الأحد 20 أفريل 2025 الموافق لـ 21 شوال 1446
Accueil Top Pub

تهلكة

الصّيفُ، فصل الكسلِ والاسترخاءِ، لكنّه موعد للاحتفاء بالحياة أيضًا، لا نحسنُ استغلاله في كثير من الأحيان لأنّنا لم نتدرّب، على ما يبدو، على فنون العيش وقواعد السّلامة، وفق ما يمكن رصده من اندفاعٍ محموم نحو الموت على الطرق وفي الشواطئ، في ظاهرة لا تستدعي التحسيس فقط،  ولكنّها تتطلّب طرح الأسئلة والإحاطة بأسباب السلوكات المتهوّرة التي يمكن تصنيفها في خانة الانتحار.

والمشكلة قد تكون ثقافيّة مرتبطة بالتنشئة  وبالتصوّرات الاجتماعيّة عن الموت الذي يُقدّم في  عدّة سرديات كعنوان شجاعةٍ، بل كأهم ما يُطلب في هذه الحياة القليلة!
لذلك فإنّه من الضروري إعادة النّظر في طرق التنشئة الاجتماعيّة وفي تأهيل الأجيال القادمة للعيش خارج دائرة الخطر، وتعليمها كيفية المحافظة على حياتها وعلى المحيط الذي تعيش فيه، ويقتضي هذا التوجه انخراط منظومتي التعليم والإعلام، إذ لا يُعقل أن نزوّد بالعلوم والمعارف من سيصاب عند أول احتمالات الخطر، والاكتفاء بتقديم أرقام الضحايا وإطلاق التحذيرات من دون البحث عن أسباب المشكلة الكامنة، كما لا يعقل ألا تقوم مؤسسات علميّة كالجامعات بتقديم معالجات علميّة لظواهر تحدث في محيطها، رغم ما يقدّمه المحيط من مواضيع تتكرّر بإلحاح ينادي الدارسين.
و علينا ألا نخجل من الاعتراف بأنّنا لا نحسن السباحة ولا نُحسنُ السيْرَ في الطرقات، بالشكل الذي يجعلنا نغيّر سلوكنا في البرّ وفي البحر.
لأنّ الأرقام المخيفة لعدد الموتى غرقًا مع بدايات هذا الصيف، وعند كلّ صيف، تستوقفنا وتستدعي التنبيه الحاد إلى أنّ الأمر لا يتعلّق بحوادث عاديّة، بل بإخفاق يتطلّب وضع تدابير لتجاوزه.
 ومن الضروري الانتباه إلى أهميّة الترفيه في الحياة الاجتماعية ومراعاة ذلك في إنشاء المدن، ليصبح سلوكًا عاديا  يخدم الصّحة النفسية والبدنية للساكنة، وليس مناسبة تأخذ بعدًا طقسيا بما يرافقه من اندفاع يصل إلى حدود التهلكة،  كما نلاحظ في مواكب الأعراس وعند الاصطياف وفي الطرق السريعة و غير السريعة، حيث يتمّ التّعبير عن الحاجة إلى الترفيه في المكان  والزّمان غير المناسبين، فتمنحنا المقدّمة الخاطئة النتيجة غير المتوقعة: الموت، مثلًا، كخاتمةٍ للفرحِ.

سليم بوفنداسة

المزيد من الأعمدة

ظُلمات

تعرفُ العلاقات الدوليّة مقدّمات أزمة أشبه ما تكون بحربٍ كونيّة جديدة تعيدُ توزيع الأدوار بين سكّان غابتنا،...

  • 14 أفريل 2025
اسمي حمزة

اسمي حمزة، كان لي رأسٌ. كانت لي عينان و أحلامٌ صغيرة لا أعلنها. ربما أشبه أحمد الذي لم يعثـروا على رأسه،...

  • 07 أفريل 2025
هوس فرنسي

تحوّلت الجزائر، هذه الأيام، إلى «لازمة» على ألسنة السّاسة والنّخب في فرنسا، وإلى موضوع أثيرٍ على...

  • 24 فبراير 2025
«واقعيّة قذرة»

لن تهنأ الإنسانيّة بعائدات التطوّر العلمي الذي يفترض أن يساعد في حلّ المشكلات ويجعل الحياة أيسر...

  • 17 فبراير 2025
العالمُ برواية «ماسك»!

تحوّل الملياردير الأمريكي إيلون ماسك إلى كابوسٍ حقيقيٍّ يُؤرّق ساسةً وصنّاعَ قرارٍ في أوروبا، وفق...

  • 20 جانفي 2025
سوارٌ إلكتروني

ظلّت الثقافة على الدوام من أدوات الهيمنة التي تستخدمها قوى استعمارية، في آلية فكّكها إدوارد سعيد...

  • 13 جانفي 2025
حياة في الثقافة

غادر بوداود عميّر فجأة، بعد أن لمّح إلى غيّابٍ مُؤقّت اتقاء شرّ مُنتحلٍ سرق هويّته، قبل أن ينجح...

  • 23 ديسمبر 2024
أبوابٌ ونوافذٌ

بيّنت الأحداث الأخيرة، التي استخدم فيها طرفٌ أجنبيٌّ، كاتبين جزائريين ضدّ بلدهم الأم، في حرب...

  • 09 ديسمبر 2024
صوتُ الحياة

شاخ الوقتُ حولها لكنّها ظلّت في مقتبل الصّبا تسقي الدهشة وتشيعها، لأنّ المنادي الذي نادى النّاس...

  • 25 نوفمبر 2024
المُنمركون !

يصعبُ توقّع ما ستكون عليه الحياة بعد سنوات قليلة، نتيجة التدخّل المفرط للتكنولوجيا فيها، الذي لا...

  • 18 نوفمبر 2024
لا تلوموا أسامة!

يطرحُ الإقبال "غير المتوقّع" على الكاتب السعودي أسامة المسلم في صالون الجزائر الدولي للكتاب،...

  • 11 نوفمبر 2024
«لأسبابٍ سياسيّة» !

قبل سويعات من الكشف عن الفائز بجائزة الغونكور، أمس، نقلت وكالة الأنباء الفرنسية عن ناشرٍ قوله، إن...

  • 04 نوفمبر 2024
الصّورة و النّص

عاش كاتب ياسين حياةً قليلة وبسيطة، عانى فيها من "سوء الفهم" و الأسطرة، فضلا عن الجدل الذي لم يفتر...

  • 28 أكتوير 2024
المُستريحون

تُخفي الفرحةُ بموت أحدٍ، حالة قهرٍ عاشها الفَرِحُ في وجود الرّاحل الذي حقّقت ميتتُه زوال غمٍّ،...

  • 21 أكتوير 2024
طفولــة

سليم بوفنداسة ينشغلُ عددٌ غير قليل من الجزائريين بنظرة الآخر التي تتحوّل إلى مصدر فخرٍ أو سبب...

  • 15 أكتوير 2024
ضرورة الفرز

سليم بوفنداسة لا يواجه الأدب الجزائري مشاكل في التلقي فحسب بل يواجه أيضًا مشاكل في الكتابة...

  • 01 أكتوير 2024
سُقــــوط

سليم بوفنداسة فرضت ثقافة السّوق التي تهيمن على عالمنا المعاصر نمطًا جديدًا من النّخب، تنتجه...

  • 24 سبتمبر 2024
حارةُ المُؤثرين

هل تستطيعُ وسائطُ التّواصل الاجتماعيّ حمل الخِطاب الثقافيّ، وهل يسلمُ، في حال استخدامها من الخِفّة التي تفرضها...

  • 17 سبتمبر 2024
المهيمنُ لا يتحرّج

لا يستريحُ القتلةُ في الصيّفِ، فكلّ الفصول مُناسبة لإراقة الدم، ولعلّهم نجحوا في تحويل المقتلة...

  • 29 جويلية 2024
كرمٌ مُعلن

يمكن اعتبار الاحتفاء بالناجحين علامة صحيّة، لما في ذلك من تقديرٍ للعلم ومُحصّليه، شرط أن يكون...

  • 22 جويلية 2024
Articles Side Pub
Articles Bottom Pub
جريدة النصر الإلكترونية

تأسست جريدة "النصر" في 27 نوفمبر 1908م ، وأممت في 18 سبتمبر 1963م. 
عربت جزئيا في 5 يوليو 1971م (صفحتان)، ثم تعربت كليًا في 1 يناير 1972م. كانت النصر تمتلك مطبعة منذ 1928م حتى 1990م. أصبحت جريدة يومية توزع وتطبع في جميع أنحاء الوطن، من الشرق إلى الغرب ومن الشمال إلى الجنوب.

عن النصر  اتصل بنا 

 

اتصل بنا

المنطقة الصناعية "بالما" 24 فيفري 1956
قسنطينة - الجزائر
قسم التحرير
قسم الإشهار
(+213) (0) 31 60 70 78 (+213) (0) 31 60 70 82
(+213) (0) 31 60 70 77 (+213) (0) 6 60 37 60 00
annasr.journal@gmail.com pub@annasronline.com