الخميس 28 نوفمبر 2024 الموافق لـ 26 جمادى الأولى 1446
Accueil Top Pub

محنة الساق

برزت في الأيام الأخيرة حملات ومواجهات إلكترونية بشأن «اللباس» في الجزائر. فبعد أن قامت مرتادات بنشر صور سيقانهن تضامنا مع الطالبة التي منعها حارس من دخول الجامعة لقصر لباسها ، بدأت حملة مضادة يستخدم أصحابها الزيّ الرسمي كلباس الجيش والشرطة يرفعون فيها شعار:”إن كنت رجلا لا تترك زوجتك أو ابنتك تخرج بلباس غير محتشم”!
هذا «النقاش» يستدعي الانتباه والدراسة، حتى وإن كان محدودا في فضاء الكتروني، لأنه يكشف عن «المكبوتات الوطنية» وعن طريقة فهم الجزائري للعيش المشترك والفضاء العام، و استدعاء الأنوثة  والاستنجاد بالرجولة في الحالتين يعبّر عن مشكلة مرضيّة لدى أفراد تحيل إلى مرض سياسي واجتماعي لدى شعب يعاني من اضطراب في الهوية ويفتقد لمشروع مجتمع ولا يحتكم لفضائل الاستحقاق. وليس اللباس سوى مظهر بسيط من مظاهر هذا الاضطراب الذي أصبح يتجلى، أيضا، في مختلف السلوكات  وفي انهيار سلّم القيم الذي جعل من أي مواطن مغلوب على أمره ينصب نفسه وصيا على الأمة من زاويته الحزينة التي يكسوها الغبار.
 وبعيدا عن الحق في كشف الساق أو تغليف الجسد كلّه، فإن تعاطي الجزائريين مع اللباس يبدو فريدا من نوعه، ففي الجزائر فقط يمكن  أن تجد موظفين يذهبون إلى العمل بلباس البحر أو لباس النوم، أو موظفات يعملن بلباس الحفلات أو طالبات يدرسن بلباس الملهى، وفي الجزائر يمكن أن ترى الناس يذهبون إلى المقهى والجامع بلباس الرياضة، وفي الجزائر – وفيها فقط – يعري سائق «الطاكسي» ساقيه وفخذيه لركابه ويريهم شعر إبطيه.
وكل ما سبق من تعبيرات يحيل إلى معاناة من «عصاب هستيري»، كما يعلّمنا التحليل النفسي، ويتساوى في الهستيريا ذاتها  الإسراف في كشف الجسد أو في إخفائه ويسبح حولها الدعاة إلى هذا وذاك.
 فاللباس منذ ورقة التوت الأولى إلى التشادور الأخير يحمل الرموز والتعبيرات الجنسية، والإسراف في الاحتشام وإخفاء الجسد، برأي بعض المختصين في سيكولوجيا اللباس، هو نوع من «الستريبتيز»، لأن الإخفاء يحمل وعدا كريما بعكسه.

ملاحظة
من الأولويات التي تحتاج إليها «السيقان الجزائرية» مكشوفة  أو مغطاة: تدريب فوري على كيفية السير في الطرقات.

سليم بوفنداسة

 

المزيد من الأعمدة

صوتُ الحياة

شاخ الوقتُ حولها لكنّها ظلّت في مقتبل الصّبا تسقي الدهشة وتشيعها، لأنّ المنادي الذي نادى النّاس...

  • 25 نوفمبر 2024
المُنمركون !

يصعبُ توقّع ما ستكون عليه الحياة بعد سنوات قليلة، نتيجة التدخّل المفرط للتكنولوجيا فيها، الذي لا...

  • 18 نوفمبر 2024
لا تلوموا أسامة!

يطرحُ الإقبال "غير المتوقّع" على الكاتب السعودي أسامة المسلم في صالون الجزائر الدولي للكتاب،...

  • 11 نوفمبر 2024
«لأسبابٍ سياسيّة» !

قبل سويعات من الكشف عن الفائز بجائزة الغونكور، أمس، نقلت وكالة الأنباء الفرنسية عن ناشرٍ قوله، إن...

  • 04 نوفمبر 2024
الصّورة و النّص

عاش كاتب ياسين حياةً قليلة وبسيطة، عانى فيها من "سوء الفهم" و الأسطرة، فضلا عن الجدل الذي لم يفتر...

  • 28 أكتوير 2024
المُستريحون

تُخفي الفرحةُ بموت أحدٍ، حالة قهرٍ عاشها الفَرِحُ في وجود الرّاحل الذي حقّقت ميتتُه زوال غمٍّ،...

  • 21 أكتوير 2024
طفولــة

سليم بوفنداسة ينشغلُ عددٌ غير قليل من الجزائريين بنظرة الآخر التي تتحوّل إلى مصدر فخرٍ أو سبب...

  • 15 أكتوير 2024
ضرورة الفرز

سليم بوفنداسة لا يواجه الأدب الجزائري مشاكل في التلقي فحسب بل يواجه أيضًا مشاكل في الكتابة...

  • 01 أكتوير 2024
سُقــــوط

سليم بوفنداسة فرضت ثقافة السّوق التي تهيمن على عالمنا المعاصر نمطًا جديدًا من النّخب، تنتجه...

  • 24 سبتمبر 2024
حارةُ المُؤثرين

هل تستطيعُ وسائطُ التّواصل الاجتماعيّ حمل الخِطاب الثقافيّ، وهل يسلمُ، في حال استخدامها من الخِفّة التي تفرضها...

  • 17 سبتمبر 2024
المهيمنُ لا يتحرّج

لا يستريحُ القتلةُ في الصيّفِ، فكلّ الفصول مُناسبة لإراقة الدم، ولعلّهم نجحوا في تحويل المقتلة...

  • 29 جويلية 2024
كرمٌ مُعلن

يمكن اعتبار الاحتفاء بالناجحين علامة صحيّة، لما في ذلك من تقديرٍ للعلم ومُحصّليه، شرط أن يكون...

  • 22 جويلية 2024
محنة الرواية!

تعرّضت الكاتبة إنعام بيّوض إلى حملة تشهير بالغة السوء على مواقع التواصل الاجتماعي، بعد نشر صوّر...

  • 15 جويلية 2024
محاذير الفرح!

أثار الفرح "المبالغ فيه" بالنّجاح في مختلف امتحانات نهاية السنة، الجدل بين مناصرين للحقّ في...

  • 01 جويلية 2024
«ترندينغ»

تكفّلت مواقع التواصل الاجتماعي بترتيب اهتمامات "الرأي العام"، مُنهية بذلك احتكار وسائل الإعلام...

  • 24 جوان 2024
سِرُّ مالك!

بقدر الدهشة التي تخلّفها جُملته، بقدر الحسرة التي ينتهي إليها قارئه، حسرة على عدم اكتمال قصّة وعلى الصّمت...

  • 03 جوان 2024
«الطريق»

توفر الوسائط التكنولوجيّة "حياةً جديدةً" للإبداع، من خلال القنوات التي تفتحها مع المتلقّي، مختصرةً الجهد والوقت...

  • 27 ماي 2024
الفيلسوف متوحشا

أصاب الحراك الطلّابي في الغرب، الفيلسوف الفرنسي الصهيوني الهوى ألان فينكلكروت بالرّعب، إلى درجة...

  • 20 ماي 2024
الخروج من حُجرة الكتابة

خرج بول أوستر من "حجرة الكتابة" تاركًا أبطاله لمصائرهم الغامضة وشعبًا يتيمًا في مختلف اللّغات، هو...

  • 06 ماي 2024
قطارُ الباطل

سلّطت الاحتجاجاتُ الطلابيّة في الولايات المتحدة الأمريكيّة الضوء على هيمنة اللّوبي الصهيوني على...

  • 29 أفريل 2024
Articles Side Pub
Articles Bottom Pub
جريدة النصر الإلكترونية

تأسست جريدة "النصر" في 27 نوفمبر 1908م ، وأممت في 18 سبتمبر 1963م. 
عربت جزئيا في 5 يوليو 1971م (صفحتان)، ثم تعربت كليًا في 1 يناير 1972م. كانت النصر تمتلك مطبعة منذ 1928م حتى 1990م. أصبحت جريدة يومية توزع وتطبع في جميع أنحاء الوطن، من الشرق إلى الغرب ومن الشمال إلى الجنوب.

عن النصر  اتصل بنا 

 

اتصل بنا

المنطقة الصناعية "بالما" 24 فيفري 1956
قسنطينة - الجزائر
قسم التحرير
قسم الإشهار
(+213) (0) 31 60 70 78 (+213) (0) 31 60 70 82
(+213) (0) 31 60 70 77 (+213) (0) 6 60 37 60 00
annasr.journal@gmail.com pub@annasronline.com