استقبل رئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون، أمس الأحد، الأمين العام للاتحاد العام للعمال الجزائريين، السيد أعمر تقجوت، والوفد المرافق له، و أبرز...
• لجنة خاصة لمتابعة تطبيق القانون الأساسي و النظام التعويضي أعلن وزير التربية الوطنية، محمد صغير سعداوي، أمس الأحد بالعاصمة، أن الأحكام المتعلقة...
انطلقت التحضيرات الميدانية لافتتاح حوالي 600 سوق جوارية عبر كافة الولايات قبل بداية رمضان بأسبوع، ويجري حاليا تجهيز الفضاءات التي ستحتضن هذه الأسواق وتدعيمها...
انطلقت أمس الأحد عبر كافة ولايات الوطن، عملية دفع تكلفة الحج لموسم 1446هـ / 2025م والمقدرة بـ 840 ألف دج شاملة لتذكرة السفر، وهي العملية التي ستستمر إلى غاية يوم...
"القرية الحمراء".. هنا تستقبل قسنطينة زوّارها بمشاهد الصفيح!
يشهد الحي الخامس بمنطقة عين الباي بقسنطينة، و المعروف محليا باسم «القرية الحمراء»، تدهورا كبيرا على جميع الأصعدة، فرغم أن واجهته تبدو لائقة، إلا أن الصفيح ينتشر في جميع محيطه و امتد إلى ضفاف الوادي، الذي يهدد ارتفاع منسوبه حياة السكان، فيما أصيب الأطفال بالأمراض و هجروا مقاعد الدراسة بسبب هذه الظروف الصعبة، ما جعل قاطني المكان يطالبون بتسوية وضعياتهم التي تزداد سوءا منذ أكثر من 40 سنة.
أول ما يشاهده المسافر الذي يدخل أجواء قسنطينة، عبر الطائرة، هو الحي الخامس بمنطقة عين الباي، غير أن المنظر من السماء ليس بالصورة الجميلة التي قد يحتفظ بها الزائر عن الولاية، فالأكواخ القصديرية تشكل 80 بالمئة من هذا الحي، الذي أنشئ سنة 1977 في إطار القرى الاشتراكية، و قد كان عبارة عن 48 بيتا متلاصقة، وزعت على الفلاحين آنذاك، من أجل السكن و العمل في الزراعة بالأراضي المجاورة للقرية، و التي أصبحت اليوم تابعة للمزرعة النموذجية بالبعراوية.
و قد زارت النصر الحي، الذي يقع على الجانب الأيمن من الطريق المؤدي إلى منطقة البعراوية، و هو يوجد تقريبا في مجال الأراضي التابعة لمطار محمد بوضياف، كما أنه لا يبعد كثيرا عن 3 حظائر كبرى، هي قسنطينة و علي منجلي و الخروب. و أول ما يلاحظ عند الوصول إلى «القرية الحمراء»، هي بنايات كبيرة مزينة، أسفلها محلات تجارية، و حتى صالات عرض للسيارات و بعض المنتجات المختلفة، غير أن ما يخبئه هذا المشهد، لم نكتشفه سوى بعد أن توغلنا وسط البنايات، فأول ما يظهر هي منازل القرية الاشتراكية، التي فعل الزمن فعلته بها، فالقرميد الذي يغطي الأسقف، بهت لونه، و بات غير صالح لوقاية سكان البيوت من المطر و البرد و الحر، فيما تبدو مساحات المنازل ضيقة جدا، و لا تستوعب إلا عددا قليلا جدا من الأفراد.
فيضان الوادي يهدّد حياة السكان
هذه الوضعية يبدو أنها دفعت بالعديد من السكان لإزالة البيوت القديمة و بناء أخرى مكانها، هروبا من ضيق المساحة، فمعظم المنازل التي أقيمت هي من طابقين على الأقل، فيما تداخلت البيوت الجديدة و العتيقة، و تم شغل جميع المساحات بإضافات و توسعات من الطوب و القصدير، ما جعل الممرات بين المنازل، لا تتسع سوى لمرور شخص واحد أو اثنين، و قد تحولت القرية الزراعية، إلى حي قصديري، و هو ما تأكدنا منه بعد أن وصلنا إلى جانب الوادي، إذ امتدت البنايات الهشة إلى ضفافه، و بات خطر الفيضانات يهدد السكان، الذين أكدوا لنا أن بيتا جرفته المياه قبل سنتين فقط، غير أنهم لم يفكروا في مغادرة منازلهم، فلا مكان آخر يأويهم، كما أكدوه لنا.
و بالإضافة لذلك، فإن الروائح الكريهة تنبعث من الوادي و قنوات الصرف الصحي القادمة من مدينة علي منجلي، كما تشكل خطرا كبيرا بسبب الحفر الموجودة في الأرض، و التي يمكن لشخص السقوط فيها بسهولة، و هو ما حدث مع طفل كان يلعب في المكان منذ مدة، و قد أنقذ بأعجوبة من طرف أحد السكان، الذي روى لنا الواقعة، و أكد لنا بأن الصغير كان سيغرق و يفقد في قنوات الصرف، لولا تدخله في الوقت المناسب لانتشاله.
أطفال حرمتهم الظروف من الدراسة
و في المكان ترمى النفايات المنزلية، حيث تراكمت لتشكل مفرغة عشوائية، تتجمع فيها الكلاب الضالة لتقتات منها، و هي وضعية طالت، على حد تأكيد محدثينا من السكان، الذين أوضحوا بأن شاحنة البلدية لا تستطيع الوصول إلى هذه النفايات لجمعها، فيما يعيش قاطنو السكنات الهشة، دون كهرباء و غاز و ماء، و هي وضعية جعلتهم يعانون من حياة بدائية على حد قولهم، حيث يستعملون الحطب للتدفئة في غالب الأحيان، خاصة أن الحالة الاجتماعية لمعظمهم صعبة، حسب ما وقفنا عليه، و لا يمكن للكثير منهم احتمال تكاليف قارورة غاز البوتان.
و قد أثر هذا الوضع على الحياة اليومية لسكان «القرية الحمراء»، إذ اضطر الكثير من الأطفال إلى ترك مقاعد الدراسة في سن جد مبكرة، حيث التقينا بأحدهم على جرف الوادي، بينما كان يلاعب بعض الكلاب و الجراء الضالة، و عندما سألناه عن سبب تواجده بالمكان، في وقت يفترض أن يكون في المتوسطة، أجابنا بأنه ترك الدراسة في السنة الأولى متوسط، رغم أنه كان متفوقا، مضيفا بأن عمره 13 سنة فقط، و خلال الحديث وصل والده، الذي أوضح لنا بأن الظروف المادية القاهرة، و عدم تمكنه من تأمين اللباس و كذلك اللوازم المدرسية لأطفاله، دفعه إلى التخلي عن التعليم، و هو حال عدة أطفال في المنطقة، على حد تأكيد محدثنا.
لم يستفيدوا من البناء الريفي منذ 2004
و قد أكد محدثونا أن «أصحاب السكنات الأصلية» للحي، لم يتحصلوا على أوراق التسوية، التي تسمح لهم بامتلاك منازلهم و كذا البناء بطريقة قانونية، إلى غاية الوقت الحالي، و هو السبب الذي دفع بالكثير منهم إلى تشييد بيوت دون الحصول على هذه الوثائق، أما قاطنو السكنات الهشة، فأكدوا بأنهم يرغبون في الحصول على إعانات للبناء الريفي، كما ذكروا أنهم مستعدون لهدم الأكواخ، إذا منحت لهم الإعانات المالية و كذلك القطع أرضية التي يقولون إنها متوفرة.
و حسب ما أوضحه رئيس جمعية الحي، فإن حوالي 150 عائلة في حاجة ماسة لبيوت تأويها، سواء كانت ضمن صيغة الريفي أو الاجتماعي، مؤكدا بأنه منذ السبعينيات لم يستفد سوى 19 شخصا من السكن العمومي الإيجاري، ضمن القائمة الأخيرة لدائرة الخروب، فيما كانت آخر مرة حصلت فيها عائلات من الحي على البناء الريفي، سنة 2004، و أكد بعض السكان الذين التقينا بهم في المكان، أنهم حرموا من السكن الاجتماعي بالرغم من قدم ملفاتهم، كما اشتكوا من غياب الإنارة العمومية، و من قدم شبكتي الصرف الصحي و المياه الشروب، فضلا عن عدم إنجاز السلطات المحلية لممهلات على الطريق الذي تعبره السيارات بسرعة هائلة تسببت، حسبهم، في الكثير من الحوادث المأساوية.
و أشار رئيس جمعية الحي، إلى أنه استقبِل رفقة بعض السكان، قبل أيام قليلة، من طرف رئيس دائرة الخروب، و قد طرحوا عليه جميع انشغالاتهم، حيث أكد بأن المسؤول وعدهم ببرمجة زيارة قريبة إلى الحي رفقة رئيس البلدية، من أجل الإطلاع عن كثب على وضعياتهم، و من ثم القيام بالإجراءات المناسبة. و قد حاولنا خلال اليومين الماضيين الاتصال هاتفيا برئيس بلدية الخروب، لمعرفة رأيه حول انشغالات مواطني «القرية الحمراء»، غير أنه تعذر علينا ذلك، كما تنقلنا أمس إلى مقر البلدية و علمنا بأن «المير» غير متواجد بالمكان، فيما اعتذر أحد نوابه الذين التقت بهم النصر، عن الإدلاء بأي تصريح.
عبد الرزاق.م