أكد الوزير المنتدب لدى وزير الدفاع الوطني، رئيس أركان الجيش الوطني الشعبي، الفريق أول السعيد شنقريحة، لدى إشرافه باسم رئيس الجمهورية، القائد الأعلى...
يمثل إصدار المحكمة الجنائية الدولية مذكرتي توقيف بحق رئيس حكومة الكيان الصهيوني « نتنياهو» و وزير دفاعه السابق» غالانت» بتهمة ارتكاب جرائم ضد...
تعد الضجة الكوميدية التي تثيرها بعض الأوساط السياسية والفكرية الفرنسية حول حالة بوعلام صنصال، دليلا إضافيا على وجود تيار «حاقد» ضد الجزائر. وهو لوبي لا يفوّت...
أكد الأمين العام لوزارة الفلاحة والتنمية الريفية والصيد البحري، حميد بن ساعد، اليوم الخميس بالجزائر العاصمة، أن التمور الجزائرية بكل أنواعها تمكنت...
يعد منزل العلامة عبد الحميد بن باديس، الكائن بنهج عبد الله باي السيدة حفصة بالسويقة القديمة في قسنطينة، شاهدا على ذاكرة مشوهة، طالها الكثير من الخراب الذي يلف المدينة القديمة و يحيط بها من كل جانب، فعمليات الترميم المتوقفة منذ سنوات، ضاعفت هشاشة النسيج القديم ككل، لدرجة أن هذا البيت الذي ولد فيه العلامة، بات اليوم، هيكلا حجريا متداعيا، برمجت لصالحه عملية ترميم و استرجاع سنة2015، إبان تحضيرات عاصمة الثقافة العربية، لكنها توقفت وتركت المجال لمعول التخريب الذي لم يعتقه، منذ انسحب أصحاب المشروع و تركت الجدران لعدوان الطبيعة.
منازل عريقة أصبحت ملاجئ للكلاب
عمليات ترميم عديدة تمت برمجتها خلال بداية التحضير للتظاهرة العربية التي احتضنتها قسنطينة سنة 2015، و أدرجت بنايات كثيرة بالمدينة القديمة، السويقة، ضمن المخطط الذي عرف مشاكل حقيقية في الانجاز، فجزء كبير من المنازل و البنايات، ظل على حاله، بعدما أدخلت عليها بعض التفاصيل التقنية التي عادة ما تسبق الترميم، مثل إزالة الجدران الهشة و تركيب صفائح القصدير كبديل للقرميد القديم، و تثبيت دعامات حديدية للهيكل العام وما إلى ذلك.
الأمر الذي عقد وضعية بنايات استمر سقوط أجزاء منها، على غرار المنزل الذي ولد فيه العلامة عبد الحميد بن باديس، بنهج السيدة ، قبالة زنقة المسك، تحديدا بنهج بن باديس، الذي يضم عددا معتبرا من أملاك العائلة العريقة التي ينتمي إليها.
زرنا المنزل خلال جولة قادتنا إلى المدينة القديمة، لتفقد حال منازلها، فوقفنا على كارثة حقيقية، دعامات الترميم الحديدية تحولت إلى خطر على السكان، و كذلك صفائح القصدير التي تهتز بقوة مع كل هبوب للرياح، و تصدر صوتا مزعجا عندما تتهاطل عليها الأمطار، وهو واقع تشترك فيه كل المنازل التي يحصيها مخطط الترميم المجمد، بما في ذلك منزل رائد النهضة، الذي تسكنه اليوم كلاب شرسة، حال وجودها في المكان، دون توغلنا أكثر داخله، و قد حاولنا مرارا إقناع صاحبها و هو جار قريب، بأن يربطها و يحكم وثاقها، كي نتحرك بأريحية أكثر، لكنه رفض.
لاحظنا خلال جولتنا، بأن كل المنازل المتهالكة، تحولت إلى مفارغ للقمامة و ملاجئ للسكارى و الكلاب، سواء الضالة أو الفصائل الخطيرة « رود فيلر و بيتبول» التي يربيها بعض الشباب هناك، لأجل حرب الشوارع و فرض السيطرة على الأحياء و الأزقة، على اعتبار أنها فصائل شرسة و مهجنة، أسعارها جد باهظة، كما أن تكلفة إطعامها كبيرة.
الكذبة التي خربت القصر
المنزل الشهير رقم 15، كان حسب شهود عيان من المنطقة، قصرا حقيقيا يضم 14 غرفة، دون احتساب المرافق الإضافية، إلى جانب تميزه بفخامة الزليج و بروعة زخارف خشب أبوابه و نوافذه، وهو المكان الذي ولد فيه رائد الحركة الإصلاحية، و عاش فيه لفترة وجيزة فقط، قبل أن تنتقل عائلته إلى منزل آخر، وقد حاولنا التواصل مع قريبه عبد السلام بن باديس ، لنعرف أكثر عن تلك المرحلة من حياته، لكنه أخبرنا بأن معلوماته عنها شحيحة، كونها كانت قصيرة جدا ، فالعائلة، حسبه، وهبت حصة معتبرة من أملاكها في الدرب إلى أناس آخرين، بما في ذلك المنزل الذي سكنته عائلات مختلفة على مر السنوات.
و أوضح لنا سكان النهج، بأن غرف البيت و شققه، كانت تؤجر طيلة أعوام للكثير من الناس، و أن وضعية البناية كانت مقبولة على العموم، قبل أن تمسها التدخلات الاستعجالية التي فرضتها عملية الترميم التي تسببت في إزالة بعض الجدران و النوافذ و الأبواب، بالإضافة إلى جزء كبير من القرميد، لتتوقف بعدها الأشغال فجأة ، دون سابق إنذار.
عن سبب تعليق أشغال الترميم، أوضح الدكتور عبد العزيز فيلالي ، رئيس جمعية عبد الحميد بن باديس، بأن خطأ وقع أثناء تحديد المنزل المعني بعملية الاسترجاع، ادعى أشخاص بأن المنزل المحاذي لبيت الشيخ هو العنوان المطلوب، و بعد انطلاق المرحلة الأولى من الأشغال، انكشفت الكذبة و اتضح بأنها كانت مجرد طريقة للتحايل، لأجل الاستفادة من ترميمات مجانية للبيت المذكور، على حساب منزل العلامة، لتتوقف بذلك العملية ككل، و ينسحب القائمون على المشروع.
مشروع ترميم المطبعة الإسلامية موعد مؤجل
2015 كانت سنة الوعود الكثيرة في ما يتعلق بالترميم، فمخطط الاسترجاع شمل أيضا مطبعة الشيخ عبد الحميد بن باديس، بالإضافة إلى بيته، ويتعلق الأمر بالمطبعة الإسلامية الجزائرية، بشارع ربعين شريف و تحديدا بنهج بن باديس، وهي مطبعة أولى و فريدة أنشأها العلامة، رفقة زملائه أحمد بوشمال و زواوي بالقشي وأحمد صحراوي وعبد الحفيظ بن صالح صويلح، سنة 1929، اقتنيت تجهيزاتها من فرنسا، مقابل مبلغ 7800 فرنك، و جلبت الحروف العربية من لبنان، كانت المطبعة رافدا من روافد المشروع الإصلاحي، وقد خرجت منها إصدارات مهمة جدا، أبرزها جريدتي «الشهاب» و «البصائر».
تماما كما حصل مع باقي المشاريع التي برمجت في ذات الإطار، توقف العمل على مخطط الترميم و تركت المطبعة لغبار الإهمال و النسيان، ما أضر كثيرا بمحتوياتها التي نقلت، كما علمنا، إلى مكان مختلف مؤخرا، فيما لا تزال الجدران في حالة كارثية، تنتظر أن تتحقق وعود مؤجلة.
جمعية إرث لحماية التراث بقسنطينة تطلق مبادرة لترميم المعلمين
أمام استمرار وضعية البنايتين اللتين ترمزان إلى رجل الإصلاح، و تعتبران جزءا من ذاكرة المدينة و تاريخها، أطلقت جمعية إرث لحماية و ترقية التراث المادي واللامادي بقسنطينة، مبادرة للتكفل بعملية ترميم شاملة للمعلمين، حيث أوضح رئيسها عباس حداد رضا، بأن الجمعية تعتزم تقديم طلب رسمي لوالي الولاية، لأجل الموافقة على مباشرة أشغال ترميم كل من منزل السيدة و المطبعة الإسلامية، مؤكدا بأن هيئته سوف تتكفل بالشق المادي للعملية، مع ضمان الاعتماد على خبرة هندسية و تقنية متخصصة، ستقوم بإعادة الاعتبار للبنايتين و استرجاعهما بطرق صحيحة ، باستخدام مواد نبيلة، مثل الجير و النيلة و الحجر المصقول و الزليج و كل ما تتطلبه العملية. المتحدث قال، بأن مواطنين من حي ربعين شريف، يمثلون جمعية محلية، مستعدون كذلك للتعاون من أجل إنجاح هذه المبادرة، التي تستوجب مرافقة إدارية ورعاية رسمية للسلطات المحلية، خصوصا في ما يتعلق بشق التسيير، على اعتبار أن المشروع لا يتعلق فقد بترميم الهياكل، بل بإعادة استغلال حقيقية، تقوم على تحويل المنزل إلى متحف لمقتنيات العلامة، و بعث نشاط المطبعة من جديد، لتعود لإصدار الكتب و المنشورات الهادفة.
* المهندسة مريم زياني
قادرون على استرجاع النسيج القديم بعد رفع التجميد
كشفت المهندسة مريم زياني، صاحبة مكتب الدراسات، المسؤول عن ترميم بعض المساجد القديمة بقسنطينة، على غرار زاوية عبد الرحمان بشتارزي و الجامع لخضر، بأن ترميمات المدينة القديمة، مرت بجملة من العقبات التي بدأت مع المشاكل الإدارية التي رافقت قضية مكاتب الدراسات الأجنبية، و انتهت بقرار تجميد البرنامج ككل، بعدما كانت المقاولات و المكاتب قد باشرت التدابير الاستعجالية لحماية النسيج المدرج ضمن المخطط العام للاسترجاع.
و قالت المهندسة، بأن التدخلات التي مست غالبية المباني محل الجدل، لا تشكل خطرا عليها، لأنها إجراءات تقنية وظفت لأجل حماية هياكلها من الانهيار، حتى وإن كانت الوضعية العامة لهذه البنايات، قد تدهورت بفعل السنوات و العوامل الطبيعية، موضحة بأن اللجوء في العادة إلى الخبرة الأجنبية في مشاريع الترميم، لا يعني بأننا لا نملك الكفاءات وطنيا، بل لأن الأجانب سباقون و متقدمون في مجال استرجاع المدن القديمة، مع ذلك فإن المكاتب الوطنية و المحلية مستعدة و قادرة على ترميم النسيج الحضري القديم بكل مقوماته، في حال تم رفع التجميد عن مشروع المدينة، بعدما حرر الشق الخاص بالمساجد.
و أضافت المتحدثة، بأن المشكلة الوحيدة المطروحة حاليا، تخص غياب الدراسات الأولية التي أجربت على المباني خلال انطلاق مشروع الترميم قبل سبع سنوات، ما من شأنه أن يضاعف الجهد بالنسبة للمكاتب التي سوف تكلف باستكمال المشاريع لو رفع عنها التجميد لاحقا، لأنها ستضطر إلى إجراء بحث معمق في تاريخ البنايات، لمعرفة شكلها الأصلي، مع ذلك تبقى المهمة ممكنة، في ظل توفر مخطط الحفظ الخاص بالمدينة القديمة، و الذي يمكن أن يشكل خلفية معرفية جيدة.
عن وسائل العمل، قالت المهندسة، بأننا نملك كل ما هو مطلوب في الجزائر، لإتمام المشاريع بمعايير عالية، سواء تعلق الأمر بالمواد الأولية أو الزليج وغيره، ولسنا بحاجة، حسبها، إلى استيراد أي شيء مستشهدة في ذلك، بعملية ترميم مسجد وزاوية بشتارزي التي تمت بأياد و خبرة و مواد جزائرية خالصة.
هـ.ط