الخميس 17 أفريل 2025 الموافق لـ 18 شوال 1446
Accueil Top Pub

نوبل إن غنّت!

لم يكتف قضاة الأكاديمية السويدية، هذه المرة، بمفاجأة مترقبي الدخان الأبيض كما تعودوا، بل أنهم نجحوا  في إثارة عاصفة من النقاش حول تعريف الأدب بالذات، باختيارهم لمغن أمريكي لا يختلف سكان كوكبنا حول قيمته، لكن الكثير منهم  يستغربون وجوده في مجرّة الأدب.
وبين من ينعي نوبل وبين من يمجد تكسيرها للأطر الكلاسيكية في منح جائزة الجوائز، تمتد مساحة شاسعة يشيخ فيها منسيون وتنبت شواهد قبور وأشجار غضب، لأن نوبل أصبحت بكل بساطة عنوان المجد الأدبي الذي تطلبه أمم ولغات وأعراق  وثقافات، وهذا عبء كبير على جائزة وعلى قضاتها المغمورين، وعلى «التقدير» نفسه وقد أختزل في مناسبة سنوية وحيدة لا تكفي جميع المنتظرين من الأحياء المهددين بموت لا تتحمل نوبل مسؤوليته.
و يجب الاعتراف أن الجائزة تصيب دائما في الإشارة إلى أسماء لا يندم العالم على معرفتها  بعد أن تخرج من الظلام وتصير أليفة، ويكتب عنها الذين يكتبون وكأنهم يعرفونها بصفة شخصية، بغض النظر عن المقاييس والمصادفات والمواقف والظروف التي تجعل أحدهم مرئيا  وتبقي غيره بعيدا عن الضوء الرحيم.
وقد تبنت نوبل في تبريرها لاختيار بوب ديلان خطابا «أصوليا» وهي تنسب كاتب الأغاني الذي أحدث «تغييرات شعرية جديدة في الأغنية الأمريكية التقليدية» إلى جده هوميروس، و كأنها تقول أنها أحيت  من خلال المغني الأمريكي شعراء العالم جميعا، لأن الأدب بدأ هكذا: كلام غير عاد يردّده أحدهم.
تبرير تجاوب معه الكثير من الكتاب الذين اعتبروا الأدب أوسع من أن يحتويه كتاب، وهو تجاوب مخيف لأنه يصيب الأدب والكتاب في مقتل في زمن بات الناس يتعاطون فيه الفنون عبر الحواس الكسولة التي تنقل لهم المتعة منطوقة ومصورة وتعفيهم من قضاء وقت طويل في القراءة، وأصبح التواصل يتم فيه عبر رموز تهدّد اللغة البديعة بالانقراض من قواميس أجيال لن تكون في حاجة إلى قراءة الروايات أو الشعر لتستمتع، مادام تحصيل المتعة من سوقها المفتوح لا يتطلب جهدا أو وقتا.
من حق نوبل أن تغيّر عاداتها وتكسر تقاليدها، ومن حق كهان الأدب، أيضا، أن يخافوا وقد أصبحوا مهددين بفقدان  الملجأ الذي شيدوه للهروب من وحشية العالم.
سليم بوفنداسة

 

المزيد من الأعمدة

ظُلمات

تعرفُ العلاقات الدوليّة مقدّمات أزمة أشبه ما تكون بحربٍ كونيّة جديدة تعيدُ توزيع الأدوار بين سكّان غابتنا،...

  • 14 أفريل 2025
اسمي حمزة

اسمي حمزة، كان لي رأسٌ. كانت لي عينان و أحلامٌ صغيرة لا أعلنها. ربما أشبه أحمد الذي لم يعثـروا على رأسه،...

  • 07 أفريل 2025
هوس فرنسي

تحوّلت الجزائر، هذه الأيام، إلى «لازمة» على ألسنة السّاسة والنّخب في فرنسا، وإلى موضوع أثيرٍ على...

  • 24 فبراير 2025
«واقعيّة قذرة»

لن تهنأ الإنسانيّة بعائدات التطوّر العلمي الذي يفترض أن يساعد في حلّ المشكلات ويجعل الحياة أيسر...

  • 17 فبراير 2025
العالمُ برواية «ماسك»!

تحوّل الملياردير الأمريكي إيلون ماسك إلى كابوسٍ حقيقيٍّ يُؤرّق ساسةً وصنّاعَ قرارٍ في أوروبا، وفق...

  • 20 جانفي 2025
سوارٌ إلكتروني

ظلّت الثقافة على الدوام من أدوات الهيمنة التي تستخدمها قوى استعمارية، في آلية فكّكها إدوارد سعيد...

  • 13 جانفي 2025
حياة في الثقافة

غادر بوداود عميّر فجأة، بعد أن لمّح إلى غيّابٍ مُؤقّت اتقاء شرّ مُنتحلٍ سرق هويّته، قبل أن ينجح...

  • 23 ديسمبر 2024
أبوابٌ ونوافذٌ

بيّنت الأحداث الأخيرة، التي استخدم فيها طرفٌ أجنبيٌّ، كاتبين جزائريين ضدّ بلدهم الأم، في حرب...

  • 09 ديسمبر 2024
صوتُ الحياة

شاخ الوقتُ حولها لكنّها ظلّت في مقتبل الصّبا تسقي الدهشة وتشيعها، لأنّ المنادي الذي نادى النّاس...

  • 25 نوفمبر 2024
المُنمركون !

يصعبُ توقّع ما ستكون عليه الحياة بعد سنوات قليلة، نتيجة التدخّل المفرط للتكنولوجيا فيها، الذي لا...

  • 18 نوفمبر 2024
لا تلوموا أسامة!

يطرحُ الإقبال "غير المتوقّع" على الكاتب السعودي أسامة المسلم في صالون الجزائر الدولي للكتاب،...

  • 11 نوفمبر 2024
«لأسبابٍ سياسيّة» !

قبل سويعات من الكشف عن الفائز بجائزة الغونكور، أمس، نقلت وكالة الأنباء الفرنسية عن ناشرٍ قوله، إن...

  • 04 نوفمبر 2024
الصّورة و النّص

عاش كاتب ياسين حياةً قليلة وبسيطة، عانى فيها من "سوء الفهم" و الأسطرة، فضلا عن الجدل الذي لم يفتر...

  • 28 أكتوير 2024
المُستريحون

تُخفي الفرحةُ بموت أحدٍ، حالة قهرٍ عاشها الفَرِحُ في وجود الرّاحل الذي حقّقت ميتتُه زوال غمٍّ،...

  • 21 أكتوير 2024
طفولــة

سليم بوفنداسة ينشغلُ عددٌ غير قليل من الجزائريين بنظرة الآخر التي تتحوّل إلى مصدر فخرٍ أو سبب...

  • 15 أكتوير 2024
ضرورة الفرز

سليم بوفنداسة لا يواجه الأدب الجزائري مشاكل في التلقي فحسب بل يواجه أيضًا مشاكل في الكتابة...

  • 01 أكتوير 2024
سُقــــوط

سليم بوفنداسة فرضت ثقافة السّوق التي تهيمن على عالمنا المعاصر نمطًا جديدًا من النّخب، تنتجه...

  • 24 سبتمبر 2024
حارةُ المُؤثرين

هل تستطيعُ وسائطُ التّواصل الاجتماعيّ حمل الخِطاب الثقافيّ، وهل يسلمُ، في حال استخدامها من الخِفّة التي تفرضها...

  • 17 سبتمبر 2024
المهيمنُ لا يتحرّج

لا يستريحُ القتلةُ في الصيّفِ، فكلّ الفصول مُناسبة لإراقة الدم، ولعلّهم نجحوا في تحويل المقتلة...

  • 29 جويلية 2024
كرمٌ مُعلن

يمكن اعتبار الاحتفاء بالناجحين علامة صحيّة، لما في ذلك من تقديرٍ للعلم ومُحصّليه، شرط أن يكون...

  • 22 جويلية 2024
Articles Side Pub
Articles Bottom Pub
جريدة النصر الإلكترونية

تأسست جريدة "النصر" في 27 نوفمبر 1908م ، وأممت في 18 سبتمبر 1963م. 
عربت جزئيا في 5 يوليو 1971م (صفحتان)، ثم تعربت كليًا في 1 يناير 1972م. كانت النصر تمتلك مطبعة منذ 1928م حتى 1990م. أصبحت جريدة يومية توزع وتطبع في جميع أنحاء الوطن، من الشرق إلى الغرب ومن الشمال إلى الجنوب.

عن النصر  اتصل بنا 

 

اتصل بنا

المنطقة الصناعية "بالما" 24 فيفري 1956
قسنطينة - الجزائر
قسم التحرير
قسم الإشهار
(+213) (0) 31 60 70 78 (+213) (0) 31 60 70 82
(+213) (0) 31 60 70 77 (+213) (0) 6 60 37 60 00
annasr.journal@gmail.com pub@annasronline.com