الخميس 19 سبتمبر 2024 الموافق لـ 15 ربيع الأول 1446
Accueil Top Pub

نهش

يهجم على الكاتب ونصه بمنجل صدئ ولا يتوقف إلا بعد أن يجري دم، دون أن يدري أدم الكاتب أم دم نصه جرى.
يحدث هذا الآن في زمن النشر السهل وزمن التجاسر، حيث يستطيع مشتغل في الصحافة بأجر غير معلوم  أن يطلق أحكاما قاسية على رواية لم يقرأها وعلى كاتبها وقد يكفره أو يخونه، ويجيز القائمون على أمر الفتى نشر فتواه بحثا عن إثارة يقتضيها فن التسويق القائم على مزج  مدروس بين الجنس والدين، وضع يدفع الباحثين عن ترسيخ القدم إلى تصيّد «فرائس» لنهشها علنا بعد تشمّم عبارات تسيء إلى مقدسات الناهش.
ولن يحتاج إلى المقاييس الجمالية المتعارف عليها في تقاليد الأدب والنقد، يكفيه منجله والجمل الجاهزة عن المساس بكذا والدعوة إلى كذا وكذا، لإقامة المأدبة.
قد يكون الناهش مدفوعا بقوانين الفيزياء غير العادلة التي تجبر الفراغ على إيجاد كتل يشغل بها نفسه، لكنه يحتاج إلى دفع بالشدة نفسها في الاتجاه المعاكس، لأن استفحال هذا النوع من المحاكمات للأدب قد ينتهي إلى المطالبة بتشريعات تحاسب الكتاب على نزوات أبطالهم كما حدث مع أحمد ناجي في مصر، أو الاستهداف المباشر لمبدعين يقاومون بشاعة الواقع بإنتاج الجمال، و تنفير الناس من الأدب في مجتمع يستهلك الأحكام الواردة ويتبناها دون مراجعة أو تمحيص خصوصا ما تعلق بالطابوهات التي تتوسع قائمتها سنة بعد أخرى في “أخلقة” كاذبة لم تحل دون ارتكاب أبشع الجرائم و أغربها.
في البلاد السعيدة، التي لا زال الناس فيها يقرأون الكتب، عادة ما تكون الصحافة دليل القارئ إلى الكتاب الجيد، إذ تتحول الصفحات الثقافية والصحافة الثقافية و بلاتوهات التلفزيونات إلى ورشات مفتوحة تقدم الأعمال الجديدة وتحاور أصحابها و”تحرّض” على القراءة التي تبني الذائقة الجمالية للمجتمع، بل إنها تصنع نجومية الكتاب الذين يكتسبون سلطة معنوية ويعيشون من عائدات كتبهم.
يختلف الأمر عندنا، حيث يناصب قطاع واسع من الإعلام الكتاب العداء ويمنح الكلمة للمطرودين من المدارس، من شيوخ الجن و الفتوى كذاك الشيخ الذي يعقد مقارنة بديعة بين الكبش الأملح الأقرن  والمليحة في الخمار الأسود ويعلّم مشاهديه الكرام بأنهما مليحان لأنهما مشتقان من الملح، إلى ساسة يكرّرون نفس الكلام منذ ألف سنة، إلى لاعبين يتقاضون الملايير رغم أنهم لا يحسنون مراقبة الكرة...
سليم بوفنداسة

 

المزيد من الأعمدة

حارةُ المُؤثرين

هل تستطيعُ وسائطُ التّواصل الاجتماعيّ حمل الخِطاب الثقافيّ، وهل يسلمُ، في حال استخدامها من الخِفّة التي تفرضها...

  • 17 سبتمبر 2024
المهيمنُ لا يتحرّج

لا يستريحُ القتلةُ في الصيّفِ، فكلّ الفصول مُناسبة لإراقة الدم، ولعلّهم نجحوا في تحويل المقتلة...

  • 29 جويلية 2024
كرمٌ مُعلن

يمكن اعتبار الاحتفاء بالناجحين علامة صحيّة، لما في ذلك من تقديرٍ للعلم ومُحصّليه، شرط أن يكون...

  • 22 جويلية 2024
محنة الرواية!

تعرّضت الكاتبة إنعام بيّوض إلى حملة تشهير بالغة السوء على مواقع التواصل الاجتماعي، بعد نشر صوّر...

  • 15 جويلية 2024
محاذير الفرح!

أثار الفرح "المبالغ فيه" بالنّجاح في مختلف امتحانات نهاية السنة، الجدل بين مناصرين للحقّ في...

  • 01 جويلية 2024
«ترندينغ»

تكفّلت مواقع التواصل الاجتماعي بترتيب اهتمامات "الرأي العام"، مُنهية بذلك احتكار وسائل الإعلام...

  • 24 جوان 2024
سِرُّ مالك!

بقدر الدهشة التي تخلّفها جُملته، بقدر الحسرة التي ينتهي إليها قارئه، حسرة على عدم اكتمال قصّة وعلى الصّمت...

  • 03 جوان 2024
«الطريق»

توفر الوسائط التكنولوجيّة "حياةً جديدةً" للإبداع، من خلال القنوات التي تفتحها مع المتلقّي، مختصرةً الجهد والوقت...

  • 27 ماي 2024
الفيلسوف متوحشا

أصاب الحراك الطلّابي في الغرب، الفيلسوف الفرنسي الصهيوني الهوى ألان فينكلكروت بالرّعب، إلى درجة...

  • 20 ماي 2024
الخروج من حُجرة الكتابة

خرج بول أوستر من "حجرة الكتابة" تاركًا أبطاله لمصائرهم الغامضة وشعبًا يتيمًا في مختلف اللّغات، هو...

  • 06 ماي 2024
قطارُ الباطل

سلّطت الاحتجاجاتُ الطلابيّة في الولايات المتحدة الأمريكيّة الضوء على هيمنة اللّوبي الصهيوني على...

  • 29 أفريل 2024
صعلكة

  أصبح "خطاب الحق" عنوان ضعفٍ في عالم اليوم الذي باتت تتحكّم في مفاصله قوى ولوبيات لا تبالي...

  • 23 أفريل 2024
ضرورة التفكير في المجتمع

  سليم بوفنداسة انتفض المجتمع المدني في ولاية خنشلة ضدّ "الراقي الزائر"، الذي أثار الجدل على مواقع التواصل، ودعا...

  • 16 أفريل 2024
المخفيّ

حين مات محمد ديب لم تجد وسائل الإعلام الوطنيّة، مادة سمعية بصريّة عن الكاتب تقدّمها للجمهور، كان...

  • 26 فبراير 2024
اختراق

شهدت الفترة التي تلت اندلاع الحرب المدمرة على غزة، تسخير ذباب إلكتروني لتسفيه الخطابات المؤيدة...

  • 19 فبراير 2024
خِفّـــة

يبحثُ المتحدّثُ عن العبارة التي ستبقى  في أثير الله الأزرق بعد أن يفنى الكلام، عبارةٌ واحدةٌ تكفي كي...

  • 12 فبراير 2024
وصفُ السّعادة!

تجري الحياة في فضاءات أخرى وليس على المُستطيل الأخضر، رغم المُتعة التي توفرها كرة القدم، باعتبارها مسرح فرجةٍ في...

  • 05 فبراير 2024
القيمة والشّعار

يخترقُ المنتوج الثقافيّ الحدود واللّغات، بجودته أولًا وأخيرًا، وقد يفوق تأثيره التوقّعات، لذلك...

  • 01 جانفي 2024
كبارُ "الباعة"!

سخر كمال داود من الصّفة التي يطلقها العرب والمسلمون على ضحايا العدوان الهمجي على غزّة، ووجد الوقت...

  • 18 ديسمبر 2023
مقبرةُ جماعيّة للإنسانيّة

في هذه الأرض المزدحمة، حيث يتعايش الأحياءُ والموتى، تُحفر القبور على عجلٍ في الأسواق السّابقة...

  • 11 ديسمبر 2023
Articles Side Pub
Articles Bottom Pub
جريدة النصر الإلكترونية

تأسست جريدة "النصر" في 27 نوفمبر 1908م ، وأممت في 18 سبتمبر 1963م. 
عربت جزئيا في 5 يوليو 1971م (صفحتان)، ثم تعربت كليًا في 1 يناير 1972م. كانت النصر تمتلك مطبعة منذ 1928م حتى 1990م. أصبحت جريدة يومية توزع وتطبع في جميع أنحاء الوطن، من الشرق إلى الغرب ومن الشمال إلى الجنوب.

عن النصر  اتصل بنا 

 

اتصل بنا

المنطقة الصناعية "بالما" 24 فيفري 1956
قسنطينة - الجزائر
قسم التحرير
قسم الإشهار
(+213) (0) 31 60 70 78 (+213) (0) 31 60 70 82
(+213) (0) 31 60 70 77 (+213) (0) 6 60 37 60 00
annasr.journal@gmail.com pub@annasronline.com