تروج لها و تعمل على عصرنتها: « أزطا ذو لحاف».. جمعية عائلية ترعى الملحفة الشاوية

تحافظ عائلة كمال راجعي، بولاية باتنة، على اللباس التقليدي الشاوي منذ أزيد من عقدين من الزمن، و قد أسست جمعية تسمى «أزطا ذو لحاف» خدمة لمسعاها الرامي إلى حماية وترقية هذا الإرث التقليدي الهوياتي إذ اختار رئيس الجمعية رفقة زوجته وبناته، تسمية ترمز إلى « السداية» وهي أداة تستعمل في النسج و صناعة اللباس التقليدي، واستطاعوا بفضلها، ترك بصمتهم في المناسبات و التظاهرات التي تمت بصلة للتراث المحلي.

شغف وحب زوجة كمال السيدة مليكة عفيفي،  للملحفة جعلها تتخصص في خياطتها و عصرنتها أيضا انطلاقا من تكوينها كأستاذة خياطة وطرز، وهي موهبة أورثتها لبناتها الأربع، سارة و رحمة و إكرام و آية وهو ما جعلهن يكرسن وقتهن للإبداع في إبراز الملحفة بطرق مختلفة تجمع بين الأصالة و العصرنة.
وتخطف جمعية أزطا ذو لحاف الأنظار، وتلفت الانتباه في المعارض التي تشارك فيها بفضل ما تعرضه من ألبسة بألوان الطبيعية الزاهية المستمدة من ألوان جبال الأوراس، و ما إن تأخذ الجمعية ركنا أو زاوية في المعارض والصالونات، حتى تحظى بالاهتمام وتلقى إقبالا كبيرا من الزوار، ويترجم اهتمام أعضاء الجمعية بالملحفة من خلال ضبطهم لبرنامج جاد يخدم هدف ترقيتها حسبما أكده كمال راجعي لـ النصر، قائلا إن الغاية هي الحفاظ على الإرث المادي واللامادي لمنطقة الأوراس وخاصة اللباس التقليدي، مؤكدا بأن جمعيته استطاعت تسويق تراث المنطقة من اللباس التقليدي داخل وخارج الوطن، خاصة بالنسبة للملحفة الشاوية التي ترتديها المرأة في الأفراح والأعراس وغيرها من المناسبات.
وتتصدر الملحفة الشاوية الواجهة في معارض جمعية أزطا ذو لحاف، وهو ما وقفت عليه النصر، في عدد من المناسبات والتظاهرات الثقافية بولاية باتنة، وأوضح محدثنا، بأن اهتمامه بالملحفة الشاوية، يرجع لأزيد من عشرين سنة، و يهدف لضمان استمرارية هذا الموروث الخاص بمنطقة الأوراس، لأن الملحفة كانت ولا تزال تميز نساء المنطقة منذ قرون خلت، مشيرا إلى كونه ابن خياط وهو ما يفسر شغفه بالمجال، أما ما يميز عروض الجمعية إلى جانب إبراز اللباس التقليدي الشاوي، فهو حلة البيت الأوراسي القديم المزين بتلك الزرابي التقليدية المزركشة بألوان جذابة كانت تصنعها المرأة الشاوية بنفسها من الطبيعة، إلى جانب الأواني الفخارية التقليدية.
ويحتفظ المتحدث، بالعديد من الأغراض التقليدية التي تستعمل في نسج وحياكة الملابس أبرزها السداية بالإضافة إلى أوان تقليدية من الفخار، موضحا بأن هدفه تمرير جزء من الذاكرة التراثية للأجيال الصاعدة و الحث على الاهتمام بإرث الأجداد، لأ،ه جزء من الهوية وجب الحفاظ عليه.
 واعتبر، بأن جمعيته حققت مرادها من خلال نجاحها في التسويق لللباس التقليدي والحفاظ عليه خاصة بالنسبة للملحفة الشاوية، بعد أن تخطى الطلب عليها الحدود الجغرافية وسافرت إلى مختلف الدول، وأوضح بأن زوجته وبناته يشتغلن على الملحفة لسنوات في الخياطة والطرز والعرض، بحيث يتفنن في تقديم الملحفة الشاوية التقليدية والعصرية، مؤكدا بأن الأساس هو الحفاظ الدائم على سحر الملحفة التي تميز المرأة الشاوية و إضفاء اللمسة العصرية عليها لضمان استمرارها، مؤكدا الإقبال الدائم عليها من طرف النسوة في الأفراح والمناسبات.
وقال كمال، بأن إحدى بناته ناقشت مذكرة تخرجها في معهد وطني بالجزائر العاصمة وهي ترتدي الملحفة   وقد طُلب منها أعضاء من اللجنة التنازل عن القطعة لصالح المتحف لشدة إعجابهم بها، ويروي أيضا، أن ملحفته سافرت إلى مختلف دول العالم بطلب من الزبائن، وذات مرة تم اختيار ملحفته في إحدى المناسبات إلى جانب لباس تقليدي من تلمسان للعرض في متحف جزائري بدولة كوريا الجنوبية، كما يعرض كمال الملحفة خلال زيارات السفراء والوفود الأجنبية إلى الجزائر، ويقول بأن عائلته أبدعت في خياطة الملحفة بأنواع وألوان مختلفة من الأقمشة، مشيرا إلى أن التصميم القائم على قماش القفطان يلقى طلبا واسعا في قسنطينة، إلى جانب إكمال الإطلالة أحيانا بالبرنوس الشاوي النسوي.
وأوضح، بأن زوجته تشتغل إلى جانب بناته على الملحفة التقليدية و العصرية كذلك، و أن ما يميز القطع الأصلية التقليدية هو الألوان المستمدة من طبيعة الأوراس، وأكد أن عصرنتها لا تعني المساس بشكلها لأن لها قياسات مضبوطة، وإنما يتعلق التحديث بخياطتها بشكل أجمل و استعمال أنواع جديدة من القماش وإضافة المجوهرات، وقال إن بناته طالبات جامعيات في تخصصات الاقتصاد والتجارة والأدب الفرنسي، مع ذلك تشتغلن على خياطة وطرز وعرض الملحفة، و أن دراستهن الجامعية ونيلهن لشهادات الماستر لم يمنعهن من التخصص أيضا في مجال خياطة الألبسة التقليدية إلى جانب والدتهن، فيما لا تفارقه البرعمة الأنيقة والمحبوبة آية، وهي آخر العنقود لأنها من ذوي الهمم، إذ تحضر معهم المعارض و ترتدي الملحفة لتقدمها للجمهور.
وقد صارت الملحفة الشاوية مطلوبة حسبه، خاصة في السنوات الأخيرة، إذ راجت جدا في الحفلات و الأعراس الجزائرية وصارت موضة، ويتذكر أنه خلال حفل زفاف سنة 1994، خرجت عروس من بيت والدها بالملحفة، وكسرت العرف المتداول بخروج العروس بالفستان الأبيض، معتبرا بأن سر رواج اللباس هو شكله المتميز ودلالات الألوان حسبما يُعتقد، لأنها ترمز للحب والأمل والاخضرار.
يـاسين عـبوبو