أشعل بوعلام صنصال الجدل مجدّدا، حيث استغل اعتداء نيس ليعود إلى ممارسة هوايته المفضلة: قذف بيت الأهل بالحجارة!
وحالة صنصال هنا تتطلب التحليل النفسي أكثر مما تستدعي الشتائم التي هي في العادة المطلب الخفي لقاذف الحجارة الذي يريد إثارة غضب أهل البيت.
فتشبيه الكاتب لاعتداء إرهابي بوقائع في الثورة الجزائرية وإن كان هدفه الظاهر إثارة إعجاب الفرنسيين، فإن هدفه الكامن إغاظة الجزائريين ويمكن إدراج وقوفه عند حائط المبكى بالقلنسوة اليهودية تحت هذا البند.
يريد صنصال أن يلعب دور المضطهد، الملعون، الشارد، الخارج عن "القطيع". وقد نجح في ذلك وفشل كثيرون. نعم، القصة ليست جديدة وقد حاول أكثر من كاتب جزائري دخول العالمية من باب تمجيد الكولونيالية و التصهين، لكن أصحاب المحاولات فشلوا حتى وإن استفادوا من الخدمات الآنية للميديا الفرنسية الواقعة تحت سيطرة لوبي معروف. ولأن الإثارة لا تكفي وحدها للصمود في حقل الأدب سقطوا. سقطوا لكثرة الاستخدام ولعدم الجدوى. لأن الموهبة أساسية في الأدب ولأن خروج روائي من حقله للاشتغال الموسمي في حقول أخرى قد يكون مكلفا، وصنصال ظهر خارج الأدب أكثر مما ظهر داخله، رغم جودة أسلوبه التي لا تعني بالضرورة أننا إزاء عبقرية روائية. ومن الغرابة حقا أن يقف صنصال متقدما على محمد ديب في سوق التمجيد الفرنسي، ومحمد ديب من خيرة من كتبوا بالفرنسية في القرن العشرين، ومن الغرابة أن يتقدم على رشيد بوجدرة في السوق ذاتها، والسبب الذي لا ضرورة لإقرانه بالعجب واضح ويتمثل في الامتثال إلى الشروط غير المعلنة التي يقتضيها "المجد" في فرنسا، وإذا ما أضيفت الدوافع الشخصية والنفسية إلى ذلك فإننا سنجد أنفسنا أمام بوعلام صنصال بشعره الطويل وقلنسوته اليهودية وغضبه الذي لا ينطفئ.
لكن، ما الذي يغضب بوعلام؟ ولماذا يريد أن يكون فرنسيا أكثر من الفرنسيين؟ ولماذا يمجد الكولونيالية؟ ولماذا ارتدى القلنسوة ووقف عند حائط المبكى؟
ولماذا يقول بوعلام أن كتبه ممنوعة في الجزائر؟ ولماذا يقول أن صحافتها تهاجمه ونظامها يريد رأسه وإسلاميوها يريدون قتله؟ لماذا يقدم نفسه كمضطهد، وهو الذي اشتغل في منصب حكومي سام إلى غاية تقاعده وتفرغه للأدب وغيره، وهو الذي يزور الجزائر دون أن يثير انتباه جيرانه في بومرداس؟
لا يمكن الإجابة عن الأسئلة السالفة دون المرور ب "شارع داروين"، هناك حيث ترمّم جدة مجدها القبلي بعائدات "الخطيئة" وتلقي أم بإبن غير متوقع إلى حياة لا تلائمه وتجبره على ارتداء طاقية التنكر لعمر كامل.
كلا، لا يقذف بوعلام، الذي يشبه بطله تماما، الجزائر بالحجارة ولكنه يرمي بجمرات تجاه "أم البطل" التي لم تتقن عملية إخراجه إلى العالم!
سليم بوفنداسة