الاثنين 7 أفريل 2025 الموافق لـ 8 شوال 1446
Accueil Top Pub

أسطرة

حُمّل ابن باديس فوق ما يحتمل وأصابه ما أصاب غيره من الشخصيات التي أتى البعد الرمزي لها على بقية الأبعاد، حيث جرت سيرته على ألسنة خطباء وساسة ودارسين لم يدرسوا وإعلاميين ورجال دين ومنشطي حفلات، وتحول الرجل بمرور الزمن إلى “صنم” يقول عنه من شاء ما يشاء.
نزعة الأسطرة التي جنت على ابن باديس جنت على غيره من صنّاع التاريخ والعلماء في تاريخنا القريب، في غياب تقاليد علمية تضع كل شخصية في إطارها الصحيح بلا زيادة أو نقصان، خصوصا عندما يتعلق الأمر بشخصيات يمكن فحص تاريخها من خلال وثائق متوفرة.
والملفت أن الدراسات العلمية الجادة لا تجد الصدى الذي تجده مقالات صحفية أو تصريحات تنشد الإثارة بل وحتى كتابات تصدر عن مجهولين على شبكات التواصل الاجتماعي، حيث يستطيع أي شخص أن يصدر أحكاما من علو ثمانين سنة أو أكـثـر على وقائع  لا يحيط بالظروف التاريخية التي جرت فيها، وقد يعتمد معايير راهنة في ذلك.
وفي حالة ابن باديس فقد اكتشفنا في السنوات الأخيرة أصوليته
 و اندماجيته  ووهابيته ومهادنته للاستعمار وقبل ذلك أنزل مكانة القديسين والأنبياء،  حيث يجري إسقاط وضعيات حالية على نشاطات قام بها في عشرينيات وثلاثينيات القرن الماضي. والأمر هنا لا يتعلق بمرافعة لصالحه أو ضده، ولكن بدعوة إلى عمل تاريخي علمي لا يبنى على مواقف مسبقة في مقاربة السيّر والوقائع.
فالوثائق التاريخية تقول أن الرجل تعاون مع شيوعيات قسنطينة وناضل من أجل تعليم النساء وتحاور مع الكتاب الفرنسيين وتعاطف مع اليساريين، و شهادات أقاربه ومقربيه تقول أنه كان يمزح ويمرح ويذهب إلى جبل الوحش ويسافر!
ووضعية عائلته كانت تعفيه من النضال لو أنه قام بما قام به طلبا لمكانة أو آمن بجزائر فرنسية. و حتى حين نعتمد المعايير المعاصرة فإننا سنجد أن الرجل كان سابقا لعصره حين انخرط في العمل المدني من خلال النشاط التطوعي لجمعيته.
لا يحتاج ابن باديس إلى من يدافع عنه بألفاظ  عنيفة وهو الذي عفا عن شخص حاول قتله تنفيذا لأمر “شيخه” ولا يليق أن يتحوّل إلى سجل تجاري مفتوح، و أحسن طريقة لتكريمه اليوم هي محاربة ما حاربه: محاربة الجهل والشعوذة وقد ازدهرا!

سليم بوفنداسة

المزيد من الأعمدة

هوس فرنسي

تحوّلت الجزائر، هذه الأيام، إلى «لازمة» على ألسنة السّاسة والنّخب في فرنسا، وإلى موضوع أثيرٍ على...

  • 24 فبراير 2025
«واقعيّة قذرة»

لن تهنأ الإنسانيّة بعائدات التطوّر العلمي الذي يفترض أن يساعد في حلّ المشكلات ويجعل الحياة أيسر...

  • 17 فبراير 2025
العالمُ برواية «ماسك»!

تحوّل الملياردير الأمريكي إيلون ماسك إلى كابوسٍ حقيقيٍّ يُؤرّق ساسةً وصنّاعَ قرارٍ في أوروبا، وفق...

  • 20 جانفي 2025
سوارٌ إلكتروني

ظلّت الثقافة على الدوام من أدوات الهيمنة التي تستخدمها قوى استعمارية، في آلية فكّكها إدوارد سعيد...

  • 13 جانفي 2025
حياة في الثقافة

غادر بوداود عميّر فجأة، بعد أن لمّح إلى غيّابٍ مُؤقّت اتقاء شرّ مُنتحلٍ سرق هويّته، قبل أن ينجح...

  • 23 ديسمبر 2024
أبوابٌ ونوافذٌ

بيّنت الأحداث الأخيرة، التي استخدم فيها طرفٌ أجنبيٌّ، كاتبين جزائريين ضدّ بلدهم الأم، في حرب...

  • 09 ديسمبر 2024
صوتُ الحياة

شاخ الوقتُ حولها لكنّها ظلّت في مقتبل الصّبا تسقي الدهشة وتشيعها، لأنّ المنادي الذي نادى النّاس...

  • 25 نوفمبر 2024
المُنمركون !

يصعبُ توقّع ما ستكون عليه الحياة بعد سنوات قليلة، نتيجة التدخّل المفرط للتكنولوجيا فيها، الذي لا...

  • 18 نوفمبر 2024
لا تلوموا أسامة!

يطرحُ الإقبال "غير المتوقّع" على الكاتب السعودي أسامة المسلم في صالون الجزائر الدولي للكتاب،...

  • 11 نوفمبر 2024
«لأسبابٍ سياسيّة» !

قبل سويعات من الكشف عن الفائز بجائزة الغونكور، أمس، نقلت وكالة الأنباء الفرنسية عن ناشرٍ قوله، إن...

  • 04 نوفمبر 2024
الصّورة و النّص

عاش كاتب ياسين حياةً قليلة وبسيطة، عانى فيها من "سوء الفهم" و الأسطرة، فضلا عن الجدل الذي لم يفتر...

  • 28 أكتوير 2024
المُستريحون

تُخفي الفرحةُ بموت أحدٍ، حالة قهرٍ عاشها الفَرِحُ في وجود الرّاحل الذي حقّقت ميتتُه زوال غمٍّ،...

  • 21 أكتوير 2024
طفولــة

سليم بوفنداسة ينشغلُ عددٌ غير قليل من الجزائريين بنظرة الآخر التي تتحوّل إلى مصدر فخرٍ أو سبب...

  • 15 أكتوير 2024
ضرورة الفرز

سليم بوفنداسة لا يواجه الأدب الجزائري مشاكل في التلقي فحسب بل يواجه أيضًا مشاكل في الكتابة...

  • 01 أكتوير 2024
سُقــــوط

سليم بوفنداسة فرضت ثقافة السّوق التي تهيمن على عالمنا المعاصر نمطًا جديدًا من النّخب، تنتجه...

  • 24 سبتمبر 2024
حارةُ المُؤثرين

هل تستطيعُ وسائطُ التّواصل الاجتماعيّ حمل الخِطاب الثقافيّ، وهل يسلمُ، في حال استخدامها من الخِفّة التي تفرضها...

  • 17 سبتمبر 2024
المهيمنُ لا يتحرّج

لا يستريحُ القتلةُ في الصيّفِ، فكلّ الفصول مُناسبة لإراقة الدم، ولعلّهم نجحوا في تحويل المقتلة...

  • 29 جويلية 2024
كرمٌ مُعلن

يمكن اعتبار الاحتفاء بالناجحين علامة صحيّة، لما في ذلك من تقديرٍ للعلم ومُحصّليه، شرط أن يكون...

  • 22 جويلية 2024
محنة الرواية!

تعرّضت الكاتبة إنعام بيّوض إلى حملة تشهير بالغة السوء على مواقع التواصل الاجتماعي، بعد نشر صوّر...

  • 15 جويلية 2024
محاذير الفرح!

أثار الفرح "المبالغ فيه" بالنّجاح في مختلف امتحانات نهاية السنة، الجدل بين مناصرين للحقّ في...

  • 01 جويلية 2024
Articles Side Pub
Articles Bottom Pub
جريدة النصر الإلكترونية

تأسست جريدة "النصر" في 27 نوفمبر 1908م ، وأممت في 18 سبتمبر 1963م. 
عربت جزئيا في 5 يوليو 1971م (صفحتان)، ثم تعربت كليًا في 1 يناير 1972م. كانت النصر تمتلك مطبعة منذ 1928م حتى 1990م. أصبحت جريدة يومية توزع وتطبع في جميع أنحاء الوطن، من الشرق إلى الغرب ومن الشمال إلى الجنوب.

عن النصر  اتصل بنا 

 

اتصل بنا

المنطقة الصناعية "بالما" 24 فيفري 1956
قسنطينة - الجزائر
قسم التحرير
قسم الإشهار
(+213) (0) 31 60 70 78 (+213) (0) 31 60 70 82
(+213) (0) 31 60 70 77 (+213) (0) 6 60 37 60 00
annasr.journal@gmail.com pub@annasronline.com