• إيجاد الحلول للانشغالات المطروحة بالسرعة المطلوبة والاحترافية الضرورية • الشروع بالسرعة القصوى في التنفيذ الميداني • على الحكومة صب كل المجهودات لتحقيق راحة...
شرع الوزير المنتدب لدى وزير الدفاع الوطني، رئيس أركان الجيش الوطني الشعبي، الفريق أول السعيد شنقريحة، ابتداء من يوم أمس الأحد، في زيارة رسمية إلى...
أطلقت لجنة تنظيم عمليات البورصة (كوسوب)، أمس السبت، بالمركز الدولي للمؤتمرات «عبد اللطيف رحال» بالجزائر العاصمة، بوابة إلكترونية ونافذة موحدة للسوق...
أطلقت وزارة الداخلية والجماعات المحلية و التهيئة العمرانية، أمس، بمعية قطاعات وزارية أخرى حملة وطنية لتحسيس المواطنين بالأثر الايجابي والدور الهام...
البيدر أو « النادر» حافظ الغلة وأسرار أهل القرية
يعد البيدر أو» النادر «المكان المخصص للمحصول بعد حصاده ، فضاءا لتوزيع العمل وتجاذب أطراف الحديث ومعالجة المشاكل، كما تتخذ هذا المكان أيضا في الغالب أهم القرارت والتوصيات بشأن سكان القرية .
في الفترة التي تعقب مرحلة الحصاد خصوصا بالمناطق الجبلية التي لا تزال محافظة على تقاليدها، يجتمع أفراد العائلة بمعية «التوازة «أي بعض المشاركين المتطوعين من أبناء القرية على جمع المحصول كاملا ونقله فوق «شباك»عملاقة بواسطة الحيوانات كالبغال و الحمير إلى النادر أو ما يصطلح عليه باللغة العربية بالبيدر وهو المكان المعد لوضع المحصول بعد حصاده من أجل درسه و تذريته.
و تتم عملية الدرس عادة بواسطة الحيوانات إلى غاية أن تنفصل الحبوب عن القش فيما تتم عملية التذرية وفق شروط محددة منها وجود حركة للهواء حتى يتسنى فك حالة الارتباط بين التبن و الحبوب بحركة يدوية تستعمل فيها المذراة «وهي أداة خشبية لها خمس مسننات مجوفة، ويجب حسب عمي صالح 67 سنة من منطقة بوكعبن أعالي عاصمة الولاية عين الدفلى أن تعتاد على طرق التذرية التي تتناسب و اتجاه حركة الرياح بشرط أن لا يخرج التبن و الحبوب عن المجال المحدد، و يشارك في هذه العملية عدد من «التوازة «بشكل انسيابي إلى غاية فصل الحبوب عن التبن ثم يقومون بعملية جمع الحبوب في أكياس، و في كثير من الأحيان يقول الابن الأكبر «الصادق» تتوقف حركة الرياح فتتوقف معها عملية التذرية مضيفا أن الوقت المناسب يكون في فترة المساء أو ما يسمى محليا «بالبحري «أي هبوب رياح قادمة من البحر، و الشيء المميز في البيدر هي تلك الحركة و النشاط المكثف للجميع، فالأطفال يقومون بجلب الأكياس أو «الصاع» و» الكيل « وجلب الماء والنساء يحضرن القهوة «الكحلة « بمعية «المبسس « و «الفطير « و العشاء للجماعة التي تعمل إلى غاية حلول الظلام.
و لا يكاد الحديث ينقطع بين أفراد الجماعة لوقت طويل بين استحضار قصص الماضي ومعالجة مشاكل الحاضر تارة، و فيما يوجه البعض حديثهم بدون استئذان أو مقدمات لطرح مشكل قلة الغلة في الموسم ونوعية الحبوب و تراجعها بسبب نقص تساقط الأمطار ، يصدح البعض الآخر خارج السرب بصوت عال عندما يخطئ أحدهم في توجيه أداة المذراة أو تخرج الحبوب عن إطارها المحدد ، كما يتخلل هذا النشاط المتعب أجواء من التنكيت و المرح، و أمام كل ذلك يحرص الجميع على الانتهاء من العملية في أجال قصيرة قبل تساقط زخات مطر الصيف أو ما تسمى محليا «بصلاحة النوادر التي عادة ما تكون قوية و بإمكانها إتلاف المحصول يقول الجد محمد 76 سنة.
و يسترسل محدثنا موضحا بأن ثمة مجموعة أخرى تتكفل بتخزين التبن وفق الطريقة التقليدية على شكل كومة كبيرة «تملس» بالطين الممزوج بالتبن، و يحرص الجميع على إتباع التقنيات المعمول بها حتى لا ينهار ما أنجز في ساعات طويلة في لحظات قليلة. و تأتي هذه العملية في سياق حماية التبن أو كلأ الحيوانات من ألسنة اللهب والمحافظة عليه قدر المستطاع لمواجهة فصل الشتاء و سنوات العجاف.
ويعلق الأستاذ الجامعي محمد طيبي على النادر بالقول «النـــادر.. جميل مصنوع من التبن و الطين مملس باليدين، و هو صنعة للعارفين يحوي عولة للماشية، و فيه فائدة للحاشية، و هو صديق للحياة البيئية و الطبيعية، تجلس حوله العائلة و الأحباب في الأيام الماضية، و حتى أنهم يقولون بلاصة «النادر»، رائحتها طيبة و زكية، و حديثها و حوادثها نوادر شهية، يتكلمون حول الماضي و الحاضر و الأيام الحالمة الباقية».
أما مصطفى حباس مذيع بإذاعة الشلف فيستعيد ذكريات الماضي معلّقا «كنا ندخله حفاة بلا أحذية وهناك من يشترط دخوله طاهرا بعد الوضوء وفي النادر يشيّد الشرقي لتخزين التبن بطريقة ذكية وبسيطة حتى لا يشرب كما يقال يعني لا تتسلل إليه مياه الأمطار وأعلاه مقوس يكسر الرياح وفي النادر تقام الولائم والأعراس ويجتمع الأهل أيضا..»
وعن نشاط البيدر ومستقبله، يجيب الجد» محمد ع «أن الجيل الحالي قد أهمل هذه المهنة بفعل عدة عوامل من بينها دخول المكننة و آلات الحصاد و الدرس في القطاع الفلاحي بشكل كبير من شأن ذلك تقليل الجهد و الوقت عدا بعض الأماكن الجبلية الوعرة التي تفتقد لمسالك لازالت فيها بعض العائلات تقوم بعملية الحصاد والدرس بالطريقة التقليدية ،مشيرا إلى أن دور البيدر لا يكمن في توفير الغلة فحسب بل يمتد ليشمل جوانب أخرى تتعلق بعقد جلسات القران وحفلات الزواج أو حل الخلافات العائلية و المشاكل الاجتماعية وتبادل الحديث وإقامة الصلاة في الهواء الطلق، و لا ينكر أحد أن مثل هذه الأمكنة يقول عمي -محمد- كانت تستقبل المجاهدين إبان الثورة التحريرية المباركة و تصدر من هذا المكان أهم القرارات وتوصيات بشأن سكان القرية .
هشام.ج