أشرف رئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون ، اليوم الثلاثاء، بالمركز الدولي للمؤتمرات عبد اللطيف رحال (الجزائر العاصمة) على مراسم الاحتفال بالذكرى...
* نشن حربا دون هوادة على الفساد والانحرافاتأكد رئيس الجمهورية السيد، عبد المجيد تبون، أن الجزائر قد استكملت اليوم بناء منظومة قضائية جمهورية محصنة...
أعرب الوزير المنتدب لدى وزير الدفاع الوطني، رئيس أركان الجيش الوطني الشعبي، الفريق أول السعيد شنقريحة، أمس الاثنين بالكويت، لدى استقباله من طرف...
أكدت وزارة التعليم العالي والبحث العلمي، أمس الاثنين، الشروع في معالجة انشغالات طلبة العلوم الطبية، من بينها رفع مبلغ المنحة الدراسية ومراجعة...
يعاني سكان المناطق الريفية الواقعة بالقرب من جبل «أم سطاس» ببلدية بن باديس بولاية قسنطينة و بشكل يومي من غبار المحاجر المستغلة بالمنطقة منذ التسعينات، و ذلك نتيجة إفرازات الغبار و انبعاث روائح البارود المستعمل في التفجيرات، و التي أجبرت مواطني المنطقة على استنشاق هواء ملوث في ظل تحول الجبل إلى ما يشبه المحجرة العملاقة إضافة إلى حالة الرعب التي تتجدد عند كل انفجار وتجبر العائلات على إخلاء منازلهم.
الجبل يقع خلف المنطقة الصناعية «الطارف» المتواجدة في المخرج الجنوبي لمدينة الخروب على بعد 01 كيلومتر، حيث لاحظنا لدى تنقلنا إلى المنطقة وجود مسالك ترابية غير معبدة تؤدي إلى العديد من مواقع الاستغلال المنتشرة على مساحة واسعة من جبل «أم سطاس»، و التي تكاد تكون غير مستعملة من طرف المركبات ذات الوزن الخفيف، حيث سجلنا استعمالا مكثفا لهذه المسالك من طرف شاحنات نقل الحصى و الرمل، و التي تعبر هذه الطرقات باتجاه المحاجر كل 10 دقائق تقريبا، ما يؤدي إلى تطاير الغبار و تشكل سحابة سوداء بالمنطقة، و ذلك نظرا للوضعية المتدهورة لهذه المسالك و وجود كميات من الأتربة الناجمة عن إفرازات عملية استغلال المحاجر و نقل المادة بالشاحنات، متراكمة على جوانب الممرات المؤدية إليها، تبين أنها عبارة عن ترسبات للغبار تحولها مياه الأمطار إلى أوحال أثناء فصل الشتاء حسب أحد السكان.
و أثناء سلكنا للطريق الترابي الرئيسي المؤدي إلى منطقة الاستغلال، لفت انتباهنا وجود كميات أخرى من الأتربة في شكل كثبان، تبدو و كأنها بقايا المادة الأولية المستخرجة تم التخلص منها بالمناطق المحيطة للمحاجر، و هو ما أدى إلى تشكل جبال صغيرة على جوانب المسلك الرئيسي و بمحاذاة كل محجرة تقريبا. و بوصولنا إلى المنطقة التي تتواجد بها المحاجر و التي تقع في الجانب العلوي، شاهدنا ما يشبه الحفر العملاقة تنتشر في سمائها سحب من الغبار، كما سمعنا أصواتا تبين أنها لآليات الحفر التي كانت موجودة في أسفل المحجرة تقوم بعملية نبش الأجزاء الصخرية التي تم تفجيرها، و كذا حملها على متن شاحنات تنقلها إلى الجهة العلوية من حفر المحاجر، حيث يتم تفريغها بعد ذلك في الآلة الخاصة بعملية التكسير و تصفية الرمل من الحجارة، و هي المرحلة الأخيرة لعملية إنتاج المادة، بينما كانت آليات عملاقة أخرى تقوم بعملية جمع كميات الحصى أو الرمل في الأماكن المخصصة للبيع، أين يتم شحن المادة في شاحنات الزبائن الذين كانوا يتوافدون على المنطقة باستمرار.
تنقلنا بعد ذلك نزولا من الجهة العلوية للجبل إلى غاية المناطق المنخفضة القريبة من المحاجر، حيث لاحظنا أن المنطقة تتواجد بها العديد من القرى و المداشر على طول سهول الجبل، كقرية الزعرورة، دوار السطايفية، قرية شواي و الدخلة إلى غير ذلك من السكنات الريفية و البناءات المشيدة في هذه الناحية المحيطة بمنطقة الاستغلال على بعد أمتار و كيلومترات متفاوتة، و التي تعد قريبة من بقعة التلوث الموجود بالمنطقة و الناتج عن نشاط المحاجر.
أثناء تجولنا في أغلب المناطق السكنية و التجمعات الريفية، أكد لنا السكان أن غبار المحاجر و دوي التفجيرات هاجسان يلازمانهم طيلة سنوات بداية النشاط بجبل «أم سطاس» الذي يمتد على مسافة تفوق 05 كيلومتر و إلى غاية يومنا هذا، و من خلال حديثنا مع المعنيين قيل لنا بأن الغبار تسبب في إصابة العديد من المواطنين بمرض الربو و الحساسية خاصة لدى فئة الأطفال، كما أدى إلى فساد الثمار و موت الأشجار التي كانت مكسوة بمادة الغبار حسب ما شاهدناه في المنطقة، كما أكد لنا المعنيون أن عبور الشاحنات المكثف عبر المسالك الغير معبدة مرورا بالقرى و المداشر ليلا و نهارا، يساهم بشكل كبير في إزعاج السكان، تطاير الأتربة و انبعاث الهواء الملوث على بعد أمتار قليلة من السكنات، ما يؤدي إلى تلوث غسيل المواطنين و دخول الغبار إلى غرف السكنات حسب ما أكدته لنا أحد المواطنات، و كذا تشكل سحب ملوثة تفرض على الإنسان و الحيوان المتواجد في المنطقة استنشاق هواء ملوث بالمواد الكيميائية المنبعثة من المحاجر.
كما أبدى سكان المنطقة استياء شديدا من صوت التفجيرات و من تداعيات عملية استعمال مادة البارود لتكسير الطبقات الحجرية، و التي تفرز رائحة قوية لا يمكن استنشاقها، إضافة إلى التأثيرات الفجائية لعملية التفجير خاصة على فئة الأطفال و النساء الحوامل، و ما يفرزه ذلك من انتشار للغبار خاصة في فصل الصيف و حسب اتجاه الرياح على حد قول المعنيين.
عملية استغلال المحاجر أصبحت عاملا ملازما لطريقة عيش سكان المنطقة، و هو ما يتضح من خلال إخلاء المعنيين لسكناتهم أثناء قيام مسيري المحاجر بالتفجيرات، و ذلك حسب ما أكده لنا أحد السكان الذي قال أن العملية تتم بعد تشغيل صفارات الإنذار من قبل رجال الدرك الوطني الذين يشرفون على كل التفجيرات في المحاجر، يتحصن خلالها المواطنون في أماكن آمنة خوفا من تصدع المنازل خاصة تلك القريبة من أماكن الاستغلال، في انتظار سماع صوت الانفجار القوي لمادة البارود التي تفرز رائحة تشتم على بعد حوالي 500 متر أو أكثر، و لدى دخولنا إلى أحد المنازل سجلنا العديد من التصدعات على مستوى الجدران، و ذلك بسبب الهزات الأرضية التي تحدثها التفجيرات و التي تسببت حسب سكان المنطقة في حدوث انهيارات في التربة، تهدد بانهيار السكنات في أية لحظة.
كما لاحظنا وجود تشققات خارجية بأغلب السكنات المتواجدة في المنطقة و حتى على مستوى المباني التي تبعد عن المحاجر في الجهة المقابلة من الجبل، و التي يفصلها الطريق الرابط بين بلديتي الخروب و ابن باديس بحوالي 02 كيلومتر عن المنطقة، بينما تصنف بعض البنايات الهشة المصنوعة من الحجارة و الطوب التي لاحظنا وجودها بالقرب من بعض المحاجر، في الخانة الحمراء في ما يتعلق باحتمال انهيارها نظرا لعدم صلابة مادة البناء و عدم وجود طبقة إسمنتية على جدرانها، تلك المنازل تقطن بها عائلات منذ سنوات حسب ما أخبرنا به أحد المواطنين، وهي مبنية وسط أكوام من أتربة المحاجر و الصخور الضخمة التي تم التخلص منها في مساحات قريبة من المحاجر، و تقطن بها العديد من العائلات المهددة بالموت في أية لحظة، نتيجة للإنزلاقات الأرضية و تصدعات المباني الناتجة عن التفجيرات.
تداعيات نشاط المحاجر المتواجدة في المنطقة و المقدرة بـ12 محجرة لم يتوقف عند حد التأثير على صحة الإنسان و المباني فقط، بل تعداه إلى المساس بمصدر الرزق الوحيد تقريبا لسكان هذه المنطقة الريفية و المتمثل في تربية الحيوان و الفلاحة، و هو ما سجلناه لدى دخولنا إلى أحد المستثمرات الخاصة بتربية الدواجن، حيث أكد لنا أحد المسؤولين أن التفجيرات المفاجئة على مستوى المحاجر، أدت في العديد من المرات إلى نفوق العشرات من الدجاج بالرغم من بعد المستثمرة عن منطقة المحاجر بحوالي 01 كيلومتر، حيث أشار المتحدث إلى المعاناة المزمنة من تبعات استغلال المحاجر في ظل استمرار النشاط، و هو ما أثر على مردود المستثمرة و قلص من فرص الاستثمار في مجال تربية الحيوانات بالمنطقة. كما أكد لنا مربو الحيوانات تراجع الاهتمام بمثل هذا النشاط، و ذلك بسبب غبار المحاجر و الذي أدى إلى نفوق رؤوس المواشي إثر إصابتها بأمراض رئوية، نتيجة لاستنشاق كميات الهواء الملوث بجزيئات غبار المحاجر و التي تحتوي على مواد كيميائية سامة، حيث قال أحد المربين أن العديد من أصحاب الماشية تراجعوا عن تربية الحيوانات، فيما قام آخرون بالنزوح إلى مناطق بعيدة عن المحاجر لتجنب تأثيرات عمليات الحفر و التفجيرات اليومية.
مواطن آخر قال أن تربية الحيوانات مهددة بالزوال في منطقة جبل «أم سطاس»، مبررا ذلك بكون رقعة المحاجر تتسع يوما بعد آخر في المنطقة دون مراعاة للمساحات الرعوية، و هو ما أدى حسبه إلى اختفاء الغطاء النباتي و تقلص أماكن الرعي، مضيفا أن المساحات القليلة المتبقية تأثرت بانبعاث الغبار و تراكمات الأتربة و لم تعد صالحة كعلف للحيوانات، و هو ما سجلناه فعلا من خلال طبقات الغبار التي كانت تغطي النباتات و الشجيرات خاصة الموجودة في المناطق القريبة من المحاجر، و هو ما قلص المساحات المخصصة للرعي بالمنطقة.
كشف مدير الطاقة و المناجم لولاية قسنطينة، عن تسطير برنامج لاستيراد تقنية جديدة في ما يخص عملية التفجيرات تستعمل حاليا في منطقة البويرة، حيث أكد أنه عقد لقاء مع كل من رئيس جمعية مستغلي المحاجر، المستثمرين و الشريك الأجنبي القادم من بلجيكا، و ذلك للتشاور حول طريقة استخدام هذه التقنية الجديدة التي تعمل بواسطة مسامير فولاذية يتم تثبيتها داخل المساحة الصخرية المراد استغلالها، حيث تعمل هذه الأخيرة بطريقة ميكانيكية على تصدع موقع محدود دون إحداث هزات في المنطقة أو إفراز الغبار بخلاف الطريقة القديمة، و لم يبق سوى التشاور مع مسؤولي القطاع في هذه الولاية حول فعالية هذه التقنية قبل استيرادها.
المتحدث و لدى استفسارنا عن التأثيرات الناجمة عن المحاجر في المنطقة، قال أنه خلال السنوات الأولى من الاستغلال لم تكن هناك سكنات مبنية في هذه المنطقة، مضيفا أن السكان الموجودين حاليا في المنطقة قدموا بعدما قام العديد من الخواص بفتح العديد من المحاجر، و التي وصل عددها في هذه الجهة فقط إلى 12 محجرة، مبررا اتساع رقعة استغلال هذه المنطقة في نشاط إنتاج الحصى و الرمل، كون المادة الأولية الموجودة على مستوى جبل «أم سطاس» المصنف في المرتبة الأولى على مستوى الشرق، ذات جودة عالية من حيث الصلابة، و كذا من حيث ملائمتها لكل مشاريع البناء، الطرقات و السدود حسب المسؤول، الذي أكد أن مهمة مديرية القطاع تكمن في التأشير على منح مادة البارود المستعملة في التفجيرات و ذلك بموافقة السلطات الولائية، فيما تتكفل الوكالة الجهوية للنشاطات المنجمية بعملية منح رخص الاستغلال.
ذات المتحدث و في ما يتعلق بالضرر البيئي الذي تسببت فيه المحاجر، أكد أن مهمة مراقبة و حماية المحيط بالمنطقة من صلاحيات مديرية البيئة، و ذلك عن طريق شرطة البيئة التي تتكفل حسبه بمعاينة كمية التلوث حسب المعايير المعمول بها دوليا، حيث يمكنها غلق المحاجر في حالة تسجيل تجاوزات. أما عن طريقة منح رخص الاستغلال، فقد أوضح مدير الطاقة أن العملية تتم وفق مزاد علني على المستوى الوطني، و ذلك بعد موافقة اللجنة التقنية المختصة و بالتنسيق مع مختلف المصالح المعنية من الحماية المدنية، العمران، الري، البناء، الفلاحة، البيئة، الطاقة و مصالح الغابات، على صلاحية الموقع و عدم وجود مخاطر، بالإضافة إلى ضرورة توفر المستثمر على كل الإمكانيات اللازمة في عملية الاستغلال، ليتم بعد ذلك منح رخصة الاستغلال حسب احتياط المادة الأولية المتوفرة في موقع الحفر، حيث يمكن للمستفيد من الرخصة تمديد فترة الاستغلال بالقطعة الأرضية المحددة له إن لم تكن المدة الزمنية الأولى كافية لاستخراج كل المادة الأولية الموجودة.