مختصون وأطباء يحذرون: الإفراط في تناول عشبة «مليليس» يهدد الصحة و يؤدي إلى القصور الكلوي

تداول نشطاء في الآونة الأخيرة بكثرة عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وصفات وخلطات طبيعية، تحتوي أساسا على عشبة المليليس، لاعتقادهم بأنها فعالة في علاج مختلف الأمراض التي تصيب الإنسان، و تزامنا مع رواجها الكبير، حذر مؤخرا مختصون و باحثون في علم السموم، من فوضى التداوي بالأعشاب التقليدية، لما قد تسببه من أضرار على مستوى الكبد أو الكلــى.

لينة دلول

عشبة المليليس تسبب الفشل الكلوي
حسب مصادر طبية، فإن عديد المستشفيات ببلادنا، استقبلت مؤخرا حالات لأشخاص أصيبوا بفشل حاد في الكبد، نتيجة تناولهم عشبة مليليس.
و أكد عدد من المختصين عبر مواقع التواصل الاجتماعي، خاصة صفحة «ذا دوكتورز «في فايسبوك أنهم لا يعرفون بالضبط من يروج لهذه العشبة، التي أدت إلى مرض عديد الأشخاص الذين تناولوها، و ينصحون بعدم تناول الأعشاب غير المعروفة، لأنها قد تكون خطيرة، خاصة في حال الإفراط في تناولها، مسجلين وفيات ناجمة عن ذلك.
عشبة برائحة الليمون من عائلة النعناع
المليليس، أو المليسا، أو بلسم الليمون ، عبارة عن عشبة تحمل رائحة الليمون من عائلة النعناع، موطنها الأصلي أوروبا و شمال إفريقيا وغرب آسيا، لكنها تنمو في جميع أنحاء العالم حاليا.
وتستخدم العشبة المليلس تقليديًا، على أساس أنها تساهم في تحسين المزاج و الوظيفة الإدراكية، لكن نظرا لاحتوائها على العديد من العناصر و المركبات والزيوت الطيارة، جعل  العديد من الناس يستخدمونها لأغراض علاجية.
و صنفت ضمن الأعشاب العطرية و الطبية، خاصة و أنها من الأعشاب المُعمرة وأطلقت عليها عديد الأسماء الأخرى مثل " النعناع الصوفي" "التورنيجان" و "عشبة نحل البحر المتوسط".
و يتم في الغالب تجفيف أوراق عشبة المليسا، و تستعمل كمنقوع أو لتحضير الشاي ، و يتناولها البعض بمفردها أو مع أعشاب أخرى.
أضرار و مخاطر
بالرغم من احتواء عُشبة المليسا على العديد من الفوائد و العناصر الهامة لصحة الجسم، إلا أنها تُسبب بعض الأضرار و المخاطر، مثل تأثيرها القوي على تنشيط عضلات الرحم، لذلك يُنصح الأطباء النساء الحوامل بعدم تناول مشروب هذه العُشبة في فترة الحمل، حتى لا تسبب لهن الإجهاض.
و نظرا لاحتواء العشبة على العديد من الزيوت و العناصر والمواد العطرية، يُنصح بعدم تناول الأمهات المرضعات لمشروبها، لأنه قد يغير خصائص الحليب وطعمه، ما يؤدي إلى نفور الطفل الرضيع من ثدي أمه.  كما تتسبب المليسا في بعض الأضرار للأطفال الذين تقل أعمارهم عن 10سنوات، كما يُمنع الأشخاص الذين يُعانون من اضطرابات أو التهابات الغدة الدرقية من تناولها لأنها تؤدي إلى تفاقم حالتهم. كما أنها تُسبب بعض الأعراض غير المُستحبة عند تناولها، مثل الشعور بالغثيان، و التقيؤ، و الإصابة بالمغص و التقلصات المعدية، و فقدان الوزن، بالإضافة إلى الشعور بالدوار، و الصفير أثناء عملية التنفس، حسب عديد المختصين.
و قالت طبيبة تعمل بمصلحة الاستعجلات الطبية بأحد المستشفيات الجامعية، أنها استقبلت رضيعا يعاني من آلام حادة في البطن ، وتبين بعد استجواب والده ، أن والدته أصيبت بتليف كبدي حاد، بسبب تناولها عشبة المليليس بكثرة، ثم توفيت، و لأن الصغير كان يرضع من صدرها تدهورت حالته الصحية، و تم إخضاعه لعلاج مكثف لإنقاذ حياته.
و أكدت الطبيبة، أنها شهدت الكثير من الحالات التي ظهرت عليها أعراض الفشل الكبدي والنزيف الحاد، بسبب انخفاض مستوى البروثرومبين، الناجم عن تناول هذه العشبة التي تتسبب في وفاة عديد الضحايا.  و قالت سيدة للنصر ، أن ابنها أصيب باليرقان «الصفاير» بعد ولادته، فبحثت كثيرا عن علاج طبيعي مناسب ، فنصحتها زميلتها بتحضير مشروب لمولودها من هذه العشبة، لكنها امتنعت عن ذلك، لأنها لا تعرف أضرارها.
* أخصائي الغدد الصمـاء والسكري الدكتور ضياء الدين بواب
الثغرة القانونية ساهمت في الترويج لمنتجات تجارية

أكد الدكتور ضياء الدين بواب، أخصائي أمراض الغدد الصماء والسكري، أن هناك ثغرة قانونية تساهم في الترويج للمنتجات الطبية التجارية، مثل الأعشاب التقليدية و الخلطات التي جعلت المواطن لا يميز بين الدواء أو المكمل الغذائي أو العشبة التقليدية. ويرى المختص، أن تجارة الأعشاب، أصبحت تعرف رواجا كبيرا، نظرا لنمط تفكير الجزائريين و معتقداتهم، فهم يميلون إلى الوصفات التقليدية و العلاجات الطبيعية، عكس الأدوية الكيميائية، و يتحمسون لوصفات الجدات، على أمل الشفاء، خاصة في حال الإصابة بالأمراض المستعصية، و أكد الطبيب «إن الترويج لعدد من الأعشاب غير المعروفة، فعل منبوذ و مرفوض إطلاقا، لكن هذه الظاهرة تبقى عالمية».
و أضاف أن هناك فوضى عارمة في عملية التداوي بالأعشاب، خاصة بعد اتجاه الناس نحو ما يعرف بالتطبيب الذاتي، و هو من أكثر المخاطر الصحية انتشارا ، و وصفه بالآفة.
و أشار الدكتور بواب، أن هذه الفوضى العارمة،  بدأ تقنينها في دول أمريكا وأوروبا،  في ما بقيت على حالها بالجزائر.
و يرى أن وسائل التواصل الاجتماعي، هي المسؤولة الأولى عن تفشي هذه الآفة، حيث أضحى المستخدمون يتداولون وصفات و خلطات، دون استشارة الطبيب، خاصة في فترة تفشي فيروس الكورونا.
وأشار المختص أن ما زاد من خطورة التطبيب الذاتي، بيع الصيادلة الأدوية و مختلف المواد و الخلطات، دون وصفة، رغم أن ذلك مخالف للقانون، و يصنف كعملية تجارية بحتة هدفها الربح السريع.
* الأستاذة بمعهد التغدية و التغذي بن شريف بتينة سمية
الإفراط في تناولها يؤثر على الدماغ و يضعف القلب و يلهب المعدة  
أكّدت من جهتها الأستاذة بمعهد التغذي والتغذية والتكنولوجيا الفلاحية الغذائية، بجامعة قسنطينة 1، بن شريف بتينة سمية ، أن الإفراط في تناول عشبة المليسا يؤثر على الدماغ فيؤدي إلى الهلوسة، و يضعف القلب و يلهب المعدة، وهذا في ظل غياب ثقافة الاستهلاك عند المواطن الجزائري، حسبها.
و أضافت الأستاذة بن شريف، أن أضرار العشبة ، قد تسبب أخطارا شديدة للجهاز العصبي و الجهاز الهضمي، والبولي.
وأشارت إلى أن كل إفراط في الأعشاب الطبية عموما،  يسبب ضررا لا يحمد عقباه، خاصة عشبة المليسا التي تصبح سامة في حال الإفراط في تناولها.
و نفت المختصة احتواء العشبة على مكونات يمكن أن تعالج الأطفال المصابين باليرقان «الصفاير»، كما يروج له البعض عبر مواقع التواصل الاجتماعي و بعض السيدات ، و اعتبرت العشبة خطيرة.
و أشارت من جهة أخرى إلى أن بعض الأطباء ينصحون المصابين بالصرع و الدوار ، و من يعانون من ضعف في القلب، باستعمال العشبة، لكن تحت الرقابة الطبية.
و تنصح الأستاذة الجامعية ، بتحديد و تقنين تحضير العشبة، بمقدار 20 غرام للتر الواحد، في الحالات التي تتطلب استعمالها، مثل بعض الأعراض المرضية، كالصداع ، القلق، الاكتئاب، ويتم تناولها باردة أم ساخنة، و يفضل أن يتم ذلك بإشراف مختصين .                                            ل. د