كشف أول أمس وزير المالية لعزيز فايد عن إلزامية استعمال الدفع الإلكتروني في مجال بيع وشراء العقارات وقطاع التأمينات ابتداء من الفاتح جانفي القادم،...
* دعوة لانتفاضة من المجتمع الدولي لصالح حقوق الشعب الفلسطيني * ثمن الصمت والتقاعس أمام المأساة الفلسطينية سيكون باهظاأكد رئيس الجمهورية السيد، عبد...
التقى الوزير المنتدب لدى وزير الدفاع الوطني، رئيس أركان الجيش الوطني الشعبي، الفريق أول السعيد شنقريحة، أمس الأربعاء بالكويت، مع وكيل الحرس الوطني...
شرعت الحكومة، في وضع التدابير التنفيذية للتكفل التام بالتوجيهات التي أسداها رئيس الجمهورية للحكومة خلال الاجتماع الأخير لمجلس الوزراء خاصة فيما...
تشهد المناطق الريفية بجبال جيجل عودة تدريجية إلى المداشر التي هجرها سكانها في العشرية السوداء، فيما تنتظر عائلات أخرى توفر بعض الظروف للالتحاق، لأن من عادوا يشتكون من عوائق لها علاقة بنقص المسالك والخدمات والتهيئة، وعوامل أخرى لم تحل دون ممارسة الحياة الطبيعية، لكنها تشكل عقبة أمام الاستقرار بشكل نهائي وممارسة النشاط الفلاحي.
روبورتاج:كـ. طويل
النصر توغلت في أعالي شرق بلدية إيراقن سويسي واقتربت من سكان قراها لنقل صورة عن واقع الحياة في تلك المناطق التي كان مجرد عبورها يعد ضربا من الجنون. الوادي يعزل المنطقة كل شتاء النصر توجهت باكرا إلى منطقة المرصع التي تبعد بحوالي 10 كلم عن مقر بلدية إيراقن سويسي، و لاحظنا بأن هناك مشروعا لتهيئة الطريق المؤدي نحوها، و قد أخبرنا مرافقنا و هو من سكان المنطقة، بأن المشروع القطاعي يعرف تأخرا كبيرا، بسبب عدة صعوبات، على غرار طبيعة التربة ،
و كذا تقاعس المقاولة في عملها.
في طريقنا إلى منطقة عين لبنى و هي أقصى نقطة حدودية لولاية جيجل، عانينا من صعوبات في السير على متن سيارتنا، نظرا للأشغال الجاري إنجازها عبر الطريق المؤدي إليها.
و عندما وصلنا إلى الوادي، لم نستطع المرور بسبب نهاية الأشغال، وقد وجدنا بالمنطقة عمي أحمد أحد القاطنين، فأعرب لنا عن أسف السكان لتأخر المقاولة في إتمام وضع جسر فوق الوادي، حتى يتسنى لهم المرور بسهولة نحو المنطقة.
و قال المتحدث بأن الوادي يعتبر الفاصل بين الحياة و الموت، على حد تعبيره، خصوصا في فصل الشتاء، إذ يصبح من الصعب اجتيازه إلى الضفة الأخرى، و ذكر لنا بعض الحوادث التي وقعت "منذ سنوات توفي ابني ، و لم أستطع نقل جثمانه إلى المقبرة لمواراته الثرى، لأنها توجد في الضفة المقابلة من الوادي الذي ارتفع منسوب مياهه، فاضطررت لإبقائه في المنزل طيلة سبعة أيام حتى انخفض.. "، و أضاف بأن أطفال المنطقة يجدون صعوبة في التنقل إلى المدرسة عبر الوادي، كما يعاني من ذات المشكلة المعلمون الذين يقدمون من عاصمة الولاية لتدريس أبنائهم.
و شدد مواطن آخر من قاطني القرية، بأن أكبر مشكل يواجهه السكان، يتمثل في نقل المرضى عبر الوادي، فيضطر جلهم إلى استعمال السلالم لنقلهم.
و لدى زيارتنا لبعض المنازل، شاهدنا بأن معظمها شيد بمواد تقليدية، على غرار “الديس”، فيبدو للزائر بأن هؤلاء السكان يعيشون في الماضي البعيد ، حيث تنبعث رائحة الحطب من الأكواخ ، و تغطي بقايا الدخان الجدران الترابية باللون الأسود، و المؤسف أن جل العائلات المتواجدة بالمنطقة تعيش بنفس الطريقة، كما قال المتحدث.
و أضاف بأنهم قدموا للسلطات المعنية طلبات للحصول على البناء الريفي، لكن دون جدوى، حسبه، في حين ثمن الكثير ممن تحدثنا إليهم الجهود التي بذلتها السلطات الولائية خلال السنتين الماضيتين، لربط المنطقة بشبكة الكهرباء ، بعد معاناة دامت لسنوات طويلة، و طالبوا السلطات الولائية التدخل العاجل لتحريك عجلة التنمية في المنطقة التي كانت معقلا للثورة التحريرية و ملاذا للمجاهدين، لم نستطع مواصلة تجولنا عبر القرية ، لأن الأمطار بدأت تتهاطل ، فنصحنا مرافقنا بالعودة من حيث أتينا.
خدمات صحية محدودة
زائر منطقة المرصع لا بد أن يتساءل عن سبب بناء عديد المرائب بجوار الطريق الرئيسية، فيرد عليه السكان بأنهم لم يجدوا حلا آخر، نظرا لصعوبة ركن السيارات بجوار المنازل الكائنة أسفل الطريق.
و يفتح الكثيرون قلوبهم مؤكدين بأن غياب الطرقات الفرعية المؤدية إلى منازلهم يثقل كاهلهم، إلى جانب قسوة الطبيعة و المعيشة الضنكة ، فهم يعيشون في عزلة ناجمة عن غياب التنمية بالمنطقة، كما يفتقرون للرعاية الصحية.
و بعد عودة عائلات للإقامة مجددا بالمنطقة، التي اضطرت لمغادرتها في العشرية السوداء، زادت الأوضاع الصحية و الاجتماعية تدهورا، و يطالب اليوم السكان بتوفير سيارة إسعاف، و فتح قاعة العلاج في القريب العاجل.
و أكد لنا عمي أحمد بأن سكان المنطقة طالبوا عدة مرات بتوفير الرعاية الصحية لهم، خصوصا و أن المنطقة تبعد بحوالي 8 كلم عن أقرب مركز صحي ، إلى جانب صعوبات التنقل إليه عبر الطريق الجاري إنجازه، مضيفا بأن عدة مرضى تعرضوا لمضاعفات خطيرة، جراء تأخر نقلهم إلى المراكز الصحية.
واصلنا جولتنا بالمنطقة، فلاحظنا بأن العشرات من الأطفال يلعبون بجوار الطريق الترابي المؤدي إلى المرصع، اقتربنا منهم، فقال لنا محمد بأن حلمه بسيط، يتمثل في توفير وسائل الترفيه له و لرفاقه، و أردف "أريد أن أرى المهرج، و أحصل على لعب ، على غرار السيارة."و أكد أحد الشباب
"إن مطالب الأطفال بالمنطقة بسيطة لدرجة لا يمكن وصفها"، مشيرا إلى أن المدرسة التي يتتلمذون بها متدهورة لدرجة لا يمكن وصفها، خصوصا و أنها لم تستفد من عملية ترميم منذ سنوات عديدة ، على حد قوله، و ضم صوته إلى باقي السكان الذين دعوا الجهات الوصية إلى التفكير في إنعاش المنطقة اقتصاديا و صحيا و اجتماعيا و تعليميا، و فتح خطوط نقل من و إلى المنطقة، حتى يتمكن القاطنون من التحرك و فك العزلة المفروضة عليهم.
كما دعوا إلى تقديم حصص إضافية من البناء الريفي لأبناء المرصع، و وضع حد للانقطاعات المتكررة للكهرباء، خصوصا في فصل الشتاء، و تحسين الرعاية الصحية، و كذا توفير مرافق للترفيه لشباب المنطقة، و النظر في مختلف انشغالاتهم.
فج العفص تتخلّص من أزمة المياه بفضل السكان
واصلنا السير، مرورا بمنطقة فج العفص، فرفع من جهتهم سكانها نداء إلى السلطات من أجل تهيئة و تحسين وضعية الطرقات بالمنطقة.
و بعد مرور ما يقارب 20 دقيقة، وصلنا إلى منطقة بوعمارة، التي أخذت تسميتها من طائر من الجوارح، يعيش فوق أشجار الزان الكثيفة، و قد أخبرنا أبناء المنطقة الذين وجدناهم في انتظارنا، بأنهم شرعوا منذ فترة في تشييد سكنات، و بناء إسطبلات لتربية المواشي، موضحين بأن السلطات قدمت لهم الدعم في ما يتعلق بالبناء الريفي، ما شجع بعضهم على التقدم بطلبات إضافية للحصول على البناء الريفي.
و قال المعنيون بأنهم أثبتوا حسن نيتهم من خلال جلب المياه على مسافة تفوق 600 متر ، بأموالهم الخاصة ، ما سمح بالقضاء على مشكل المياه.
عودة تدريجية لبوعمارة
وخلال جولتنا بمشتى بوعمارة ، شاهدنا العديد من المنازل الريفية الجديدة، مع مواصلة أشغال بناء بعض المنازل الأخرى.
و قد لاحظنا بأن عديد المنازل تحيط بها بساتين و حقول صغيرة، زرعت فيها الخضر، على غرار البصل، البطاطا و الفول، مع تربية الدواجن، و هي الحياة البرية الجميلة، التي تعكس الريف الجيجلي.
و أكد لنا السكان بأن الزراعة العائلية مكنتهم من تحقيق الاكتفاء الغذائي بنسبة كبيرة، مشيرين إلى أن عديد سكان المشتة الذين اضطروا لمغادرتها في سنوات الجمر، خصوصا المسنين منهم، يحاولون تدريجيا العودة إلى أحضانها.و أوضح أحدهم بأنه و أفراد عائلته يسعون جاهدين الاستقرار بالمنطقة الوعرة التضاريس، ذات الطبيعة القاسية، خصوصا في فصل الشتاء، لكنهم يواجهون مشكل غياب الكهرباء ، بالرغم من تقدمهم بعدة طلبات للجهات الوصية . و أعرب أبناء المنطقة عن آمالهم في تحقيق أحد أهم المطالب التي رفعوها منذ سنوات، و هو ربط المشتة بشبكة الكهرباء الريفية ، خصوصا و أن الأعمدة موجودة منذ سنوات، لكن خطوط الكهرباء سرقت خلال العشرية السوداء.و تابع المتحدثون بأنهم مستعدون للمشاركة في دفع التكاليف اللازمة لإيصال الكهرباء إلى المنطقة، كما طرحوا مشكل صعوبة التنقل عبر الطرقات التي تتطلب تخصيص أغلفة مالية إضافية لتهيئتها، مؤكدين بأن مصالح البلدية حاولت في مرات عديدة تقديم الدعم اللازم ، حسب الإمكانيات المتوفرة.
و طالب جل القاطنين بالمنطقة و الراغبين في العودة، بضرورة تجسيد مشروع فتح الطريق المؤدي نحو المنطقة، انطلاقا من بلدية سلمى بن زيادة مرورا عبر واد جن جن، وصولا إلى منطقة سوق الخميس على مسافة تقارب 3 كلم، الأمر الذي سيقلص مسافة التنقل إلى الجهة الشرقية من بلدية إيراقن سويسي، و قال المتحدثون بأن المشروع يعتبر حيوي لدرجة كبيرة و سيساهم في إنعاش المنطقة سياحيا، خصوصا بعد تشجيع حركة التنقل، و ضمان تثبيت الراغبين في العودة.
الطرقات أولوية و نقص في السكن الريفي
طرحنا كافة انشغالات السكان على نائب رئيس المجلس الشعبي البلدي، سعيدي لخضر، فقال لنا بأن المنطقة الشرقية،
و تحديدا منطقة المرصع استفادت من غلاف مالي معتبر، في إطار برامج التنمية خلال السنوات الماضية، و من المنتظر أن تستفيد من دعم آخر خلال السنة الجارية.
و ذكر المسؤول بأن تأخر أشغال الطريق المؤدي إلى منطقة المرصع، تتحمله الجهات المشرفة على المشروع، كونه يعتبر من المشاريع القطاعية، و قد تم تبليغ الجهات المعنية بذلك.
و أبرز بأن صعوبة التضاريس ساهمت في تأخر طفيف للأشغال، إلا أن المشروع سيسلم في الآجال المحددة، و أضاف المتحدث بأن مصالح البلدية خصصت عدة أغلفة مالية لفتح الطرقات و تعبيدها بالمنطقة، على غرار الطريق المؤدي إلى مشتة بوعمارة ، فمن المنتظر الشروع في عملية التهيئة على طول 4 كلم. و أوضح المسؤول بأن منطقة المرصع تحصلت على عدد معتبر من إعانات البناء الريفي في سنة 2018، و ربط تأخر منح بعض الحصص لطالبيها، إلى تراكم الملفات الناقصة. و اعترف بأن حصة البلدية ضعيفة من ناحية الدعم المقدم في إطار البناء الريفي، مطالبا السلطات بتوفير حصص إضافية، كون البلدية بحاجة ماسة إليها،
و تعتبر الصيغة الوحيدة التي تغطي طلبات السكن بالمنطقة، و يقدر عدد الطلبات الموجودة بحوالي 220 طلبا، حسبه.
و ذكر نائب رئيس المجلس الشعبي البلدي، بأن السلطات المحلية، سارعت إلى تجسيد مشاريع متعلقة بالتنمية، على غرار المستوصف الذي خصص له غلاف مالي يقارب 360 مليون سنتيم، و بلغ مرحلة متقدمة من الترميم، و سيستلم في القريب العاجل، مشيرا بأن المشكل الكبير الذي تعاني منه البلدية، يتمثل في عدم توفر الأطباء و الممرضين ، داعيا السلطات الولائية إلى التدخل العاجل. و أردف المتحدث بأنه من المنتظر الشروع في عمليات ترميم المدارس خلال الصائفة المقبلة، أما ربط مشتة بوعمارة بشبكة الكهرباء الريفية، قد تم التطرق إليه من قبل، على حد قوله، و تم عقد لقاء مع مسؤولي سونلغاز بخصوصه، و التقدم بطلب رسمي لتزويد المنطقة بالكهرباء الريفية، خصوصا و أن بعض المواطنين شرعوا في بناء حصة البناء الريفي الموجهة إليهم. و ختم نائب رئيس البلدية حديثه بالتأكيد بأن المنطقة ستعرف تنمية كبيرة خلال السنة الجارية، لأن مشاريع عديدة خصصت لها .
ك/ط