الجمعة 22 نوفمبر 2024 الموافق لـ 20 جمادى الأولى 1446
Accueil Top Pub

الوخز بالإبر

مرّ الخبر بلا أثر، وكان يمكن لو حقّ الحقُّ أن يكون له مفعول الزلزال في الساحة الوطنية.
الخبر نشرته «يومية قسنطينة» الصادرة بالفرنسية ومفاده أن العمال الصينيين الذين يقومون بترميم فندقي بانوراميك وسيرتا بقسنطينة قدّموا أبلغ درس لتلاميذ مدرسة تعودوا على رشقهم بالحجارة كلما غادروا المدرسة!
الصينيون طلبوا من المسؤولين تمكينهم من تقديم هدايا للتلاميذ، وهو ما كان في حفل انتظم بمدرسة تلاميذ الحجارة، وزادوا على الهدايا قطعتي حلوى كبيرتين تحملان العلمين الجزائري والصيني، وفق صورة نشرتها الجريدة المذكورة.
لم يفكر الصينيون في تقديم شكوى إلى الشرطة أو مطاردة المعتدين الصغار، كما كان سيفعل عمال جزائريون، ولكنهم اختاروا أسلوبا بيداغوجيا يقرّبهم من الأطفال ويغيّر الصورة المشكّلة عنهم، نعم، فضّل الصينيون تقديم درس مجاني للجزائريين مفاده أننا لسنا أعداء و القوه على الرؤوس الصغيرة كاستثمار مستقبلي يتقنه أصدقاؤنا.
وبقدر ما تحيل هذه الحادثة على عظمة الصينيين الذين لم يكتفوا ببناء مساكننا وبنانا التحتية في الوقت المحدّد وبالإتقان المطلوب بل أضافوا على ذلك درسا في الأخلاق، بقدر ما يحيل إلى إفلاسنا نحن الذين لا نستطيع طلاء عمارة ونعتدي على من قدموا من آسيا للقيّام بذلك.
أي أننا نعاني إلى جانب فشلنا في العمل من اضطرابات نفسية وعقلية، تظهر فيما تظهر خلال تعاملنا مع الأجنبي، والذي يأخذ شكلين متطرفين: العبادة أو الازدراء، ولا تخص هذه الظاهرة الأطفال والمواطنين العاديين، بل تشمل أهل الفن والأدب والإعلام، وغيرهم... حيث يتعاملون مع زائر الجزائر كفاتح يفتحون له «كلّ شيء» أو كعدوّ يقابلونه بالصدّ. و قد يكون الفاتح مفلسا فرنسيا أو محتالا إيطاليا أو كاتبا عربيا رديئا، وقد يكون المنبوذ مهندسا صينيا أو عابرا إفريقيا ينتظر هدوء البحر ليضربه بعصاه.
ربما علينا أن نعيد النظر في الميراث السحري الذي يميز نظرتنا إلى الأشياء، فهذه الأرض، مثلا،  كبقية براري الله، يعبرها جميع الناس وقد يقيمون فيها إذا طاب لهم ذلك، كما نعبر نحن أراضي الآخرين ونقيم.
ونحن كبقية الأجناس لا نزيد عنها ولا ننقص إلا بما تأتيه أيدينا.
ملاحظة
لا تناسب الحقن الثورية الحالات الناجمة عن تطور مشؤوم لسيكولوجية المقهور، قد يقتضي العلاج الوخز بالإبر الصينية.

سليم بوفنداسة

 

المزيد من الأعمدة

المُنمركون !

يصعبُ توقّع ما ستكون عليه الحياة بعد سنوات قليلة، نتيجة التدخّل المفرط للتكنولوجيا فيها، الذي لا...

  • 18 نوفمبر 2024
لا تلوموا أسامة!

يطرحُ الإقبال "غير المتوقّع" على الكاتب السعودي أسامة المسلم في صالون الجزائر الدولي للكتاب،...

  • 11 نوفمبر 2024
«لأسبابٍ سياسيّة» !

قبل سويعات من الكشف عن الفائز بجائزة الغونكور، أمس، نقلت وكالة الأنباء الفرنسية عن ناشرٍ قوله، إن...

  • 04 نوفمبر 2024
الصّورة و النّص

عاش كاتب ياسين حياةً قليلة وبسيطة، عانى فيها من "سوء الفهم" و الأسطرة، فضلا عن الجدل الذي لم يفتر...

  • 28 أكتوير 2024
المُستريحون

تُخفي الفرحةُ بموت أحدٍ، حالة قهرٍ عاشها الفَرِحُ في وجود الرّاحل الذي حقّقت ميتتُه زوال غمٍّ،...

  • 21 أكتوير 2024
طفولــة

سليم بوفنداسة ينشغلُ عددٌ غير قليل من الجزائريين بنظرة الآخر التي تتحوّل إلى مصدر فخرٍ أو سبب...

  • 15 أكتوير 2024
ضرورة الفرز

سليم بوفنداسة لا يواجه الأدب الجزائري مشاكل في التلقي فحسب بل يواجه أيضًا مشاكل في الكتابة...

  • 01 أكتوير 2024
سُقــــوط

سليم بوفنداسة فرضت ثقافة السّوق التي تهيمن على عالمنا المعاصر نمطًا جديدًا من النّخب، تنتجه...

  • 24 سبتمبر 2024
حارةُ المُؤثرين

هل تستطيعُ وسائطُ التّواصل الاجتماعيّ حمل الخِطاب الثقافيّ، وهل يسلمُ، في حال استخدامها من الخِفّة التي تفرضها...

  • 17 سبتمبر 2024
المهيمنُ لا يتحرّج

لا يستريحُ القتلةُ في الصيّفِ، فكلّ الفصول مُناسبة لإراقة الدم، ولعلّهم نجحوا في تحويل المقتلة...

  • 29 جويلية 2024
كرمٌ مُعلن

يمكن اعتبار الاحتفاء بالناجحين علامة صحيّة، لما في ذلك من تقديرٍ للعلم ومُحصّليه، شرط أن يكون...

  • 22 جويلية 2024
محنة الرواية!

تعرّضت الكاتبة إنعام بيّوض إلى حملة تشهير بالغة السوء على مواقع التواصل الاجتماعي، بعد نشر صوّر...

  • 15 جويلية 2024
محاذير الفرح!

أثار الفرح "المبالغ فيه" بالنّجاح في مختلف امتحانات نهاية السنة، الجدل بين مناصرين للحقّ في...

  • 01 جويلية 2024
«ترندينغ»

تكفّلت مواقع التواصل الاجتماعي بترتيب اهتمامات "الرأي العام"، مُنهية بذلك احتكار وسائل الإعلام...

  • 24 جوان 2024
سِرُّ مالك!

بقدر الدهشة التي تخلّفها جُملته، بقدر الحسرة التي ينتهي إليها قارئه، حسرة على عدم اكتمال قصّة وعلى الصّمت...

  • 03 جوان 2024
«الطريق»

توفر الوسائط التكنولوجيّة "حياةً جديدةً" للإبداع، من خلال القنوات التي تفتحها مع المتلقّي، مختصرةً الجهد والوقت...

  • 27 ماي 2024
الفيلسوف متوحشا

أصاب الحراك الطلّابي في الغرب، الفيلسوف الفرنسي الصهيوني الهوى ألان فينكلكروت بالرّعب، إلى درجة...

  • 20 ماي 2024
الخروج من حُجرة الكتابة

خرج بول أوستر من "حجرة الكتابة" تاركًا أبطاله لمصائرهم الغامضة وشعبًا يتيمًا في مختلف اللّغات، هو...

  • 06 ماي 2024
قطارُ الباطل

سلّطت الاحتجاجاتُ الطلابيّة في الولايات المتحدة الأمريكيّة الضوء على هيمنة اللّوبي الصهيوني على...

  • 29 أفريل 2024
صعلكة

  أصبح "خطاب الحق" عنوان ضعفٍ في عالم اليوم الذي باتت تتحكّم في مفاصله قوى ولوبيات لا تبالي...

  • 23 أفريل 2024
Articles Side Pub
Articles Bottom Pub
جريدة النصر الإلكترونية

تأسست جريدة "النصر" في 27 نوفمبر 1908م ، وأممت في 18 سبتمبر 1963م. 
عربت جزئيا في 5 يوليو 1971م (صفحتان)، ثم تعربت كليًا في 1 يناير 1972م. كانت النصر تمتلك مطبعة منذ 1928م حتى 1990م. أصبحت جريدة يومية توزع وتطبع في جميع أنحاء الوطن، من الشرق إلى الغرب ومن الشمال إلى الجنوب.

عن النصر  اتصل بنا 

 

اتصل بنا

المنطقة الصناعية "بالما" 24 فيفري 1956
قسنطينة - الجزائر
قسم التحرير
قسم الإشهار
(+213) (0) 31 60 70 78 (+213) (0) 31 60 70 82
(+213) (0) 31 60 70 77 (+213) (0) 6 60 37 60 00
annasr.journal@gmail.com pub@annasronline.com