الجمعة 22 نوفمبر 2024 الموافق لـ 20 جمادى الأولى 1446
Accueil Top Pub

الخروج من الأسر

بدأ الجزائريون يكتشفون الانجليزية، وبدأت هذه اللغة تكسب فضاء ببلادنا، في ظاهرة لا يمكن وصفها بغير الصحيّة حين يتعلّق الأمر بمجتمع مغلق ومنغلق.
وحتى وإن كانت «لغة العالم» لا تتمتّع بحظوة في نظام التعليم، فإن جزائريين باتوا يدفعون من أجل تعلّمها بعدما فتحت ثورة الاتصالات أعينهم على العالم وبعدما مكّنهم التواصل مع الشعوب من اكتشاف حقيقة مؤداها أن من لا يتقن هذه اللّغة سيبقى على هامش الحياة المعاصرة، أي أنه سيتواصل بالإيماء والإشارة  وسيكون محروما من تلقي المعارف والفنون.
طلبة وتجار ومثقفون وعشّاق محتملون وعاشقات و مرشّحون لهجرة شرعية أو غير شرعية سارعوا إلى القواميس والمعاهد الخاصّة لتدريب اللّسان والأصابع على اللغة الجديدة، اختلفت الأغراض لكن الحاجة واحدة سواء لطالب العلم أو الراغب في الدردشة أو التاجر الذي لا يريد مترجما مع مُمونيه، و الأمر، هنا،  يتعلّق بقوّة لغة تجعل الناس في حاجة إليها  وليس بلغة مفروضة بالقوّة كما هو حاصل عندنا، حيث يسود نزاع عبثي بين من يفرضون الفرنسية كلغة أمر واقع على الجزائريين وبين من ينافحون لفرض العربية محاولين تجاوز خذلان الواقع بخطاب القداسة.
والرهان سيكون على ديناميكية تثيرها الحاجة اللغوية، لتجاوز أمراض اللغة و الهوية التي تعرفها الجزائر في مرحلة ما بعد الكولونيالية (المستمرة)، مرحلة أنجبت نخبا "عصابية" يرى طرفا منها في الفرنسية لغة الحداثة والعلم، ويعتبر العربية لغة الإرهاب والتخلف، ويرى الطرف الآخر في الفرنسية لغة المستعمر التي يستمّر من خلالها في إدارة العقل الجزائري.
و لأن الطرف الأول يتحكم في زمام الأمور نجح في فرض لغته التي تحولت إلى لغة الحكم، في حين تحولت لغة الطرف الثاني إلى لغة الغضب.
وحتى وإن كان خبراء ومختصون يرون أن استنبات الانجليزية في الجزائر يحتاج إلى وقت طويل، فإن بداية ظهورها على اللسان الوطني المعذّب من شأنها أن تكون مقدمة للعلاج من المسّ الكولونيالي، لتتحول الفرنسية إلى لغة عادية كالإيطالية والإسبانية وليست لغة تفوق ولغة طبقة متعالية، وتتحوّل العربية إلى لغة وطنية منزوعة السلاح، أي لغة منصرفة إلى دورها الطبيعي ومعفاة من المقاومة.
ومن شأن انتشار هذه اللغة بين الأجيال الجديدة أن يمكن من استدخال ثقافة جديدة تحل محل ثقافة العنف والعجرفة!
سليم بوفنداسة

 

المزيد من الأعمدة

المُنمركون !

يصعبُ توقّع ما ستكون عليه الحياة بعد سنوات قليلة، نتيجة التدخّل المفرط للتكنولوجيا فيها، الذي لا...

  • 18 نوفمبر 2024
لا تلوموا أسامة!

يطرحُ الإقبال "غير المتوقّع" على الكاتب السعودي أسامة المسلم في صالون الجزائر الدولي للكتاب،...

  • 11 نوفمبر 2024
«لأسبابٍ سياسيّة» !

قبل سويعات من الكشف عن الفائز بجائزة الغونكور، أمس، نقلت وكالة الأنباء الفرنسية عن ناشرٍ قوله، إن...

  • 04 نوفمبر 2024
الصّورة و النّص

عاش كاتب ياسين حياةً قليلة وبسيطة، عانى فيها من "سوء الفهم" و الأسطرة، فضلا عن الجدل الذي لم يفتر...

  • 28 أكتوير 2024
المُستريحون

تُخفي الفرحةُ بموت أحدٍ، حالة قهرٍ عاشها الفَرِحُ في وجود الرّاحل الذي حقّقت ميتتُه زوال غمٍّ،...

  • 21 أكتوير 2024
طفولــة

سليم بوفنداسة ينشغلُ عددٌ غير قليل من الجزائريين بنظرة الآخر التي تتحوّل إلى مصدر فخرٍ أو سبب...

  • 15 أكتوير 2024
ضرورة الفرز

سليم بوفنداسة لا يواجه الأدب الجزائري مشاكل في التلقي فحسب بل يواجه أيضًا مشاكل في الكتابة...

  • 01 أكتوير 2024
سُقــــوط

سليم بوفنداسة فرضت ثقافة السّوق التي تهيمن على عالمنا المعاصر نمطًا جديدًا من النّخب، تنتجه...

  • 24 سبتمبر 2024
حارةُ المُؤثرين

هل تستطيعُ وسائطُ التّواصل الاجتماعيّ حمل الخِطاب الثقافيّ، وهل يسلمُ، في حال استخدامها من الخِفّة التي تفرضها...

  • 17 سبتمبر 2024
المهيمنُ لا يتحرّج

لا يستريحُ القتلةُ في الصيّفِ، فكلّ الفصول مُناسبة لإراقة الدم، ولعلّهم نجحوا في تحويل المقتلة...

  • 29 جويلية 2024
كرمٌ مُعلن

يمكن اعتبار الاحتفاء بالناجحين علامة صحيّة، لما في ذلك من تقديرٍ للعلم ومُحصّليه، شرط أن يكون...

  • 22 جويلية 2024
محنة الرواية!

تعرّضت الكاتبة إنعام بيّوض إلى حملة تشهير بالغة السوء على مواقع التواصل الاجتماعي، بعد نشر صوّر...

  • 15 جويلية 2024
محاذير الفرح!

أثار الفرح "المبالغ فيه" بالنّجاح في مختلف امتحانات نهاية السنة، الجدل بين مناصرين للحقّ في...

  • 01 جويلية 2024
«ترندينغ»

تكفّلت مواقع التواصل الاجتماعي بترتيب اهتمامات "الرأي العام"، مُنهية بذلك احتكار وسائل الإعلام...

  • 24 جوان 2024
سِرُّ مالك!

بقدر الدهشة التي تخلّفها جُملته، بقدر الحسرة التي ينتهي إليها قارئه، حسرة على عدم اكتمال قصّة وعلى الصّمت...

  • 03 جوان 2024
«الطريق»

توفر الوسائط التكنولوجيّة "حياةً جديدةً" للإبداع، من خلال القنوات التي تفتحها مع المتلقّي، مختصرةً الجهد والوقت...

  • 27 ماي 2024
الفيلسوف متوحشا

أصاب الحراك الطلّابي في الغرب، الفيلسوف الفرنسي الصهيوني الهوى ألان فينكلكروت بالرّعب، إلى درجة...

  • 20 ماي 2024
الخروج من حُجرة الكتابة

خرج بول أوستر من "حجرة الكتابة" تاركًا أبطاله لمصائرهم الغامضة وشعبًا يتيمًا في مختلف اللّغات، هو...

  • 06 ماي 2024
قطارُ الباطل

سلّطت الاحتجاجاتُ الطلابيّة في الولايات المتحدة الأمريكيّة الضوء على هيمنة اللّوبي الصهيوني على...

  • 29 أفريل 2024
صعلكة

  أصبح "خطاب الحق" عنوان ضعفٍ في عالم اليوم الذي باتت تتحكّم في مفاصله قوى ولوبيات لا تبالي...

  • 23 أفريل 2024
Articles Side Pub
Articles Bottom Pub
جريدة النصر الإلكترونية

تأسست جريدة "النصر" في 27 نوفمبر 1908م ، وأممت في 18 سبتمبر 1963م. 
عربت جزئيا في 5 يوليو 1971م (صفحتان)، ثم تعربت كليًا في 1 يناير 1972م. كانت النصر تمتلك مطبعة منذ 1928م حتى 1990م. أصبحت جريدة يومية توزع وتطبع في جميع أنحاء الوطن، من الشرق إلى الغرب ومن الشمال إلى الجنوب.

عن النصر  اتصل بنا 

 

اتصل بنا

المنطقة الصناعية "بالما" 24 فيفري 1956
قسنطينة - الجزائر
قسم التحرير
قسم الإشهار
(+213) (0) 31 60 70 78 (+213) (0) 31 60 70 82
(+213) (0) 31 60 70 77 (+213) (0) 6 60 37 60 00
annasr.journal@gmail.com pub@annasronline.com