الخميس 28 نوفمبر 2024 الموافق لـ 26 جمادى الأولى 1446
Accueil Top Pub

العارف

أشعر الآن بالراحة. هزمتهم جميعا. تواروا الواحد بعد الآخر. دخلوا جحور الصمت وماتوا. الأوغاد. لم يحسنوا تقديري فدفعوا الثمن. كل من يسيء تقديري يدفع الثمن. أنا هكذا. مذ تعلّمت فنون التدبير وتمكنت من علوم التوقّع لم يصمد أمامي خصم. لا سرّ في الأمر سوى أني عبرت الطريق الصّحيح. قلّة هم الذين يعبرون الطريق الصّحيح، أما أنا فقد عرفت الدرب من البداية ولم أكن في حاجة إلى عمر كامل من النّدم كي أكتشف الحياة الصائبة. غادرت المدرسة باكرا، الحياة قليلة والغبيّ الغبيّ من يعتقد أن الكتب والكراريس تغنيها. سنوات قليلة ضيّعتها في المدرسة، تعلّمت كتابة ما أحتاج إليه: اسمي مثلا. ثم هربت إلى المدرسة الحقيقية. صحيح أني تعذّبت لكن عذابي مثمر، فلو لم أفعل ما فعلت لما كنت ما أنا عليه الآن. ليس في تاريخي ما يخجل: تاجرت تجارة حرّة، شاء الفاشلون أن ينعتوها بتسميات أخرى. رقصت في أعراس الآخرين ولا زلت أفعل، بالمناسبة، ليس عيبا أن أخدم الآخرين وأفرح بهم، خصوصا إذا كانوا يستحقون. أنا أحترم وضعي الطبقي مهما علا شأني، إن أشاروا عليّ بشيء فعلته وإن دعوني إلى الانصراف انصرفت وصمتّ إلى الحد الذي أكف فيه عن الحديث إلى زوجتي وأبنائي. أنا منضبط. أتحرك بحسبان. أتنبأ باتجاه الريح قبل هبوبها. كنت في طفولتي البعيدة أضع أذني على الأرض فأعرف اتجاه الريح وأعرف مواعيد المطر وأعرف وجهة بغال المهربين ومواقع القطارات، كان كل من يفقد قطيعا يستنجد بي لأدله على قطيعه، وإلى الآن لازلت أضع أذني على الأرض لأعرف اتجاه الأقدام ومستقبل الرؤوس في بورصة المصائر. كنت كريما ولا زلت. لا أرى عيبا في منح هبة أو صبية لمن استحق ذلك. لا عيب في إسعاد الناس. العيب كل العيب فيما يأتيه هؤلاء المتفلسفون الذين لا يرون من الحياة سوى وجهها الأسود. كثيرون يسخرون من نجاحي لأنهم لم يصيبوا ما أصبت من عنب. أنا سعيد وتزداد سعادتي كلّما ارتفع  منسوب السعادة في بلدي الذي سخرت له عمري كاملا، وإن زادني الله سأزيد. لا أكترث بسخرية، أعرف أن أمثالي قلّة وأننا جئنا لنتقدم القافلة، نزيل الأشواك ونستقبل الأذى المحتمل بصدورنا.

ملاحظة

أنا لا أقرأ التاريخ لكني أحفظ جيدا وأطبّق حكمة نابليون عن شروط النجاح في ممارسة...السياسة.

سليم بوفنداسة

 

المزيد من الأعمدة

صوتُ الحياة

شاخ الوقتُ حولها لكنّها ظلّت في مقتبل الصّبا تسقي الدهشة وتشيعها، لأنّ المنادي الذي نادى النّاس...

  • 25 نوفمبر 2024
المُنمركون !

يصعبُ توقّع ما ستكون عليه الحياة بعد سنوات قليلة، نتيجة التدخّل المفرط للتكنولوجيا فيها، الذي لا...

  • 18 نوفمبر 2024
لا تلوموا أسامة!

يطرحُ الإقبال "غير المتوقّع" على الكاتب السعودي أسامة المسلم في صالون الجزائر الدولي للكتاب،...

  • 11 نوفمبر 2024
«لأسبابٍ سياسيّة» !

قبل سويعات من الكشف عن الفائز بجائزة الغونكور، أمس، نقلت وكالة الأنباء الفرنسية عن ناشرٍ قوله، إن...

  • 04 نوفمبر 2024
الصّورة و النّص

عاش كاتب ياسين حياةً قليلة وبسيطة، عانى فيها من "سوء الفهم" و الأسطرة، فضلا عن الجدل الذي لم يفتر...

  • 28 أكتوير 2024
المُستريحون

تُخفي الفرحةُ بموت أحدٍ، حالة قهرٍ عاشها الفَرِحُ في وجود الرّاحل الذي حقّقت ميتتُه زوال غمٍّ،...

  • 21 أكتوير 2024
طفولــة

سليم بوفنداسة ينشغلُ عددٌ غير قليل من الجزائريين بنظرة الآخر التي تتحوّل إلى مصدر فخرٍ أو سبب...

  • 15 أكتوير 2024
ضرورة الفرز

سليم بوفنداسة لا يواجه الأدب الجزائري مشاكل في التلقي فحسب بل يواجه أيضًا مشاكل في الكتابة...

  • 01 أكتوير 2024
سُقــــوط

سليم بوفنداسة فرضت ثقافة السّوق التي تهيمن على عالمنا المعاصر نمطًا جديدًا من النّخب، تنتجه...

  • 24 سبتمبر 2024
حارةُ المُؤثرين

هل تستطيعُ وسائطُ التّواصل الاجتماعيّ حمل الخِطاب الثقافيّ، وهل يسلمُ، في حال استخدامها من الخِفّة التي تفرضها...

  • 17 سبتمبر 2024
المهيمنُ لا يتحرّج

لا يستريحُ القتلةُ في الصيّفِ، فكلّ الفصول مُناسبة لإراقة الدم، ولعلّهم نجحوا في تحويل المقتلة...

  • 29 جويلية 2024
كرمٌ مُعلن

يمكن اعتبار الاحتفاء بالناجحين علامة صحيّة، لما في ذلك من تقديرٍ للعلم ومُحصّليه، شرط أن يكون...

  • 22 جويلية 2024
محنة الرواية!

تعرّضت الكاتبة إنعام بيّوض إلى حملة تشهير بالغة السوء على مواقع التواصل الاجتماعي، بعد نشر صوّر...

  • 15 جويلية 2024
محاذير الفرح!

أثار الفرح "المبالغ فيه" بالنّجاح في مختلف امتحانات نهاية السنة، الجدل بين مناصرين للحقّ في...

  • 01 جويلية 2024
«ترندينغ»

تكفّلت مواقع التواصل الاجتماعي بترتيب اهتمامات "الرأي العام"، مُنهية بذلك احتكار وسائل الإعلام...

  • 24 جوان 2024
سِرُّ مالك!

بقدر الدهشة التي تخلّفها جُملته، بقدر الحسرة التي ينتهي إليها قارئه، حسرة على عدم اكتمال قصّة وعلى الصّمت...

  • 03 جوان 2024
«الطريق»

توفر الوسائط التكنولوجيّة "حياةً جديدةً" للإبداع، من خلال القنوات التي تفتحها مع المتلقّي، مختصرةً الجهد والوقت...

  • 27 ماي 2024
الفيلسوف متوحشا

أصاب الحراك الطلّابي في الغرب، الفيلسوف الفرنسي الصهيوني الهوى ألان فينكلكروت بالرّعب، إلى درجة...

  • 20 ماي 2024
الخروج من حُجرة الكتابة

خرج بول أوستر من "حجرة الكتابة" تاركًا أبطاله لمصائرهم الغامضة وشعبًا يتيمًا في مختلف اللّغات، هو...

  • 06 ماي 2024
قطارُ الباطل

سلّطت الاحتجاجاتُ الطلابيّة في الولايات المتحدة الأمريكيّة الضوء على هيمنة اللّوبي الصهيوني على...

  • 29 أفريل 2024
Articles Side Pub
Articles Bottom Pub
جريدة النصر الإلكترونية

تأسست جريدة "النصر" في 27 نوفمبر 1908م ، وأممت في 18 سبتمبر 1963م. 
عربت جزئيا في 5 يوليو 1971م (صفحتان)، ثم تعربت كليًا في 1 يناير 1972م. كانت النصر تمتلك مطبعة منذ 1928م حتى 1990م. أصبحت جريدة يومية توزع وتطبع في جميع أنحاء الوطن، من الشرق إلى الغرب ومن الشمال إلى الجنوب.

عن النصر  اتصل بنا 

 

اتصل بنا

المنطقة الصناعية "بالما" 24 فيفري 1956
قسنطينة - الجزائر
قسم التحرير
قسم الإشهار
(+213) (0) 31 60 70 78 (+213) (0) 31 60 70 82
(+213) (0) 31 60 70 77 (+213) (0) 6 60 37 60 00
annasr.journal@gmail.com pub@annasronline.com