ارتفاع تكاليف الرحلات الخارجية: الوجهات الداخلية تنتعش و الشرق الأكثر طلبا

دفع الارتفاع الكبير في تكاليف السفر لأجل قضاء العطلة الصيفية في دولة أجنبية، أسرا جزائرية تعودت على هذه الوجهات، إلى اختيار السياحة الداخلية و قضاء العطلة
في الوطن واكتشافه بشكل أفضل، وقد سجلت وكالات طلبا متزايدا على المدن الجزائرية وبالأخص منطقة الشرق.
وحسب وكالات سياحية تواصلنا معها، فإن  المدن الجزائرية تعتبر من أهم الخيارات التي فضلتها عائلات، بعدما كانت تميل إلى وجهات أجنبية أهمها تونس، ثم تركيا و مصر، واختار هؤلاء قضاء العطلة بين أحضان الوطن و القيام بجولات متعددة تشمل أكثر من ولاية واحدة لمدة أسبوع أو عشرة أيام، وهو من البرامج الشائعة هذا الموسم بين العديد من وكالات السياحة والسفر، علما أن مخطط الرحلات يشمل ولايات من الشرق أو الغرب أو الشمال، مع التوقف في العديد من النقاط على امتداد الطريق، ويمكن للزبون التوجه بسيارته الخاصة  أو الالتحاق برحلة جماعية منظمة لوفد مكون من عدة أفراد أو أسر.
أخبرتنا سيدة تدعى لبنى، بأنها تعودت على قضاء مدة تتراوح بين 10 إلى 15 يوما بتركيا أو تونس رفقة أطفالها الثلاثة و زوجها، إلا أنها لم تسافر خلال هذه السنة و فضلت قضائها بمنطقة الغرب الجزائري، إذ انتقلت من العاصمة مقر إقامتها نحو منطقة الغرب الجزائري، في رحلة قالت إنه تم التخطيط لها بإحكام و بالتشاور مع جميع أفراد العائلة، مؤكدة بأن الغاية لم تكن السباحة فقط، و إنما استكشاف تلك المدن الجزائرية التي لم يتمكنوا من زيارتها مسبقا، مشيرة إلى أنهم قصدوا في البداية مستغانم، و تنقلوا بين مختلف دول الغرب كوهران و تلمسان إلى غاية الحدود الغربية.
أما فايزة، فشاركتنا انطباعاتها بخصوص استكشاف مدن و أماكن جزائرية لأول مرة، بحيث أكدت أن زيارتها لعديد مدن الغرب الجزائري مكنتها من التعرف على خصوصيات هذه المدن على غرار مستغانم          التي أحبت عادات وتقاليد أهلها، في حين قال أسامة، إن زيارته لمنطقة الشرق انطلاقا من سكيكدة إلى عنابة و منها إلى الطارف ضمن رحلة مع أصدقائه، سمحت له باكتشاف جمال المنطقة و السباحة في شواطئ شبهها بشواطي الجزر الاستوائية مضيفا، بأنهم كانوا يسافرون كل سنة كمجموعة من 5 أصدقاء إلى بلد أجنبي، لكن ارتفاع تكاليف السفر و الفنادق رهن رحلتهم هذا الموسم، و دفعهم لاختيار الوجهة المحلية التي أكد أنها كانت أكثر من رائعة بحسب تعبيره.
أسعار الفنادق و التذاكر ترهن برامج السفر
أرجع مسيرو بعض وكالات السفر ببومرداس و الجزائر العاصمة تفضيل البعض، للوجهة المحلية على الخارجية كخيار أول لقضاء العطلة الصيفية هذا الموسم، إلى الارتفاع الكبير في تكاليف السفر، بين أسعار التذاكر و الفنادق التي أكدوا أنها زادت بما يعادل الضعف مقارنة مع الموسم الفارط.
و أكدت السيدة شراد عائشة مسيرة وكالة سياحية ببومرداس، تسجيل تراجع في معدل الإقبال على قضاء العطلة في دولة أجنبية، موضحة أنه و على الرغم من أن تونس و إسطنبول تظلان من أهم الوجهات بالنسبة لمن تمكنوا من السفر هذا الموسم، إلا أن ارتفاع التكاليف أثر على رحلات الجزائريين بشكل عام.

مسيرة الوكالة أكدت أن الزيادات أضحت عائقا أمام الراغبين في السياحة الخارجية، إذ يضطرون في كثير من الأحيان للتخلي عن رحلات الطائرة و تعويضها بالحافلات عندما يتعلق الأمر بتونس مثلا، فيما يقع الاختيار على الفنادق التي تقدم أدنى سعر، في محاولة للسفر بأقل تكلفة بحسب تعبيرها، موضحة بأن تكلفة السفر لـ 4  أشخاص نحو تونس في فندق من  4 نجوم يقدم كل الوجبات لمدة أسبوع تتعدى هذه السنة 46 مليون سنتيم بينما تكلف عطلة لمدة أسبوع لشخص واحد في تركيا 14 مليون سنتيم، دون احتساب تكاليف الفيزا.
التكنولوجيا  لتقليص التكاليف
من جانب آخر، تحدثت ناريمان التي تعمل كمسيرة لإحدى الوكالات السياحية بالعاصمة، عن العديد من الأسر الجزائرية  التي قالت إنها بدأت في التخلي عن الرحلات المنظمة من طرف الوكالات و ذلك في محاولة منها لتحقيق معادلة السفر بأقل التكاليف، معتمدة في ذلك على التكنولوجيا و وسائط التواصل الاجتماعي لتسهيل التنقلات و الحجوزات خاصة عند السفر إلى تونس.
أما السيدة شراد مسيرة وكالة ببومرداس، فأكدت أنه و على الرغم من ارتفاع معدل السفر دون الاعتماد على الوكالات، إلا أن الخوف من الوصول و عدم إيجاد مكان للمبيت يجبر المسافرين دائما على العودة للوكالة لأنها أضمن خاصة بالنسبة للعائلات، علما أن الوكالة تسمح بالحصول على غرفة بسعر مناسب بفضل الاتفاقيات التي تبرمها مع الفنادق عادة و التي تتيح للزبائن فرصة الاستفادة من تخفيضات و أسعار مناسبة أكثر.
زيادات محسوسة في أسعار الخدمات
وكالات السياحة التي شملها استطلاعنا، سجلت بالمقابل انتعاشا في الطلب على الرحلات العائلية نحو الولايات الجزائرية، وأوضح السيد أحسن مسير وكالة ملوكة بالبليدة، أن الطب زاد بشكل ملحوظ مقارنة بالمواسم الماضية، إذ يتم تنظيم 4 رحلات في الشهر نحو ولايات ساحلية مختلفة، مع أفضلية لمدن الشرق التي تعد الأكثر طلبا خاصة محور سكيكدة و عنابة و الطارف و جيجل، وذلك لتميزها طبيعيا و توفر الأمن و الأجواء العائلية المناسبة للأسر المحافظة، إضافة إلى الطبيعة الخلابة التي تتميز بها المنطقة و نقاء و عذرية الشواطئ.
أما عن التكاليف، فقد اعترف السيد أحسن، بارتفاعها مقارنة مع العام الفارط خاصة فيما يتعلق بالفنادق، و قدرها بحوالي 10 بالمائة، إلا أن ذلك لم يكبح حسبه، رغبة الأسر في قضاء عطلة استثنائية داخل الوطن موضحا، بأن تكلفة السفر لمنطقة الشرق بين سكيكدة و عنابة و الطارف لمدة 6 أيام باحتساب النقل و الإيواء و الإطعام وخدمات أخرى تعادل بالعموم 30000 دينار للشخص  البالغ، مقابل 15000دج لطفل أقل من 10 سنوات، و قال إن عائلات تفضل السفر مع الوكالات لأجل المرافقة المضمونة طوال الرحلة و توفر مرشد سياحي، فضلا عن نقص التكاليف خاصة بالنسبة للفنادق بفضل التخفيضات على الحجوزات.
التخييم في المناطق المعزولة.. خيار يستهوي الشباب
    من جانب آخر، تلقى رحلات التخييم في بعض الأماكن الخلابة المعزولة بالمناطق الساحلية إقبالا كبيرا من طرف جزائريين و بخاصة الشباب حيث أكد مسير بوكالة سياحية بالعاصمة، تزايد الاهتمام برحلات التخييم ولذلك  تتم برمجة خرجات من هذا النوع لمدة 4 أيام، نحو شواطئ خلابة كتلك المتواجدة بولاية سكيكدة، على غرار شاطئ واد بيبي بتامالوس، و هي رحلات يكثر الطلب عليها حسبه، وتشمل عائلات تفضل أجواء التخييم على أجواء الفنادق.
وأشار إلى أن الرحلات الجماعية التي تنظمها الوكالات لا تختلف عن التجارب الفردية، إذ تكون المتعة والمغامرة مضمونتان، خاصة مع توفر مرشد سياحي أو مرافق عارف بخبايا المنطقة التي اختيرت للتخييم أو الرحلة لأجل الاستمتاع باستكشافها.
 وتتراوح أسعار هذا النوع من الرحلات عموما بين 2000دج إلى 6000دج للشخص، حسب الوجهة ووسيلة النقل وبرنامج الرحلة.
إيمان زياري