أعلنت وزارة التربية الوطنية، أمس، عن موعد تنظيم الامتحانات الرسمية دورة جوان 2025، وأكدت تخصيص الفترة الممتدة من 1 إلى 3 جوان القادم لإجراء امتحان...
ناقش وزير التعليم العالي والبحث العلمي، كمال بداري، اليوم خلال اجتماع تقييمي بمقر وزارته عروض التكوين الجديدة للسنة المقبلة، وتوجيه حاملي شهادة...
استقبل رئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون، أمس الاثنين، نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الشؤون الخارجية والتعاون الدولي لجمهورية إيطاليا، السيد...
أعلنت وزارة التجارة الداخلية وضبط السوق الوطنية، أمس، عن الانطلاق الرسمي للأيام الوطنية التحسيسية حول مكافحة التبذير الغذائي، وترمي العملية إلى حث...
شرع العديد من الجزائريين في ابتكار طرق للتأقلم مع الوضع الحالي الذي يستوجب إحتياطات احترازية وقائية كأحسن علاج لمجابهة فيروس كورونا والحد من انتشاره، وخاصة ضرورة البقاء في البيت والتي لخصها الناشطون في حملة «أقعد في دارك».
هذه الحملة التي قادها فاعلون اجتماعيون من هيئات وجمعيات ونجوم الفن وكرة القدم وكذا فايسبوكيون، أنتجت مخرجات اجتماعية كانت كامنة في الفرد ولكن تخلى عنها بسبب تعقد يومياته بين العمل والأسرة والضغوطات النفسية وغيرها، وبعد نجاح حملات «أقعد في دارك» إلى حد كبير، اتصلت النصر ببعض النماذج من المجتمع التي تباينت أوضاعها كل حسب الظروف التي تحيط به.
نساء يرفعن سقف الحذر إلى أقصى حدوده
تقول السيدة حليمة وهي في الستينات من عمرها وتعاني من عدة أمراض مزمنة، أنها منذ بداية انتشار الوباء في بلادنا التزمت بتدابير الوقاية لأنها تعد من الفئات المعرضة للإصابة والخطر، وأن أولادها وفروا لها كل المستلزمات الضرورية، ولكن وهي تذرف الدموع، أوضحت أن الأمر ليس سهلا كونها كانت على الأقل تمشي للتسوق أو قضاء حاجياتها يوميا من أجل صحتها أي حرق الدهون واستقرار السكري والضغط الدموي، وهذا الروتين اليومي في البيت خلق عندها نوعا من الضجر الذي تحاول تجاوزه بالقيام بأشغال البيت وتحضير بعض الحلويات والأطباق التي غابت عن مائدتها منذ سنوات وأساسا التقليدية منها، كما أنها تقوم بحركات رياضية لتنشيط الدورة الدموية.
بينما السيدة ربيعة في السبعينات وهي أيضا تعاني من أمراض مزمنة، فتعيش حياتها بشكل عادي مع رفع مستوى النظافة والوقاية، فهي أيضا تكفل أبناؤها بتوفير كل الحاجيات حتى لا تغادر المنزل، كونهم يخرجون للعمل ويتركونها، وتضيف أنه و في البداية كان الأمر عاديا بالنسبة لها، ولكن مع مرور الوقت أصبحت أكثر حذرا وتشرف على حملة نظافة و وقاية داخل بيتها خوفا من أن ينقل أبناؤها الفيروس من الشارع أو بسبب اختلاطهم بالآخرين، حيث تحرص على أن ينزع الجميع أحذيتهم والألبسة في مكان محدد ويتوجهون لغسل الأيدي والأرجل وبعدها يمكنهم التحرر داخل البيت، ولكن مثلما تقول يرفض أحد أبنائها وهو شاب، تدابير الوقاية ولم تنفع معه التوعية، فلجأت لوضع ماء جافيل في قارورة بلاستيكية وتتبع خطواته داخل المنزل لتعقيم الأرضية وتضع ألبسته في الهواء بعيدا عن أماكن تجمع الأسرة، ورغم هذه المشقة اليومية فإن السيدة ربيعة مرتاحة نفسيا لأنها تحمي نفسها وأبناءها من الوباء.
إلهام عاملة تأخذ حذرها داخل البيت وخارجه، فهي ترعى والدتها التي تجاوزت 70 سنة ولكن من حسن حظها أنها لا تعاني من أمراض مزمنة كما تؤكد، ورغم هذا وفرت الهام كل الحاجيات اليومية لوالدتها منذ بداية الوباء، وحتى إخوتها منعوا على أنفسهم زيارة والدتهم تجنبا لنقل الفيروس كونهم عمال ومنهم عاملة في قطاع الصحة، ويكتفون بالحديث معها عبر كاميرا الهاتف النقال، ولكن بعد تطور الوضع العام في البلاد، لم تعد إلهام تغادر المنزل بعد الاتفاق مع رب العمل على تأدية كل أمور الشغل عن طريق الأنترنت، وهي منذ أيام رفعت تدابير الوقاية داخل المنزل وحتى حين تخرج هي لقضاء حاجيات تعود مباشرة لمستودع المنزل أين تضع كل ما جلبت وتنزع الحذاء واللباس وتدخل لغسل يديها بالصابون السائل، ثم تضع الألبسة في الغسالة مشيرة أنها لو تخرج 4 مرات تفعل نفس الشيء تضيف مازحة «الغسالة تعبت مني ألبستي»، ولكن رغم كل هذا الروتين اليومي تعيش إلهام ووالدتها بطريقة عادية تؤنسها بعض الأفلام التي تتابعها مع أمها أو الأخبار اليومية عبر القنوات.
رجال يلتزمون بالحجر الاجتماعي من أجل أسرهم
ليست النساء فقط من التزمن بالحجر الاجتماعي أي البقاء في المنزل، بل حتى فئات من الرجال الذين «ضحوا» مثلما أجمعوا من أجل حماية أطفالهم أو أسرهم.
يروي لنا أحمد أن الأمور في البداية كانت تبدو له عادية، ولكن مع مرور الوقت وتضاعف حملات التوعية استوعب خطورة الوضع على أطفاله خاصة وأن زوجته عاملة في قطاع الصحة وبالتالي لم تستفد من التسريح، وكانت قبل هذا تأخذ أطفالها عند أقاربها من بيت لبيت مما أصبح يشكل خطورة عليهم، ويضيف أنه يمارس أعمالا حرة مما ساعده على «التضحية» والبقاء في البيت لحماية أولاده من الخروج ونقل الوباء، مبرزا أنه سابقا لم يكن يمكث في البيت لأكثر من ساعة نهارا ثم يخرج ولكن صحة أبنائه أغلى من كل شيء، فهو يحاول يوميا أن يحضر لهم ما يستطيع من أكل وحماية وترفيه لغاية عودة زوجته مساءا من العمل، ويقول بابتسامة «كنت لا أقترب من المطبخ واليوم أصبحت أطبخ لأبنائي وأقوم بعدة أشغال في المنزل كنت دائما أتركها لوقت لاحق وحان أوان إصلاحها، أنا سعيد» وهكذا غير الحجر الإجتماعي حياة بعض الأسر للأحسن.
ولم يختلف عنه مصطفى، الذي قال أن زوجته طبيبة وبالتالي لم يسري عليها قرار التسريح، ولكن هو استفاد من القرار في المؤسسة التي يعمل فيها التي لجأت لخفض عدد العمال وبالنظر لظروفه تم تسريحه للبقاء في المنزل مع أطفاله، ويقول أنه أصبح يخضع لتكوين ذاتي في كيفية التكفل بالرضع من أجل ابنه الرضيع، وأنه أيضا بدأ يتعلم كيفية تحضير بعض الأطباق البسيطة لبقية أبنائه، مشيرا أنه يشعر و كأنه دخل عالما آخر أخرجه من روتين العمل اليومي في المؤسسة، و اعتبر الحجر الصحي فرصة للراحة النفسية من ضغوطات العمل وكذا للبقاء أطول وقت ممكن مع أولاده وتعويضهم غياب الأم.
أما محمد وهو تاجر وغير متزوج، فقد اعتبر الحجر الاجتماعي ضرورة لحماية نفسه وعائلته رغم الخسائر المادية في التجارة «الصحة أهم» وفق ما قال، وبعد توفيره كل الحاجيات للبيت، يقضي محمد أوقاته بين النوم و الاستفادة من الراحة أكثر، والصلاة وقراءة القرآن مضيفا «أحاول الإلتزام بالدعاء والصلاة كي يرفع الله عنا الوباء ويحمي وطننا»، وأشار محمد أنه لحد الآن يتفادى الخروج من المنزل إلا لشراء بعض اللوازم حتى لا يضطر والده للخروج.
بحرقة وألم روت السيدة نصيرة مشكلتها في زمن كورونا، هي أم لمراهق مصاب بمرض عقلي تعود على الخروج من المنزل والبقاء في الشارع لغاية المساء ليعود للبيت، هذا التعود رفع درجة القلق للسيدة نصيرة التي لم يستطع فلذة كبدها تفهم التغيرات التي طرأت وخطورة الوضع ولازال يخرج من المنزل ويعود بعد قضاء ساعات في الشارع لا تدري مع من احتك أو سلم على من، وق دباءت كل محاولاتها لمنعه من الخروج بالفشل، مما اضطرها للتجند عند عودته للمنزل حيث تنزع له حذاءه ولباسه الخارجي وتوجهه ليغسل يديه وأطرافه قبل خلوده للنوم، وتقول أنها تخاف على ابنها أكثر من خوفها على نفسها لأنه لا يعي شيئا.
هو ذات الوضع عند السيدة مخطارية، التي تعاني في توعية ابنها المراهق الذي يرفض البقاء في البيت رغم أنها اشترت له كل ما طلبه منها من ألعاب، ولكن الملل والضجر جعله يغضب كثيرا ويثور على أبسط سبب، فاضطرت لتركه يوميا يلعب بدراجته الهوائية في الحي، تراقبه أحيانا وتغفل عنه أحيانا أخرى لصعوبة التحكم في سلوكاته. بن ودان خيرة