أطلقت وزارة الداخلية والجماعات المحلية و التهيئة العمرانية، أمس، بمعية قطاعات وزارية أخرى حملة وطنية لتحسيس المواطنين بالأثر الايجابي والدور الهام...
حدد بنك الجزائر، المبلغ الأقصى المسموح بإخراجه من العملة الأجنبية، من طرف المسافرين المقيمين وغير المقيمين، بما قيمته 7500 أورو، مرة واحدة في السنة...
وجهت وزيرة التضامن الوطني والأسرة وقضايا المرأة صورية مولوجي تعليمات للمدراء الولائيين للقيام بخرجات ليلية عبر مختلف أنحاء الوطن، مع تجنيد الخلايا...
* نـظام المخـزن تحــالف مع القوى الاستعمــارية كشف عضو الحزب الوطني لجمهورية الريف، يوبا الغديوي، أمس السبت، أن تشكيلته السياسية ستتقدم قريبا إلى...
تُحقق جوهرة الشرق " بونة" خلال الموسم السياحي 2022، قفزة نوعية من حيث الاستقطاب و نوعية الخدمات، حيث خرجت من خانة الاصطياف المحدود، إلى نشاط سياحي حقيقي، ميزه هذا العام طول فترات العطل العائلية و تزايد الطلب على مرافق الإقامة، خصوصا في ظل الإقبال غير المسبوق للسياح العرب على المدينة، الأمر الذي أدى إلى تشبع الحظيرة الفندقية كليا و خلف صعوبات في الحجز .
* روبورتاج: حسين دريدح
وبعد سنوات من الركود، وقفت النصر هذه السنة، على انتعاش كبير للحركية السياحية، رافقه تحسن ملحوظ في جانب الخدمات سواء تعلق الأمر بشق الإيواء أو الإطعام، و لأول مرة لمسنا نوعا من التنافسية في تقديم الخدمات وعرض المنتجات و اقتراح العروض التجارية وفق عقلية تسويقية حديثة، وهو توجه انتهجه مستثمرون بغية التأسيس لسياحة داخلية حقيقية، تتعدى حدود موسم الاصطياف إلى باقي مواسم السنة.
استقرار أسعار الفنادق زاد الطلب عليها
تحقق فنادق عنابة خلال هذه الأيام، أرقام أعمال لم تبلغها منذ سنوات، فجميع المؤسسات الفندقية محجوزة و تعمل بكامل طاقتها، حيث تشهد توافدا كبيرا خصوصا تلك الواقعة بوسط المدينة و القريبة من الشواطئ، وذلك بفضل أسعارها المقبولة والتي لم ترتفع بعد انقشاع سحابة الجائحة، ما حولها إلى مقصد للزوار من مختلف ولايات الوطن، ناهيك عن سياح من تونس وليبيا ودول أخرى قريبة.
انطلقنا في استطلاعنا، من فندق "الهقار" بوسط المدينة وتحديدا بساحة" ألكس ألكسمبار"، لاحظنا ونحن جالسون في البهو، بأن هناك إقبالا كبيرا على الاستفسار و الحجز، حيث نجحت عائلتان من العاصمة و باتنة في إيجاد غرف شاغرة مقارنة بزبائن آخرين، والظاهر أن أفراد العائلتين لم يشترطوا خدمات معينة بل اكتفوا بمعاينة غرف الفندق الذي جدد قبل خمس سنوات، ثم أكدوا الحجز مباشرة خصوصا وأن المكان مجهز بشكل عصري فضلا عن كونه قريب من كل المرافق و توفر حظيرة سيارات قريبة، ناهيك عن أنه بعيد نوعا ما عن ازدحام الكورنيش.
جمعنا حديث بمصطاف قادم من باتنة رفقة عائلته، فقال :" نحن نزور عنابة باستمرار فهي مدينة جميلة، وقد لاحظنا هذه السنة، بأن الخدمات بدأت تتطور ، كما أن الأسعار تحسنت".
وحسب مسيرة فندق الهقار، فقد تم هذا الموسم، اعتماد نفس التخفيضات التي رافقت فترة الجائحة و الفتح الجزئي، حيث تكلف ليلة واحدة في غرفة افردية 3600 دج، مقابل 5000 دج للغرفة المزدوجة، و 6200 دج لغرفة تجمع ثلاثة أفراد مع احتساب وجبة الإفطار، وقالت المسيرة، بأنه ورغم تزايد الطلب على الحجز إلا أن الأسعار لم تضاعف كما كان يحدث من قبل كل موسم اصطياف، مؤكدة أن الهدف من هذا الإجراء هو الحفاظ على سمعة الفندق وطابعه العائلي وكسب مزيد من الزبائن على مدار السنة وليس خلال موسم الاصطياف فقط.
الرقمنة لتسهيل الحجوزات
وأشارت المتحدثة، إلى أن الحجوزات تتم عبر وسائط التواصل الاجتماعي، وكذا الإيميل، وذلك لتسهيل العملية على الزبائن من ولايات بعيدة، ناهيك عن التعامل الوكالات السياحية لأجل الحجوزات الجماعية في إطار الرحلات المنظمة، إذ سبق للفندق أن استقبل وفدين العاصمة منذ بداية بداية الصائفة، حيث افتتح الموسم هذا العام بعد الإعلان عن نتائج البكالوريا مباشرة وبلغ ذروته بعد فتح الحدود البرية مع تونس، و يعد السياح التونسيون و الليبيون الزبائن رقم 1 لفندق الهقار، الذي انتعش نشاطه بفضلهم.
الجزائريون يعيدون اكتشاف بلادهم
التقت النصر، في الفندق بسائحين من ولاية المدية، وتحديدا من قصر البخاري، كانا يجوبان فنادق وسط المدينة لمعاينة الخدمات والأسعار، قال لنا محمد: " أنا وصديقي قمنا بزيارة 45 ولاية جزائرية، بمبدأ تشجيع السياحة الداخلية، قدمنا من ولاية جيجل ثم القل، ونزلنا بعنابة لاكتشافها لأول مرة، نريد قضاء يومين أو ثلاثة فيها، تم التوجه نحو ولايتي سوق أهراس و الطارف، ونسعى لزيارة 58 ولاية ".
أذواق مختلفة وبتنافسية عالية
أصبح نشاط المطاعم ومحلات الأكل السريع بعنابة، بمثابة مؤشر لقياس حجم الاستقطاب السياحي خلال موسم الاصطياف، سواء من حيث طبيعة الوافدين عليها، وكذا مستوى الخدمات الذي بدأ يتحسن ويدخل في سياق التنافسية و الجودة، تنقلنا خلال جولتنا بين عدد منها، سواء بالكورنيش أوبوسط المدينة أو على مستوى الفنادق، و لاحظنا، بأن هناك اهتماما أكبر بنوعية الأكل و تنوعا في العرض، إلى جانب الاهتمام المتزايد بالديكور، و التنافس على الريادة خصوصا بالنسبة لسلاسل الإطعام السريع، المنتشرة بمحاذاة شاطئي " شابي و سانكلو"، و التي تتوزع فروعها بوسط المدينة.
وقد علمنا بأن هناك مطاعم جديدة ستدخل حيز النشاط قريبا وهي سلسلة لمستثمر من عنابة، اشترى حقوق استغلال علامات أجنبية، كما افتتح قبل يومين فقط فضاء واسع جدا قبالة محور الدوارن بشاطئ " شابي"، يقدم مختلف أنواع الأطعمة السريعة والمرطبات، ويحقق استقطابا هائلا، إذ يتكون من طابقين ويضم خمس مطاعم مجتمعة، وفق نموذج " الفرنشايز" وهو نظام تسيير عصري عالمي للمطاعم.
أما في مجال الإطعام الراقي، فقد برز التخصص كموضة جديدة، حيث ظهرت مطاعم متخصصة في الأكل التونسي وأخرى في الأكل التركي والسوري والجزائري، وتقدم مطاعم أنواعا متنوعة من الأسماك و المشاوي، وهو ما سمح بتنوع العرض و تعدد الخيارات، خصوصا بعدما افتتحت مطاعم مصنفة بأربع نجوم، تقدم الأكل بلمسة أوربية خصوصا تلك المتواجدة على مستوى الفنادق .
قابلنا ونحن نجوب المطاعم، سياحا أجانب و جزائريين أغلبهم كان لديهم انطباع جيد حول تطور مستوى المطاعم وكذا تنوعها، من ناحية تنوع الأطباق و حتى الديكورات و التنشيط، حيث خرجت بعض المطاعم عن النمط الكلاسيكي وبات ملاكها يجهزونها بطريقة تقليدية، تضمن الراحة و الخصوصية، وهو ما استحسنه أفراد عائلة من العاصمة قابلناهم داخل أحد مطاعم الواجهة البحرية، وعلمنا منهم بأنهم قضوا 6 أيام في عنابة، و أنهم جد راضين عن التجربة السياحية، خصوصا جانب الإطعام، إذ سمحت لهم الفرصة بتذوق الأرز الجربي التونسي، و شخشوخة الظفر المشهورة لدى سكان الشرق، ناهيك على البوراك العنابي بمختلف نكهاته.
التقينا أيضا، بمغتربين جزائريين وهم أكثر زبائن المطاعم حيث قالت لنا سيدة من عنابة : " انقطعت عن زيارة الجزائر لخمس سنوات، و أنا متلهفة لكل ما هو تقليدي، وقد أعجبت جدا بالتنوع الحاصل في مجال الإطعام، هناك تطور ملحوظ في الخدمات حتى أنني عدلت تذكرة السفر ثلاث مرات، لتمديد العطلة مع زوجي و إبني الذي قمت بختانه هنا مع العائلة الكبيرة". كان لنا حديث أيضا، مع أصحاب مطاعم، أجمع معظمهم، على أن فترة الغلق بسبب وباء كورونا، كادت أن تعصف بنشاطهم، كما ألحقت بهم خسائر كبيرة جدا، ولذلك فقد برمجوا تحضيرات خاصة لأجل موسم الاصطياف الحالي بداية بتهيئة المحلات وإثراء القوائم.
و عن هذا عبر محمد وهو صاحب مطعم بالواجهة البحرية قائلا:" هناك توافد كبير على عنابة، لكن نشاط المطاعم مازال ضعيفا نوعا ما، بسبب تدهور القدرة الشرائية، زوار المدينة يقبلون على محلات الأكل الخفيف أكثر، لذلك فقد أصبحت هناك تنافسية كبيرة في الترويج والاستقبال، مع ذلك فقد دفع فتح الحدود العملية التجارية نوعا ما، و أنعش القطاع السياح أيضا". محدثونا، تطرقوا إلى مشكل نقص اليد العاملة المؤهلة وذلك بعدما فرضت المنافسة على أصحاب المطاعم، انتداب نادلين وطباخين وحتى مسيرين مختصين ولهم خبرة في المجال، وقد علمنا، أن أغلب العاملين في المطاعم هم طلبة جامعيون، أما خريجي معاهد السياحة، فهم فئة قليلة تستقطبها الفنادق.
"المنتزه" بسيرايدي من فندق إلى معلم سياحي
يذكر أن مواقع التواصل الاجتماعي، ساهمت كثيرا في الترويج لمدينة عنابة، وأعادت تقديمها إلى الجزائريين والأجانب بشكل إيجابي، وعرفت أكثر بموروثها التقليدي و بطبيعتها الساحرة، وهو ما سهل المهمة على الكثير من السياح الذين أخبرنا بعضهم، بأنهم لم يحتاجوا حتى إلى دليل أو مرشد، بعد كل ما شاهدوه من فيديوهات ترويجية على المواقع، ما سمح بخلق مسار سياحي، أصبح معتمدا لدى العديد من الوكالات السياحية، وقد قال لنا سياح، أن أكثر ما شدهم من محطات في بونة، كانت المدينة الأثرية و " بلاص دارم" وساحة الثورة، إلى جانب الشواطئ، خصوصا تلك المتواجدة بمناطق سرايدي وشطايبي.
ولعل أكثر منطقة حظيت بالدعاية والإشهار هي بلدية سيرايدي الجبلية، وذلك بفضل فندق " المنتزه" التابع لمؤسسة التسيير السياحي بعنابة، والذي تحول مؤخرا إلى معلم سياحي و مزار و محطة لا يمكن إغفالها، بفضل الدعاية التي أبرزت جماله و خصوصيته الهندسية، حيث يشبه ملجأ معزولا وسط الطبيعة.
وحسب مديره السيد أحمد عساس، فإن أشغال بناء هذا الصرح انطلقت سنة 1967 و دخل حيز الخدمة رسميا سنة 1971، يضم 102 غرفة ، وخمس أجنحة، حيث أن كل الغرف مطلة على البحر، و يستقبل الفندق العديد من السفراء بمعدل خمسة سفراء أسبوعيا، إضافة إلى سياح من خمسين جنسية، وقد استنفذت الحجوزات فيه بالكامل هذا الموسم إلى غاية شهر أكتوبر القادم.
يتميز الفندق بإطلالته الساحرة و بتاريخه، حيث يتوفر على أجنحة خاصة، أشهرها جناح الرئيس الراحل هواري بومدين و الرئيسين الكوبي فيدال كاسترو و الليبي معمر القذافي إضافة إلى أنه كان محطة لتصوير مشاهد من الفيلم الشهير " عطلة المفتش الطاهر".