السيّدة تعود على صهوة جواد أبيض

عادت السيّدة لويزة حنون على صهوة جواد أبيض إلى عرينها الأبدي على رأس حزب العمال، بعد جولة من المبارزة السياسية المباشرة تلقت فيها سهاما و نبالا، كادت أن تسقطها أرضا من عليائها و تطيح بها من على رأس حزب سياسي حيّر المتتبعين في تقلّبه و تخبطّه تارة بين الموالاة و تارة بين المعارضة.
الذين حضروا السباق لم تنطل عليهم الحيلة التنظيمية و اكتشفوا فصول انقلاب ندوة عادية إلى مؤتمر طارئ كان هدفه الأساسي و الوحيد منح عهدة حزبية جديدة للأمينة الأبدية و إنقاذ مستقبلها السياسي المهدد، و قطع الطريق أمام الثوريين الجدد الذين تصفهم الرئيسة بأنهم من أصحاب المهمات لتأديب القيادة و تصحيح نهجها الذي لم يعد ثوريا.
تنظيميا تمكنت حنون من تحقيق أمنية تجديد الثقة في شخصها كأمينة عامة للحزب من جهة، و من جهة أخرى نجحت مؤقتا في تحييد خصومها القياديين الذين طالبوا صراحة بعزلها تنظيميا بتهمة الفساد السياسي أي الإنحراف عن مبادئ الحزب التروستكي إلى درجة الإنخراط في مسعى مريب غايته الطعن في الشرعية الرئاسية و أعمال مؤسسات الدولة.
و تبقى النتائج المترتبة عن مدى ملاءمة تحويل ندوة عادية إلى مؤتمر استثنائي تم عقده دون رخصة، معلّقة إلى غاية الفصل فيها من قبل وزارة الداخلية المختصة في اعتماد المطابقة، و أيضا النظر في وجاهة الطعون التي قد يتقدم بها القياديون المفصولون من هياكل الحزب لأنهم تجرؤوا و طالبوا برحيل الرئيسة الأبدية و تصحيح ركبتها على الجواد.
الأكيد أن العودة هذه المرّة على رأس الحزب ليس مثل المرات السابقة و لها طعم خاص يختلف مذاقه، و قد بدا ذلك من النبرة المغايرة التي بدأت تتحدث بها الأمينة العامة مؤخرا ،و قد تجلّى ذلك في الندوة الصحفية التي عقدتها أمس مباشرة و هي تنعم بنشوة الإنتصار ليس على مناضليها التصحيحيين الذين عارضوها علانية،
و إنما على أعداء وهمييّن تعتقد أنهم المحركون الفعليون لزعزعة الحزب العمالي الذي بدأ يقلق.
و يبدو أن السيّدة قد أدخلت تصحيحات أساسية على مواقفها السابقة من قضايا وطنية متداولة إعلاميا
 و سياسيا على الساحة، و كذا تراجعت عن سياسة الإحلال محل المؤسسات السيادية للدولة مثل رئاسة الجمهورية و رئاسة الحكومة و العدالة.
سياسيا اعتبرت أن تجديد الثقة في شخصها كأمينة عامة سيعزز ويقوي مناعة الحزب الذي دخل في مرحلة جديدة، مشيرة إلى أن الحزب سيعمل دون هوادة من أجل تحصين الأمة الجزائرية والدفاع على الديمقراطية السياسية وديمومة وسيادة الدولة.
و حرصت في سياق آخر على التأكيد أن مبادرة مجموعة الـ19 التي تضم شخصيات تطالب بلقاء رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة، ليست سياسية ولا تريد أن تحل محل الأحزاب السياسية ولا النقابات ولا الجمعيات.
و عن عودة وزير الطاقة الأسبق شكيب خليل إلى الجزائر ترى أن العدالة هي الوحيدة التي تملك الصلاحية في الفصل في القضية، مؤكدة أن حزب العمال لا يمكن
أن يحل محل العدالة، داعية إلى ضرورة استقلالية القضاء .
و عن موقف حزب العمال من تجمعي أحزاب المعارضة والموالاة اللذين سينظمان هذا الأربعاء، اعتبرت  أن هذا يدخل في إطار حرية التعبير والتعددية السياسية.
و حرصت على التموقع من جديد قائلة أن حزبها يسعى إلى إيجاد سبل للعمل المشترك مع كل الأحزاب والجمعيات والنقابات ومؤسسات الدولة في كل ما يتعلق بالحفاظ على الجزائر وسيادتها، لكنه لا ينخرط  في أي تكتل له جانب عضوي يقيد استقلالية الحزب ويضيق عليه.
حنون التي رفضت أن تركب معها أستاذتها زهرة ظريف بيطاط و رفيقة دربها خليدة تومي على نفس الجواد ، أدخلت مراجعات و تصحيحات على مواقفها و استراتجيتها التي ستمكنها من إنقاذ نفسها أمام غريمتها وزيرة الثقافة السابقة نادية لعبيدي التي جرتها أمام العدالة.

النصر