بين خوف من الألم و تفاديا للوقوع في المكروه

مرضى يسابقون الزمن لعلاج أسنانهم استعدادا لشهر رمضان
يستعد الكثير من الجزائريين لاستقبال شهر رمضان صحيا، و يربطون ذلك بسلامة الفم، و الأسنان التي غالبا ما يجدون صعوبات في طريقة التكفل بها بين آلام لا تتوقف، و خوف من الوقوع في المكروه لضرورة استعمال المخدر عند علاجها وقت الصيام، ما يؤكده الأخصائيون الذين يقولون بأن عدد المرضى يرتفع قبيل رمضان بنسبة 30 بالمائة، فيما ينخفض إلى أكثر من 50 بالمائة أثناء الشهر الفضيل.
ففي الوقت الذي يحرص الكثيرون ممن يعانون آلام المعدة و القولون أو حتى أمراض مزمنة كالسكري، على زيارة الطبيب و رصد أدوية معينة تساعدهم على الصيام دون آلام، يركز غالبية الجزائريين على جانب العناية بالفم، حيث تشهد مختلف عيادات جراحة الأسنان إقبالا قياسيا للمرضى الذين تشير المعطيات إلى أن أغلبهم يزورونها ليس بداعي الألم، و إنما استعدادا للصيام دون ألم.
تنقلنا بين بعض عيادات جراحة الأسنان، قبل أيام معدودة من حلول الشهر الفضيل، ففوجئنا بالأعداد الكبيرة للمواطنين الذين كانت قاعات الانتظار تعج بهم، فلا داعي للبحث لدى طبيب آخر، فالواقع ذاته عبر كافة العيادات و من يرغب في علاج أسنانه، لا بد عليه من الوصول مبكرا لضمان جلسة علاج خلال نفس اليوم، أو أنه سيضطر للعودة في يوم آخر ، حسب ما وقفنا عليه و ما أكده لنا بعض المرضى.
ويؤكد بعض من التقيناهم بإحدى العيادات، على أن سبب الزيارة ليس الألم، أو العناية بالفم، كما هو معتاد خلال باقي أيام السنة، فإحدى السيدات قالت لنا أنها تزور الطبيب لعلاج أسنانها، و أخرى لقلع ضرسها، و آخر لمعاينة إن كانت إحدى أسنانه بحاجة إلى علاج، و كل هذا استعدادا لحلول شهر رمضان، علما بأن الجميع يحرص على إنهاء العملية قبل موعد الصيام.
مريضة أخرى، حدثتنا عن مشكل آلام الأسنان التي قالت أنها لا تظهر إلا قبل شهر رمضان، فقد اعتادت على زيارة جراح الأسنان في هذا الوقت من السنة تحديدا، في حين قال شاب آخر بأنه يعمد لعلاج أسنانه التي يخاف أن تعرضه لآلام في شهر رمضان بسبب التناول المفرط للحلويات، و ذلك ،كما يقول، تفاديا للوقوع في الشبهات، مشيرا إلى مسألة استعمال المخدر أثناء علاج بعض الأسنان المستعصية أو قلع ضرس ما، فهو يتجنب كل هذا لعدم الوقوع في ما هو مكروه في ديننا مضطرا على حد قوله.
أما بالنسبة لأهل الاختصاص، فهم يؤكدون الواقع المسجل بعياداتهم، فجراحة الأسنان الدكتورة كرتوت باية، أكدت للنصر أن كل العيادات تسجل ارتفاعا في عدد الزبائن خلال هذه الفترة، و العكس أثناء شهر رمضان، مشيرة إلى أن عدد زبائن عيادتها لوحدها يرتفع بنسبة تتراوح بين 20 إلى 30 في المائة، فيما يتقلص أثناء رمضان إلى أكثر من 50 بالمائة مقارنة بالأيام العادية.
و تشير المختصة إلى قضية قناعات لدى المرضى تبقى الحاكم الأساسي في العملية، خاصة فيما يتعلق باستعمال المخذر، الذي يشكل الهاجس الأكبر لمن يخافون الوقوع تحت طائلة المكروهات.
و مهما اختلفت المجالات، يبقى المواطن الجزائري رهينة مناسبات يترك لها العنان للتحكم في حياته، فتعج أسواق الطعام بالمواطنين استعدادا للشهر،  و تحدث حالة طوارئ بأروقة بيع الأواني، فيما تقلب الأوضاع بعيادات جراحة الأسنان، في انتظار مجال آخر يعيش الانقلاب مع مناسبة جديدة.
إ.زياري