ترأس الوزير الأول، السيد نذير العرباوي، اليوم الخميس، اجتماعا للحكومة، خصص لدراسة مشاريع مراسيم تتعلق بالوقاية من أخطار الكوارث وانفتاح مؤسسات...
• توافق الجزائر وعُمان على تعميق العلاقات وإعادة تفعيل آليات التعاون• اتفاق على تكثيف التواصل وتبادل الزيارات بين مختلف الجهات المعنية قررت الجزائر وسلطنة عمان، إنشاء صندوق...
انتقل إلى رحمة الله أمس الأربعاء بالجزائر العاصمة المجاهد العقيد الطاهر زبيري، قائد الولاية التاريخية الأولى وعضو مجلس الأمة السابق، عن عمر ناهز 95...
وقّعت الجزائر وسلطنة عُمان، أمس، على ثماني اتفاقيات تعاون في عدة مجالات، في إطار زيارة الدولة التي يقوم بها الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون إلى...
يستيقظ عليّ على الخامسة صباحا من أجل الالتحاق باكرا بالمدينة الجديدة علي منجلي في قسنطينة قادما من منطقة بونوارة البعيدة، فيبدأ يوما جديدا من العمل المضني والشاق في جمع القمامة رفقة زملائه بفرقة المناوبة التابعة لمؤسسة التسيير الحضري. النصر شاركت علي وأعوان نظافة آخرين، يوما من العمل خلال شهر رمضان، لتنقل صورا لهم وهم يستمرون بهمة عالية، رغم مشقة الصيام والتعب، في الانحناء لرفع النفايات وحمل أطنان منها على أكتافهم، متحدين كل الظروف والمخاطر في سبيل تأدية مهمة أحبوها وآمنوا بنبلها.
روبورتاج: هبة عزيون
عبر أكثر من نقطة تجميع، تنقلنا صباحا رفقة عمال النظافة بمؤسسة التسيير الحضري للمدينة الجديدة علي منجلي، حيث كان كم القمامة هائلا، فالحاويات امتلأت عن آخرها، بينما يشكل ما هو مرمي أرضا الضعف، أما أعوان النظافة و رغم ارتفاع درجة الحرارة ومشقة الصيام، إلا أنهم كانوا يجمعون هذه الكميات بنشاط، وما هي إلا دقائق من العمل المضني، حتى وجدناهم تركوا المكان نظيفا ليغادروا إلى نقطة ثانية.
وجوه تتصبب عرقا وساعات من العمل بعيدا عن العائلات
تبادلنا أطراف الحديث مع عمال النظافة الذين كانت الابتسامة لا تفارق محياهم، ومن بينهم منصف سعادة صاحب 45 سنة، والذي يزاول هذه المهنة التي اختارها، منذ خمس سنوات، حيث أخبرنا أنه تقدم إلى الشركة التي يعمل بها حاليا ونجح في الحصول على وظيفة وهو اليوم يؤديها بكل حب وإتقان.
ويضيف منصف أن العمل الذي يقوم به شاق ومتعب، إذ يتطلب الكثير من الصبر وبذل مجهود بدني، وهو ما كان باديا عليه أثناء مرافقتنا له، فوجهه كان يتصبب عرقا أثناء رفع الحاويات الممتلئة و وضع محتواها بجهاز ضغط القمامة في الشاحنة. ويقول منصف إنه وزملاءه يزاولون العمل مهما كانت الظروف المناخية، سواء تحت حرارة مرتفعة أو في البرد القارص، وكل ذلك وسط الروائح الكريهة ومناظر القمامة والأوساخ.
وذكر عامل النظافة أنه ليس بإمكان أي أحد مزاولة هذه المهنة بالنظر لظروفها الصعبة، كما أنها تأخذ الكثير من الوقت، فمنذ سنوات لم يشارك منصف عائلته الاحتفال بعدة مناسبات دينية، حيث يتجند مع زملائه لخدمة المواطنين في هذه الأيام التي تزيد فيها معدلات رمي القمامة، ويقضون ساعات في جمعها حسب برنامج المناوبة ليلا أو نهارا.
ويخبرنا منصف بأنه يغادر منزله كل يوم، مباشرة بعد صلاة الفجر ليستقل وسيلة نقل لكي يلتحق مبكرا بفريق التجميع، وفي رمضان يتناوب رفقة باقي العمال بين فترات صباحية وأخرى مسائية، لتكثيف العمل حسب خصوصية هذا الشهر، مؤكدا أن ما يتم جمعه خلال رمضان بعلي منجلي يتضاعف بعدة مرات بمتوسط 47 قنطارا يوميا، وهي كمية كبيرة جدا ليس من السهل جمعها والتخلص منها بمدينة معروفة بكثافتها السكانية الكبيرة واتساعها.
«تعرضت لوخز إبرة ملوثة خلال جمع القمامة»
تبادلنا أطراف الحديث مع عون نظافة آخر، وهو إلياس طابوري ذو الـ 39 عاما، حيث قال إن هذه المهنة محفوفة بالكثير من المخاطر، فكثيرا ما يكون العامل عرضة لحوادث قد تكون أليمة، إذ أن هناك من زملائه من تعرض لبتر إصبع يده بسبب آلة ضغط القمامة، إلى جانب تعرضهم لحوادث أخرى نتيجة ما يجدونه في الحاويات والأكياس من زجاج ومعادن ومواد خطيرة، تسبب لهم جروحا بليغة، وهو ما حدث معه قبل أشهر عندما وخزته حقنة أنسولين ملوثة وتسببت له في جرح بليغ على مستوى إصبع اليد والظفر، ما استدعى إخضاعه لعلاج مكثف دام لعدة أسابيع.
و قال إلياس في أسى، إن غياب ثقافة فرز القمامة لدى المواطنين، يُعد من أبرز العراقيل التي تواجه أعوان النظافة، إضافة إلى ظاهرة سرقة الحاويات المخصصة لتفريغها ما يعقد المهمة أمامهم، فما يرمى على الأرض ضعف ما يجدونه في الحاويات، وهو أمر يتطلب مجهودا عضليا لرفع النفايات، حتى أن غالبية الحوادث تقع، يتابع إلياس، عند جمع الأكياس المرمية بعيدا عن الحاويات.
استرجع إلياس حماسه وهو يخبرنا أنه و رغم كل هذه العراقيل، إلا أنه استمر في تأدية هذه المهنة بحب كبير ولحوالي 14 سنة، إذ يرى أن لعون النظافة دورا محوريا في المجتمع فهو من يسهر على نظافة المحيط، ويجب أن يحظى باحترام كبير بين الأفراد.
«سقوط حاوية على كتفي أرقدني الفراش لأشهر»
أما علي صاحب الـ 37 سنة، فيؤكد أن هذه المهنة ساعدته في تكوين أسرة صغيرة من طفلين و زوجة وإعالتهم وتلبية كافة متطلباتهم، لكنه يصف دخله بالزهيد جدا مقارنة بالمجهود المبذول، فأعوان النظافة، يتابع علي، يكرسون وقتهم و جهدهم لينعم المواطنون بمحيط نظيف، وبينما ينام غيرهم، يسهرون هم على جمع قمامة المنازل والتخلص منها للحفاظ على نقاوة البيئة وراحة المواطنين.
ويضيف علي، أنه وإلى جانب القدرة البدنية التي تستدعيها هذه المهنة وظروفها الصعبة، فهي تتطلب أيضا التحكم في الأعصاب، فكثيرا ما تواجه أعوان النظافة مواقف مزعجة بسبب التصرفات اللامسؤولة لبعض المواطنين بالتخلص من القمامة في أي مكان و رمي كل ما يخطر على بال، إضافة إلى خطر حوادث العمل التي تعترضهم يوميا، حيث قال علي إنه ظل طريح الفراش لأشهر بسبب سقوط حاوية نظافة على أحد كتفيه، لكن رغم كل هذه العراقيل إلا أنه ظل يزاول مهنته بحب وشغف. هـ.ع