وجه رئيس الجمهـوريّـة، السيّد عبد الـمجيـد تبون، كلمة بمُناسبة الاحتفال بالذّكرى الخمسين لتأسيس الاتّحاد الوطنيّ للفلاّحين الجزائريّين، هذا نصها...
أشرف رئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون ، اليوم الثلاثاء، بالمركز الدولي للمؤتمرات عبد اللطيف رحال (الجزائر العاصمة) على مراسم الاحتفال بالذكرى...
* نشن حربا دون هوادة على الفساد والانحرافاتأكد رئيس الجمهورية السيد، عبد المجيد تبون، أن الجزائر قد استكملت اليوم بناء منظومة قضائية جمهورية محصنة...
أعرب الوزير المنتدب لدى وزير الدفاع الوطني، رئيس أركان الجيش الوطني الشعبي، الفريق أول السعيد شنقريحة، أمس الاثنين بالكويت، لدى استقباله من طرف...
شكلّت النسخة 19 لألعاب البحر الأبيض المتوسط التي جرت مؤخرا بوهران، نقطة تحول في مسار الرياضة الجزائرية، على اعتبار أن النتائج المحققة فاقت كل التوقعات، وزرعت الكثير من التفاؤل بخصوص المستقبل، لأن الحصيلة القياسية من الميداليات لاسيما الذهبية، جاءت لتؤكد على نجاح الرياضة الجزائرية في استعادة أمجادها، خاصة وأن الأرقام القياسية التي تهاوت كانت لها انعكاسات جد إيجابية، وذلك بدخول الجزائر المربع الذهبي لجدول الترتيب النهائي لهذا العرس الرياضي المتوسطي ولأول مرة، في انجاز كسر قيود الهيمنة الأوروبية على رباعي الصدارة في اللائحة المتوسطية، والتي امتدت على مدار 6 عقود من الزمن، الأمر الذي يوحي بنهضة رياضية جزائرية في المستقبل القريب، مواكبة للإستراتيجية التي تنتهجها السلطات العليا للبلاد، والرامية بالأساس لتشجيع رياضة النخبة، والرياضيين الذين يشرفون الراية الوطنية، في مختلف المحافل الدولية.
قراءة: صالح فرطاس
القفزة العملاقة التي سجلتها الرياضة الجزائرية في دورة وهران، تجعل من الطبعة 19 للألعاب المتوسطية محطة انطلاق لعهد جديد، ببروز أبطال اعتلوا المنصات على الصعيد الإقليمي، تمهيدا لمواعيد أخرى ذات طابع عالمي، ولو أن الأنظار أصبحت مصوبة من الآن صوب موعد الألعاب الأولمبية المقررة بالعاصمة الفرنسية باريس في صائفة 2024، لأن حصيلة «وهران 2022» كانت بمثابة المؤشر الأولي الذي زرع الكثير من التفاؤل في قلوب الجزائريين بشأن المستقبل، وحفل التكريم الذي أقامه نهاية الأسبوع الفارط، رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون على شرف أبطال المتوسط، الذين رفعوا الراية الوطنية عاليا، وانتزعوا الميداليات في أكبر تظاهرة رياضية في حوض المتوسط، يعد من المحطات التشجيعية للرياضيين، سيما وأن العديد من الأبطال على اختلاف تخصصاتهم، كانوا قد اشتكوا من غياب الدعم والتحفيز بشقيه المادي والمعنوي، لكن التفاتة الرئيس تبون أكدت على الاهتمام الكبير التي توليه الدولة الجزائرية للرياضة، مع الإلحاح على ضرورة تشجيع الأبطال، وتوفير كل الظروف التي تسمح لهم بالتحضير الجيد، تحسبا للاستحقاقات القادمة.
معالم جديدة للخارطة الرياضية بفضل القفاز وألعاب القوى
محطة وهران 2022، جاءت لتكشف عن المعالم الجديدة للخارطة الرياضية الجزائرية، لأن كرة القدم تبقى الرياضة الأكثر شعبية في الجزائر، وتنال حصة الأسد من الاعتمادات المالية، لكن الإستراتيجية المستقبلية أصبحت مبنية بالأساس على الرياضات الفردية وذلك من خلال تكريم الأبطال، والإصرار على ضرورة إعطائهم العناية اللازمة، وضمان المتابعة المنتظمة لبرنامج تحضيراتهم، لأن معيار «الامتياز» تغيّرت بوصلته نحو النتائج الميدانية، بدلا من المتابعة الجماهيرية، ولو أن النسخة 19 من العرس المتوسطي، كانت قد أظهرت تعلق الجزائريين بكل أنواع الرياضات، بدليل أن كل القاعات والملاعب كانت مملوءة عن آخرها، وفي اختصاصات كانت قبل هذه التظاهرة خارج دائرة المتابعة الجماهيرية، وحتى الممارسة، إلا أن الإقبال الجماهيري القياسي في كل المنافسات، سرق الأضواء وأبهر المتتبعين والمشاركين على حد سواء.
هذه المعطيات، تبقى نقطة الارتكاز التي بنت عليها السلطات العليا للبلاد نظرتها الاستشرافية للنهوض بالرياضة الجزائرية، وتمكينها من استعادة مكانتها المرموقة في المنافسات القارية، الإقليمية والعالمية، رغم أن حصاد الجزائر في دورات ألعاب البحر الأبيض المتوسط، وحتى في «الأولمبياد» يبقى ببصمة واضحة لبعض الاختصاصات، التي لم تكن انجازاتها الميدانية كافية لإخراجها من دائرة التهميش في توزيع الاعتمادات المالية، كما هو الحال بالنسبة لألعاب القوى، التي تتصدر لائحة الميداليات بالنسبة للرياضة الجزائرية، سواء أولمبيا أو متوسطيا، وكذلك الشأن بالنسبة للملاكمة، لأن الانجاز التاريخي المحقق في وهران كان بفضل هذين الاختصاصيين، بحصيلة تمثل نصف إجمالي الذهب، وبعدد من الميداليات يلامس عتبة 50 بالمئة من حصاد الجزائر في هذه النسخة، بعد نجاح الرياضيين في كل اختصاص في الحصول على 13 ميدالية، خمس منها كانت من المعدن النفيس.
أرقام «أم الرياضات» و»القفاز» في وهران، وإن كانت تاريخية فإنها لم تبتعد كثيرا عما كان «مألوفا»، لأن كل اختصاص سبق له وأن حصد 5 ذهبيات في دورة متوسطية، وكان ذلك في دورتي أثينا 1991 وتونس 2001 بالنسبة لألعاب القوى، ومرسين 2013 لمنتخب الملاكمة، لكن العودة إلى الواجهة جاءت بعد فترة فراغ مرت بها الرياضة الجزائرية، خاصة في دورة تاراغونا 2018، والتي غاب فيها الذهب عن حصاد العدائين الجزائريين لأول مرة منذ دورة 1975، لأن ألعاب القوى الجزائرية، تعودت على الخروج من كل دورة متوسطية بذهبية على الأقل، وهذا منذ انجاز رحوي بوعلام قبل 47 سنة بالجزائر.
حيازة الملاكمة وألعاب القوى على أكبر حصة من المقاعد في لائحة الرياضيين المكرمين من طرف رئيس الجمهورية، يجسد قيمة الانجازات التي ما فتئ يحققها كل اختصاص، لأن «أم الرياضات» رفعت حصادها الاجمالي من الذهب في تاريخ المشاركة الجزائرية إلى 33 ميدالية، والملاكمة تأتي في الصف الثاني بمجموع 22 ميدالية من المعدن النفيس، وهذا ما يمثل نسبة 64 بالمئة من الحصيلة الاجمالية للرياضة الجزائرية في تاريخ المشاركات في ألعاب البحر الأبيض المتوسط على امتداد 15 نسخة متتالية، والمقدر ب 86 ذهبية، كما أن الجزائر تحصلت بفضل ألعاب القوى على 87 ميدالية، وحصاد الملاكمة كان 67 ميدالية، مما يعني بأن 53 بالمئة من الميداليات «المتوسطية»، التي تحصل عليها الرياضيون الجزائريون كانت في هذين الاختصاصين.
أبطال متوسطيّون ركائز مشروع التتويجات الأولمبية
رغم أن أغلب الأبطال المتوسطيين في ألعاب القوى، تعذر عليهم حضور مراسيم حفل التكريم الذي أقامته رئاسة الجمهورية، بسبب انشغالهم بفعاليات بطولة العالم الجارية حاليا بأوريغون الأمريكية، فإن حصاد الجزائر بفضل «أم الرياضات» في دورة وهران، بعث على الكثير من التفاؤل بخصوص ميلاد أبطال «جدد» قادرين على حمل المشعل، وجعل الراية الوطنية ترفرف عاليا في أكبر المحافل الدولية، وبالتالي استعادة أمجاد أبطال عالميين، في صورة نورالدين مرسلي، حسيبة بوالمرقة، وحتى البطل الأولمبي توفيق مخلوفي، لأن سجاتي، حتحات، مولى وحتى بن جماع وبوعناني، يعتبرون بمثابة ركائز مشروع الأبطال المستقبليين، الذين باستطاعتهم وضع بصمات الرياضة الجزائرية بصورة جلية في قادم المواعيد العالمية، وكل الرهانات تبقى مبنية على أولمبياد باريس 2024، دون التقليل من قدرات ياسر تريكي، صاحب الصف الخامس في أولمبياد طوكيو 2020.
ما قيل عن ألعاب القوى يمكن استنساخه عن الملاكمة ولو بدرجة أكبر، لأن دورة وهران 2022، شكلت نقطة انطلاق عهد جديد للقفاز الجزائري، بفضل ملاكمات نجحن في كسر كل «الطابوهات» والتتويج بالذهب، بعدما كانت ابنة تيارت إيمان خليف قد نالت الفضة في بطولة العالم الأخيرة، وعبّدت بذلك الانجاز الطريق لزميلاتها من أجل التتويج بالذهب في العرس المتوسطي، فكان حصاد منتخب السيدات للملاكمة «تاريخيا» بثلاث ذهبيات، في أول نسخة يتم فيها اعتماد رياضة الملاكمة النسوية، كمنافسة رسمية في ألعاب البحر الأبيض المتوسط، وتستهل الجزائر هذه التظاهرة بلقب متوسطي.
إلى ذلك، فقد كان منتخب «الكاراتي» بمثابة المفاجأة السارة للمشاركة الجزائرية في دورة وهران، لأن منتخب السيدات حقق انجازا تاريخيا، تمثل في انتزاع 4 ذهبيات في اليوم الأول من الدورة، في حصيلة تجاوزت بكثير كل حدود دائرة التوقعات والرهانات.
تتويجات لأبطال ولدوا من رحم المعاناة
وإذا كان حصاد الجزائر في النسخة 19 قد تخطى كل الرهانات، فإن القاسم المشترك بين أغلب الأبطال، الذين أحرزوا الميداليات في هذه التظاهرة يتمثل في المعاناة التي كانت تطبع نشاطهم لسنوات قبل هذا الموعد، ولو أن الوزارة كانت قد عمدت إلى تسطير برنامج استثنائي انطلاقا من مارس 2020، بسبب الأزمة الوبائية، تجسيدا لخارطة الطريق التي رسمتها السلطات العليا للبلاد، بحثا عن جزائر جديدة في كل القطاعات، والرياضة تعد من أهم الركائز في هذه الإستراتيجية، وقد كان الرهان مبنيا على دورة وهران، للخروج بالرياضة الجزائرية نسبيا من عنق الزجاجة، وما رسالة الملاكمة إيمان خليف للرياضيين عشية إنطلاق الألعاب المتوسطية إلا دليل على ذلك، لأن عودتها بالفضة من البطولة العالمية، جعلتها تحظى باستقبال من طرف رئيس الجمهورية، وهو الموعد الذي أتاح لها الفرصة للوقوف على نظرة الرئيس تبون للرياضة والرياضيين، وذلك بإعطاء اهتمام كبير لهذا القطاع، مع الحرص على ضرورة توفير كل الإمكانيات بحثا عن نتائج أفضل.
الإصرار على رفع التحدي، وإن كان سلاح الجزائريين في دورة وهران، فإن التفوق على رياضيين عالميين، في وجود 22 بطلا أولمبيا من دورة طوكيو ضمن قائمة المشاركين، من بينهم 9 متوجين بالذهب إلا دليل على قيمة الرهان في ألعاب البحر الأبيض المتوسط، ولو أن الفرصة كانت مواتية لبعض الرياضيين للخروج من دائرة الظل، وكسر كل «طابوهات» المعاناة، لأن نداءات الاستغاثة كانت كثيرة، في صورة البطل إدريس مسعود رضوان وكذا إسحاق غيو، عبد الكريم أوكالي، وحتى البطلة العالمية إيمان خليف، لكن الانجازات الميدانية المحققة كشفت عن المادة الخام التي تتوفر عليها الرياضة الجزائرية، والتي تعد خزانا ثريا بالأبطال الذين يولدون من رحم المعاناة، وذلك بفضل سلاح الإرادة وكذا التضحيات، لأن الجزائري متعوّد على مثل هذه الوضعيات، والروح «النوفمبرية» تبقى أبرز ما ورّثه مفجرو ثورة التحرير للأجيال التي أعقبتهم، خاصة عندما يتعلق الأمر بالراية الوطنية ونشيد «قسما» في المحافل الدولية، حيث يتم الضرب بالمشاكل والأزمات عرض الحائط وحصر التفكير في الوطن، بالسعي لتحقيق انجازات تاريخية.
اختصاصات في «الظل» تدخل اللائحة الذهبية
والملفت للإنتباه أن الانجاز غير المسبوق في سجل المشاركة الجزائرية في ألعاب البحر الأبيض المتوسط بحصد 20 ذهبية، كانت قد تحقق بفضل رياضيين في 9 اختصاصات فقط، مع حيازة الملاكمة، ألعاب القوى والكاراتي على أكبر حصة من الذهب، لكن 6 اختصاصات أخرى عرفت تتويج رياضي واحد بالمعدن النفيس، لتدخل بذلك اللائحة الذهبية في تاريخ الرياضة الجزائرية.
هذه الانجازات كانت منتظرة في رياضة السباحة، بعد تتويج جواد صيود بالذهب، مع فشل زميله أسامة سحنون في تكرار انجازه التاريخي، الذي كان قد حققه في دورة تاراغونا 2018، كما أعاد الرباع وليد بيداني رياضة رفع الأثقال إلى اللائحة الذهبية بعد غياب امتد على مدار 4 دورات متتالية، والأمر ذاته ينطبق على الجيدو، والذي توج مرة أخرى بالذهب، وذلك بفضل إدريس مسعود رضوان، لكن الموعد كان تاريخيا بالنسبة لاختصاصات أخرى تبقى «مجهرية»، ومع ذلك فإنها خرجت إلى الأضواء بعد تحقيق انجازات غير مسبوقة، كما هو الحال في «البادمينتون»، بعد تتويج الثنائي يوسف مدال وكسيلة معمري بذهبية الزوجي رجال في منافسات الريشة الطائرة، إضافة إلى المبارزة، والتي كتبت صفحة جديدة، إثر انتزاع سوسن بوضياف ذهبية تاريخية في منافسات «سيف الحسام»، فضلا عن نجاح المصارع بشير سيد عزارة في إهداء الجزائر أول ذهبية متوسطية في المصارعة الإغريقية الرومانية، بعدما كان حصاد الجزائر في هذا الاختصاص مقتصرا في سابق الدورات على الفضة والبرونز.
ص / ف