أعلنت المؤسسة الوطنية للنقل البحري للمسافرين، اليوم الأربعاء، في بيان لها، عن تأجيل الرحلة البحرية المرتقبة غدا الخميس من الجزائر العاصمة نحو...
* إطلاق إنجاز 1.4 مليون وحدة سكنية عدل «3» قريباأعلن وزير السكن العمران و المدينة، محمد طارق بلعريبي، أمس الثلاثاء عن إطلاق برنامج سكني، جديد في...
أكد وزير الدولة، وزير الشؤون الخارجية، أن ترشح الجزائر لمنصب نائب رئيس مفوضية الاتحاد الإفريقي، يُجسد العناية الخاصة التي يوليها رئيس الجمهورية، لتعزيز دور الجزائر...
* مهلة شهر لكل الهيئات الحكومية والمؤسسات لإثراء المشروع سلمت لجنة الخبراء المكلفة من قبل رئيس الجمهورية السيد، عبد المجيد تبون، بإعداد مشروعي...
على الجانب الشرقي من ولاية سكيكدة، تحتضن شواطئ البحر الأبيض المتوسط مدينة المرسى الممتدة على عشرات الكيلومترات من السواحل، التي يمتزج فيها البحر بالرمال الذهبية و الجبال، لكن نقص المياه و كذا تلوث الشواطئ و غياب المرافق و الخدمات بهذه البلدية الفقيرة، جعل السياحة فيها تفقد الكثير من قيمتها رغم المقوّمات الموجودة، حيث باتت الآمال معلقة اليوم على المستثمرين من أجل جعل المرسى قطبا سياحيا ينهي معاناة السكان و المصطافين.
روبورتاج : عبد الرزاق مشاطي
في الطريق إلى بلدية المرسى عبر منطقة العزلة، يصادفك فلاحون يعرضون منتوجاتهم من التين و التين الشوكي، و بعد دقائق من المسير، تجد نفسك تتجول داخل شوارع المدينة، دون أن يختفي مشهد الباعة الذين يعرضون فواكه طازجة بأثمان بسيطة يقبل على شرائها الزوار و المصطافون.
وقد كانت الساعة تشير إلى الواحدة زوالا عندما وصلنا إلى الشارع الرئيسي لمدينة المرسى و الذي يطل على الشاطئ المركزي المحاذي للميناء، و بعد جولة قصيرة على طول "الكورنيش" لاحظنا أن المكان كان شبه خال من الناس، أما الشاطئ فلم يكن به سوى أعداد قليلة من الأشخاص، لكن ما لبثنا أن اكتشفنا السبب، من دون الحاجة إلى السؤال، فمياه الصرف الصحي كانت تلوث معظم المكان و تشكل بركة كبيرة تنبعث منها رائحة كريهة، ينفر منها المارة و يضطرون بسببها لعبور رصيف الكورنيش إلى الجهة المقابلة، و هو وضع لم يمنع بعض العائلات من الجلوس على بُعد أمتار قليلة من مياه الصرف، رغم خطورة ذلك.
مياه الصرف تصبّ بشاطئ المدينة و تنفّر السياح
أما الميناء فقد كان خاليا تماما و كأن المكان مهجور و القوارب ليس لها مالك، فلم يكن هناك أثر للصيادين و لا لأصحاب قوارب النزهة، أما مياه الميناء فعكرت صفوه رائحة البنزين و الصرف الصحي، فالمكان لم يكن مناسبا للنزهة أو الترفيه، لنعود بعدها إلى الشارع الرئيسي، أين وجدنا صعوبة في إيجاد مطعم مفتوح رغم العدد الكبير من المطاعم، فمعظم المحلات كانت لا تزال مغلقة، و حسب ما أكده لنا صاحب إحداها، فإن الفترة الصباحية لا تشهد إقبالا كبيرا، لذلك يفضل التجار بدء العمل بعد الظهيرة.
بين شوارع المدينة الصغيرة الأشبه بقرية، لاحظنا أبقارا تتجول بحرية و تقتات من القمامة المبعثرة أمام المساكن و العمارات، فيما شاهدنا خزانات للمياه في كل مكان أمام مداخل البنايات و على الأسطح، و صادفنا شاحنات تحمل صهاريج بلاستيكية مملوءة بالمياه تجوب الشوارع، فيما أكد عدد من المصطافين أنهم يلجأون لتوفير حاجياتهم اليومية من هذه المادة، عبر شرائها من أصحاب الصهاريج.
مصطافون اشتروا 50 بالمائة من منازل المنطقة
من خلال حديثنا إلى بعض الأشخاص الذين التقيناهم بأرجاء المدينة، اكتشفنا بأن 50 بالمائة من البيوت هي ملك لعائلات من ولايات أخرى كقسنطينة و أم البواقي و عنابة و بسكرة و الوادي و حتى من مناطق جنوبية مثل تيميمون، حيث لا يقطنون بها سوى في فصل الصيف و تبقى مغلقة معظم السنة، و كباقي المدن الساحلية أكد محدثونا أن السكان يؤجّرون بيوتهم خلال فصل الصيف، فبعضهم يؤجر طابقا واحدا و آخرون يغادرون منازلهم في العمارات أو المساكن الفردية و يعودون بشكل مؤقت نحو منازلهم القديمة الواقعة بالمشاتي المنتشرة على حواف المدينة، و هناك من السكان من يقوم بتأجير محلات شاغرة أسفل منازلهم، حيث يفضل بعض الشباب المصطافون كراءها نظرا لانخفاض الأسعار التي تتراوح بين 2000 دج و 7000 دج.
و هناك من المصطافين من أكد أنه يبدأ يومه بعد صلاة الفجر، حيث يتجه لشراء الخبز الذي ينفذ بسرعة و يصبح من المستحيل توفيره بعد الثامنة صباحا، فيما يتوجه آخرون مبكرا لملء دلاء من الينابيع القريبة، قبل أن تكتظ بالمصطافين الذين ينتظرون في طوابير، و قد شاهدنا بعض الشباب و هو يستحمّون في أحد الينابيع بعد أن انهوا السباحة، و السبب هو عدم وجود مرش بكامل المدينة.
شواطئ غير مستغلة و نصف السكان يعيشون على الصيد
و يُعدّ شاطئ الرميلة الأشهر بمنطقة المرسى، بسبب نظافته و مياهه الصافية و توفر الأمن، و قد تضاعف الإقبال عليه بسبب تلوث شاطئ المدينة، و يمتد على مساحة شاسعة على عدة كيلومترات، و ينقسم إلى ثلاثة أجزاء تسمى بالرميلة 1 و 2 و 3، و قد لاحظنا أن المرسى تضم عشرات الكيلومترات من السواحل غير المفتوحة للسباحة و التي يفضل البعض التوجه إليها رغم بعدها و عدم توفر مداخل إليها، إضافة إلى خطورة السباحة هناك بسبب عدم وجود حراس، حيث أن مئات الزوار يتوجهون إلى أعلى المرسى و بالتحديد إلى شواطئ رأس الحديد، التي تمتاز بطبيعة نادرة تلتقي فيها الجبال بالبحر.
رئيس بلدية المرسى السيد "شابي حمدان" استقبلنا بمكتبه و أكد لنا بأن المرسى كانت تسمى قديما برأس الحديد، و طبقا للتقسيم الإداري الذي أجري سنة 1984 فقد أطلقت عليها هذه التسمية نسبة إلى مرسى البواخر القديم المتواجد بمنطقة رأس الحديد، أما نشأتها فتعود، حسب "المير"، إلى عصور خلت، فقد تم اكتشاف مقبرة سنة 1997 يعود تاريخها إلى الإنسان القديم بمنطقة "بني امحمد" و قد توسعت المنطقة التي استوطنها البربر، كما شهدت الغزو الفرنسي خلال السنوات الأولى من الاستعمار، و رست بها بواخر الألمان خلال الحرب العالمية الثانية، كما شهدت المنطقة عدة ثورات شعبية ومن أبنائها من شارك في مقاومة الأمير عبد القادر، و استشهد على أرضها الشيخ زغدود رأس الحديد الذي قطع رأسه و نقل إلى باريس، و عند الاستقلال ألحقت إداريا ببلدية شطايبي بولاية عنابة إلى غاية سنة 1985 تاريخ إعلانها كبلدية.
و تمتد مساحة المرسى على 111 كلم مربع، أما عدد السكان فيتجاوز 6 آلاف نسمة حسب إحصاء سنة 2008، معظمهم بالمرسى و حي قايدي و الباقي موزعون على مشاتي الطاهر و الرميلة و القندول و كذا المساعدية و أولاد السعيد و غيرها، و تضم البلدية سبع مدارس ابتدائية و متوسطة و ملحقة ثانوية، إضافة إلى عيادة متعددة الخدمات بمركز البلدية و قاعة للعلاج بمشتة سيدي مرزوق، أما ثقافيا فتضم مكتبة بلدية و دار شباب و ساحة لعب و ملعبا جواريا، إلى جانب قباضة بريدية واحدة، أما النشاط الأساسي للسكان فيتمثل في الصيد البحري حيث أن هناك 3 آلاف صياد يعتمدون على ثروة سمكية معتبرة، فيما يأتي النشاط في الفلاحة في المرتبة الثانية.
البلدية تناشد المستثمرين لانتشالها من الفقر
مشكلة نقص المياه التي تتصدر عوائق السياحة بالمنطقة، أرجعها رئيس البلدية إلى نقص المصادر الطبيعية التي تعد غير كافية تماما حسبه، فهناك منبعان فقط بمنطقة الرميلة يزودان كامل السكان، مؤكدا بأن المشكلة تتضاعف خلال فصل الصيف، حيث يقفز عدد السكان إلى 30 ألف دون احتساب المصطافين، و ذلك بسبب عودة مالكي البيوت القاطنين بولايات أخرى إلى المدينة، و أكد المير بأن السكان ينتظرون بفارغ الصبر انتهاء مشروع تمويل المرسى بالمياه عبر مدينة برحال، حيث يتوقع، حسبه، انتهاء الإنجاز مع نهاية سنة 2016، مشيرا في الوقت ذاته إلى أن مشروع تزويد المنطقة بالغاز بلغ نسبة 90 بالمائة، ليدخل الخدمة خلال السنة الجارية، أما عن مشكلة تلوث شاطئ المدينة فأكد "المير" أنه في طريقه إلى الحل، من خلال مشروع لتجديد محطة الضخ بقيمة 900 مليون سنتيم.
السيد شابي أكد أن بلدية المرسى تعد واحدة من أفقر بلديات سكيكدة، فميزانيتها لا تتجاوز 12 مليار سنتيم، تخصصها لأعمال بسيطة مثل التنظيف و إصلاح الطرق و الإنارة العمومية، مؤكدا بأن مصالحه قامت باستثمار مبلغ 10 مليار سنتيم، من أجل إعادة تعبيد الشارع الرئيسي و تجديد الإنارة على مستواه، كما سمحت بتأجير مساحات لبعض الخواص الذين نجحوا في تنشيط الحركة ليلا من خلال ألعاب الأطفال و قطار بعجلات يجوب الشوارع ليلا و خدمات الإطعام و بائعي المثلجات الذين يسهرون مع المصطافين إلى ساعة متأخرة من الليل.
و كشف "المير" عن تخصيص منطقة للتوسع السياحي تمتد على مساحة 108 هكتار معترف بها من قبل الوكالة الوطنية للسياحة، أكد بأنه تنتظر من يستثمر فيها، داعيا أصحاب المال إلى بناء منتجعات سياحية و فنادق و مراكز للراحة، و مؤكدا بأن البلدية تعلق آمالها على الاستثمار السياحي للخروج من الفقر.