* دعوة لانتفاضة من المجتمع الدولي لصالح حقوق الشعب الفلسطيني * ثمن الصمت والتقاعس أمام المأساة الفلسطينية سيكون باهظاأكد رئيس الجمهورية السيد، عبد...
التقى الوزير المنتدب لدى وزير الدفاع الوطني، رئيس أركان الجيش الوطني الشعبي، الفريق أول السعيد شنقريحة، أمس الأربعاء بالكويت، مع وكيل الحرس الوطني...
شرعت الحكومة، في وضع التدابير التنفيذية للتكفل التام بالتوجيهات التي أسداها رئيس الجمهورية للحكومة خلال الاجتماع الأخير لمجلس الوزراء خاصة فيما...
سلم إرهابي نفسه للسلطات العسكرية ببرج باجي مختار، فيما تم توقيف (5) عناصر دعم للجماعات الإرهابية، خلال عمليات متفرقة عبر التراب الوطني تم تنفيذها في...
أماني جباسي، شابة في الرابعة والعشرين من العمر، هي مثال للتحدي و التفوّق، فرغم ظروفها الصحية الصعبة و إصابتها بمرض « سبينا بيفيدا» الذي سرق منها نور عينيها وحرمها من المشي بصورة طبيعية وبسهولة، تمكنت من تحقيق حلم الدراسة، فاجتهدت و تفوّقت و تخرجت هذه السنة من كلية علم النفس بقسنطينة.
r لينة دلول
رغم الإعاقة البصرية والحركية التي ولدت بها، واجهت أماني العقبات و تخطتها، وأكدت للنصر، بأنها لا تزال مُصمّمة على السير في طريق العلم بشغف وحب، إلى أن تحتفل بنيل شهادة الدكتوراه و تتوج أحلامها بفتح عيادة خاصة بها.
النصر، قابلت الطالبة الطموحة، بجامعة عبد الحميد مهري عشية تخرجها، جلسنا بجوارها على مقاعد المدرج «د» بكلية علم النفس وعلوم التربية، وهو الفضاء الجامعي الذي احتضنها وكان شاهدا على قصة تحد و صمود حقيقية بطلتها شابة فاقدة للبصر متقدة البصيرة، فروت لنا أماني، بكل مودة محطات رحلتها في طلب العلم، وهي رحلة ما كانت لتكتمل كما قالت، لولا دعم الأسرة وبالأخص والدها الذي كان جالسا بجانبها ممسكا بيدها مستغرقا في تأمل روحها الجميلة و كله فخر بما حققته ابنته المتميزة، و التي تمتلك إرادة فولاذية يفتقر إليها الكثير من الأصحاء، فالشابة التي لا تبصر و لا تستطيع المشي بسهولة، تمكنت من دخول الجامعة و حصد أولى شهاداتها، بعدما شقت مسارها التعليمي بصعوبة كبيرة، فلم تلتحق مثل غيرها من الأطفال بالمدارس العادية، بل اضطرت وهي في سن السابعة دخول مدرسة خاصة بالمكفوفين و ذوي الاحتياجات الخاصة، أين أتمت الطورين الابتدائي والمتوسط، مؤكدة لنا، بأنها ورغم ظروفها الصحية، تمكنت من تحقيق النجاح وفرض نفسها بالعلم وسط محيطها الاجتماعي، والنجاح في شهادة التعليم المتوسط.
الثانوية نقطة التحوّل الأبرز
أخبرتنا أيضا، بأنها وبعد دخولها إلى ثانوية عادية، واجهتها العديد من المشاكل أبرزها صعوبة التأقلم مع الأساليب التعليمية المختلفة، كونها تعودت على التمدرس في بيئة خاصة مع أشخاص يعانون مثلها، وعلى يد أساتذة يعرفون ظروفها ويكيفون أداءهم ليتماشى معها، مع ذلك فقد كانت هذه المرحلة حسبها، نقطة تحول في حياتها، زادتها إصرارا على مواصلة الطريق، لذلك بذلت جهدا مضاعفا مع الكثير من الانضباط والاجتهاد والمثابرة، لتكلل كل هذا البذل بالنجاح في شهادة الباكالوريا شعبة لغات أجنبية، مرجعة الفضل في ذلك، إلى الدعم الذي تلقته من صديقتيها اللتين كانتا تقومان بتسجيل الدروس عن طريق الرسائل الصوتية لأجلها، كي تتمكن من الاعتماد عليها لحل التمارين، كما لعبتا دورا كبيرا في مساعدتها على التنقل نحو الثانوية.
وترى أماني الحاصلة على شهادة الليسانس في علم النفس المدرسي من جامعة عبد الحميد مهري قسنطينة2، بأن حياتها كانت عبارة عن محطات تحد متعاقبة كلما اجتازت واحدا وجدت نفسها أمام تحد جديد، وقد كانت تختبر قوتها وقدرتها على التأقلم و التحمل في كل مرة، حيث أن الجامعة كانت آخر هذه التحديات، إذ تطمح بعدها لتقديم تجربة ملهمة لذوي الاحتياجات الخاصة، من خلال التوجه نحو اقتحام الحياة المهنية.
محدثتنا قالت، بأن التجربة الجامعية لم تكن سهلة، بل حملت طيلة سنوات التمدرس الكثير من الصعاب و التحديات، على غرار قلة المراجع والكتب الخارجية بخط «البراي»، واجتياز الامتحانات عن بعد بوساطة برامج حديثة لم تكن تعرف عنها شيئا وهي أكثر محطة ميزت فترة الجائحة حسبها، ناهيك عن إعاقتها الحركية التي كانت تعرقل تنقلها من مدرج إلى آخر أو من قاعة إلى أخرى، الأمر الذي كثيرا ما كان يدفعها لطلب المساعدة من الغرباء وهو ما تسبب لها مرارا في بعض الحرج.
الإعاقة قد تخفي الكثير من القدرات
وتشير الطالبة، إلى أنها اختارت تخصص علم النفس المدرسي، بغية تطوير مهاراتها في التعامل مع الآخرين، ورفع مستوى قدراتها الشخصية، ومساعدة الغير على حل مشاكلهم، وخاصة الأطفال الذين تريد أن تساهم في توفير بيئة صحية لهم، مضيفة، بأن التعليم كان مهما للغاية بالنسبة إليها، فهو وسيلة لتغير الواقع و تحسين ظروف الحياة ولتوعية المجتمع بحقيقة وجود قدرات كثيرة كامنة خلف كل إعاقة.
وعن سر نجاحها وتفوّقها طيلة هذه السنوات، اعتبرت أماني، بأن الفضل راجع إلى دعم وتشجيع والدتها،
والتي كانت تساعدها في مراجعة وكتابة الدروس، وكذا والدها الذي لم يفارقها يوما في مشوارها الدراسي، وكان يتكفل بضمان تنقلاتها من وإلى الجامعة كما أشادت، بالدور الذي لعبته زميلاتها سواء في الثانوية أو الجامعة و بدعم أساتذتها الذين لم يبخلوا عليها بشيء، بل و شجعوها على الدراسة مثلها مثل بقية زملائها، كما لم تنس صاحبة الابتسامة الجميلة، أولائك الذين لا تعرف أسماءهم لكن الله سخرهم دائما لمساعدتها خلال كل الظروف.
من جانبه أكد، بدر الدين شكاي، رئيس قسم علم النفس العيادي بالكلية التي زاولت فيها أماني دراستها الجامعية، بأن طريق الطالبة لم يكن مفروشا بالورود، بل كان محفوفا بالصعوبات والتحديات التي واجهتها طيلة سنوات دراستها في القسم، مشيرا إلى أن حياتها يمكن ترجمتها إلى قصة عنوانها التحدي والإصرار لطالبة أبت إلا أن تثبت وتحقق ذاتها من خلال الدراسة.
وأضاف المتحدث، بأن أماني استمدت قوتها من والدها الذي كان يرافقها كل يوم إلى الجامعة منذ أول أيام التسجيل وإلى آخر يوم في مسارها التكويني واستلامها لشهادة الليسانس، حيث لم يتوان يوما عن الحضور ومساعدتها في جميع خطواتها، وقال، بأن مصالح الكلية تحاول جاهدة تسهيل ظروف تمدرس الطلبة الذين يعانون من مشاكل صحية بمن في ذلك المكفوفون، خصوصا خلال فترات الامتحانات، حيث تحرص الجامعة على تجنيد طلبة مرافقين من تخصصات أخرى، لمساعدة المعنيين على الإجابة بصورة عادية، مضيفا، بأن الممارسة الإكلينيكية لعلم النفس تتطلب شروطا معينة، تكون ضرورية خلال عملية التشخيص المباشر للحالات و فحصها و إخضاعها لبعض الاختبارات القائمة على مراقبة السلوك، مع ذلك فإن الطموح يبقى مشروعا و التحدي يغير الواقع، كما أن الإرادة لا تعترف بالمستحيل، ولهذا يحاول أساتذة القسم تكييف المنهاج بما يتناسب مع الظروف الخاصة لبعض الطلبة لمنحهم مهارات جديدة و مفيدة.