الخميس 19 سبتمبر 2024 الموافق لـ 15 ربيع الأول 1446
Accueil Top Pub

يُرى في الظلام

اقترح موقعٌ فرنسي عناوين كتبٍ للقراءة عند انقطاع التيّار الكهربائي في هذا الشتاء البارد، كتبٌ تُقرأ على ضوء المواقد أو الشّموع، كما في سالف العصر والأوان حين كانت "الرواية" رفيقة شعوبٍ خارجة من الظلام.

الاقتراحُ الطريف يدفع لطرح أسئلة حول ما فعلته الرفاهيّة بالإنسان، وكيف تُعيده الأزمات إلى عاداته المُجدية، كالقراءة التي ازدهرت في فترة كوفيد الطويلة، و يُراد لها أن تعود اليوم مع شحّ موارد الطاقة، الذي يدفع أصدقاءنا في الشمال إلى التقشّف في استخدام أدوات ومعدات الحداثة، ومرّة أخرى يخدم الوضع الكتاب، الذي يجب التأكيد، أنّه لم يفقد جمهوره "هناك"، و تكفي مراجعة أرقام المبيعات لنعرف أنّه حافظ على مكانته مع الانفجار التكنولوجي في مجتمعات المعرفة التي تتحصّن بالعلوم والمعارف وتتغذى على الآداب والفنون، مهما تغيّرت أحوالها.
وحتى و إن تراجع اهتمامها به فإنّها سوف تختلق الأسباب لتستعيده.
ولا ضرورة، بالمناسبة، لعقد المقارنات غير المجديّة، لأنّ الوضع عندنا يختلف، بداية من تعاطي "المكتوب"، كتابةً وقراءةً ومرورًا بصناعة الكتاب وتلقيه.
ويبدو هذا المخلوق الورقي (وشبحه الالكتروني)، قبل الغلاء، طارئًا  وغير ضروري، إلا ما اتصل منه بضرورات التحصيل، و غير مدرج في الأولويات ولا في لوائح الألفة، مع استثناء أهل اللّوعة الذين يمثّلون رقما ضئيلا في السّوق لا يضمن خبز الورّاقين.
يمكن تفسير الحالة على ضوء الوضعيّة التاريخية والحضاريّة للمجتمعات، مع أخذ أساليب التنشئة و ما يطرأ عليها في الحسبان، خصوصًا أمام ما تقترحه اليوم  فلسفة السوق القائمة على صناعة المستهلك الأعمى، مسخّرة في ذلك الأرواح الالكترونيّة التي نجحت إلى حدّ بعيد في تنميط الأفراد  من خلال رصد رغباتهم بغرض إشباعها وتوجيههم نحو الشّائع الذي يجري تدبيره برعاية كريمة من الذّكاء الصّناعي.
في غابة كهذه، تحتاج تنشئة الإنسان القارئ، إلى سياسات واستراتيجيات، قد يحجبها ضغط الأولويات، ولا يدفعها إلى الأمام سوى الإيمان بأن بناء الإنسان أولويّة غير قابلة للإغفال.
لقد أصاب الموقع أعلاه في الاقتراح، لأنّ التجارب التاريخيّة علّمتنا أن الحاجة إلى الكتاب تشتدّ كلّما غاب الضوء ونزل الظلام.

سليم بوفنداسة

المزيد من الأعمدة

حارةُ المُؤثرين

هل تستطيعُ وسائطُ التّواصل الاجتماعيّ حمل الخِطاب الثقافيّ، وهل يسلمُ، في حال استخدامها من الخِفّة التي تفرضها...

  • 17 سبتمبر 2024
المهيمنُ لا يتحرّج

لا يستريحُ القتلةُ في الصيّفِ، فكلّ الفصول مُناسبة لإراقة الدم، ولعلّهم نجحوا في تحويل المقتلة...

  • 29 جويلية 2024
كرمٌ مُعلن

يمكن اعتبار الاحتفاء بالناجحين علامة صحيّة، لما في ذلك من تقديرٍ للعلم ومُحصّليه، شرط أن يكون...

  • 22 جويلية 2024
محنة الرواية!

تعرّضت الكاتبة إنعام بيّوض إلى حملة تشهير بالغة السوء على مواقع التواصل الاجتماعي، بعد نشر صوّر...

  • 15 جويلية 2024
محاذير الفرح!

أثار الفرح "المبالغ فيه" بالنّجاح في مختلف امتحانات نهاية السنة، الجدل بين مناصرين للحقّ في...

  • 01 جويلية 2024
«ترندينغ»

تكفّلت مواقع التواصل الاجتماعي بترتيب اهتمامات "الرأي العام"، مُنهية بذلك احتكار وسائل الإعلام...

  • 24 جوان 2024
سِرُّ مالك!

بقدر الدهشة التي تخلّفها جُملته، بقدر الحسرة التي ينتهي إليها قارئه، حسرة على عدم اكتمال قصّة وعلى الصّمت...

  • 03 جوان 2024
«الطريق»

توفر الوسائط التكنولوجيّة "حياةً جديدةً" للإبداع، من خلال القنوات التي تفتحها مع المتلقّي، مختصرةً الجهد والوقت...

  • 27 ماي 2024
الفيلسوف متوحشا

أصاب الحراك الطلّابي في الغرب، الفيلسوف الفرنسي الصهيوني الهوى ألان فينكلكروت بالرّعب، إلى درجة...

  • 20 ماي 2024
الخروج من حُجرة الكتابة

خرج بول أوستر من "حجرة الكتابة" تاركًا أبطاله لمصائرهم الغامضة وشعبًا يتيمًا في مختلف اللّغات، هو...

  • 06 ماي 2024
قطارُ الباطل

سلّطت الاحتجاجاتُ الطلابيّة في الولايات المتحدة الأمريكيّة الضوء على هيمنة اللّوبي الصهيوني على...

  • 29 أفريل 2024
صعلكة

  أصبح "خطاب الحق" عنوان ضعفٍ في عالم اليوم الذي باتت تتحكّم في مفاصله قوى ولوبيات لا تبالي...

  • 23 أفريل 2024
ضرورة التفكير في المجتمع

  سليم بوفنداسة انتفض المجتمع المدني في ولاية خنشلة ضدّ "الراقي الزائر"، الذي أثار الجدل على مواقع التواصل، ودعا...

  • 16 أفريل 2024
المخفيّ

حين مات محمد ديب لم تجد وسائل الإعلام الوطنيّة، مادة سمعية بصريّة عن الكاتب تقدّمها للجمهور، كان...

  • 26 فبراير 2024
اختراق

شهدت الفترة التي تلت اندلاع الحرب المدمرة على غزة، تسخير ذباب إلكتروني لتسفيه الخطابات المؤيدة...

  • 19 فبراير 2024
خِفّـــة

يبحثُ المتحدّثُ عن العبارة التي ستبقى  في أثير الله الأزرق بعد أن يفنى الكلام، عبارةٌ واحدةٌ تكفي كي...

  • 12 فبراير 2024
وصفُ السّعادة!

تجري الحياة في فضاءات أخرى وليس على المُستطيل الأخضر، رغم المُتعة التي توفرها كرة القدم، باعتبارها مسرح فرجةٍ في...

  • 05 فبراير 2024
القيمة والشّعار

يخترقُ المنتوج الثقافيّ الحدود واللّغات، بجودته أولًا وأخيرًا، وقد يفوق تأثيره التوقّعات، لذلك...

  • 01 جانفي 2024
كبارُ "الباعة"!

سخر كمال داود من الصّفة التي يطلقها العرب والمسلمون على ضحايا العدوان الهمجي على غزّة، ووجد الوقت...

  • 18 ديسمبر 2023
مقبرةُ جماعيّة للإنسانيّة

في هذه الأرض المزدحمة، حيث يتعايش الأحياءُ والموتى، تُحفر القبور على عجلٍ في الأسواق السّابقة...

  • 11 ديسمبر 2023
Articles Side Pub
Articles Bottom Pub
جريدة النصر الإلكترونية

تأسست جريدة "النصر" في 27 نوفمبر 1908م ، وأممت في 18 سبتمبر 1963م. 
عربت جزئيا في 5 يوليو 1971م (صفحتان)، ثم تعربت كليًا في 1 يناير 1972م. كانت النصر تمتلك مطبعة منذ 1928م حتى 1990م. أصبحت جريدة يومية توزع وتطبع في جميع أنحاء الوطن، من الشرق إلى الغرب ومن الشمال إلى الجنوب.

عن النصر  اتصل بنا 

 

اتصل بنا

المنطقة الصناعية "بالما" 24 فيفري 1956
قسنطينة - الجزائر
قسم التحرير
قسم الإشهار
(+213) (0) 31 60 70 78 (+213) (0) 31 60 70 82
(+213) (0) 31 60 70 77 (+213) (0) 6 60 37 60 00
annasr.journal@gmail.com pub@annasronline.com