• إيجاد الحلول للانشغالات المطروحة بالسرعة المطلوبة والاحترافية الضرورية • الشروع بالسرعة القصوى في التنفيذ الميداني • على الحكومة صب كل المجهودات لتحقيق راحة...
شرع الوزير المنتدب لدى وزير الدفاع الوطني، رئيس أركان الجيش الوطني الشعبي، الفريق أول السعيد شنقريحة، ابتداء من يوم أمس الأحد، في زيارة رسمية إلى...
أطلقت لجنة تنظيم عمليات البورصة (كوسوب)، أمس السبت، بالمركز الدولي للمؤتمرات «عبد اللطيف رحال» بالجزائر العاصمة، بوابة إلكترونية ونافذة موحدة للسوق...
أطلقت وزارة الداخلية والجماعات المحلية و التهيئة العمرانية، أمس، بمعية قطاعات وزارية أخرى حملة وطنية لتحسيس المواطنين بالأثر الايجابي والدور الهام...
جلد الخروف رمزية ثراثية تقاوم الحداثة وقيمة إقتصادية مهملة
أختيرت 6 ولايات نموذجية من الوطن لتجسيد الحملة الوطنية لجمع جلود الأضاحي يوم العيد وهي ولايات وهران، العاصمة، قسنطينة، سطيف، باتنة وجيجل، المعروفة بمدابغها وصناعة الجلود، وهذا لأول مرة من أجل إستغلال حوالي 1 مليون « هيدورة» كانت ترمى بطرق عشوائية تعرضها للتلف عوض إستغلالها في ورشات الدباغة أو مصانع الجلود.
النصر حاولت تقصي آراء بعض السيدات حول العملية وبعدها الإقتصادي وكذا رمزية «الهيدورة» في العادات والتقاليد.
سيدات يشدّن بالمبادرة مع تفضيل الإبقاء على «الهيدورة»
إستحسنت السيدة مريم من تلمسان عملية جمع جلود الأضاحي يوم العيد حتى تستغل في ما ينفع الإقتصاد الوطني، عوض أن ترمى وتفسد وتساهم في تلويث البيئة، أما بالنسبة لها فقالت أن «الهيدورة» لازالت جزءا من ديكور البيت وأفرشته، ولا يمكن أن يخلو أي منزل تلمساني منها، و تضيف» بالنسبة لي لا يمكن أبدا أن أرمي الهيدورة في حاوية القمامة يوم العيد، بل أنظفها وأجففها وأجعلها قابلة للإستعمال كأفرشة، فإما أن أحتفظ بها لبيتي أو أتصدق بها للمحتاجين أو حتى المتشردين خاصة في فصل الشتاء»، مبرزة أنها حاليا تحتفظ بثلاثة «هيدورات» ضمن أفرشتها، بينما والدتها مثلما أشارت كانت تحتفظ بالعشرات وعندما حان موعد زواج محدتثنا قامت الوالدة بنزع الصوف عن الجلود وتحضير بها أفرشة العروسة، وأبقت على 5 «هيدورات» منها التي تستعملها تحت السجادة للصلاة.
أما الآنسة فوزية فأكدت أن والدتها ترفض رمي «الهيدورة» التي تعتبرها جزءا مهما من أفرشة البيت، وأضافت محدتثنا أن والدتها كانت تحتفظ ب 20 «هيدورة» في الخزانة على أساس تقسيمها على البنات عند زواجهن بمعدل 5 لكل بنت، كما أنها أهدت زوجة ابنها 2 من «الهيدورة» وإحتفظت بواحدة للجلوس، أما باقي الجلود فقد حولت صوفها لأفرشة العرائس، موضحة أن هذه العادات لازالت راسخة ومتوارثة لدى عائلتها الكبيرة.
ولكن السيدة عائشة فقد تخلت عن إستعمال «الهيدورة» منذ سنوات مثلما قالت، حيث كانت تنظفها وتستعملها كأفرشة وتستغل صوفها في حياكة أفرشة أخرى للصالونات، ولكن بعد أن أصيبت هي وبعض أطفالها بالحساسية، تخلت نهائيا عن «الهيدورة» وأصبحت ترميها مباشرة لشاحنة القمامة، ومن أجل هذا ثمنت المبادرة لجمع الجلود مثلما أفادت «على الأقل سيتم إستعمال الجلود في أمور نافعة للبلد». وعلى خلاف السيدة عائشة، تقول أم حياة أنه لا يمكن الإستغناء عن «الهيدورة» فهي جزء من العادات الراسخة، ورغم أنها ساهمت في تطوير مرض الحساسية لأولادها إلا أنها تصر على الإحتفاظ بها.
تتوقع الهيئات الوصية التي تشرف على العملية النموذجية لجمع جلود أضاحي العيد هذا العام، جمع أكثر من 800 ألف «هيدورة» وذهبت بعض المصادر لإمكانية بلوغ 1 مليون قطعة عبر الولايات المعنية والمذكورة سابقا، و بناءا على نسبة نجاح العملية سيتم تعميمها العام القادم 2019 على كل ولايات الوطن، وبوهران ذكرت مصادر من مديرية الصناعة المشرفة على العملية، أنه ينتظر جمع 250 ألف «هيدورة»، في الوقت الذي أبدى 5 من أصحاب المدابغ بالولاية، رغبتهم في إقتناء الجلود من مركز الردم التقني أين سيتم تجميع كل الجلود التي يتم تحصيلها من العملية عبر أحياء الباهية، حيث تم تجنيد 50 شاحنة للقمامة و100 عون بلباس خاص وحاويات بلون أصفر، كتدابير لتسهيل عملية وضع الجلود وشحنها بطريقة تبعد عنها حالات التعفن والفساد، وهي التدابير التي تم بشأنها تنظيم يوم تكويني لأغلب الهيئات المشاركة في العملية.
وعشية العيد أطلقت وزارتا الصناعة والشؤون الدينية، نداءات للمواطنين المعنيين من أجل وضع الملح لجلود الأضاحي مباشرة بعد عملية السلخ وأوصى المعنيون بضرورة عدم تقطيع الجلود أثناء هذه المرحلة، ثم جاءت التوصية الأخرى المحذرة من وضع الجلود في أكياس بلاستيكية، بل يستحسن طيها بعد التمليح وانتظار شاحنة عمال النظافة لجمعها.
ثروة طبيعية تبحث عن مكانتها الإقتصادية
ولم تعرف صناعة الجلود بالجزائر تطورا كبيرا بسبب الإستعمار وسيطرته على الموارد الطبيعية والثروات، وبعد الإستقلال وجدت الجزائر نفسها مضطرة لتسجيل 29,5 بالمائة من نسبة الواردات مخصصة للجلود والمواد النسيجية، أما في السبعينات ومع تأميم المحروقات، توجه إهتمام الجزائر لقطاعات أخرى، مما ساهم في خفض الواردات من الجلود والأنسجة لتصل ل 6,6 بالمائة من إجمالي المواد المستوردة، وحسب المعطيات التي وجدناها في مذكرة ماجستير من جامعة ورقلة حول «الصناعات الجلدية بالجزائر»، فقد أعيد الإعتبار لصناعة الجلود مع بداية الثمانينات، حيث إعتمد المخطط الخماسي سنة 1984 على إنشاء 850 مؤسسة صغيرة ومتوسطة تختص بالجلود إلى جانب 4 مؤسسات عمومية، مما يبرز جليا الأهمية التي تم إيلاؤها لهذا القطاع كمورد هام للخزينة العمومية وأحد ركائز الإقتصاد الوطني، وتم خلال تلك المرحلة إعتماد 107 مشاريع ، ومع دخول البلاد في مرحلة التسعينات والأزمة الإقتصادية العالمية 1989، إختفت المؤسسات العمومية وإرتفع عدد الخواص ليبلغ 1041 مؤسسة للجلود، ليشكل هذا القطاع 0,1 بالمائة فقط من إجمالي الصادرات الجزائرية لغاية بداية الألفية الثالثة، حيث تواصل إنخفاض إنتاج الصناعات الجلدية وبدأ القطاع في تدهور، لغاية إنقاذه من خلال برنامج الإنعاش الإقتصادي، و قد تكون حملة جمع الجلود ستكون لبنة أساسية في إعادة بعث هذه الشعبة الإقتصادية المهمة خاصة وأن المادة الأولية موجودة وبجودة عالية.
بن ودان خيرة