السبت 21 ديسمبر 2024 الموافق لـ 19 جمادى الثانية 1446
Accueil Top Pub

الهيكل

طغت المسائل الهيكلية للأحزاب على النقاش السياسي في الجزائر، وباتت وضعية التشكيلات السياسية الحدث الأبرز الذي يستقطب الصحافة و الرأي العام، الأمر الذي أعفى الأحزاب من وظيفتها الحقيقية إلى الحد الذي أصبح فيه وجودها صوريا في الحياة العامة.
هذا التحول سينجب مفاهيم جديدة لممارسة السياسة، فالنضال سيصير طريقة في التقدم إلى قمرة قيادة المركب بغض النظر عن وضعية المركب في الماء، وخوض الاستحقاق سيصبح مرتبطا بقدرات الطامح الشرائية والتفاوضية، بداية من تحصيل موقع في الحزب وانتهاء بمكانة في قلوب الناخبين الذين يعتقد أنهم يفضلون المرشح الكريم  في درجة ثانية بعد مرشح القبيلة وسفيرها إلى المؤسسة (الاختراع المتأخر الذي لم يغيّر طبع العشائر)، ولم تسلم مقاصد العمل السياسي من أثر الرياح بعد أن أصبح رواد السياسة هم رواد الأسواق الذين لا يهمهم زرع الأفكار بل جني الثمار و لا يريدون التغيير بل تحصين المكانة. ولن يحتاج الزعيم كي يصير كذلك إلى تمرّس في المؤسسة الحزبية، لن يحتاج إلى أفكار، لن يحتاج إلى خطاب، لن يحتاج إلى كاريزما، لن يحتاج إلى معارف في السياسة والاقتصاد، لن يحتاج إلى معارف في الحياة، لن يحتاج إلى الخوف، لن يحتاج إلى الحذر، لن يحتاج إلى الخجل، لن يحتاج إلى أدوات لأنه طُبخ في مكان ما ليكون ما هو عليه، ويكفي أن يُقنع المستمعين والمتفرجين وهو يواجه غابة الميكرفونات التي أصبحت تمتد هذه الأيام لكل من يحرك شفتيه رغبة في الكلام.
لا يحتاج المشتغل بالسياسة إلى إيديولوجيا فاليسار لم يعد يسارا مذ تحول الرفاق  إلى أرباب عمل يستلذون استعباد فئة اقتنعوا، أخيرا، أنها خلقت لذلك، ومذ اكتشف “الإخوان” أن “الجنة” ممكنة في الدنيا أيضا، ومذ اكتشف أهل اليمين أن الجهات خدعة وأن العجلة تدور لتستقر في نفس المكان. لا يحتاج المشتغل بالسياسة إلى معارف اقتصادية، لأن المنتجين الكبار سيحفرون مجراهم والسياسي الجيد هو من يحسن التموقع في المجرى. لا يحتاج إلى عين ترى أو أذن تسمع، لأن ما يُسمع يسمع وما يرى يرى.
لكن المجتمع يحتاج إلى تنظيمات سياسية تمثله وتعبر عنه و تقترح التدابير وتعد كوادر شابة للقيادة ومواجهة المشاكل الاقتصادية الناجمة عن تزايد عدد السكان وتراجع أسعار النفط ومنسوب الأفكار. وتلك مفارقة نعيشها جراء الاهتمام المفرط بالهيكل وإهمال الجوهر.
سليم بوفنداسة

 

المزيد من الأعمدة

أبوابٌ ونوافذٌ

بيّنت الأحداث الأخيرة، التي استخدم فيها طرفٌ أجنبيٌّ، كاتبين جزائريين ضدّ بلدهم الأم، في حرب...

  • 09 ديسمبر 2024
صوتُ الحياة

شاخ الوقتُ حولها لكنّها ظلّت في مقتبل الصّبا تسقي الدهشة وتشيعها، لأنّ المنادي الذي نادى النّاس...

  • 25 نوفمبر 2024
المُنمركون !

يصعبُ توقّع ما ستكون عليه الحياة بعد سنوات قليلة، نتيجة التدخّل المفرط للتكنولوجيا فيها، الذي لا...

  • 18 نوفمبر 2024
لا تلوموا أسامة!

يطرحُ الإقبال "غير المتوقّع" على الكاتب السعودي أسامة المسلم في صالون الجزائر الدولي للكتاب،...

  • 11 نوفمبر 2024
«لأسبابٍ سياسيّة» !

قبل سويعات من الكشف عن الفائز بجائزة الغونكور، أمس، نقلت وكالة الأنباء الفرنسية عن ناشرٍ قوله، إن...

  • 04 نوفمبر 2024
الصّورة و النّص

عاش كاتب ياسين حياةً قليلة وبسيطة، عانى فيها من "سوء الفهم" و الأسطرة، فضلا عن الجدل الذي لم يفتر...

  • 28 أكتوير 2024
المُستريحون

تُخفي الفرحةُ بموت أحدٍ، حالة قهرٍ عاشها الفَرِحُ في وجود الرّاحل الذي حقّقت ميتتُه زوال غمٍّ،...

  • 21 أكتوير 2024
طفولــة

سليم بوفنداسة ينشغلُ عددٌ غير قليل من الجزائريين بنظرة الآخر التي تتحوّل إلى مصدر فخرٍ أو سبب...

  • 15 أكتوير 2024
ضرورة الفرز

سليم بوفنداسة لا يواجه الأدب الجزائري مشاكل في التلقي فحسب بل يواجه أيضًا مشاكل في الكتابة...

  • 01 أكتوير 2024
سُقــــوط

سليم بوفنداسة فرضت ثقافة السّوق التي تهيمن على عالمنا المعاصر نمطًا جديدًا من النّخب، تنتجه...

  • 24 سبتمبر 2024
حارةُ المُؤثرين

هل تستطيعُ وسائطُ التّواصل الاجتماعيّ حمل الخِطاب الثقافيّ، وهل يسلمُ، في حال استخدامها من الخِفّة التي تفرضها...

  • 17 سبتمبر 2024
المهيمنُ لا يتحرّج

لا يستريحُ القتلةُ في الصيّفِ، فكلّ الفصول مُناسبة لإراقة الدم، ولعلّهم نجحوا في تحويل المقتلة...

  • 29 جويلية 2024
كرمٌ مُعلن

يمكن اعتبار الاحتفاء بالناجحين علامة صحيّة، لما في ذلك من تقديرٍ للعلم ومُحصّليه، شرط أن يكون...

  • 22 جويلية 2024
محنة الرواية!

تعرّضت الكاتبة إنعام بيّوض إلى حملة تشهير بالغة السوء على مواقع التواصل الاجتماعي، بعد نشر صوّر...

  • 15 جويلية 2024
محاذير الفرح!

أثار الفرح "المبالغ فيه" بالنّجاح في مختلف امتحانات نهاية السنة، الجدل بين مناصرين للحقّ في...

  • 01 جويلية 2024
«ترندينغ»

تكفّلت مواقع التواصل الاجتماعي بترتيب اهتمامات "الرأي العام"، مُنهية بذلك احتكار وسائل الإعلام...

  • 24 جوان 2024
سِرُّ مالك!

بقدر الدهشة التي تخلّفها جُملته، بقدر الحسرة التي ينتهي إليها قارئه، حسرة على عدم اكتمال قصّة وعلى الصّمت...

  • 03 جوان 2024
«الطريق»

توفر الوسائط التكنولوجيّة "حياةً جديدةً" للإبداع، من خلال القنوات التي تفتحها مع المتلقّي، مختصرةً الجهد والوقت...

  • 27 ماي 2024
الفيلسوف متوحشا

أصاب الحراك الطلّابي في الغرب، الفيلسوف الفرنسي الصهيوني الهوى ألان فينكلكروت بالرّعب، إلى درجة...

  • 20 ماي 2024
الخروج من حُجرة الكتابة

خرج بول أوستر من "حجرة الكتابة" تاركًا أبطاله لمصائرهم الغامضة وشعبًا يتيمًا في مختلف اللّغات، هو...

  • 06 ماي 2024
Articles Side Pub
Articles Bottom Pub
جريدة النصر الإلكترونية

تأسست جريدة "النصر" في 27 نوفمبر 1908م ، وأممت في 18 سبتمبر 1963م. 
عربت جزئيا في 5 يوليو 1971م (صفحتان)، ثم تعربت كليًا في 1 يناير 1972م. كانت النصر تمتلك مطبعة منذ 1928م حتى 1990م. أصبحت جريدة يومية توزع وتطبع في جميع أنحاء الوطن، من الشرق إلى الغرب ومن الشمال إلى الجنوب.

عن النصر  اتصل بنا 

 

اتصل بنا

المنطقة الصناعية "بالما" 24 فيفري 1956
قسنطينة - الجزائر
قسم التحرير
قسم الإشهار
(+213) (0) 31 60 70 78 (+213) (0) 31 60 70 82
(+213) (0) 31 60 70 77 (+213) (0) 6 60 37 60 00
annasr.journal@gmail.com pub@annasronline.com