أعلنت وزارة التربية الوطنية في منشور صدر مؤخرا عن توسيع امتحان تقييم المكتسبات ليشمل نهاية الطورين الأول والثاني من مرحلة التعليم الابتدائي، بتنظيم...
أعلن مجلس التجديد الاقتصادي الجزائري، أول أمس الخميس، عن إطلاق مبادرة لتخفيض أسعار المواد واسعة الاستهلاك خلال شهر رمضان، للعام الثاني على...
أكد وزير الدولة، وزير الشؤون الخارجية والجالية الوطنية بالخارج والشؤون الإفريقية، السيد أحمد عطاف، بجوهانسبرغ، تأييد الجزائر الكامل للأولويات الأربع التي حددها...
تم تحديد هوية الإرهابي الخطير الذي تمكنت مفرزة للجيش الوطني الشعبي من القضاء عليه أمس الخميس، بغابة شنقورة، كاف الشرقي بإقليم القطاع العسكري بالمدية، حسب...
فنان يفتح أول محل عصري لبيع الكرانتيكا بوهران
يعتبر محل «كاليانتي» أول محل عصري لبيع أكلة الكرانتيكا بوهران، ومنذ افتتاحه مؤخرا، أصبح يستقطب السياح الأجانب و زوار الولاية، و يبدو أن فكرة بيع «الكرانتيكا» في محل عصري و منافستها للأكلات السريعة الأخرى، خاصة البيتزا، استقطبت اهتمام الكثيرين، خاصة الناشطين من أجل الحفاظ على التراث الوهراني.
قال صاحب المحل وحيد الدوايدي، أن حرصه على الحفاظ على التراث الوهراني، لأنه ابن المدينة أبا عن جد، مثلما أوضح، جعله يفكر في أكلة الكرانتيكا مباشرة عند التحضير لفتح محله الجديد بوسط المدينة والذي خصصه للأكل الخفيف والمثلجات، بطريقة تقديم تجمع بين الطابع العصري و التراثي.
و أضاف محدثنا الذي استقبل النصر في محله، أن بيع الكرانتيكا بوهران ارتبط دائما بالأحياء الشعبية، في محلات لا تتوفر على شروط النظافة و راحة الزبون، فأغلب الباعة، حسبه، لا تحتوي محلاتهم على طاولات نظيفة و كراسي مثل المطاعم، فالأغلبية الساحقة من الزبائن يتناولون الكرانتيكا عندهم واقفين أو جالسين فوق صناديق المشروبات الغازية، ومنهم من يبيعها على متن عربات تجوب الأحياء وتتوقف قرب بعض المصانع و الورشات.
في ظل تلك المعطيات كان يستحيل توجيه السياح وزوار المدينة لتناول الكرانتيكا، وبالتالي ظل التعريف بهذه الأكلة محتشما و أصبح يطرح إشكالا، ومن هذا المنطلق، كما أكد السيد الدوايدي، راودته فكرة إدراج بيع الكرانتيكا في محله وتقديمها في أحسن طبق، لدرجة أنه أطلق تسمية «كاليانتي» على المحل رغم تعدد خدماته، حيث تتنافس الكرانتيكا مع الأكلات الخفيفة العصرية، مثل السوندويتشات و البيتزا و فطائر الكباب وغيرها، لكن وفق صاحب المحل، فإن كل الأكل الخفيف يحرص أن يكون صحيا، حيث انه يتجنب قدر الإمكان استعمال الزيوت و الدهون في الأكلات التي يحضرها و يفضل طهيها في الفرن.
أكلة ابتكرها إسباني في وهران
و قال السيد الدوايدي أن أصل الكرانتيكا هو وهران، حيث تعود جذورها لفترة احتلال الإسبان للمدينة، و كان جيشهم يتخذ من حصن سانتا كروز معقلا له، وفي فصل الشتاء خلال تلك الحقبة، اشتد سقوط الأمطار لعدة أيام و تعذر على الجيش توفير ما يلزمه من أكل، ليكون على استعداد لأية غزوة، و ظل الجنود دون أكل لعدة أيام، فثار القائد على رئيس الطباخين و أمره بأن يتدبر الأمر ويضمن الطعام للجنود.
وتواصل تهاطل الأمطار بغزارة، فتسربت المياه إلى مخازن المؤونة التي لم يبق فيها سوى أكياس الحمص و الخبز التي تشبعت بالمياه، و يستحيل أكلها وهي على هذا الوضع، ففكر رئيس الطباخين في خلط الحمص والخبز المتشبعين بمياه الأمطار و تسخينهما في الفرن، مع إضافة القليل من الزيت والملح و تقديمهما كوجبة.
جسد رئيس الطباخين الفكرة و بمجرد إخراج الأكلة من الفرن، تفاجأ الطباخ بشكلها و رائحتها الجذابة ، وهم بتقديمها للجنود الذين تهافتوا عليها من شدة الجوع و البرد، فبدأ رئيس الطباخين يصرخ باللغة الإسبانية «كاليانتي.. كاليانتي» ، يعني الأكلة ساخنة فاحذروا، لكن لم ينتبه له أحد.
منذ ذلك الحين أصبحت الأكلة تحمل اسم «كاليانتي»، ثم تم تحريف النطق إلى كرانتيكا، ويبدو أن السيد الدوايدي يريد الحفاظ على النطق الأصلي، وحتى على الطريقة الأصلية لتحضير الكاليانتي، حيث يرفض أن يدخل عليها مكونات أخرى، مثل الجبن أو البيض أو المايونيز، مثلما يفعل البعض، خاصة خارج وهران، مؤكدا أن الكاليانتي تصنع بمزج الحمص و القليل من الخبز و الملح والزيت و يتم وضعها في الفرن و تؤكل ساخنة.
و أضاف محدثنا أن الجنود الإسبان حينها تعودوا على هذه الأكلة التي قد تسبب مشكل عسر الهضم في حال الإكثار منها، فوجدوا حلا لذلك، و هو شرب عصير الليمون بعد تناولها، و يتم تحضير هذا المشروب بطريقة خاصة، حيث كان الإسبان يحضرونه ليلا، بعصر حبات الليمون و إضافة الماء والسكر إلى العصير، بعد ذلك يطحنون قشور الليمون و يضيفونها إلى الخليط الذي يبقى ليلة كاملة لتتجانس مكوناته.
في الصباح يصفى العصير من بقايا القشور و يقدم مع الأكلة الشهيرة ليساعد على الهضم الجيد، في حين كانت ترش الكاليانتي بالكمون قبل أكلها، لمنع تشكل الغازات المعوية، و بمرور الحقب الزمنية اختفت تسمية «كاليانتي « في وهران ، و اختفى العصير الطبيعي أيضا، و أصبح يعوض بالمشروبات الغازية.
و أوضح السيد الدوايدي أنه يعتمد على هذه الطريقة الأصلية و الأصلية في محل «كاليانتي» في تحضير و تقديم وجبة تقليدية تراثية صحية لزبائنه في مكان لائق.
و تابع المتحدث بأن الأكلة لم تكن تجارية في بداياتها ،حتى في فترة تواجد الاستعمار الفرنسي بوهران، بل كانت أكلة تحضر في البيوت، خاصة في فصل الشتاء، لأنها مناسبة جدا لهذا الفصل البارد لأنها تؤكل ساخنة، إلى أن اهتدت إلى الحل السيدة «كارنا»، وهي إسبانية كانت تعيش في حي «سانت أونطوان» بضواحي المدينة الجديدة، أين كان يعيش السكان الأصليون لوهران أو الأسبان الذين فروا من هجمات فرانكو، وكانت فرنسا تطاردهم في وهران، فكانوا يلجأون للأحياء الشعبية للاختفاء فيها وسط الوهرانيين.
و أكد بأن كارنا كانت أول شخص بوهران عرض «الكاليانتي»للبيع ، لتوفر بعض المال لشراء حاجياتها، ومن ثمة بدأ الوهرانيون يبيعون الكرانتيكا لإعالة أفراد أسرهم، إلى أن أصبحت اليوم محلات الكرانتيكا مصدرا للربح السهل و السريع، لأن التهافت عليها كبير جدا، و شدد المتحدث بأنه لا يبيعها في محله من أجل كسب المال، بل من أجل الحفاظ على التراث اللا مادي لمدينة وهران والترويج السياحي لها.
أثناء حديثنا مع السيد وحيد الدوايدي، صاحب محل «كاليانتي» ، اكتشفنا أنه فنان أيضا، فهو مهندس ديكور في السينما، و مؤلف وملحن أغاني ويشرف على فرقة موسيقية تنشط في الحفلات و المناسبات، و أكد لنا بأن إحساسه الفني جعله يهتم بكل ما هو تراثي في المدينة، التي كان جده يملك مقهى بها وكان والده صاحب محل للخياطة، وهو اليوم صاحب محل للأكل الخفيف الأصيل والعصري، وحتى ابنه البكر يساعده في المحل، وتعلم تحضير «كاليانتي» بشكل جيد، وهذا المزيج الفني يصنع شخصية السيد وحيد و يعطي لمسة خاصة على ديكور المحل وطريقة تقديم الخدمات، وحتى بالنسبة للموسيقى يجمع الفنان وحيد بين العصري والتراثي تحت تسمية «موسيقى العالم» التي تقرب من الريغي والبلوز والقناوي الجزائري.
بن ودان خيرة