أكد رئيس مجموعة البنك الاسلامي للتنمية، الدكتور محمد بن سليمان الجاسر، لدى استقباله أمس الأحد من طرف رئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون، أن...
انطلقت، أمس، في كل المدارس الابتدائية عبر الوطن، التقييمات الشفوية لامتحان تقييم المكتسبات بالنسبة لأقسام السنتين الثانية و الرابعة وأقسام السنة...
أعلنت مؤسسة «عدل للتسيير العقاري»، أمس، عن انطلاق ثاني عملية كبرى لإعادة التهيئة والترميم على مستوى سبعة فروع جهوية، تشمل 625 عمارة موزعة عبر مختلف...
جدد وزير الدولة، وزير الشؤون الخارجية والجالية الوطنية بالخارج والشؤون الإفريقية، أحمد عطاف، أمس الأحد، دعم الجزائر المطلق لجهود الأمين العام للأمم...
تعتبر حياكة الزرابي من المهن العريقة التي تتمسك بها حرفيات قرية آث هشام، الكائنة في مرتفعات دائرة عين الحمام، على بعد حوالي 60 كلم جنوب شرق ولاية تيزي وزو، رغم صعوبة تسويقها، فقد استغلين فترة الحجر المنزلي الطويلة، بسبب جائحة كورونا لممارسة حرفتهن.
الحرفيات ورثن هذا النشاط عن أمهاتهن و جداتهن، و يمارسنه بحب و حماس في قريتهن الكائنة على ارتفاع 1153 مترا عن سطح البحر، و يعتبرنه مصدر فخر و اعتزاز و كنزا لا يفنى، ارتبطن به منذ عقود من الزمن، كارتباطهن بأطفالهنّ، رغم مشقته و مشاكل التسويق الذي تهدد هذه الحرفة العريقة بالزوال، كما أكدت للنصر «نا يمينة» البالغة من العمر 72 سنة، مشيرة إلى أنها تمارس فن حياكة الزرابي، منذ كان عمرها 19 سنة، عندما تعلمتها في مدرسة النسيج بالقرية، مؤكدة بأنها تعشقها و ستواصل ممارستها إلى آخر العمر، رغم العراقيل التي تواجهها المتعلقة أساسا بمشاكل التسويق، إضافة إلى غياب آليات الدعم لتشجيع الحرفيات.
محدثتنا اشتكت أيضا من غلاء المادة الأولية، سيما الصوف الذي تعتمد عليه في حياكة الزرابي، فارتفاع سعره في السوق و ندرته أحيانا، أثرا على أسعار الزرابي، و في ذات السياق أوضحت أن السجادة متوسطة الحجم، يصل سعرها إلى 20 ألف دج، بينما السجادة ذات الأربعة أمتار يتجاوز سعرها 40 ألف دج، وعندما تكون مصحوبة بوسادتين و غطاء للسرير فهي تتجاوز هذا السعر بكثير، كما توجد أيضا زراب مخصصة لقاعات استقبال الضيوف و تتكون من عدة قطع يتراوح ثمنها بين 15 و 20 مليون سنتيم.
«نا يمينة»، أبدت تخوفها من زوال هذه الحرفة العريقة في السنوات القادمة، خاصة مع غزو الأغطية و الأفرشة الصينية للأسواق المحلية بأسعار منخفضة، على حد تعبيرها، مشيرة إلى أن زربية آث هشام كانت في وقت قريب، عنصرا أساسيا في جهاز العروس في منطقة القبائل بأكملها، بينما اليوم أصبحت العروس تكتفي فقط بقطعة واحدة متوسطة الحجم، مضيفة أنه في السنوات الماضية، كل بيوت قرية آث هشام تتوفر على غرفة مخصصة لحياكة الزرابي، بينما اليوم اندثرت حتى الأدوات المستعملة في الحياكة في بعض المنازل، وهو ما تأسفت له «نا يمينة» ، مشيرة إلى أن مهرجان زربية آث هشام أنقذ «نسبيا» هذا النشاط من الزوال، حيث يتم تسويق كمية لا بأس بها من الزرابي للزوار، خاصة الأجانب، سيما وأنها اكتسبت شهرة وطنية ودولية .
و قالت الحرفية تسعديت التي تعتبر من أقدم حرفيات النسيج في قرية آث هشام ، أن زربية آث هشام خضعت لعدة تغييرات بمرور الزمن، وفقدت وزنها الحقيقي، كنتيجة حتمية لغلاء مادة الصوف الطبيعي و استبدالها بالخيوط الاصطناعية ذات الألوان المختلفة، بعدما كن يعتمدن على الأصباغ الطبيعية عندما كن يستعملن الصوف، و رغم ذلك حافظت على خصائصها التقليدية، مثل الرموز الأمازيغية التي تزينها والتي لها دلالات كثيرة، مضيفة أنّهنّ يبذلن قصارى جهدهنّ للحفاظ على هوية الزربية المحلية، لكي تبقى هذه الحرفة التقليدية التي ورثنها عن أمهاتهن وجداتهن.
و أضافت المتحدثة أن زربية آث هشام، رغم ما تعانيه من مشاكل، إلاّ أنها صمدت كثيرا، بفضل حرفيات سبقوهن إلى الحرفة، من بينهن المجاهدة والحرفية «نا غنيمة آيت إسعد»،و»وردية آيت عبد السلام» و «آيت وزو نورة» والعديد من الحرفيات الأخريات اللائي حافظن على سمعة الزربية المحلية.
و ذكرت تسعديت «نا غنيمة آيت اسعد» التي توفيت سنة 1993، و هي واحدة من أكثر نساء القرية شهرة، حيث شاركت في عدة معارض في مختلف أنحاء الجزائر وخارجها و نالت عدة ألقاب وشهادات وميداليات، وكانت من بين الحرفيات اللائي كن يعلّمن حرفة نسج الزرابي بمدرسة القرية التي تأسست سنة 1892.
و تابعت المتحدثة بأنه رغم عزوف الجيل الحالي عن الحياكة، إلا أن العديد من الحرفيات اللائي يمتهنها منذ سنوات صممن على التصدي لخطر اندثارها، بمواصلة ممارستها، و قد استغلين فترة الحجر الصحي المنزلي للتفنن فيها.
و أكدت السيدة تسعديت أنها لن تتخلى عنها، وستحضر بعض القطع لتشارك بها في الطبعات القادمة من مهرجان زربية آث هشام، على أمل أن تنجح في تسويقها، و تناشد، في ذات السياق، السلطات لدعم حرفيات هذه الصناعة التقليدية ومرافقتهن لإنقاذ الموروث الثقافي من الزوال.
سامية إخليف