في رحاب رمضان

الجزائر تحصي 700 ألف يتيم عبر الوطن
نظام الكفالة الإسلامي بديل عن نظام التبني الغربي الجاهلي
لقد أصبح من الضروري تفعيل نظام الكفالة الذي جاء به الإسلام وطبقه المسلمون في تاريخهم العريض، ببلادنا، وذلك بسبب تفاقم اليتم وتحوله إلى ظاهرة حين بلغ عدد اليتامى 700 ألف يتيم عبر الوطن حسبما كشفت عنه أرقام الهيئة الوطنية لترقية الصحة وتطوير البحث، التي أكدت أنهم يفتقدون للدعم المادي والمعنوي، حيث يقع أغلبهم فريسة سهلة للتشرد والضياع والفئة المحظوظة منهم تتكفل ببعض مصاريفهم جمعيات كافل اليتيم التي بدأ نشاطها يتوسع في السنوات الأخيرة خاصة بعد بروز مواقع التواصل الاجتماعي التي سهلت من مهمة هذه الجمعيات وعرفت بنشاطاتها عبر الوطن.
فقد جاء الإسلام و وجد هذه الظاهرة الاجتماعية متفشية بحكم عوامل متداخلة أبرزها الحروب التي كثيرا ما تهلك فيها أنفس الآباء تاركين خلفهم فلذات أكبادهم يواجهون مصيرهم المجهول، فحث القرآن الكريم على كفالة اليتامى والإصلاح لهم فقال الله تعالى:  وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْيَتَامَى قُلْ إِصْلاَحٌ لَّهُمْ خَيْرٌ ، كما رغب رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك فقال: (و حث صلى الله عليه و سلم على الكفالة إذ قال "أَنَا و كَافِلُ اليُتِيمِ في الجَنَّةِ كَهَاتَينْ، وأشار للسبابة و الوسطى).
والكفالة حسب قانون الأسرة الجزائري والفقه الإسلامي هي (التزام على وجه التبرع بالقيام بولد قاصر من نفقة و تربية و رعاية قيام الأب بابنه و تتم بعقد شرعي). فكافل اليتيم هو القائم بأُموره، من نفقةٍ وكسوةٍ وتأْديب من مال الكافِل، وكذلك تربيته وحضانته، وغير ذلك ممَّا يحتاجه اليتيم حتَّى يبلغ، فكفالته تكون بضمّ كافِله معه في بيته، والقيام بمصالحه، سواء كان اليتيم قريبًا له - كأن يكون الكافل جدًّا أو جدَّة أو أمًّا، أو عمًّا أو عمَّة، أو خالاً أو خالةً، أو غيرهم من الأقارب - أم كان الكافِل أجنبيًّا عن اليتيم. كما يقول الفقهاء، حيث يضم اليتيم إلى الكافل ويصبح مكفولا كأنه ابن شرعي. و وفق منهجه فإن مظاهر كفالة اليتيم تتجلى فيما يأتي:
أولا: حسن معاملتهم، فقال الله تعالى: وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا * وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِين.. ، وقال أيضا: فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلَا تَقْهَرْ
ثانيا: الوصاية على أموالهم وترشيد استهلاكها واستثمارها، حتى يبلغوا ويظهر رشدهم فتدفع إليهم بالإشهاد، فقال الله تعالى:  ( ( وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِيَامًا وَارْزُقُوهُمْ فِيهَا وَاكْسُوهُمْ وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلًا مَّعْرُوفًا (5) وَابْتَلُوا الْيَتَامَى حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُم مِّنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ * وَلَا تَأْكُلُوهَا إِسْرَافًا وَبِدَارًا أَن يَكْبَرُوا * وَمَن كَانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ * وَمَن كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ * فَإِذَا دَفَعْتُمْ إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ فَأَشْهِدُوا عَلَيْهِمْ * وَكَفَى بِاللَّهِ حَسِيبًا )).
ثالثا: تحريم الاقتراب من أموال اليتيم أو السطو عليها أو تبذيرها من قبل الوصي، فقال الله تعال:  وَلاَ تَقْرَبُواْ مَالَ الْيَتِيمِ إِلاَّ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ ، وقد توعد الله تعالى بالوعيد الشديد من يقدم على أكل مال اليتيم فقال الله تعالى:   إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا .
 ويلحق باليتيم في الإسلام الابن غير الشرعي ومجهول النسب الذي يعد أخا للمسلمين حيث قال الله تعالى: ((ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِندَ اللَّهِ * فَإِن لَّمْ تَعْلَمُوا آبَاءَهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَمَوَالِيكُمْ * وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُم بِهِ وَلَكِن مَّا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ * وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا)).
ونظام الكفالة في الفقه الإسلامي جاء بديلا عن نظام التبني الجاهلي حيث ينسب الطفل زورا وبهتنا لغير أبيه فتختلط الأنساب وتضيع الأرحام، ولئن قننته الكثير من الدول الحديثة لاسيما الغربية منها بحجة حفظ حقوق الأطفال فإن هذا ليس مبررا لتقنينه في الدول المسلمة؛ لأن الإسلام ضمن حق الطفولة المسعفة والطفولة اليتيمة بالكفالة، التي توفر حضنا ماديا وأدبيا للطفل دون أن تخلط الأنساب أو تضيع الأرحام، وحري بالمسلمين تفعيل هذا النظام ونشره عالميا حتى يتبناه غيرهم أيضا حلا إنسانيا لأزمة الأطفال الذين يعانون جراء الحروب والأزمات.
والجزائر اليوم في حاجة إلى هذا النظام الذي قننته، فلا مناص من تفعيله بإجراءات أخرى أكثر فاعلية تسخر لها المؤسسات المسجدية والتربوية والاجتماعية وقطاع العدالة، بل يمكن للدولة تحفيز الكافلين اجتماعيا وماليا وسكنيا حتى نضمن التكفل بمئات الآلاف من المحتاجين للكفالة، فيندمجون تربويا واجتماعيا، في أحضان دافئة، ونمسح دموع الأسى عن عيونهم في أيام العيد وسائر الأيام. وهذا من أفضل أبواب الخير في الإسلام.

ع/خ

من مقاصد أعمال العشر الأواخر من شهر رمضان
تجتمع في مثل هذه الأيام من شهر رمضان الكريم سنن رغب إليها رسولنا صلى الله عليه وسلم   ومناسبات لها أثرها على التركيبة الأدبية للفرد المسلم وأول ما وجب التنبيه إليه  كسنة الاعتكاف وتحرّي ليلة القدر ثم فرض صدقة الفطر لها قواسم مشتركة أهمها هو الانتقال من الضعف إلى القوة.
فمن نداءات القرءان لأهل الإيمان الأمر بالتوبة والمسارعة إليها " يا أيها الذين آمنوا توبوا إلى الله توبة نصوحا " وتجديدها ذلك أن الإيمان يخلق ويبلى في قلب المؤمن قال صلى الله عليه وسلم: " إن الإيمان ليخلق في جوف أحدكم كما يخلق الثوب فاسألوا الله تعالى أن يجدد الإيمان في قلوبكم " خصوصا إذا طال عليه الأمد"الروتين"  "ألم يأن للذين امنوا أن تخشع قلوبهم لذكر وما نزل من الحق ولا يكونوا كالذين أوتوا الكتاب من قبل فطال عليهم الأمد فقست قلوبهم وكثير منهم فاسقون " فتلك الرتابة تورث قسوة القلب، وإذا كان شهر  رمضان محطة شحن وتجديد للإيمان مرة في السنة - موسم من مواسم الخير- فإن في الشهر نفسه محطات لتجديد الإيمان ولم لا لكي يبلغ ذروته، ومن منطلق أن التجديد هو إعادة القوة والحيوية لشيء سابق أصابه الفتور، فحال المؤمن في أول رمضان له شحنة تفتر مع اقتراب رحيل الشهر يتدخل التشريع قرءانا وسنة ليحارب حالة الخمول والكسل ويشحن النفوس باستثارة القلوب المحبة وذلك بمضاعفة الجزاء وتعظيمه متمثلا في ليلة القدر لكي ينتقل المؤمن من مرحلة الفتور والضعف إلى مرحلة النشاط والقوة وهو نوع من أنواع الانتصار على النفس وقد يفتح عليه فيصيبه من أجر عبادة ألف شهر وهو فتح من الله عظيم، وقد" شرع له الاعتكاف في هذه الأيام لأن المؤمن مع مجاهدة نفسه وبغية ترجمة حبه لربه يرى نفسه لا يزال مقصرا لطول المدة عليه، فيبحث عن إسفار المكنون الداخلي لربه قد يلجأ إلى سبل أخرى غير مشروعة، زيادة لذلك قد يكون المعتكف ليس له عهد بالأسفار والغربة عن الديار فتجرده عن الأهل والولد يشعره الحالة وفيه أيضا عمارة بيوت الله لما للقلوب ميل إلى هجرها استعدادا للفرح بالعيد وفيه تحجيم الإنسان في حجمه الحقيقي بين ضعفه وافتقاره أمام ربه وفيه انقطاع العبد وتفرغه للذكر والتسبيح وقراءة القرءان والدعاء في شَبهٍ جزئي بعبادة الملائكة، وهو من قبيل الانتصار على النفس والانتقال من ضعف إلى قوة .
فوزي بن يسعد إمام مدرس

أخبار المسلمين: تونس تشرع في تحفيظ 100 ألف شاب القرآن الكريم
شرعت وزارة الشؤون الدينية التونسية في تطبيق برنامج ثلاثي يستهدف تحفيظ 100 ألف شاب القرآن الكريم خلال ثلاث سنوات.
المشروع الذي تشرف عليه وزارة الشؤون الدينية من شأنه أن يحقق ثلاثة أهداف أساسية أولها إعادة مكانة القرآن الكريم في نفوس وأسر التونسيين تحسبا لاستعادة تونس ريادتها التي كانت تحوزها زمن الزيتونة والقيروان قبل أن تدحرجه سنوات التصحر الديني، وثانيها وقف فوضى الكتاتيب والروضات التي ظهرت بعد الثورة وتجاوزت الألفي روضة لتدريس القرآن الكريم والتي اتهم بعضها بنشر أفكار متشددة واستدراج الشباب والأطفال التونسيين للجماعات المتطرفة، حين ظلت هذه الدور غائبة عن أعين وسلطة الدولة، وثالثها: محاصرة تيار التشدد والتكفير الذي استغل الفراغ في هذا الفضاء الديني الحيوي وتوجه لشباب ليست لهم خلفية قرآنية سليمة وجندهم، ولا أدل على ذلك من آلاف الشباب التونسي الذي تم استقطابه في صفوف داعش بسوريا والعراق، لاسيما وأن التيار المتطرف في وجهه السلفي الجهادي والوهابي المتشدد عادة ما ينحو نحو منظومة الآثار أكثر من تعاطيه مع القرآن الكريم.

عالم الكتب: الإسلام وحقوق الإنسان لمحمد عمارة
 هذا الكتاب جاء رد فعل على صدور الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والعهدين الدوليين للحقوق، والبروتوكولات الملحقة بهما، حيث رأى مفكرون إسلاميون ومنهم محمد عمارة في نهاية السبعينيات وبداية الثمانينيات أن ما تضمنته الوثائق الدولية لا يخالف الإسلام؛ بل له أصول فيه؛ وللإسلام فضل السبق في ذلك/ وذهب محمد عمارة في هذا الكتاب إلى القول بأن ما ورد في الوثائق الدولية ليس مجرد حقوق في نظر الإسلام؛ بل واجبات وضرورات.

فتاوى

حكم افتقار الدعوى إلى بينة؟

الجـواب:
 كل دعوى خلت عن بينة تثبتها فهي ملغاة، لقوله صلى الله عليه وسلم: "لو يعطى الناس بدعواهم لادعى رجال أموال قوم ودماءهم، ولكن البينة على من ادعى واليمين على من أنكر" والبينة التي تثبت دعوى المدعي تكون قولية كشهادة الشهود الموصوفين بالعدالة بإثبات شيء أو نفيه حسب ما يدعيه المدعي، وتكون حالية كالقرائن الثلاثة الدالة على إثبات المدعى أو نفيه، وتسمى قرائن الأحوال وهي كثيرة، وخير مرجع لها كتاب الطرق الحكمية في السياسة الشرعية لابن قيم الجوزية، فقد جمع مؤلفته ما تفرق في كتب الفقه فليراجعه من أراد استيفاء الموضوع. ثم إن الدعوى القولية يختلف تفاوت العدد فيها حسب تفاوت القضايا، ففي غير ما يعود إلى الأموال تكون بشاهدين اثنين ذكرين أو شاهد وامرأتين، وقد نص القرآن عليها في آخر سورة البقرة، قال تعالى: "واستشهدوا شهيدين من رجالكم فإن لم يكونا رجلين فرجل وامرأتان ممن ترضون من الشهداء أن تضل إحداهما فتذكر إحداهما الأخرى' وفي قوله:"ممن ترضون من الشهداء" رمز إلى صفات الشهود من العدالة. وفي الأموال وما يؤول إليها تكون بشاهد مع يمين صاحب الحق، وفي بعضها مما فيه الحد الشديد كالزنى فلابد من أربعة شهداء متفقين في شهادتهم زمانا ومكانا وصفة كاشفة، فإن جاء بعضهم بها ونكل بعضهم أو خالف في الوصف أو في المكان أو في الزمان، جلد حد القذف ثمانين جلدة، ونجا المتهم من الحد. فقد شدد الشرع فيه إبقاء على العرض وصونا له عن الطعن فيه. وقد تكون الدعوى بواسطة شاهد واحد في أحوال خاصة لا يتمكن فيها تعدد الشهود قال ابن القيم: ((ومن ذلك أنه يجوز للحاكم الحكم بشهادة الرجل الواحد إذا عرف صدقه في غير الحدود، ولم يوجب الله على الحكام أن يحكموا إلا بشاهدين أصلا، وإنما أمر صاحب الحق أن يطلب حقه بشاهدين، أو بشاهد وامرأتين، وهذا لا يدل على أن الحاكم لا يحكم بأقل من ذلك، بل قد حكم النبي صلى الله عليه وسلم بالشاهد واليمين، وبالشاهد فقط، قال ابن عباس رضي الله عنهما: "قضى النبي صلى الله عليه وسلم باليمين مع الشاهد"، وقال أبو هريرة رضي الله عنه: "قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم باليمين مع الشاهد الواحد"اهـ وقد تقتصر الشهادة على النساء فقط فيما لا يطلع عليه إلا النساء، كما في الولادة والحيض وشبههما من أمور النساء.
 الإمام الأستاذ محمد شارف عضو لجنة الفتوى بوزارة الشؤون الدينية و الأوقاف