الضحية سعادة عربان أكدت أن الروائي استغل قصتها في رواية حوريات بدون إذنها أعلنت المحامية الأستاذة فاطمة الزهراء بن براهم اليوم الخميس عن رفع قضية أمام محكمة وهران...
* رئيس الجمهورية يؤكد على ضرورة الالتزام بدعم الحكم الرشيد والشفافية في القارةأشرف رئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون، بصفته رئيسا لمنتدى دول...
أكد الوزير المنتدب لدى وزير الدفاع الوطني، رئيس أركان الجيش الوطني الشعبي، الفريق أول السعيد شنقريحة، أمس الأربعاء، عزم الجزائر، بفضل أبنائها...
طالب مقررون أمميون من مجلس حقوق الإنسان، الحكومة الفرنسية بتزويدهم بجميع المعلومات والبيانات المتعلقة بتجاربها النووية في الجزائر، بما فيها المواقع المحددة...
دفعت البطالة و الظروف الصعبة، بابن ولاية أم البواقي، أسامة بركاني، إلى الابتعاد عن منزله و أهله و مدينته، منذ شهر تقريبا، ليتخذ من ساحة أول نوفمبر، بوسط مدينة قسنطينة، ورشة لرسم البورتريهات، بقلم الرصاص و الفحم، عارضا أعماله و خدماته على المارة.
رميساء جبيل
بقلب ساحة «لابريش»، بمحاذاة حديقة بن ناصر، اختار الفنان الشاب مكانا، لعرض بورتريهات رسمها باللون الأسود و الأبيض، و قد ثبت بعضها على مسنده الخشبي، في حين انهمك في رسم أخرى، ما جذب اهتمام و فضول عديد المارة، فتوقف بعضهم للاطلاع على أعماله، و سأله البعض الآخر عن المقابل الذي يطلبه مقابل انجاز بورتريه، و عديد الأسئلة الأخرى حول نشاطه، خاصة و أن قسنطينة، لم تحتضن منذ سنوات فناني الشارع.
شغفه بالرسم يلازمه منذ الطفولة
النصر اقتربت من الفنان التشكيلي، فوجدناه يرسم فوق ورقة بيضاء بحجم «أ4» مثبتة على لوحة خشبية، وضعها على ركبتيه، و كان يضع قربه علبة خشبية تضم أدوات الرسم، و كان واضحا، أن الشاب ركز كل طاقته و قدراته على البورتريه الذي كان يرسمه لزبون، فلم يهتم بنظرات المارة التي ترمقه ولا أسئلتهم الكثيرة، و كأنه لوحده بالساحة، منفصلا عن العالم الخارجي الذي كان مكتظا بالمارة و قد ارتفعت أصواتهم و امتزجت أحاديثهم بضجيج المركبات، لأن الشارع يشهد حركية كبيرة طوال النهار، إذ يمر عبره مئات الأشخاص يوميا من داخل و خارج المدينة، ما جعله محورا حيويا، جذب الفنان ليحط الرحال به.
كان أسامة يمسك بيده اليمنى قلم الرصاص، متنقلا به بين زوايا الورقة البيضاء، واضعا الخطوط الأولى لبورتريه لم تكتمل بعد ملامحه، و كان يوجه نظراته بين تلك الخطوط و صورة الشيخ الذي كان يضع عمامة فوق رأسه، الموجودة بشاشة هاتفه النقال الذي كان يحمله باليد الأخرى.
أقنعنا الفنان الذي كان يبدو متأثرا ببرودة الجو، بالتحدث إلينا عن تجربته، فقال لنا بأنه قدم من ولاية أم البواقي، تاركا أهله و منزله، إلى مدينة قسنطينة، ليمارس هوايته التي عشقها منذ الصغر، مشيرا إلى أن الكثافة السكانية الكبيرة بالمنطقة، تجعل الإقبال أكبر على تقديم طلبيات، لرسم بورتريهات، مضيفا أن زبائنه من الجنسين، من مختلف الفئات العمرية، بعضهم يحضرون صورا فوتوغرافية لهم أو لأقاربهم، و البعض الآخر يلتقطون صورا بكاميرات الهواتف و يرسلوها للفنان، ليرسمها .
و أضاف الشاب، بأنه يقيم حاليا بمنزل أحد أصدقائه بالمدينة الجديدة علي منجلي، و يعود إلى بيت العائلة خلال عطلة نهاية الأسبوع فقط، ثم يعود لعرض خدماته بساحة أول نوفمبر، مقابل 2000 دج للوحة الواحدة، التي يرسمها بالأبيض والأسود، مشيرا إلى أن السعر يتغير، حسب نوعية الطلبية و حجم البورتريه و الألوان المستعملة.
و أوضح من جهة أخرى أنه يحضر كل صباح من مكان إقامته بعلي منجلي، في حدود الساعة الثامنة صباحا، على متن الترامواي، حيث ينزل بمحطة عبد المالك رمضان، و يتوجه مباشرة إلى ساحة أول نوفمبر، حاملا معه حقيبته الخشبية وعتاده، وكذا بعض أعماله الفنية، التي يقوم بعرضها فور وصوله، بالزاوية التي اختارها و هي بمثابة ورشة مفتوحة بمدخل حديقة بن ناصر.
بعد ذلك يخرج الشاب أدواته، و يبدأ بتحريك يده بطريقة انسيابية يتناغم معها القلم ليجسد النقاط الأساسية التي تنتهي في الأخير، بتشكيل صورة جمالية تظهر فيها الملامح بشكل واضح وجلي، و يطبق في ذلك أهم التقنيات المعتمدة بالفن التشكيلي، مع مراعاة أماكن التظليل، وكذا مناطق تسليط الضوء باللوحة، ما يساهم في إبراز كامل الملامح و التعابير التي تظهر بتقاسيم الوجه.
قال أسامة بركاني، الذي ولد و ترعرع في وسط فني بحي الحرية ببلدية أم البواقي، أنه ينتمي إلى عائلة فنية، فقد سبقه إلى الفن و الإبداع اثنان من أعمامه و شقيقه الأكبر، ما جعله يهوى الرسم منذ نعومة أظافره، حيث كان يبدع في رسم أبطال الرسوم الكرتونية، و مختلف شعارات المناسبات الوطنية و كذا الطبيعة الصامتة، ليكتشف بمرور الوقت، و تحديدا عندما بلغ العاشرة من عمره أنه موهوب بالفطرة، وهو ما لفت انتباه معلميه وأفراد أسرته إليه.
قرر الصبي أن يصقل موهبته و يطورها، فانخرط في ورشة لتعليم أساسيات و تقنيات الرسم بدار الشباب سينور الشريف، بأم البواقي، و لم يكتف بذلك، بل بحث عن المزيد من المعلومات في كتب الرسم، و أشرطة الفيديو المتوفرة بمكتبة المؤسسة، كما احتك بفنانين آخرين أكبر منه سنا، لهم خبرة في المجال الفني.
هكذا بدأ أسامة مساره في عالم الرسم، و توسعت معارفه أكثر عندما انتقل من الطور الابتدائي إلى المتوسط و الثانوي، حيث درس بمتوسطة الإخوة معروف و ثانوية الشهيدة فرحاتي حميدة، فمثل المؤسستين التربويتين في مسابقات الرسم، المقامة بين المدارس، كما شارك بمختلف المعارض المفتوحة للتلاميذ آنذاك، فذاع صيته بين زملائه و الطاقم التربوي، كما تحصل على المرتبة الأولى ناحية الشرق في المسابقة الوطنية التي تم تنظيمها من أجل تصميم شعار المنافسات الأولمبية في بكين سنة 2008، لكن شغفه بالرسم، لم يشغله عن مواصلة تعليمه.
شبح البطالة دفعه للسفر و تحويل هوايته إلى مصدر رزق
أوضح المتحدث أنه حصل على شهادة البكالوريا في شعبة الرياضيات سنة 2012، و التحق بالجامعة، حيث درس تخصص تسيير التقنيات الحضرية لمدة شهرين، ثم قرر الالتحاق بالمؤسسة العسكرية بولاية قالمة، حيث قضى 7 سنوات و عند انتهاء مدة التعاقد مع ذات المؤسسة في سنة 2019 ، عاد إلى بيته بأم البواقي.
وجد نفسه آنذاك يواجه شبح البطالة، حيث لم يجد أية فرصة للعمل،ما جعله يقرر العودة إلى هوايته القديمة و هي الرسم، فجعلها مصدرا للرزق، حيث شرع، كما قال في حديثه مع النصر، في رسم لوحات وبورتريهات، حسب طلب الزبائن، الذين تعرفوا عليه من خلال أقربائه وأصدقائه، كما جسد جداريات بالإقامة الجامعية للبنات غديري عبد الرحمان، التابعة لجامعة العربي بن مهيدي بأم البواقي، مقابل مبلغ رمزي، كما جسد جداريات و رسومات و شعارات لتزيين محلات تجارية متنوعة، على غرار صالونات الحلاقة الرجالية و المقاهي و المطاعم.
و أكد المتحدث أنه يبدع في مختلف الفنون التشكيلية و يستخدم مختلف الأدوات، لكنه يميل بشكل أكبر للنحت، و اللوحات الزيتية، و أضاف أنه تأثر كثيرا بالرسام الروسي العالمي فلاديمير فوليكوف، الذي كان يبدع في رسم لوحات زيتية تكاد تدب فيها الحياة و تبعث في نفوس الناظرين البهجة والسعادة، و اتخذ من ذات الفنان قدوة له، مشيرا إلى أنه لم يعتمد هذا النوع من الفن التشكيلي، كمصدر رزق له، لأن مثل هذه اللوحات تباع بأسعار باهظة، نظرا لغلاء الأدوات المستعملة و هو مالا يتقبله المواطن الجزائري.
و ذكر الفنان الشاب ، أنه تقدم بملف ليحصل قريبا على بطاقة فنان ، ليتمكن من المشاركة بالمعارض والمسابقات الفنية الولائية، وكذا الوطنية، مضيفا أنه يطمح للوصول إلى العالمية، من خلال أعماله، و اعتبر الخروج إلى الشارع لعرض أعماله و خدماته، أول خطوة ليتعرف عليه الجمهور الواسع.
و توجه أسامة بركاني بنداء إلى المسؤولين بقطاع الثقافة ببلادنا، لوضع حد لمعاناة الفنان الجزائري الذي يعيش، كما قال، التهميش و ارتفاع أسعار أدوات و لوازم الرسم، ناهيك عن عدم توفر بعضها في الأسواق الجزائرية، داعيا إلى الاهتمام بالفنانين الشباب، و تخصيص معارض دائمة لعرض و بيع أعمال الفنانين التشكيليين، خاصة و أن عددا كبيرا من الفنانين، ليس لهم مصدر رزق آخر سوى إبداعاتهم.
ر. ج