أكد الوزير المنتدب لدى وزير الدفاع الوطني، رئيس أركان الجيش الوطني الشعبي، الفريق أول السعيد شنقريحة، لدى إشرافه باسم رئيس الجمهورية، القائد الأعلى...
يمثل إصدار المحكمة الجنائية الدولية مذكرتي توقيف بحق رئيس حكومة الكيان الصهيوني « نتنياهو» و وزير دفاعه السابق» غالانت» بتهمة ارتكاب جرائم ضد...
تعد الضجة الكوميدية التي تثيرها بعض الأوساط السياسية والفكرية الفرنسية حول حالة بوعلام صنصال، دليلا إضافيا على وجود تيار «حاقد» ضد الجزائر. وهو لوبي لا يفوّت...
أكد الأمين العام لوزارة الفلاحة والتنمية الريفية والصيد البحري، حميد بن ساعد، اليوم الخميس بالجزائر العاصمة، أن التمور الجزائرية بكل أنواعها تمكنت...
إلياس.. ابن تاكسنة الذي طوّع الحديد طيلة 30 عاما
ورث إلياس بوطاجين، ابن مدينة تاكسنة، بأعالي جبال جيجل، حرفة الحدادة عن والده و حافظ عليها و على فرنه التقليدي الذي يعود إلى أكثر من 60 عاما خلت، و لا يزال لحد اليوم، يمارس حرفة أبيه بحب و حماس بمحل عتيق بمسقط رأسه.
لفت انتباهنا عندما زرنا بلدية تاكسنة، محلا تنبعث منه رائحة الحديد، و عندما دخلنا إليه وجدنا عمي إلياس بجوار فرن تقليدي، يمارس نشاطه اليومي، و لأول مرة لم نسمع الضجيج الذي يصدر عادة عن ورشات الحدادة ، مما يبعث على الارتياح و يثير الاستغراب و التساؤلات في نفس الوقت، لأن الأدوات و التجهيزات العصرية اجتاحت كل الحرف في عصرنا.
كان الحداد مبتسما و هو يمارس عمله بحماس، و عندما سألناه عن الفرن التقليدي، أخبرنا بأنه ورثه عن والده و قد وضع داخل الورشة في سنة 1959، و هو يدوي مصمم بحجارة خاصة، حيث يقوم بتدوير و سحب القطعة الحديدية التي توضع به، و تقوم هذه الأخيرة، ببعث هواء خفيف، ما يجعل الجمر يشتعل.
و عن مدى فعالية الفرن، قال عمي إلياس” هذا الفرن يعمل بطريقة بسيطة و ناجعة، حيث لا تؤثر درجة الحرارة المنبعثة منه على الأدوات الفلاحية الحديدية، بل تتكيف معها ، كما أنه اقتصادي و مناسب جدا لنشاطي اليدوي، و يغنيني عن استعمال المازوت أو الغاز، و ما يرتبط بهما من مصاريف، كما أن طريقة إصلاح الفرن جد سهلة، إذا تعرض لعطب ما”.
و أضاف الحداد بأن استعمال هذا الفرن، يتطلب التركيز و الصبر و كذا الجهد البدني، مشيرا إلى أنه يحافظ عليه، لأنه ورثه من عند والده، و يحمل، على حد تعبيره، “بركة أجيال مثالية”، كما أنه يفضل العمل بطريقة يدوية تقليدية، بدل الحديثة، رغم أنها ترهقه، لأنه يؤمن أن قطرة العرق التي تسيل و هو يبذل جهدا في عمله، تعتبر “مقدسة”.
“أكسب قوتي بعرق مقدس”
و عاد عمي إلياس بذاكرته إلى سنوات طويلة خلت، و قال للنصر، إنه تعلم الحرفة من والده المتوفي، الذي بدأ يمارسها بمحله القديم بتاكسنة سنة 1959، و هو معروف بالمنطقة و يحبه كثيرا الفلاحون على وجه الخصوص، و أشار إلى أن حرفة الحدادة، كانت منذ عقود تمتاز بمداخليها الوفيرة، إذ كان عشرات الفلاحين يقصدون محله، و ينتظرون دورهم، من أجل شحذ أو إصلاح الأدوات الفلاحية، و يرى المتحدث أن حرفة الحدادة مباركة، لما تقدمه للفلاحين من خدمات جليلة، و مساهمتها في إصلاح الأراضي.
و أوضح عمي إلياس أنه بدأ ممارسة الحرفة في سنة 1988، بعد أدائه للخدمة الوطنية، و كان عمره لا يتجاوز 21 سنة، حيث طلب منه والده العمل معه، فوافق لأن فرص التوظيف في المنطقة الجبلية لم تكن متاحة آنذاك، مضيفا “زاولت الحرفة بنفس ورشة والدي الصغيرة و أنا شاب في مقتبل العمر، و أحببتها بمرور الوقت، و تعودت عليها، و أضحت مصدر رزقي”.
أثناء تواجدنا هناك لاحظنا إقبالا معتبرا من المواطنين على خدمات الحداد، و كانوا يحملون مختلف الأدوات الفلاحية، فالمنطقة تشهد حاليا موسم الغرس و جني الزيتون، ما يتطلب إعداد الأدوات و المعدات اللازمة، على غرار الفؤوس، المناجل و غيرها .
زبائن أوفياء و مداخيل متوسطة
أخبرنا الحرفي أن العائلات البسيطة و الفلاحين تعودوا على التعامل معه و يقصدونه لشحذ أدواتهم الفلاحية أو تصليحها ككل موسم، مشيرا إلى أن الحرفة توفر له مداخيل متوسطة مكنته من تكوين أسرة و تربية و تعليم أبنائه.
و أردف المتحدث أن العديد من الشباب، فضلوا الابتعاد عن الحرفة، لأنها مرهقة و تتطلب الصبر و الحذر، و تتم ممارستها وسط ظروف وصفها بالصعبة، لكنه قرر أن يواصل مسار والده، رغم كل شيء.
و أخبرتنا مجموعة من الزبائن من مختلف الفئات العمرية، بأنهم يفضلون القدوم إلى محل إلياس، الذي يعتبر حاليا من أقدم الحدادين بالمنطقة، لما يحمله من بركة، كما أن طريقة التعامل معه بسيطة ، و يتقن عمله لدرجة كبيرة.
كـ. طويل