تُنافس المــواد المصنّعة: سيدات يسوّقن منتوجات غذائية طبيعية

كوثر و هاجر وسليمة، جزائريات حولن مطابخهن بإمكانيات بسيطة لورشات مصغرة، تعنى بصناعة منتوجات غذائية طبيعية من التمر والمكسرات والشوفان، تنافس المواد المصنعة، حيث تلقى رواجا وإقبالا كبيرا من طرف الزبائن، خصوصا في ظل انتشار ثقافة الغذاء الصحي لدى الفرد الجزائري على غرار الرياضيين والمصابين بنقص المناعة. 

 رميساء جبيل

انطلقت برأس مال لا يتعدى المليون

اهتمام أخصائية التغذية كوثر بن عمر ابنة العاصمة وصاحبة 25 ربيعا، بالأكل الصحي دفعها سنة 2022 لإطلاق مشروعها الخاص في صناعة شوكولاطة سوداء طبيعية دون سكر مكرر أو زيوت مهدرجة أو مواد حافظة، لانعدامها في الجزائر ولجوء كثير من الرياضيين ومتبعي الغذاء الصحي لتناول شكلاطة « ليند» كحل بديل نظرا لاحتوائها على 70 بالمائة من الكاكاو أما النسبة المتبقية فهي سكر غير طبيعي.
وعلى هذا الأساس انطلقت كوثر، في رحلة البحث عن وصفات ناجحة باليوتيوب، فكانت أول تجربة لها في عيد ميلاد جدتها حيث قدمت لها علبة من الشوكولاطة الصحية التي نالت إعجابها حيث استبدلت السكر المكرر بسكر التمر اليابس، لتقوم بإعداد كمية أخرى مع نهاية رمضان المنصرم، ومشاركتها على موقع فيسبوك لتتلقى على إثرها عددا من الطلبيات.
فتوجهت لاقتناء كميات معتبرة من المواد الأولية المتمثلة في كاوكاو طبيعي خال من السكر و كذا التمر اليابس، وقوالب « بولي كاربونات» المخصصة للشكلاطة لتحضير طلبيات الزبائن، كل هذا برأس مال لا يتعدى 10 آلاف دينار إلى جانب علب الحفظ، فيما استعملت الأواني وآلات الطحن المتوفرة في المنزل التي تساعدها في هرس المكسرات واستعمالها لحشو الشكلاطة من الداخل مع إعداد كرات الطاقة بمزج الطحينة والمكسرات والتمر وتزيينهم بجوز الهند، إلى جانب صنعها لشكلاطة موجهة للصغار.
وتضيف المتحدثة، أن ما ضاعف عدد زبائنها هو فتحها لصفحة على فيسبوك تنشر من خلالها مقالات عن أهمية إدراج الشكلاطة الصحية وكرات الطاقة في النظام الغذائي، باعتبار أنها تزيد الشعور بالشبع وتزود الجسم بالنشاط والحيوية، حيث لاقت المنشورات إعجاب المتابعين الذين يشاركون المواضيع بدورهم على صفحاتهم الخاصة وببعض المجموعات، كما روج مختص تغذية وصانعة حلويات طبيعية منتوجاتها على صفحاتهم بالفيسبوك بعد أن نالت إعجابهم، ناهيك عن مشاركتها بمعرض أقيم بدار الشباب بالقبة.
فأصبح لكوثر زبائن نساء من عدة ولايات على غرار قسنطينة، باتنة، الأغواط، جيجل، العلمة، العاصمة البليدة وبومرداس وحاسي مسعود، كما تعرض منتوجاتها على مستوى متجرين بالعاصمة، حيث تلصق بكل علبة بطاقة تحمل اسم العلامة التجارية « بيو ستايل» ومكونات المنتج، وتبيع الشكلاطة السوداء المخصصة للكبار بسعر يتراوح بين 300 إلى 2000 دينار.
تضاعف الإقبال حال دون تلبية كل الطلبيات
أما المهندسة في تكنولوجيا التغذية السيدة هاجر أوراغ، من ولاية باتنة والتي تبلغ من  العمر 34 سنة، فتقول أن فكرة مشروع صناعة مواد غذائية طبيعية قد راودتها سنة 2019، عندما زارهم ضيف أهدى لهم كمية كبيرة من التمور، وخوفا من تلفها قررت استغلالها في صناعة الدبس والعسل وتقديمها للأقارب، لتقرر بعدها تحضير كمية أخرى ونشرها على موقع فيسبوك، لتتحصل بذلك على أول طلبية نالت إعجاب الزبونة، لتنهال عليها الطلبات فيما بعد من الأهل وأصدقاء زوجها.
وسعيا من هاجر لتوسيع مشروعها، فقد اقتنت آلة طحن التوابل والمكسرات، من أجل إعداد زبدة الفول السوداني من الكاوكاو المحمص والمطحون جيدا مع إضافة رشة ملح لإعطائه ذوقا مميزا، إلى جانب صنع شكلاطة الطلي من البندق و سكر التمر اليابس، وكذا « الغرانولا» التي تعدها بالشوفان والمكسرات.
كما قامت السيدة، باستخراج بطاقة حرفي راغبة في فتح ورشة مصغرة مستقبلا، مع إطلاق علامة تجارية لمنتجها أسمته « بيواست بروداكتس»، وهي تستعمل في صناعة الدبس نوعية التمور التي تباع في الأسواق بسعر 150 دينار، فيما تحضر عسل التمر بدقلة نور، وتتم عملية تحضير المنتجين بطبخ التمر في كمية من الماء لفترة معينة ثم يصفى بشكل جيد، ثم يوضع السائل المتحصل عليه فوق النار مرة أخرى حتى يتخثر.
وتشتري هاجر المكسرات من محلات بيع الجملة بباتنة، قائلة أن سعرها يختلف باختلاف الفصول، أين يرتفع في الصيف مع موسم الأعراس عكس فصل الشتاء الذي تنهار فيه الأسعار، كما تتحصل على الأكياس الورقة لحفظ سكر التمر من العاصمة.
وتختلف أسعار بيع المنتوجات باختلاف سعر المكونات والكمية، فعلبة 380 غرام من الفول السوداني بسعر 550 دينار، و 650 دينار لـ 200 غرام من زبدة اللوز أو الجوز أو البندق، فيما تعرض 450 غرام من دبس التمر بـ 350 دينار و480 غرام من عسل التمر المعصور على البارد بـ 850 دينار، و 500 غرام من الغرانولا بـ 900 دينار، مع توفير خاصية التوصيل لجميع الولايات والدفع عند الاستلام.
كما أخبرتنا المتحدثة، أنها تفكر في ففتح ورشة صغيرة تضم عددا من العاملات، كونها لم تعد تستطيع لوحدها على تغطية كافة الطلبيات التي تستقبلها من مختلف الولايات، مشيرة  أن غالبية زبائنها من العاصمة وهم أشخاص يهتمون بالتغذية الصحية أو يتبعون حمية، فضلا عن المصابين بنقص المناعة والسرطان.
حوّلت مطبخي إلى ورشة لإنتاج مواد طبيعية
حولت ابنة تقرت، الأستاذة في اللغة الانجليزية سليمة بورجي صاحبة 51 سنة، مطبخ الأسرة إلى ورشة تحضر فيها عددا من المنتوجات الطبيعية بمساعدة أفراد أسرتها المتمثلين في زوجها وابنها وابنتها، أين يتولى كلا منهم مهمة معينة، وتقول سليمة، أن فكرة المشروع جاءتها بعد متابعة مطولة لبرنامج الدكتور « أونز» الذي يتحدث عن التغذية الصحية، واقتناعها بأهمية الأكل الصحي في الحفاظ على سلامة البدن وتعزيز المناعة، فانطلقت في تطبيق حمية للتخلص من الوزن الزائد لكنها لم تستمر عليها بشكل دائم.
الأمر الذي دفع بالأستاذة للتعمق في مجال التغذية أكثر، حيث شاركت سنة 2019 في دورة للتغذية العلاجية المنظمة على مستوى ولاية ورقلة بسعر 45 ألف دينار جزائري، والتي غيرت كثيرا من المفاهيم الراسخة في ذهنها عن الأكل، فالجسم حد قولها يتناغم مع كل ما هو طبيعي، لتقرر حينها تغيير عاداتها الغذائية، كما عملت على الحصول على شهادة منتج تمور من الغرفة الحرفية، حيث حولت سليمة التمر إلى مادة خام تنتج منه الدبس والعسل والسكر الطبيعي، إضافة إلى تحضير زبدة الفول السوداني وشكلاطة الطلي والكوكيز وكرات الطاقة.  وأطلقت السيدة، قناة « مطبخك عيادتك» على منصة اليوتيوب، تنشر من خلالها وصفات لأكلات تقليدية وعصرية بمكونات طبيعية، مستبدلة الزيوت المهدرجة بزيت الزيتون والملح المصنع بالملح الصخري أو البحري، وهي تضم حاليا 3 ألاف مشترك، كما تقدم دورات مجانية بالمدارس القرآنية والمجمعات النسوية بورقلة، راغبة في نشر ثقافة الغذاء الصحي وسط النسوة باعتبار أنهن سيدات المطبخ. وأضافت المتحدثة، أنها على وشك إطلاق متجرها الإلكتروني، الذي يعرض منتوجات أم أسامة للأكل الصحي، فـ 250 غرام من سكر التمر بسعر 1200 دينار، ولتر من دبس التمر بـ 70 ألف، كما تبيع كوكيز دقيق الشوفان الطبيعي بسعر يتراوح بين  250 و 300 دينار، و 250 غرام من بذور الكيوا بـ 400 دينار، وكريات الطاقة بـ 140 دينار، مؤكدة أن غالبية زبائنها من المدن الشمالية.