الأربعاء 27 نوفمبر 2024 الموافق لـ 25 جمادى الأولى 1446
Accueil Top Pub

السلالة الرافضة

غاب يشار كمال تماما. أخرجه الموت من النسيان وكانت حملة معادية ودعوى قضائية حرّكتها السلطات قد أعادتاه إلى الواجهة قبل سنوات ليس ككاتب كبير ولكن كمحرّض على الانفصال بسبب تعاطف معلن مع الأكراد المفرّقين بين ريّاح العالم.
خرج يشار كمال من العالم بمجد أقلّ، لتوجه يساري رفض العدول عنه رغم الإغواءات الغربية. رفض ارتداء نفس القبعة التي ارتداها  باسترناك (في الموضوع المترجم في هذا العدد نرى كيف طرد عميلا للمخابرات الأمريكية أراد مقايضته بالشهرة مقابل ترك حزب العمال) وواصل حياته الحافلة على النحو الذي ارتضاه. لم يفز بجائزة نوبل التي فاز بها  أورهان باموك غربيّ الهوى المغضوب عليه تركيّا، أيضا، لنقده الإرث الامبراطوري، واكتفى بالمجد الذي حصّله من قرائه في كل اللغات ، هو الذي لم يكن يكتب للناس ولا لنفسه بل كان يكتب فحسب.
وبالطبع فإن هذا الكاتب  من سلالة الكتّاب الذين رفضوا خدمات ما بعد الانشقاق التي كانت توفرها الآلة الدعائية الغربية لكتّاب الشرق الهاربين  من الجحيم إلى الجنة. دعاية كان يمكن أن تكون كرما يُشكر صاحبه عليه لو راعت القيمة الأدبيّة وليس الصدى السياسي.
ويبدو أن هذه الآلة لا زالت تشتغل في بعض الدول الأوروبية كما هو الشأن في فرنسا، لكن مع تغيير في الجغرافيا المستهدفة، حيث تم استبدال الشيوعيين التائبين بالمسلمين الطامحين إلى “الردّة”، ويفضّل أن يكون الكاتب قادما من بلد في قلب استقطاب جيوسياسي و نزاعات دموية، تخدم صرخته الحركة الديبلوماسية والنوايا الخفية للدولة المانحة للمجد. ولم يعد خافيا في الأوساط الثقافية أن “الإبداعات العظيمة” للكتاب الفارين من موت محتوم أو سجن مؤكد  يتولاها بالرعاية “أقنان” دور النشر الموكلين  بترجمة بعض المقاصد إلى روايات.
وتقدم سيرة يشار كمال درسا لكتّاب عالمنا المستهدفين بالمجد المزيف والحب غير المؤكد، فالرجل الذي عاش حياة تحاكي في مأساويتها الأساطير، قاوم إكراهات الداخل  ومحاولات الهيمنة “الامبريالية” في نفس الوقت، دون أن يسقط في التطرف الايديولوجي أو القومي، إذ ورغم التزامه بخط نضاله السياسي ظل ينادي باحترام الحريات والتعدد الثقافي الذي يصب في نهر الثقافة الكونية.

سليم بوفنداسة

 

المزيد من الأعمدة

صوتُ الحياة

شاخ الوقتُ حولها لكنّها ظلّت في مقتبل الصّبا تسقي الدهشة وتشيعها، لأنّ المنادي الذي نادى النّاس...

  • 25 نوفمبر 2024
المُنمركون !

يصعبُ توقّع ما ستكون عليه الحياة بعد سنوات قليلة، نتيجة التدخّل المفرط للتكنولوجيا فيها، الذي لا...

  • 18 نوفمبر 2024
لا تلوموا أسامة!

يطرحُ الإقبال "غير المتوقّع" على الكاتب السعودي أسامة المسلم في صالون الجزائر الدولي للكتاب،...

  • 11 نوفمبر 2024
«لأسبابٍ سياسيّة» !

قبل سويعات من الكشف عن الفائز بجائزة الغونكور، أمس، نقلت وكالة الأنباء الفرنسية عن ناشرٍ قوله، إن...

  • 04 نوفمبر 2024
الصّورة و النّص

عاش كاتب ياسين حياةً قليلة وبسيطة، عانى فيها من "سوء الفهم" و الأسطرة، فضلا عن الجدل الذي لم يفتر...

  • 28 أكتوير 2024
المُستريحون

تُخفي الفرحةُ بموت أحدٍ، حالة قهرٍ عاشها الفَرِحُ في وجود الرّاحل الذي حقّقت ميتتُه زوال غمٍّ،...

  • 21 أكتوير 2024
طفولــة

سليم بوفنداسة ينشغلُ عددٌ غير قليل من الجزائريين بنظرة الآخر التي تتحوّل إلى مصدر فخرٍ أو سبب...

  • 15 أكتوير 2024
ضرورة الفرز

سليم بوفنداسة لا يواجه الأدب الجزائري مشاكل في التلقي فحسب بل يواجه أيضًا مشاكل في الكتابة...

  • 01 أكتوير 2024
سُقــــوط

سليم بوفنداسة فرضت ثقافة السّوق التي تهيمن على عالمنا المعاصر نمطًا جديدًا من النّخب، تنتجه...

  • 24 سبتمبر 2024
حارةُ المُؤثرين

هل تستطيعُ وسائطُ التّواصل الاجتماعيّ حمل الخِطاب الثقافيّ، وهل يسلمُ، في حال استخدامها من الخِفّة التي تفرضها...

  • 17 سبتمبر 2024
المهيمنُ لا يتحرّج

لا يستريحُ القتلةُ في الصيّفِ، فكلّ الفصول مُناسبة لإراقة الدم، ولعلّهم نجحوا في تحويل المقتلة...

  • 29 جويلية 2024
كرمٌ مُعلن

يمكن اعتبار الاحتفاء بالناجحين علامة صحيّة، لما في ذلك من تقديرٍ للعلم ومُحصّليه، شرط أن يكون...

  • 22 جويلية 2024
محنة الرواية!

تعرّضت الكاتبة إنعام بيّوض إلى حملة تشهير بالغة السوء على مواقع التواصل الاجتماعي، بعد نشر صوّر...

  • 15 جويلية 2024
محاذير الفرح!

أثار الفرح "المبالغ فيه" بالنّجاح في مختلف امتحانات نهاية السنة، الجدل بين مناصرين للحقّ في...

  • 01 جويلية 2024
«ترندينغ»

تكفّلت مواقع التواصل الاجتماعي بترتيب اهتمامات "الرأي العام"، مُنهية بذلك احتكار وسائل الإعلام...

  • 24 جوان 2024
سِرُّ مالك!

بقدر الدهشة التي تخلّفها جُملته، بقدر الحسرة التي ينتهي إليها قارئه، حسرة على عدم اكتمال قصّة وعلى الصّمت...

  • 03 جوان 2024
«الطريق»

توفر الوسائط التكنولوجيّة "حياةً جديدةً" للإبداع، من خلال القنوات التي تفتحها مع المتلقّي، مختصرةً الجهد والوقت...

  • 27 ماي 2024
الفيلسوف متوحشا

أصاب الحراك الطلّابي في الغرب، الفيلسوف الفرنسي الصهيوني الهوى ألان فينكلكروت بالرّعب، إلى درجة...

  • 20 ماي 2024
الخروج من حُجرة الكتابة

خرج بول أوستر من "حجرة الكتابة" تاركًا أبطاله لمصائرهم الغامضة وشعبًا يتيمًا في مختلف اللّغات، هو...

  • 06 ماي 2024
قطارُ الباطل

سلّطت الاحتجاجاتُ الطلابيّة في الولايات المتحدة الأمريكيّة الضوء على هيمنة اللّوبي الصهيوني على...

  • 29 أفريل 2024
Articles Side Pub
Articles Bottom Pub
جريدة النصر الإلكترونية

تأسست جريدة "النصر" في 27 نوفمبر 1908م ، وأممت في 18 سبتمبر 1963م. 
عربت جزئيا في 5 يوليو 1971م (صفحتان)، ثم تعربت كليًا في 1 يناير 1972م. كانت النصر تمتلك مطبعة منذ 1928م حتى 1990م. أصبحت جريدة يومية توزع وتطبع في جميع أنحاء الوطن، من الشرق إلى الغرب ومن الشمال إلى الجنوب.

عن النصر  اتصل بنا 

 

اتصل بنا

المنطقة الصناعية "بالما" 24 فيفري 1956
قسنطينة - الجزائر
قسم التحرير
قسم الإشهار
(+213) (0) 31 60 70 78 (+213) (0) 31 60 70 82
(+213) (0) 31 60 70 77 (+213) (0) 6 60 37 60 00
annasr.journal@gmail.com pub@annasronline.com