلـم   والآداب والـ     أخـلاق في نـشءٍ عـجـبْ

البشير الإبراهيمي
إنما السرّ الذي يجب أن يتبيّنه السامعون الواعون هو أن هذه الليلة وُلد فيها الهدى الذي محق الضلال، ووُلد فيها الحق الذي محا الباطل، ووُلد فيها النور الذي نسخ الظلام، ووُلد فيها التوحيد الذي أمات الوثنية، ووُلدت فيها الحرية التي انتقمت من العبودية ووُلد فيها التساوي الذي قضى على الأثرة والأنانية، ووُلد فيها التآخي الذي أبطل البغي والعدوان، ووُلدت فيها الرحمة التي قضت على القسوة والجبروت وعلى البخل وآثاره، ووُلدت فيها الشجاعة التي تنصُر الحقيقة وتمهّد الطريقة، وبالإجمال وُلد فيها الإسلام وما أدراكم ما الإسلام.أيها السادة،هذه بعض الذكريات التي توحيها إلينا ليلة المولد النبوي، فتثير الهمم الرواكد، وتستفز العزائم الفاترة، وتصحّح ما اندثر من الحقائق والعقائد، أحْيُوا هذه الذكريات في نفوسكم ونفوس أبنائكم وبناتكم، تحيوا ويحيوا مسلمين صالحين مصلحين هادين إلى الحق مهديّين به.

وزارة الشؤون الدينية
هذه أدلة مشروعية الاحتفال بالمولد النبوي
تواصل مختلف مساجد الجزائر والمراكز الثقافية الإسلامية تنفيذ برامجها الثرية المبرمجة لشهر ربيع الأول من ندوات ومسابقات في حفظ كتاب الله تعالى والحديث النبوي الشريف والمتون ومسابقات في السيرة النبوية الشريفة، بالتوازي مع هذا نشرت وزارة الشؤون الدينية عبر موقعها مقالا مؤصلا عنونته ب ‹المختصر المفيد في الاحتفال بالمولد› بينت فيه مشروعية الاحتفال بهذه الذكرى،ردا على المشككين في مشروعيته.
وقد انطلق المقال من قاعدة التفريق بين (الأصل وأثره) ورأى أنها قضية ضرورية لفهم المسألة. فالدليل يطلب للأصل ولا يطلب للأثر، لأن الأثر تابع له ولازم من لوازم الفعل،فإذا كان الدليل مع جواز الفعل، جاز أثره، وإذا كان الدليل على حرمة الفعل، حرم أثره، وقد ذكر لذلك أمثلة منها: تعظيم المصحف، فهذا أصل، يمكن للإنسان أن يطلب الدليل على تعظيم المصحف.ولكن هذا التعظيم له آثار متفاوتة بين الناس على حسب انفعالهم مع الأصل، فتقبيل المصحف مثلا، وتجليده، وطباعته ملونا، هذه آثار الأصل وهو التعظيم للقرآن الكريم، وهذه الآثار، لا يحق للمسلم أن يسأل عن دليلها، لأنها آثار لتعظيم المصحف، والدليل يطلب للأصول والأفعال لا للآثار.وغيرها من الأمثلة ليخلص إلى أن الاحتفال بالمولد ليس أصلا وإنما هو أثر من آثار التعظيم لسيدنا محمد عليه الصلاة والسلام؛ فلا يصح أن يطلب عليه دليل، يعني إن الأمر بتعظيم النبي عليه الصلاة والسلام أمر ثابت ولكن يقوم المسلمون ببعض مظاهر هذا الحب والتعظيم من أناشيد وأذكار واجتماع على قراءة سيرته العطرة وهكذا، هذه الآثار لا يصح أن تطلب لها دليلا مستقلا، لأن الدليل ثبت للأصل وهو استحباب تعظيمه عليه الصلاة والسلام،قال تعالى: ” لتؤمنوا بالله ورسوله وتعزروه وتوقروه وتسبحوه بكرة وأصيلا’’.ومن هذه التقريرات نفهم معنى كلام العلماء فيما لا دليل عليه مستقل بأنه جائز أو مستحب لأنه لم يخالف الأصل.
فمن كان يريد أن يطلب الدليل فعليه أن يوجهه إلى الأصل وهو ما الدليل على تعظيم رسول الله عليه الصلاة والسلام، ولا يطلب الدليل على أثر هذا التعظيم كعمل المولد.
وفي الختام يقول: إن صور وأشكال ونماذج وانفعالات وآثار محبته عليه الصلاة والسلام لا يمكن أن تحصى أو تعد، فالمحب واسع في آثار محبته، ويتفنن في قربه من محبوبه، لكن بمالا يخالف أصلا من أصول الإسلام ...
وإذا طلب أحدهم الدليل على استحباب الاحتفال بمولده الشريف، فإننا نطالبه بمئات الأدلة على أفعاله التي لا يمكن أن يجد لها دليلا مستقلا إلا أنها لا تخالف أصول الإسلام ...
وإننا في ظل الهجمة التي تتكرر في كل سنة لتشويه صورة رسول الله عليه الصلاة والسلام أحوج ما نكون للتأكيد على هذا الاحتفال برسول الله وبمولده عليه الصلاة والسلام لتعريف العالم بأكمله بالإنسان الكامل والرحمة المهداة.

آخر الأخبار

Articles Side Pub
Articles Bottom Pub
جريدة النصر الإلكترونية

تأسست جريدة "النصر" في 27 نوفمبر 1908م ، وأممت في 18 سبتمبر 1963م. 
عربت جزئيا في 5 يوليو 1971م (صفحتان)، ثم تعربت كليًا في 1 يناير 1972م. كانت النصر تمتلك مطبعة منذ 1928م حتى 1990م. أصبحت جريدة يومية توزع وتطبع في جميع أنحاء الوطن، من الشرق إلى الغرب ومن الشمال إلى الجنوب.

عن النصر  اتصل بنا 

 

اتصل بنا

المنطقة الصناعية "بالما" 24 فيفري 1956
قسنطينة - الجزائر
قسم التحرير
قسم الإشهار
(+213) (0) 31 60 70 78 (+213) (0) 31 60 70 82
(+213) (0) 31 60 70 77 (+213) (0) 6 60 37 60 00
annasr.journal@gmail.com pub@annasronline.com