أكد الوزير المنتدب لدى وزير الدفاع الوطني، رئيس أركان الجيش الوطني الشعبي، الفريق أول السعيد شنقريحة، لدى إشرافه باسم رئيس الجمهورية، القائد الأعلى...
يمثل إصدار المحكمة الجنائية الدولية مذكرتي توقيف بحق رئيس حكومة الكيان الصهيوني « نتنياهو» و وزير دفاعه السابق» غالانت» بتهمة ارتكاب جرائم ضد...
تعد الضجة الكوميدية التي تثيرها بعض الأوساط السياسية والفكرية الفرنسية حول حالة بوعلام صنصال، دليلا إضافيا على وجود تيار «حاقد» ضد الجزائر. وهو لوبي لا يفوّت...
أكد الأمين العام لوزارة الفلاحة والتنمية الريفية والصيد البحري، حميد بن ساعد، اليوم الخميس بالجزائر العاصمة، أن التمور الجزائرية بكل أنواعها تمكنت...
جامـع صـور هـاو يوّثـق ذاكـرة قسنطينـة بالأسود و الأبيض
في محل ضيّق لا يزيد طوله عن المتر و النصف، يرّتب الهاوي بوجمعة زرطيط، المفتون بجمع الصور الفوتوغرافية، الصور الحاملة لتاريخ و ذاكرة الجزائر ، و مسقط رأسه قسنطينة خصوصا، تشمل لقطات نادرة نجح في بيعها بأثمان باهظة قال أنها وصلت إلى 70 مليون سنتيم، كما جعل من متجره أرشيفا يقصده الباحثون و المؤرخون من مختلف مناطق الوطن، و كذا منظمو المعارض الفنية و التوثيقية.
بحي السويقة العتيق بالمدينة القديمة بقسنطينة، و بمتجر صغير لا يكاد يسع مجموعته الفوتوغرافية الهائلة التي قال الهاوي البالغ من العمر 50 سنة، أنه يملك الملايين منها، تتشابك الذكريات و السنين و تلتقي الأجيال على اختلاف اهتماماتها و هواياتها و تخصصاتها، و تظهر الشخصيات الرياضية و السياسية و النضالية و الفنية و الثقافية، جنبا إلى جنب. و يحرص مالك هذا الكنز الفوتوغرافي على إبراز أهمها على رفوف معدنية خارج محله الضيّق و تكديس الباقي على طاولة قديمة، ويحاول إزاحة الغبار عنها بين الفينة و الأخرى، بعناية تعكس ولعه الكبير بذاكرة يخشى اندثارها و اختفاء أثرها إلى الأبد.
المواطن زرطيط يعد من أهم هواة جمع الصور الفوتوغرافية بقسنطينة، دفعه عشقه لسحر الفيلم الأسود و الأبيض، إلى البحث عن النادر منها و اقتنائها مهما بلغ ثمنها، محوّلا إياها مع مرور الوقت إلى حرفة يسترزق منها، لما وجده من سهولة في تسويقها، لأن للتحف القديمة مثلما يقول عشاقها الذين يبحثون عنها في كل مكان سواء كانوا من فئة الباحثين أو مجرّد أشخاص عاديين يهتمون بماضيهم و ماضي بلادهم و يجدون في صوره ما يؤرخ لمختلف الأحداث و الفترات التاريخية التي تعنيهم، لما تشمله من بورتريهات لشخصيات معروفة في مختلف المجالات و صور لأماكن و مواقع قديمة لم يعد لها وجود، سوى في ذاكرتهم الفردية، بعد أن حلت محلها شوارع و بنايات جديدة طمست أثر ما قبلها.
مجـاهـدون وعلمـاء و سيـاسـيون.. لقطـات تـؤرخ للمدينــة
رصيد هذا الهاوي متنوّع جدا، و يشمل صور المفكرين و الأدباء، إلى جانب صور مواطنين عاديين كان لهم حظ الظهور في صور التقطت لأشخاص تحوّلوا في ما بعد إلى شخصيات بارزة، حيث يمكن للزائر مشاهدة لقطات نادرة لبعض الشخصيات التاريخية، نذكر منها،الشيخ العلامة عبد الحميد ابن باديس الذي قال أنه يملك صورا كثيرة له، بدءا بصور بطاقات الاشتراك في جمعية العلماء المسلمين، مرورا بلقطات له مع طلبته إلى آخر لحظة من حياته، إلى جانب صور مبارك الميلي و محمد العيد آل خليفة و كذا شهداء ثورة التحرير و حتى البايات الذين أعاد التقاط رسومات يدوية لهم، لم يبق لها أثر، باستعمال آلات تصوير قديمة، تحوّلت هي الأخرى في ما بعد إلى تحف قيّمة و ثروات تاريخية حقيقية.
رصيده يحتوي أيضا على آلاف البورتريهات لسكان قسنطينة و الطلبة الذين درسوا بمؤسساتها التعليمية منذ عهد الاستعمار، و يحتفظ بكم هائل من صور أشخاص عاشوا أو أقاموا لفترة محددة بمدينة الصخر العتيق، حيث يمكن إيجاد صور للسكان الأصليين و كذا الأقدام السوداء و اليهود، بشكل خاص الفنانين كريمون ليريس و سيمون تمار و غيرهما. و أسر محدثنا بأنه تمكن من جمع رصيده الهائل من الصور الأصلية منها و المنسوخة، بفضل مساعدة مشايخ بالمدينة ذكر منهم بلبجاوي، بن عمارة، بلمين، بن جلول و غيرهم، إلى جانب أصحاب محلات تصوير فوتوغرافي غيّروا نشاطهم و كذا مسؤولين في مختلف الإدارات بقسنطينة فضلوا إهداءه صورا كثيرة تعود إلى عهد الاستعمار، بدل تركها مهملة و مرمية بالأقبية، مثلما قال، مشيرا إلى أهمية الكثير منها في توثيق تاريخ الأماكن و المؤسسات التعليمية و الاقتصادية القديمة و التي أعاد نسخها و بيعها للباحثين، و نفس الشيء بالنسبة لصور أعمدة الفن الجزائري و بشكل خاص رواد أغنية المالوف، فساهم في توثيق تاريخ الموسيقى القسنطينية من خلال الكشف عن شيوخها الأوائل، بفضل صور اقتنى بعضها من الأحفاد و تلقى أخرى كهدايا من أشخاص، قال أنهم يقدرون هوايته، لإدراكهم لقدرته على إبراز قيمتها الفنية و التاريخية و منحها مكانتها الحقيقية في كتب التاريخ و الأرشيف، لما يقوم به من جهد و بحث معمّق لتأكيد أصل و تاريخ و ساعة و مناسبة التقاطها، مع تسجيل أسماء الأشخاص الظاهرين فيها، كطريقة لتخليد ذكراهم. و عن هوايته سرد بوجمعة كيف أن سنوات العشرية السوداء و ما شهدته من تخريب و ضياع لموروثات ثقافية مهمة، جعلته يشعر بالمسؤولية و ضرورة المساهمة في إنقاذ الذاكرة، حيث وجد في الصور الفوتوغرافية الوسيلة و الشاهد الأنسب للحفاظ على الثراء الثقافي و الفكري و الفني و الرياضي و التاريخي الذي تزخر به بلادنا، فراح يجمع كل ما يقع تحت يده، من صور أصلية بالأسود و الأبيض و إعادة نسخها، و التوثيق لمراحل و فترات تاريخية و محطات مهمة في حياة شخصيات بارزة يوجد بحوزته أول صورة التقطت لها و آخرها، مما يسهل عمل الباحثين الذين يلجأون إليه لدعم أبحاثهم بصور أصلية و قلّما يخيب أملهم بعدم العثور عليها بين أكوام الصور التي يكاد يغرق بينها، حيث يعتبر بوجمعة نفسه باحثا يقتفي أثر الأولين و يسرد سيرهم الذاتية على طريقته، لأن صوره، كما يراها أشبه بحلقات توثيقية، تجد دائما من يقدّر قيمتها آجلا أم عاجلا، لذا فإن حرفته تحتاج إلى صبر و سعة بال.
صـورة ريــاضي يهـودي تـرفـع بـورصتــه
الصور النادرة التي منحت زرطيط فرصة المشاركة في عديد المعارض الدولية منها تايلندا و مصر، مكنته أيضا من تحقيق مكاسب مالية معتبرة، حيث أكد لنا بأن أغلى صورة باعها ، قدر ثمنها بـ70مليون سنتيم، و هي صورة للاعب كرة قدم يهودي من مواليد مدينة قسنطينة يدعى ريني أندريه، باعها لابنه الذي لم يعرف شكل والده لأنه توفي قبل ولادته، و لأن والدته لم تكن تملك أي صورة له بعد مغادرتها نحو فرنسا عام 1962، فقد لجأ إليه للحصول على شيء يمكنه الحفاظ عليه كذكرى لوالده، حيث وجد صورة له ضمن فريق لكرة قدم. الرياضة التي كان يمارسها في شبابه و التي ما إن وقعت عيناه عليها كاد يغمى عليه من شدة الفرح و لم يترّدد في دفع المبلغ الذي حدده الهاوي الذي يتحيّن الفرص لاستعادة بعض ما صرفه على هوايته المكلّفة، مثلما قال، مضيفا بأن ثمة صور لعائلات عريقة بقسنطينة و أخرى لعائلات فنية مثل الصورة التي التقطت لأسلاف عائلة دار بحري، و التي بيعت بثمن لم يقل عن 13000دج و غيرها من الصور التي تراوح سعرها بين 20 إلى 30 ألف دج و التي أكد أن أغلبها يقتنيها الأحفاد و هواة جمع الصور النادرة و الباحثين عن الصور الأصلية.
مريم/ب