بين التقليد و هوس الجمال

تزايد الإقبال على تركيب أسلاك التقويم المعدنية في أوساط الأطفال و النساء
تحوّلت أسلاك تقويم الأسنان إلى موضة دارجة في أوساط المراهقين و الشباب، حيث أكد عدد من جراحي الأسنان و الأطباء المختصين في تقويم الأسنان، تزايد الطلب على تركيب هذا النوع من الأجهزة بشكل ملفت في السنتين الأخيرتين رغم غلائها ، مشيرين إلى إلحاح بعض الآباء على تركيبها لأطفالهم حتى قبل اكتمال نمو باقي الأضراس.
بعض الجراحين الذين تحدثنا إليهم أرجعوا سر الإقبال و الإلحاح على طلب تركيب المقوّم سواء المتحرّك أو الثابت إلى عاملين الأول له علاقة بتزايد الوعي و انتشار الثقافة الوقائية الصحية في أوساط العائلات و اهتمام الآباء بصحة صغارهم، أما الثاني فيعود إلى التقليد و الانسياق وراء الموضة و الهوس بالجمال الذي يدفع البعض إلى دفع أموال أو بالأحرى تبذيرها لأنهم ليسوا في حاجة إلى مثل هذه التدخلات الطبية لعدم وجود مشاكل في أسنانهم و ذلك بشهادة بعض المختصين الذين أكدوا عدم ترّدد الأطفال في قبول جسم غريب و تحمله طيلة شهور، عكس ما كان مسجلا في الماضي ، حيث كان الطبيب يجد صعوبة في إقناع مريضه بتركيب جهاز تقويم و أسلاك معدنية لتسوية اعوجاج الأسنان.
جراح الأسنان فيصل أحمد رايس أكد تزايد الطلب على أجهزة تقويم الأسنان، معتبرا ذلك نتاج تزايد الوعي الوقائي الصحي، لدى الأفراد و خاصة الشباب الذين باتوا يهتمون كثيرا بكل مظاهر الجمال، مشيرا إلى ارتفاع عدد الراغبين في تركيب هذا الجهاز من صفر حالة في سنوات الثمانينات و التسعينات إلى حالة من بين 25 حالة في يومنا هذا.
و أضاف محدثنا بأن الكثير من الآباء يطلبون تركيب أسلاك تقويمية لأبنائهم، مؤكدا بأن ليست كل الحالات تستدعي وضع مقوّم، و قال بأن هناك من الأشخاص من يقومون بذلك من باب التقليد.
الدكتور أحمد رايس الذي عمل في مجال جراحة الأسنان منذ أكثر من 30سنة، أوضح بأن ثمة من الأولياء من يلجأون إلى تدخل مقوّم أسنان قبل اكتمال نمو أسنان أطفالهم و ذلك تفاديا لأي تشوّه أو مشاكل قد يسببها نمو الضرس الثالث أو ما يعرف بضرس العقل.
و من جهتها أوضحت الطبيبة وفاء جميعي بأن الطلب على تركيب أسلاك التقويم سجل بشكل أكبر في أوساط النساء أكثر من الرجال، مشيرة بأن الكثير من زبائنها الرجال رفضوا وضع أسلاك التقويم المعدنية الثابتة التي وصفتها لهم لضرورتها في تسوية مشكلة الاعوجاج التي تعقّدت أكثر بظهور ضرس العقل، مضيفة بأن بعضهم فضل الاعوجاج على تحمّل جسم غريب داخل فمه مثلما قالت.
و أفادت محدثتنا بأن غلاء سعر عمليات التقويم لم يعد يهم المهووسين بالجمال و المظهر و الطامحين في الحصول على ابتسامة  النجوم.
و عن سعر أسلاك التقويم أمع محدثونا بأنها تتراوح بين 15و 20ألف للفك الواحد بالنسبة للأسلاك غير الثابتة و بين 35 و 90ألف دج للفك الواحد بالنسبة للثابتة.
و في زيارة لإحدى عيادات طب تقويم الأسنان بقسنطينة، لفت انتباهنا العدد الكبير للأطفال و الطالبات، و أغلب الزبائن أكدوا أنهم يحلمون بأسنان مصطفة و بيضاء و هو سر تواجدهم بهذه العيادة التي حاول أحد العاملين فيها إقناعنا بأن العدد بدا كبيرا لأن عدد المختصين في تقويم الأسنان»أورتودونتسيت»يبقى محدودا جدا، مقارنة بعدد أطباء الأسنان.
تقارب في الراي سجلناه لدى الدكتور علي بوجلال الذي قال بأن قلة عدد المختصين في تقويم الأسنان، جعل العيادات تبدو مكتظة، مشيرا في سياق ذا صلة إلى أن السعر المرتفع لأجهزة التقويم و التي تصل على 90ألف دج للفك الواحد، ليس في متناول كل الراغبين في فرصة الحصول على أسنان مقوّمة و بدون عيوب أو مشاكل اعوجاج.
و من جهته أكد الدكتور أحمد رايس بأن أفضل فترة لتركيب مقوّم الأسنان يكون بعد انتهاء فترة النمو الطبيعي لكل الأسنان أي بين 10و 12سنة، مشيرا إلى مساهمة التنوّع الكبير في ألوان الأسلاك المعدنية في تحفيز الأطفال و الفتيات على تركيبها و تحملها طيلة شهور، دون حرج.
مريم/ب