الضحية سعادة عربان أكدت أن الروائي استغل قصتها في رواية حوريات بدون إذنها أعلنت المحامية الأستاذة فاطمة الزهراء بن براهم اليوم الخميس عن رفع قضية أمام محكمة وهران...
* رئيس الجمهورية يؤكد على ضرورة الالتزام بدعم الحكم الرشيد والشفافية في القارةأشرف رئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون، بصفته رئيسا لمنتدى دول...
أكد الوزير المنتدب لدى وزير الدفاع الوطني، رئيس أركان الجيش الوطني الشعبي، الفريق أول السعيد شنقريحة، أمس الأربعاء، عزم الجزائر، بفضل أبنائها...
طالب مقررون أمميون من مجلس حقوق الإنسان، الحكومة الفرنسية بتزويدهم بجميع المعلومات والبيانات المتعلقة بتجاربها النووية في الجزائر، بما فيها المواقع المحددة...
يُلقب بصاحب اليد الحمراء و اسمه الحقيقي عادل بن شطرة، موسيقار و حرفي معروف في الساحة الفنية القسنطينية بإتقان العزف على الآلات الإيقاعية، يقصده أشهر شيوخ الطريقة العيساوية ونجوم المالوف لتسجيل ألبوماتهم كما يشاركهم العزف خلال السهرات والأعراس، و هو أيضا عضو دائم في جوق الفنان زين الدين بوشعالة، عشقه للموسيقى دفعه إلى تعلم صناعة وتصليح الآلات الإيقاعية، يداعب البندير ببراعة صنعت شهرته الواسعة محليا.
بورتري / أسماء بوقرن
علاقة الفنان عادل بالآلات الموسيقية بدأت وهو في سن 14، عندما كان يحضر جلسات العيساوة « الخوان»، ويستمع لأبناء خاله خلال التحضير للمناسبات في المنزل، فكان أكثر ما يشده إيقاع آلة الدربوكة والنغرات والبندير، لتتسلل يده إليها تدريجيا، يعانق آلة البندير لأول مرة وهو لا يزال طفلا حينها شعر بارتباط كبير بها وبالموسيقى كما عبر للنصر، ومع مرور الوقت و مجالسة رجال الفن تعود سمعه على الإيقاعات وحفظها، فكان عصامي التعلم، و استطاع أن يتقن العزف على مختلف الآلات الإيقاعية بمفرده.
قال، إنه واصل الاجتهاد دون كلل ليبلغ مرحلة البراعة، و يلتحق في سن مبكرة بجوق الشيخ بلقاسم رحمه الله، ثم جوق زين الدين بن عبد الله وزين الدين بوشعالة، ومالك وعباس ريغي، فضلا عن تعاونه مع عادل مغواش وعبد الرشيد سقني، أما سر احتضان هؤلاء النجوم لفنه، فيرتبط كما أوضح بإتقانه للعزف على كل الآلات الإيقاعية في مختلف الطبوع الموسيقية القسنطينية، وانضباطه بفضل دقة سمعه، و براعة يده في تطويع النحاس و الخشب و صناعة النغرات والدربوكة اقتداء بوالده الراحل.
استقبلنا في دكانه بحي سيدي جليس العريق، أين كان منكبا على تصليح «دربوكتين» إحداهما نحاسية لفنان من قالمة، والثانية آلة تركية، أوضح بأنه يعمل على تجديد جلدها، حيث قام بتبليله بالماء ليسهل مده وخياطته وتثبيته، وقال بأن أول آلة قام بإصلاحها هي البندير، وقد كان سنه آنذاك لا يتجاوز 20 سنة، مؤكدا بأن نجاح أول تجربة، جعله يحترفها يتعلم الكثير من أسرارها.
آلة البندير صنعت شهرتي
عشق عادل، لإيقاع الآلات جعله لا يكتفي بالقرع عليها فقط، بل دفعه للغوص في تفاصيل تركيبها وصناعتها، ففكك أجزاءها ليعرف ميزة كل آلة وسر الاختلاف بينها، وهكذا زادت ثقافته حولها وصار بارعا في تصليحها وصناعتها كذلك، ما منحه شهرة واسعة بقسنطينة و عدد من الولايات مثل قالمة وعنابة وأم البواقي، حيث يقصده فنانوها لإصلاح معداتهم الموسيقية، وقد كان يخصص بيت والده بحي السويقة لممارسة حرفته قبل أن تجبره الظروف و الترحيلات على الانتقال إلى علي منجلي مؤقتا، غير أن حنينه للأزقة العتيقة وارتباطه بأجوائها أعاده إلى حي سيدي جليس، المكان الذي يراه عادل حاضنا للموروث الثقافي وحاملا للهوية القسنطينية.
تغذت خبرته في صناعة وتصليح الآلات بالممارسة المستمرة لفن العيساوة، فاكتسب تاريخ هذه الآلات التي تكتسي حلتها صفائح نحاسية منقوشة تعد رمزا من رموز المدينة، كتلك التي تزين البندير والطار والدربوكة، و حسبه فإن لكل آلة ميزتها فالنغرات مثلا، تصنع من النحاس الأحمر، ومنها نوعان يستعملان في جوق العيساوة وحجمهما متفاوت قليلا، حيث يقدر طول قطر القطعة الأولى بـ 17 سنتيمترا، و تسمى «الشباب» تصنع من جلد بطن الماعز وتأخذ شكل نصف دائرة، أما الثانية فتسمى «الشايب» وطول قطرها 18 سنتيمترا، تصنع من جلد جُنب الماعز، وهناك نوع آخر يستخدم في جوق المالوف وحجمه أصغر نسبيا، فطول قطر القطعة الأولى 17 سنتيمترا، والثانية 18 سنتيمترا، و هي آلة تصنع وفق عمليات حسابية مدروسة، و يعتمد فيها على جلد الجمل.
محدثنا، قال بأنه يصنع كذلك آلة العود لجوق المالوف، وهو نوع رفيع مقارنة بالعود المستعمل في جوق « الخوان».
هذه أسرار الصناعة
وبخصوص أنواع الجلود المستخدمة، يقول عادل بأن الدربوكة القسنطينية الأصلية، مصنوعة من جلد الماعز على خلاف دربوكة طبع الشعبي التي تصنع من جلد الحوت، أما البندير فيصنع من ظهر الماعز ويصنع الطار من جلد رقبة الماعز الخشن، ويختلف عن الطار المستعمل في طبع الشعبي، والذي يصنع من جلد ماعز رقيق، أما آلة القومبري الخاصة بالغرب الجزائري، فيستخدم في صناعتها جلد رقبة الجمل ويكون شكلها مربعا بالعموم، فيما يكون شكل القومبري الشرقية دائريا وتصنع الآلة من جلد رقبة الماعز الخشن.
وأشار، إلى أن جلد الماعز بدوره يختلف من حيث الاستعمالات و يتحدد توظيفه حسب نوعه وجودته، فجلد الأنثى مغاير لجلد الذكر، كما يلعب عمر الماعز دورا عند اقتناء الجلود، خاصة إذا كانت القطعة موجهة لصناعة آلة كالكركطو، لأنها تحتاج جلدا ناعما يكون لأنثى الماعز، و تستخدم هذه الآلة عادة في فرق الديوان.
دربوكة النحاس والطار الأحمر رمزا جوق المالوف
قال الفنان، وهو يطلعنا على مختلف آلات الدربوكة المعروضة بدكانه، بأن الدربوكة القسنطينية القديمة آلة أساسية في موسيقى المالوف، كانت تصنع من مادة الفخار وتسمى «بدربوكة الحمص»، نسبة لحبات الحمص التي تثبت الجلد بإطار الدربوكة، وحلت محلها الدربوكة النحاسية وهي رمز جوق المالوف، حيث تُصنع من النحاس الأصفر أو الأبيض، وتزين بنقوش يدوية أو تأخذ شكل الصفيحة النحاسية، كما يعد الطار من الآلات المهمة في الجوق القسنطيني، حيث يبلغ طول قطره بين 19 و20 سنتيمترا، وتختلف مقاساته باختلاف استعمالاته حسب الطبع الموسيقي، و هناك نوع آخر لجوق الفقيرات طول قطره 22 سنتيما، ويصنع من جلد رقبة الماعز، يدعم بـ 20 دائرة نحاسية موزعة على 10 فتحات تسمى «الأحواض» وهي موزعة على محيط الطار المشكل من ثلاث دوائر خشبية.
وأشار محدثنا، إلى أنه يقضي وقتا طويلا في صناعتها لتكون بنفس المقاس والإيقاع، مردفا بأن الطار من الآلات التي ترمز جدا لجوق المالوف، وقد كان الطار القسنطيني يأخذ اللون الأحمر، والسر في اختيار اللون هو إخفاء الخدوش التي تظهر عند سقوطه، ليبدو في حالة جيدة، كما تعد النغرات، من الآلات الموسيقية المهمة في الطبوع القسنطينية.
ويوضح عادل، بأن البندير أساس جوق العيساوة، ويذكر العارفون والفنانون أن « دخلات الخوان» كانت تتميز بالضرب على 20 بنديرا، قائلا إنه كان في السابق، يصنع هذه الآلة باستعمال دوائر خشبية يجلدها بالبيض والدقيق و يتركها تجف ليومين، أما اليوم فقد صار يعتمد على دوائر خشب تونسية تكون جاهزة وجيدة.
وحسبه، فإن هناك آلات أخرى تعد أساسية في جوق العيساوة، هي النغرات المصنوعة من جلد الجمل والدربوكة، وهما آلتان ترافقان نظم القصائد، ويمكن أن تعوض الدربوكة بـ « البنادر» في الحضرة العيساوية.
«أضفت لمسة تقليدية على الآلات الإيقاعية»
عشقه للآلات الإيقاعية، جعلته يضفي عليها جمالية أكثر من خلال لمساته الخاصة، لتحمل رمزية أعمق و تعبر عن أصالة الموروث المادي، فأضاف ألوانا جديدة للطار، هي البني والذهبي والأسود، كما زين آلات أخرى بشرائح نحاسية منقوشة كحواف البندير، و تميز بصناعة آلة القمبري التي يبرع فيها، وقد أخبرنا أنه أنهى لتوه صناعة واحدة جديدة، استعمل فيها جلد ظهر الماعز الخشن وزين حوافها بقماش القطيفة الحمراء الذي ثبته بخيوط الصيد على طولها، كما أطلعنا على طبول جديدة الصنع، قائلا بأن الآلات المعروضة في دكانه تعتمد في تسجيل الألبومات الغنائية.
وعن سر استقطابه لفنانين وموسيقيين من مختلف الولايات، قال بأن ممارسته للفن القسنطيني إلى جانب تصليح الآلات، عاملان صنعا شهرته، حيث يصنع الآلات و يصلحها ويجربها ويضبط ميزان إيقاعها بشكل دقيق ويسلمها لزبونه جاهزة للعزف.
وأضاف محدثنا، بأن التصليح مهمة تتطلب خبرة و دقة، حيث يضطر أحيانا لتغيير جلد الآلة كاملا كي يصل إلى النتيجة المرجوة، وهو أمر قد يتطلب أكثر من يوم كامل، مردفا بأنه يتردد كثيرا على المذابح لتوفير ما يلزمه من جلود، يقوم بتنظيفها بمساعدة زوجته ليستخدمها في عمله، وهي مهمة صعبة تستدعي جهدا لتفادي تمزقها و تحييد روائحها، أما عن أسعار التصليح فأوضح بأنها تتراوح عموما بين 1500 دج عند تغيير الجلد فقط، و 3500 دج في حال إصلاح الآلة كاملة.
و يسعى عادل لنقل حرفته إلى جيل من الشباب، باعتباره الوحيد على مستوى قسنطينة، الذي يختص في تصليح الآلات الإيقاعية، حيث يحول دكانه بين الحين والآخر إلى ورشة مجانية مفتوحة لشباب يقصدونه لإصلاح آلاتهم ويطلبون تعلم تقنيات وأسرار الحرفة ، ويطمح كذلك في فتح فضاء قار للتعليم إذا حظي بالدعم اللازم أ ب