الاستشارية الأسرية نوال مكيدة: هذه طرق ضبط انفعالات الطفل العصبي

تجد أمهات صعوبة في التعامل مع الطفل العصبي، خاصة في سنواته الأولى، و يلجأ بعضهن إلى استعمال الضرب و العنف اللفظي كوسيلة تراها مربيات ناجعة في ضبط سلوكه و التحكم في انفعالاته، و هو ما حذرت من عواقبه  الاستشارية الأسرية نوال مكيدة للنصر، قائلة بأن تعنيف الطفل العصبي يجعله أكثر عدوانية و عنادا، و توبيخه بألفاظ مسيئة يفقده ثقته بنفسه و يؤثر على نفسيته.

كشفت  بعض الدراسات النفسية،  أن من بين أهم أسباب عصبية الأطفال هي الشعور بالعجز والعداوة وكذلك الشعور بالعزلة والانطوائية والحرمان من الدفء العاطفي والحنان الأسري، و سوء معاملة الآباء ما يسبب العصبية لدى الطفل، التي قد تصل إلى الاعتداء على الآخرين و تحطيم ممتلكات الغير، كما يعد التفريق بين الأبناء من العوامل المسببة للعصبية.
تحدثنا لأمهات يواجهن مشكلة العصبية لدى أحد أبنائها، من بينهن إيمان، قالت بأن طفلها البالغ من العمر 4 سنوات عنيد جدا و كثير الصراخ، و لا ينصاع لأوامر والديه، ما يفقدها السيطرة على تصرفاتها و تعنفه سواء لفظيا أو جسديا، موضحة بأن عصبيته أثرت كثيرا على نفسيتها، و أصبحت تعاني من العزلة الاجتماعية، حيث تتجنب حضور المناسبات العائلية، لكي لا تُوضع في موقف محرج بسبب نوباته العصبية، مضيفة بأنها تتابع حالته لدى أخصائية نفسانية التي نصحتها بتسجيله في نواد رياضية.
أما أم يوسف، فلم تجد كما قالت حلا لعلاج عصبية طفلها ذي 6 سنوات، بعد أن تفاقم وضعه و أصبح بمجرد ما يتعصب من أمر ما يحطم كل ما حوله و يتهجم على أخواته البنات بالضرب المبرح، اذ تجد صعوبة في تهدئته، و يصاب بعدها بحالة من القلق و ينعزل عن أسرته طوال اليوم، مؤكدة بأنها طبقت عدة طرق علاجية في المنزل غير أنها لم تحقق نتائج، ما جعلها تعتمد أسلوب الضرب بين الحين و الآخر، فيما  أخبرتنا سهام بأنها عرضت حالة ابنتها البالغة من العمر 6 سنوات، على أخصائيين أكدوا بأنها تعاني من عصبية حادة، وقد تم تشخيص أسبابها، الناجمة عن تعرضها للتنمر من زملائها،  بسبب السمنة المفرطة، ما أثر سلبا على سلوكها، قائلة بأنها تعتمد طريقة علاجية نصحها بها الطبيب المتابع لحالتها، كما أصبحت تتناول دواء مهدئا.
مزاوجة بين العلاج النفسي والدوائي
تصف الأسرية نوال  مكيدة عصبية الطفل، بأنها حالة من التوتر التي تنتاب الطفل، أثناء مواجهته لمشكلة معينة، فيعبر عنها بالصوت العالي و الصراخ أو البكاء الهستيري، فيما تصل في بعض الأحيان للتشاجر مع الآخر، ويستمر على هذه الحالة إلى حين الحصول على ما يريده.
وعن الأعراض التي تبدو على الطفل العصبي، قالت الاستشارية بأنها عديدة و أبرزها العناد و التوتر الشديد و عدم الامتثال للأوامر، ناهيك عن كثرة البكاء لأتفه الأسباب و الصراخ، و تعنيف إخوته، كذلك قضم الأظافر وعض الشفاه باستمرار، مردفة بأن الأعراض تختلف باختلاف السن.
وتظهر عند الرضع من خلال مؤشرات،  هي البكاء الدائم  و تحريك الأطراف أو شد  أذنيه وشعره، و هي ناجمة عن عصبية الأم أثناء فترة الحمل أو تأثير الأدوية التي كانت  تتناولها على صحته.
كما شرحت المختصة أسباب العصبية في مرحلة  الطفولة المتقدمة من الوعي الإدراكي، قائلة بأنها ناجمة عن  الشجار اليومي بين الأم والأب مع استعمال عبارات الشتم و السب و الصراخ، كذلك وجود مشكلة تواصل بين الطفل و والديه و عدم ملاعبته، أو الإفراط في تدليله لتجنب الغضب ، أو اعتماد أسلوب التفرقة بين الاخوة في المعاملة فتتولد لدى أحدهم عصبية شديدة و تحدث شرخا أسريا.
ونوهت المتحدثة في ذات السياق، إلى أنه يجب على الأولياء معرفة الأسباب الحقيقية لعصبية الأبناء،  فقد تكون عضوية تتطلب اللجوء إلى طبيب و تناول أدوية،  كمشكل زيادة إفراز الغدة الدرقية، صعوبة الهضم و الإمساك، مشكل النطق أو معاناة الطفل من أي عيب خلقي و الذي يؤدي إلى العصبية، كذلك مرض الصرع، و الذي يعد من الأمراض التي تتسبب في عصبية الطفل حيث نجده يعاني من نوبات الصرع و تشنج شديد يسبب العصبية بعد ذلك .
و تقدم السيدة نوال مكيدة طرقا علاجية تنصح بها الأولياء تعتمد على التحكم في انفعالات أطفالهم و علاج مشكل العصبية لديهم، تجنب أساليب التعنيف بشتى أشكالها، محاولة احتواء الطفل بإظهار الأم مدى حنانها و اهتمامها و حبها لابنها، و  تشجيعه على السيطرة على عناده وغضبه وردود أفعاله السلبية و تقديم حلول للتصرف بالطريقة الصحيحة، كما تدعو  الأولياء لتخصيص مساحة من الحرية للأبناء للتعبير عن رأيهم و دمجهم في المحيط الاجتماعي، من خلال اللعب مع أقرانهم لتنمية مهارات التواصل لديهم و غرس الروح المجتمعية لديهم.
ومن المهم أيضا تضيف مكيدة،  استخدام قاعدة العزل ولو دقائق معدودة أثناء انفعال الطفل بتغيير مكانه أو توجيهه للعب مع الأطفال في الخارج،  مع ضرورة  التحلي بالصبر و التعقل والتعامل مع النوبات العصبية و تقديم المساندة العاطفية  إلى حين تجاوز فترة التعصب، كما حثت على الثناء على التصرفات الإيجابية التي تصدر منه في الحالة العادية واستخدام أسلوب المكافأة،  ما يدفع الطفل إلى الشعور بالأمان والاتزان، إضافة إلى عدم مقارنته بالأطفال الآخرين و تخصيص وقت للتحدث معه سواء عن رغباته أو أمر آخر، مع منحه الوقت للتعبير دون مقاطعته، فيما تحذر من إفراط الطفل العصبي في  مشاهدة التلفاز وأفلام الكرتون التي تشجع على  العنف،  و تنصح بالمتابعة لدى  طبيب مختص لتشخيص حالته بدقة و وصف العلاج المناسب للحالة.                      لينة دلول