أشاد رئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون، اليوم السبت بتيبازة بتيمن الشعب الجزائري بجيل ثورة نوفمبر 1954 المجيدة ورفعه للتحدي في جميع القطاعات،...
اتفق وزير السكن والعمران والمدينة محمد طارق بلعريبي، ووزير الفلاحة والتنمية الريفية والصيد البحري يوسف شرفة، على إنشاء لجنة تقنية مشتركة تعمل على...
* الرئيس تبون: «وصلنا إلى مرحلة الإنجازات العملاقة» * الجزائر هي اليوم بالفعل قوة ضاربة * المشروع تجسيد التزام رئاسي بتزويد مواطني وهران بالمياه قبل رمضان...
أعلنت وزارة التربية الوطنية في منشور صدر مؤخرا عن توسيع امتحان تقييم المكتسبات ليشمل نهاية الطورين الأول والثاني من مرحلة التعليم الابتدائي، بتنظيم...
يعتبر البارود في الأعراس و المناسبات السعيدة، بمثابة «سُنة» اجتماعية مؤكدة في ولاية تبسة، لا يمكن إسقاطها بالتقادم، أو تحت طائلة عناوين التمدن و العصرنة، بالرغم من إقرارهم، أن سوء استعمال البارود، يتسبب من حين لآخر، في بعض المآسي، التي حولت الأعراس إلى مآتم، و الأفراح إلى أحزان.
الجموعي ساكر
التبسيون أو «التباسة» صغيرهم قناص، و كبيرهم ماهر في إطلاق الرصاص، والبارود بالنسبة إليهم، ليس تًرًفا ماديا بحتا، فهو مرتبط بالرجولة و الشهامة و الفروسية، كما أنه هو متجذر في العادات والتقاليد التبسية، و لا يمكن أن تمر أي مناسبة، دون سماع صوت البارود، و دوي البنادق، و العرس الذي لا بارود فيه، لا طعم له ولا رائحة ، وأجمل المناسبات ، تلك التي يختلط فيها صهيل الجياد، بطلقات البارود و الفانتازيا وتتعالى فيها أصوات الفلكلور المحلي بالطواحي، مثلما قال الشيخ إبراهيم.
و يشاطره الرأي عز الدين، مؤكدا بأن هذه العادة، توارثها الأبناء عن الآباء و الأجداد، وهم مطالبون بنقلها إلى الأجيال اللاحقة و الأحفاد، كلما استطاعوا إلى ذلك سبيلا.
البارود بات ظاهرة اجتماعية في الأعراس، بقدر ما هي محبوبة عند الكثيرين، بقدر ما يتوجس الناس خيفة منها، بالنظر لما تخلفه من حوادث، قد تكون قاتلة في بعض الأحيان، بهذا الشأن، أكد عبد القادر، أن أغلب تلك المآسي، مرتبطة بنقص خبرة مستعملي البنادق، ففي غمرة التنافس الشديد، تتحول الساحات إلى ساحة حرب، تتطاير فيها الأتربة و الغبار.
و أثناء اللحظات السعيدة، قد تنفلت رصاصة طائشة، من بندقية أحدهم، فتصيب المدعوين و المدعوات، وربما يصل الأمر إلى تسجيل إصابات مؤدية إلى الموت، مما يحول درجة الفرح 180 درجة، باتجاه زاوية الحزن والأسى، الأمر الذي يغرق تلك المناسبة في دموع الندم.
لتفادي حدوث هذا السيناريو الحزين، يشدد عمي الربيع، على ضرورة أن يراقب صاحب العرس، كل من يحمل بندقية صيد، و السماح لمن يمتلك الخبرة فقط بإطلاق البارود، تفاديا لأي طارئ، و يدعو من جهته محمد الهادي، إلى الحرص على عدم إيذاء الآخرين، في مثل هذه المناسبات، وتوخي الحيطة والحذر، منبها إلى ضرورة، ألا تبني عائلة العريس والعروس أفراحها إلى متاعب للآخرين، ملمحا إلى أنه كثيرا، ما تحولت الأعراس إلى مصدر إزعاج للآخرين، من خلال إقامة الحفلات الصاخبة، التي تتعالى فيها أصوات البارود، وصيحات الديسك جوكي، دون مراعاة الساكنة، وظروف الجيران، وأحوالهم الصحية والمهنية.
قال الطاهر بهذا الصدد، بأن البارود كان يستعمل بشكل مكثف، في الفضاءات المفتوحة، بعيدا عن المدينة، فتتحول الأعراس إلى ما يشبه المهرجانات، خصوصا ببئر العاتر والشريعة وبئر مقدم و غيرها، يدعى إليها الكثيرون، و يقصدها كذلك غير المدعوين للاستمتاع، بعروض الفرسان، و مهاراتهم في اللعب بالبنادق والسيوف، الممزوجة بالحركات الاستعراضية و الفانتازيا، وقد تتوسع المناسبة ليلا للاستماع، إلى الشعر الملحون، الذي تزخر به بعض المناطق، خصوصا بنواحي بئر العاتر، على وقع «الفوشي» والأهازيج و الزغاريد و طلقات البارود.
الخطر يتضاعف في الصيف
يرى الخال لخضر، أن تباعد المساكن، وعدم قربها من بعضها في الماضي، ساهم في ترسيخ بعض العادات، منها عادة البارود، التي ظلت صامدة في وجه الزمن، غير أن الوضع تغير في الوقت الراهن، حيث بات الجميع يعيش في مساكن متقاربة ، الأمر الذي يفرض مراجعة بعض تلك العادات، و منها عادة إطلاق البارود، بعد منتصف الليل، أو قبله، بشكل مكثف، الأمر الذي يشكل مصدر قلق وإزعاج للعديد من العائلات، حتى وإن تمت تلك العملية في بعض قاعات الحفلات.
وانتقد تحويل الأعراس إلى ساحة للحرب، يستعرض البعض خلالها مهاراتهم، في اللعب بالبنادق والرمي والفانتازيا، ويتعاظم خطر البارود، خلال الصيف، موسم الأعراس، وبدرجات أقل في باقي الفصول.
و يذكر أن مصلحة الاستعجالات الطبية والجراحية بمستشفى عاليا صالح بتبسة، استقبلت 05 أشخاص، أصيبوا بطلقات نارية عشوائية، خلال النصف الأول من سنة 2022، مثلما أكده للنصر مدير هذه المؤسسة الاستشفائية.
وفي السياق ذاته، سجل مستشفى التيجاني هدام ببئر العاتر،حسب مديره، 05 حالات أخرى، في ذات الفترة، وهذه الأرقام مرشحة للزيادة في النصف الثاني من السنة، لتفضيل الكثير من العائلات إقامة أفراحهم في الصيف، ناهيك عن خطر الحوادث المرورية، التي تقع في مواكب الأعراس فتتسبب هي الأخرى في الكثير من الفجائع، وتحول الأفراح إلى أحزان، وذلك ناجم بالأساس عن التنافس بين السائقين، و عدم احترام مسافات الأمان، والتهور أثناء القيادة.
مدة الأعراس تتقلص
لكن تكاليفها تزيد
يتفق الجميع في ولاية تبسة، أن مدة الأعراس، تقلصت من أسبوع في الماضي إلى يومين حاليا، غير أن رياح التغيير طالت، كذلك أساسيات أخرى، كانت مكرسة في العرس التقليدي، قال في هذا السياق الشيخ رجب، أن الحنين لا يزال يشده، إلى أعراس زمان، عندما كانت مواكب الخيل والفرسان، و نفائس الشعر الملحون، ومواويل التراث الشعبي المحلي تصدح في المكان، لمدة أسبوع كامل، كما كان للتآزر الاجتماعي مساحته، عن طريق تقديم الهدايا و المساهمة في اقتناء الأضاحي.
كما مست رياح التغيير العديد من الجوانب الأخرى، بهذا الشأن قال بشير، أن ألبسة العروس كانت بسيطة، بساطة الأواني و الوجبات المقدمة للضيوف، على مدار أسبوع كامل، و لسفيان رأي آخر، فمدة أسبوع من الاحتفال، و تقديم الوجبات صباحا و مساء للضيوف، تعد وبالا على العرسان، الذين يجدون أنفسهم بعد العرس، مكبلين بالديون، و بالتزامات مادية غير ضرورية.
أما اليوم فقد تغيرت العديد من المفاهيم والعادات، فالأكواب والأواني، صارت ذات استعمال الواحد، وهو ما يقلص الخسائر الناجمة عن كسر الزجاجية، كما توسعت قائمة الحلويات، من «المقروض» و «البقلاوة» و «الرفيس»، إلى المملحات والعصائر والحلويات العصرية المختلفة، كما ارتفع مهر العروس و تنوع جهازها و ارتفعت تكاليفه، و تعددت الأزياء التي ترتديها في التصديرة، بين التقليدية و العصرية.
و باتت قاعات الحفلات نقطة التقاء العائلات، بل ومن بين الضروريات، إن لم نقل إحدى علامات الرفاهية، و تخلى معظم أصحاب الأعراس عن دعوة الفنانين لإحيائها، و حل محلهم، «الديسك جوكي» ومنسق الأغاني، و منحت الأعراس الجديدة فرصة للتوثيق، وتصوير فعاليات هذا العرس أو ذاك. وتماشيا مع متطلبات المجتمع، برزت شركات جديدة في هذا المجال، تعنى بالديكور و بجمالية المشاهد، و استهجن الشاب علي، الأعراس التي تحولت إلى واجهة، للتنمر على الفقراء، داعيا إلى عدم المبالغة في تلك العادات، و تكريس قيم التضامن والعادات التي تدعو ضمنيا إلى ذلك.