لم يمنعهما الحجر وغلق المدارس من التميّز: طفلان من الوادي حفظا و ختما القرآن بالهاتف عن بعد

استطاع الطفلان محمد مبارك شلبي و محمد القاسم بن عمر، 11 عاما، حفظ و ختم القرآن الكريم كاملا، بالاعتماد على الهاتف النقال، حيث كانا يتصلان بمعلمي القرآن بالمدرسة القرآنية رياض الجنة، التابعة لجمعية العلماء المسلمين بحي “العواشير” ببلدية الرباح في الوادي، التي أغلقت على غرار باقي المدارس بسبب جائحة كورونا، من أجل تلقينهما كتاب الله.
قال الطفل محمد مبارك شلبي، أن والده و أخواته قسموا وقته بين قراءة القرآن وحفظه، و ممارسة الرياضة مع أقرانه و الألعاب الإلكترونية، متخذا من أخيه قدوة في ختم القرآن الكريم.
و أضاف والده محمد العربي شلبي، أن إقرار الإجراءات الاحترازية و غلق كل المدارس بما فيها القرآنية، جعله يفكر في إعادة ترتيب وتنظيم وقت أبنائه خاصة و أنه غائب عنهم طيلة النهار لالتزامه الوظيفي، فاتصل به معلم القرآن و سأله عن إمكانية توفير خط هاتفي للتواصل مع ابنيه، حتى لا ينسيا ما حفظاه من كتاب الله، خاصة أصغرهم الذي أنهى الثلث الأول منه.
و جلس الأب مع أبنائه لتحفيزهم على مواصلة حفظ القرآن عبر الهاتف إلى أن تزول الجائحة و تفتح المدارس القرآنية، فتحمسوا للفكرة.
و تحققت أمنيته بختم  ابنه لأصغر محمد مبارك وهو على عتبة الدخول للطور الإكمالي،  كتاب الله، مؤكدا بأن تأثير حفظ القرآن في الصغر كبير على الأبناء خلال مسارهم الدراسي أو حياتهم اليومية.
و أكد من جهته معلم القرآن يوسف مسعي أحمد أن فكرة التواصل مع المجتهدين من تلاميذه عبر الهاتف للمذاكرة والاستظهار، راودته بعد مرور نحو أسبوعين من غلق المدارس بسبب الجائحة، فاقترحها على طاقم المدرسة القرآنية و بعض الأولياء، فنالت إعجابهم، فهي من شأنها أن تحافظ على ما لقنوه لتلاميذهم .
و أضاف أن عدد التلاميذ الذين استطاعوا الالتزام بربط الاتصال اليومي قليلون، و من بينهم محمد مبارك ومحمد قاسم  اللذين حفظت قبل تفشي كورونا ببلادنا نحو  ثلث القرآن.
و أردف المتحدث أن والدي التلميذين تحمسا للفكرة، و وفرا لهما الهاتف النقال، لتلقينهما  في الصباح القراءة الصحيحة للجزء الذي سيحفظانه واستظهاره في المساء، و اتفقوا في البداية على حفظ صفحتين كاملتين من المصحف يوميا، و بمرور الوقت أصبحا يحفظان  04 صفحات يوميا، مع الالتزام بالورد اليومي.
و أكد المعلم أهمية تلقين تلاميذه القراءة الصحيحة لكتاب الله، و الالتزام بأحكام التجويد ما سهل عليهم عملية الحفظ عبر الهاتف.
أما الطفل محمد قاسم بن عمر فمزج بين الحفظ عن طريق الهاتف والتلقين المباشر، لأن أحد معلميه بالمدرسة القرآنية هو جده لأمه، فكان يتصل بحفيده في الصباح والمساء، و يستقبله في بيت أخواله من حين لآخر،ليواصل تلقينه كتاب الله .
الجد محمد قاسم و الشيخ صالح احميداتو، المشرف على المدرسة القرآنية متطوعان منذ أزيد من 10 سنوات، أكدا للنصر، أن  تجربة التلقين عن بعد من خلال الهاتف، تجربة تستحق التثمين، لما لها من أهمية بعد غلق المدرسة، مع ضرورة توفر عنصر غرس الثقة بين المعلم والتلميذ عند استظهار ما حفظه دون إهمال عنصر مراقبة الأولياء في البيت، و اعتبر المعلمان الجائحة و ما انجر عنها من احترازات، سببا في بروز الكثير من وسائل التعلم عن بعد، ومن بينها التعليم القرآني.
و تجدر الإشارة إلى أن مدرسة رياض الجنة لتعليم القران الكريم، تأسست سنة 1993 و هي تابعة لجمعية العلماء المسلمين الجزائريين ببلدية الرباح، و تتلمذ فيها العديد من أبناء المنطقة، و اصبحت خلال السنوات الأخيرة تستقطب تلاميذ حتى من خارج البلدية، على غرار الطفل محمد قاسم الذي كان يجلبه والده يوميا إلى مقر المدرسة، و كان يدرس بها قبل غلقها بسبب كورونا، قرابة 10 أفواج بتعداد يفوق 150 تلميذا من مختلف الفئات العمرية، ينطلقون في التعلم ،وفق نظام المدرسة، ب06 أحزاب، الأولى خاصة بالأطفال الصغار باستعمال اللوح على الطريقة التقليدية، التي توفر تعليم ثلاثي الكتابة، اللغة و القرآن الكريم.
البشير منصر