الجمعة 22 نوفمبر 2024 الموافق لـ 20 جمادى الأولى 1446
Accueil Top Pub

كمن يحدّث نفسه في أمر

سأخلعك. قال له سأخلعك وأمضي دونك خفيفا بلا إثم ولا لقب. سأنساك و أتسلّق طريقي إلى السحابة الأولى. إلى العش الأول. إلى العنزة الأولى. إلى فخّ ننصبه لهدهد نلقي به مسحوقا في أثر الفتاة العنيدة فتأتينا. إلى لُبان ذكر نعلّقه مع التميمة في مهب الريح فتمكننا الجِنّةُ مما نريد. إلى الجبّانة حيث يتزاحم الموتى على ظل الشجرة في قيلولتهم. إلى المساء  الطويل يتسلى بالحديث إلى نفسه. إلى صباح اللقلق، حيث لا جرائد تأتي  بأخبار الموت وتصون أسرار القتلة، ولا شرطي يهش الدواب المعدنية.
سأخلعك. يقول له سأخلعك لأكف عن الندم وأمضي طليقا ، لا يناديني أحد ولا أنتظر. أنساك و أتسلى بعدّ العابر من الطير والباقي من الأثر. لا أتمنى ما لا أدركه. لا أحن. لا أرى الأحياء ينتظرون الموت بضجر. لا أرى الجنازات الفاخرة. لا أرى جنودا يخوضون حربا لا تعنيهم. لا أرى لغة منتكسة. لا أرى النساء والرجال في حلبة السيرك. لا أرى القرد يضحك. ولا أرى الكلب في موضع البكاء يبتسم. لا أجرّب. لا أحتمل. لا أصبر على السحابة حتى تعبر. لا أسمع الشيطان في لغتي ولا ألعنه. لا أرى الخرائط  والمدافعين بالسكاكين عن الخرائط. لا أرى الغزاة والوسطاء. لا أرى الجانحين إلى السلم ولا دعاة التدخل. لا أرى خونة محتملين ولا نساءهم  المترددات أمام الفرصة. لا أرى الأطفال النافرين عن السلالة ليس بسبب التغذية الجيدة كما يدعي آباؤهم بألسنة مذعورة ولكن لأسباب أخرى خارجة عن نطاق الأطفال وعن نطاق آبائهم.
سأخلعك. يقول ويطفئ وعيده بابتسامة لا تُرى. يسخر من نشرات الأخبار وعناوين الصحف. و يقول كلما رأى أحدهم أمام ميكروفون الخطابة: لم ينل حظه كاملا من حليب أمه.
لا يلتفت. يغمض عينيه ليسمع وقع الأشياء. يعرف أن الأشياء تكرّر نفس الصوت حين تسقط، الأشياء كالناس. صوت مكرّر في السقوط يلقي بتبعات حاله على غيب أساء تصريف الأمر وينفرد بأكل غلّة المجد.
سأخلعك. يقول رجل لاسمه سأخلعك لأستريح. شاخت الخطى ولم تزل تركض أمامي ككلب يوهم صاحبه بصيد لا أثر له. سأخلعك يقول ويمضي متمتما كمن يحدث نفسه في أمر لا يعني أحدا سواه.
سليم بوفنداسة

 

المزيد من الأعمدة

المُنمركون !

يصعبُ توقّع ما ستكون عليه الحياة بعد سنوات قليلة، نتيجة التدخّل المفرط للتكنولوجيا فيها، الذي لا...

  • 18 نوفمبر 2024
لا تلوموا أسامة!

يطرحُ الإقبال "غير المتوقّع" على الكاتب السعودي أسامة المسلم في صالون الجزائر الدولي للكتاب،...

  • 11 نوفمبر 2024
«لأسبابٍ سياسيّة» !

قبل سويعات من الكشف عن الفائز بجائزة الغونكور، أمس، نقلت وكالة الأنباء الفرنسية عن ناشرٍ قوله، إن...

  • 04 نوفمبر 2024
الصّورة و النّص

عاش كاتب ياسين حياةً قليلة وبسيطة، عانى فيها من "سوء الفهم" و الأسطرة، فضلا عن الجدل الذي لم يفتر...

  • 28 أكتوير 2024
المُستريحون

تُخفي الفرحةُ بموت أحدٍ، حالة قهرٍ عاشها الفَرِحُ في وجود الرّاحل الذي حقّقت ميتتُه زوال غمٍّ،...

  • 21 أكتوير 2024
طفولــة

سليم بوفنداسة ينشغلُ عددٌ غير قليل من الجزائريين بنظرة الآخر التي تتحوّل إلى مصدر فخرٍ أو سبب...

  • 15 أكتوير 2024
ضرورة الفرز

سليم بوفنداسة لا يواجه الأدب الجزائري مشاكل في التلقي فحسب بل يواجه أيضًا مشاكل في الكتابة...

  • 01 أكتوير 2024
سُقــــوط

سليم بوفنداسة فرضت ثقافة السّوق التي تهيمن على عالمنا المعاصر نمطًا جديدًا من النّخب، تنتجه...

  • 24 سبتمبر 2024
حارةُ المُؤثرين

هل تستطيعُ وسائطُ التّواصل الاجتماعيّ حمل الخِطاب الثقافيّ، وهل يسلمُ، في حال استخدامها من الخِفّة التي تفرضها...

  • 17 سبتمبر 2024
المهيمنُ لا يتحرّج

لا يستريحُ القتلةُ في الصيّفِ، فكلّ الفصول مُناسبة لإراقة الدم، ولعلّهم نجحوا في تحويل المقتلة...

  • 29 جويلية 2024
كرمٌ مُعلن

يمكن اعتبار الاحتفاء بالناجحين علامة صحيّة، لما في ذلك من تقديرٍ للعلم ومُحصّليه، شرط أن يكون...

  • 22 جويلية 2024
محنة الرواية!

تعرّضت الكاتبة إنعام بيّوض إلى حملة تشهير بالغة السوء على مواقع التواصل الاجتماعي، بعد نشر صوّر...

  • 15 جويلية 2024
محاذير الفرح!

أثار الفرح "المبالغ فيه" بالنّجاح في مختلف امتحانات نهاية السنة، الجدل بين مناصرين للحقّ في...

  • 01 جويلية 2024
«ترندينغ»

تكفّلت مواقع التواصل الاجتماعي بترتيب اهتمامات "الرأي العام"، مُنهية بذلك احتكار وسائل الإعلام...

  • 24 جوان 2024
سِرُّ مالك!

بقدر الدهشة التي تخلّفها جُملته، بقدر الحسرة التي ينتهي إليها قارئه، حسرة على عدم اكتمال قصّة وعلى الصّمت...

  • 03 جوان 2024
«الطريق»

توفر الوسائط التكنولوجيّة "حياةً جديدةً" للإبداع، من خلال القنوات التي تفتحها مع المتلقّي، مختصرةً الجهد والوقت...

  • 27 ماي 2024
الفيلسوف متوحشا

أصاب الحراك الطلّابي في الغرب، الفيلسوف الفرنسي الصهيوني الهوى ألان فينكلكروت بالرّعب، إلى درجة...

  • 20 ماي 2024
الخروج من حُجرة الكتابة

خرج بول أوستر من "حجرة الكتابة" تاركًا أبطاله لمصائرهم الغامضة وشعبًا يتيمًا في مختلف اللّغات، هو...

  • 06 ماي 2024
قطارُ الباطل

سلّطت الاحتجاجاتُ الطلابيّة في الولايات المتحدة الأمريكيّة الضوء على هيمنة اللّوبي الصهيوني على...

  • 29 أفريل 2024
صعلكة

  أصبح "خطاب الحق" عنوان ضعفٍ في عالم اليوم الذي باتت تتحكّم في مفاصله قوى ولوبيات لا تبالي...

  • 23 أفريل 2024
Articles Side Pub
Articles Bottom Pub
جريدة النصر الإلكترونية

تأسست جريدة "النصر" في 27 نوفمبر 1908م ، وأممت في 18 سبتمبر 1963م. 
عربت جزئيا في 5 يوليو 1971م (صفحتان)، ثم تعربت كليًا في 1 يناير 1972م. كانت النصر تمتلك مطبعة منذ 1928م حتى 1990م. أصبحت جريدة يومية توزع وتطبع في جميع أنحاء الوطن، من الشرق إلى الغرب ومن الشمال إلى الجنوب.

عن النصر  اتصل بنا 

 

اتصل بنا

المنطقة الصناعية "بالما" 24 فيفري 1956
قسنطينة - الجزائر
قسم التحرير
قسم الإشهار
(+213) (0) 31 60 70 78 (+213) (0) 31 60 70 82
(+213) (0) 31 60 70 77 (+213) (0) 6 60 37 60 00
annasr.journal@gmail.com pub@annasronline.com